عبدالحسين الازري











عبدالحسين الازري



(1298 ه- 1374 ه)

الحاج عبدالحسين بن يوسف بن محمد الازري الحضيري التميمي، شاعر فاضل، ولد في بغداد عام 1298 ه 1880 م من اسرةِ وجاهةٍ وتجارةٍ وأدب، نال قسطاً من التعليم علي مشايخ الأدب في مدارس بغداد ومحافلها فأثّر ذلک فيه وأغني شعره الذي طرق فيه مختلف الظواهر الاجتماعية والأحداث السياسية، والأزري إلي جانب ذلک محدّثٌ بارعٌ لبقٌ ظريفٌ، لغويٌ مؤرّخ، يعدُّ من شعراء الطليعة في الأدب العراقي، توفي عام 1374 ه 1954 م.

ومن شعره همزيته العلوية في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام مطلعها:


أنتَ والحَقُّ في العُلوِّ سَواءُ
ليسَ إلَّاکَ رَمزُهُ الوَضَّاءُ


ويقول فيها:


تَتَغنَّي الحَياةُ باسْمِکَ في الدُّنْ
-يا وتَشْدو کأنَّها الوَرْقاءُ


وتَمرُّ الأجْيالُ تَلثِمُ مَثْوَا
کَ وتَمضِي کأنَّها النُّزَلاءُ


أکبرَتْکَ العُقولُ فالبَعضُ مِنها
ضَلَّ لَو لَمْ يُدْرِکْهُ مِنکَ اهْتِداءُ


ومَضَي البَعضُ في عَماهُ بَعِيداً
والعَمَي في القُلُوبِ داءٌ عَياءُ


زُمرَةٌ صوَّرَتْکَ رَبّاً وأخْرَي
أوْقَعَتْها بحَرْبِکَ البَغْضاءُ


مااسْتَطاعُوا أن يَفْهمُوکَ کأنَّ الْ
-قَومَ أرْضٌ وأنتَ فِيهمْ سَماءُ


هُمْ بِوادٍ وکنتَ عَنْهم بِوادٍ
فَلِهذا تَعَذَّرَ الإلْتِقاءُ

[صفحه 120]

لم يُعِيرُوا لَبَيِّناتِکَ سَمْعاً
أينَ مِن مَسمَعِ الأصَمِّ الدُّعاءُ


خُطَباً دونَ مُحکَمِ الذِّکرِ شَأواً
قَصُرَتْ عَن بُلوغِها البُلَغاءُ


کلُّها حِکمة ونهجٌ قَوِيمٌ
ودَليلٌ وبَلْسَمٌ وشِفاءُ


کنتَ مِنهُمْ کالقَلْب من کلِّ جِسْمٍ
فيهِ تَحْيا وتَنْشطُ الأعْضاءُ


فأضاعَتْکَ مِثلَما قَد أُضِيعَتْ
وَسَطَ القَفْرِ واحَةٌ خَضْراءُ


رُمتَ نَهجاً لَها سَوِيّاً ولکِنْ
وَقفَتْ دونَ رُشْدِها الأهْواءُ


أيُّها الزَّاهِدُ الَّذي لم يَعقْهُ
الزُهْدُ أيَّانَ تَدْعُهُ الهَيْجاءُ


عَصَمَتْکَ التَّقْوَي وقَد کُنتَ تَدْري
کيفَ يَسْتَخْدِمُ العُقُولَ الدَّهاءُ


لکِن الحَقُّ مالَهُ غَيرُ لَوْنٍ
وبَقايا الألْوانِ مِنهُ طِلاءُ


فَلِذا لَمْ يَدَعْ إلَيکَ صَدِيقاً
ما لِحَقٍّ صَداقَةٌ أو إخاءُ


لَم تُفارِقْهُ ما حَيِيتَ إلي أنْ
فَقدَتْکَ الشَّرِيعَةُ السَّمْحاءُ


ما الَّذي أوْرَدَ الشَّآم عَقِيلاً
وذَووها لِهاشِمٍ أعْداءُ؟


کانَ يَرجُو الرَّخاءَ مِثلَ سِواهُ
فکأنَّ الخِلافَةَ الإثْراءُ


کُنتَ کُفْؤاً لَها بِحُکْمِ المَقايِي
-سِ فَفِيهنَّ يُعْرَفُ الأکْفاءُ


رَجَعَتْ ثَيِّباً إليکَ وکانَتْ
تَتَمنَّي لَو أنَّها عَذْراءُ


أنتَ في الواقِع الوَصِيُّ وإنْ لَم
يُرْعَ لِلعَهْدِ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ


عَلِمَ اللَّهُ أنَّکَ الحَکَم العَدْ
لُ فَلا شِدَّةٌ ولا إغْضاءُ


تَخصِفُ النَّعلَ في يَدَيْکَ وکانَتْ
لَکَ تُجْبَي بأمْرِکَ الأفْياءُ


قُمتَ في خَصْفِهِ وأنتَ أمِيرٌ
کانَ بالفَضْلِ دُونَکَ الأُمَراءُ


غَيرَ أنَّ الدُّنيا لَدَيْکَ إذا لَم
تَبْسُط العَدْلَ والنِّعالَ سَواءُ


واذا الظُّلْمُ سادَ في الأرْضِ يَوماً
فَعلَي هذِهِ الحَياةِ العَفَاءُ

[صفحه 121]

وثَلاثاً طلَّقْتَ دُنياکَ حَتَّي
يَتَأسَّي بَعَيْشِکَ الفُقَراءُ


إيهِ يا مَوقِفَ الغَدِيرِ بِخُمٍّ
عَجَباً کيفَ ضاعَ ذاکَ النِّداءُ


کانَ ذِکْرَي يَومٍ تَرَجَّاهُ عِيداً
کلُّ مُسْتَضْعَفٍ فَخابَ الرَّجاءُ


يَومَ نادَتْ شَرِيعَةُ اللَّهِ فيهِ
ليسَ إلَّا لِلعادِلينَ الوَلاءُ


واذا مَعشَرٌ من النَّاسِ ساوَي ال
-عَدْلُ ما بَينَهُمْ فَهُمْ سُعَداءُ


ليتَ شِعْري هَلْ عُقْدةُ العَدْلِ تَبْقَي
أبَداً لَنْ تَحلَّها الآناءُ


شأنُها شأنُ ما مَضَي مِن قُرُونٍ
أرْهَقَ الظُّلمُ أهْلَها والشَّقاءُ


لِقُرَيشٍ عِندَ النَّبِيِّ تِراتٌ
فَلِذا اقْتَصَّ مِنکُم الغُرَماءُ


مَن سِواکم يَنُوبُ عَنهُ وأنْتُم
بَعدَهُ أهلُ بَيْتِه الوُرَثاءُ


أنتَ وابْناکَ آلُهُ وهما سِبْ
-طاهُ کانا وبِنْتُه الزَّهراءُ


أوَلَم تُرجِعُوا الأماناتِ عَنهُ
لِذَوِيهنَّ أيُّها الأُمَناء


بأبي أنتَ مِن شُجاعٍ حَيِيٍّ
ومِن الخُلْقِ في الشُّجاعِ الحَياءُ


عَلَّمَ النَّاسَ يومَ صِفّينَ عَمروٌ
کيفَ يَنجُو مِن سَيْفِکَ السُّفَهاءُ


فتَحاشَي لِقاءَکَ القَرمُ عِلْماً
أنْ سَيَقْضِي عَليهِ ذاکَ اللِّقاءُ


مَلَأ الرُّعبُ مِنه کلَّ جَنانٍ
مِثلَما يَملأُ الفَراغَ الهَواءُ


تتراءي لَهُ- وَانْ لُحتَ فَرْداً -
أنَّکَ الجَيشُ زاحفٌ واللِّواءُ


لَکَ مِن نَفْسِهِ مُعِينٌ عَليهِ
وکذا الضَّعْفُ في النُّفوسِ بَلاءُ


کيفَ يَنسَي مَواقِفاً باهِراتٍ
لکَ کانَتْ بِها اليَدُ البَيْضاءُ


يومَ دانَتْ في حَرْبِ بَدرٍ وأحْدٍ
وسِواها لِسَيْفِکَ الکِبْرِياءُ

[صفحه 122]

لَوْ فَدَتْکَ الدُّنيا بِما في يَدَيها
ووَقَتْکَ الرَّدَي لهانَ الفِداءُ


فَقدَ المُسلِمُونَ عَدلَکَ لمَّا
غِبتَ عَنهم واسْتَيأسَ الضُّعَفاءُ


لَستَ إلَّا ضحيَّةَ العَدلِ في الإس
-لامِ والعَدلُ أهلُه الشُّهداءُ


تِلکَ کانَت شهادَةً أعقَبَتْها
في فَم الدَّهرِ نُدبَةٌ ورِثاءُ


هکَذا تَقصفُ الصَّواعِقُ أعْلَي
کلِّ طَودٍ وتَسْلَمُ البَطْحاءُ


لا عزاءٌ للنَّاسِ بعدَکَ لَوْلا
حِکمةُ اللَّهِ لِلنُّفُوسِ العَزاءُ


إلي أن يقول في خاتمتها:


يا أباالنَّيِّرَينِ حَسْبي اعْتِذاراً
أنَّني (واصِلٌ) ومَدْحُکَ (راءُ)


إنَّ للَّهِ فِيک سِرّاً خَفِياً
ليس يَسطيعُ کَشْفَه الشُّعَراءُ


غير أنِّي فراشَةٌ في ثَنائي
ومَزاياکَ رَوْضَةٌ غَنَّاءُ

[صفحه 123]


صفحه 120، 121، 122، 123.