جعفر النقدي











جعفر النقدي



(1303 ه- 1369 ه)

الشيخ جعفر بن محمد النقدي، شاعرٌ اديبٌ خطيب فاضل. ولد في العمارة من أعمال الجنوب العراقي في العام 1303 ه 1886 م وکان مولعاً بالعلم والأدب وما إن أحسّ والده بذلک عنده حتي بادر إلي إرساله إلي النجف الأشرف حيث اختلف هناک علي أرباب العلم ولم يمضِ زمان حتّي اختص بالحضور في الفقه بالسيد اليزدي صاحب العروة، وفي الأصول بالملا کاظم الخراساني، وفي الحساب والهيئة وباقي الفنون بالشهرستاني.

عمل في القضاء من العام 1337 ه 1919 م، وحتي 1343 ه 1924 م. ثم في مجلس التمييز الجعفري.

مارس دور التبليغ في منطقته وکالة عن السيد اليزدي ثم السيد ابي الحسن الاصفهاني. وفي هذه الفترة کتب عدة مؤلفات قيّمة.

توفي في الکاظمية عام 1369 ه 1949 م أثناء حضوره مجلس عزاء علي الامام الحسين عليه السلام حيث اختنق بعبرته ومات في حسينية آل ياسين ودفن في النجف في الصحن الشريف بين مرقدي اليزدي والداماد.

وله يمدح الإمام علياً عليه السلام من قصيدة مطلعها:


قم فاسقنيها وروحني من التعب
صهباء قد مزجت من ريقک العذب


حتي قال:

[صفحه 99]

من کف غانية في الحسن کاملة
بالدل قاتلة للواله السلبِ


کأنما طرفها الفتان إن نظرت
سيف بکف أمير العجم والعربِ


أخي الرسول أبي السبطين حيدرة
زوج البتول کريم الأصل والنسب


سر الإله الذي لولا بوارقه
لأصبح الدين منکوصاً علي عقب


سهل الخليقة محمود الطريقة مع
-روف الحقيقة بين الشوس في الغضب


ألباسم الثغر والأبطال عابسة
والثابت الجأش والفرسان في رهب


مهزم الجمع جمع الکفر إذ هجموا
غداة بدر علي الإسلام للغلب


سقي شبا سيفه البتار شيبتها
وعتبة ووليداً أکؤس العطب


ويوم أحد به کم فل من بطل
للمشرکين وکم أردي علي الکثب


والقوم ما نظرت إلا أباحسن
يدکُّ هضب العدي أرسي من الهضب


يذب عن أحمد أعداء ملته
حتي أتي لا فتي من واهب الرتبِ


ويوم عمرِو بن ودّ قام منتصراً
لدين احمد دون القوم والصحبِ


أصاب عمرواً بسيف لو أصاب به ال
سبع السماوات لاندکّت علي الترب


والفتح ما کان يوم الفتح غير علي
يديه حيث سقاهم أکؤسَ العطب


ويوم خيبر أردي مرحباً بشبا
عضب تعوّد أکل البيض واليلب


دحا ببابٍ لتلک الحصن قد عجزت
عن حملها کف آلاف من الغلب


وفي حنين ويوم الرمل صب علي
بني الغواية أمطاراً من النوب


فضائلا قد حوي من فضل خالقه
سوي نبي الهدي ما نالهن نبي


الشمس لو ردها يوماً فلا عجب
أو کلمته فما زادته في الرتب


قل للذي حاد عن منهاج رتبته
نکصت عن ملة الهادي علي عقب

[صفحه 100]

من کان أول من صلي لخالقه
والناس تسجد للأحجار والخشب


ومن رمي نفسه ليل المبيت علي
فراش أحمد دون القوم والصحب


ومن أباح له المختار مسجده
ومن أتي مدحه في أشرف الکتب


ومن له اللَّه فوق العرش قد عقد ال
-طهر البتول وأمسي صهر خير نبي


ومن رقي من نبي اللَّه غاربه
ونکّس اللات من رأس علي ذنب


ومن بيوم (غدير الخم) قد عُقدت
له الولاية في عجم وفي عرب


ربيب خير الوري محيي شريعته
رب الهدي والندي والعلم والأدب


لا تعجبوا إذ أتي في البيت مولده
فليس ذلک لا واللَّه بالعجب


لأن فوق الثري من أجله رفع ال
-بيت العتيق ومنه فاز في الرتب


ماذا أقول بمن آيات مدحته
جاءت بها أنبياء اللَّه في الکتب


وله يمدح الإمام علياً عليه السلام قوله:


بربا الحياء أضاء ورد خدودها
أهلا بهاتيک الرّبي وورودها


لا زال فيک نسيب أشعاري وفي
مدح الوصي خصصت حسن نشيدها


زوج البتول أخي الرسول ومن غدت
تُهدي العقول به إلي معبودها


معني الهدي غيث الجدي ليث الردي
بحر الندي مفني العدي ومبيدها


أفق الامامة والنبوة فيه قد
زهرت کما زهرت ذري توحيدها


ماذا أقول بمن أتت في مدحه
سور الکتاب بعدّها وعديدها


ذي الصارم العضب الذي في جده
وقعت أعادي الدين في تنکيدها


لولاه ما کانت قريش لأحمد
کلا ولا کان استقامة عودها


في يوم بدرکم ببدر جبينه
کشف الخطوب وفل جمع جنودها

[صفحه 101]

أردي عتيبتها وبيض سيوفه
شاقت لشبّتها الردي ووليدها


وغداة أحدکم دهي آحادها
بصواعق وألان بأس حديدها


وعلي حنين کم حنين قام في
جمع العدي من بأسه في بيدها


وصبيحة الأحزاب حيث تحزبت
واستنهضت للحرب بعد رقودها


أحصي فوارسها وأردي عمرها
وهوي بحد السيف نشر بنودها


وله بيوم الفتح غر فعايل
زهرت وفيها اسودَّ وجه حسودها


نهضت صوارم عزمه فغدت بها
تلک الجحافل طعمة لحدودها


يا صاحب النفس المقدسة التي
تأييد رب العرش في تأييدها


يا من به دين النبي خيامه
ضربت وتم به قيام عمودها


وله أيضاً يمدح الإمام علياً عليه السلام من قصيدة مطلعها:


هجروا وما من شأنهم أن يهجروا
يوماً ولکنّ القضاء مقدّرُ


عطفاً علي قلب غدا في حبکم
رهناً وفي نار الأسي يتسعر


يا قلب دع عنک الملاح وعج إلي
مدح الوصي فذا بشأنک أجدر


المظهر التوحيد من لولاه ما
کانت محاريب ولم يک منبر


والکاسر الأصنام من بيت به
کانت ولادته وثم المفخر


والضارب الهام الذي شهدت له
بدر وأحزاب کذلک خيبر


وحنين قام إلي السماء حنينها
لما دهاها والسلاسل تخبر


والناکثون غدت بحد سيوفه
والقاسطون علي الهداية تنحر


والمارقون غدت علي هاماتهم
سحب المنية من ظباه تمطّر


أفدي الذي تخشاه آساد الفلا
وتقوم باسم حسامه إذ تعثر

[صفحه 102]

تاللَّه ما الإسلام کان مسلَّماً
والدين لم يک في البرية يذکر


لولا سنا قِرضابه الماضي الشَّبا
يجلو الدياجي والسنان الأزهر


سل عن علاه الذکر فهو مخبِّر
عنه وهل بعد الکتاب مخبِّر


وسل الأحاديث التي في فضله
أمست لها أيدي العدو تحرر


أفهل نسوا ما أحمد قد قاله
بغدير خم أم عتوا واستکبروا


يوم به جبريل جاء مخبِّراً
عن ربه وهو السميع المبصر


يا أيها المختار بلغ في الفتي ال
-کرار ما قد کنت قبلا تستر


فأقام في حر الظهيرة ماله
غير الحدائج ما هنالک منبر


فرقي وکف المرتضي في کفه
وغدا ينادي والبرية حضر


من کنت مولاه فهذا حيدر
مولاه واللَّه المهيمن يأمر


فهو المطاع لکم وخير رجالکم
فدعوا جميعاً بالقبول وکبروا


وله يمدح الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام قوله:


حي بالرقمتين منهم ربوعا
قد سقته الدموع غيثاً مريعا


إلي ان يقول:


وولائي لآل طه وإنشا
ئي بمدح الوصيِّ نظما بديعا


أقدم المؤمنين عهداً بدين ال
-له والعابد الإله رضيعا


ألإمام الذي له ردت الشم
-س وبانت بعد الغروب طلوعا


قاتل المشرکين من بمواضي
-ه غدا معطس الطغام جديعا


ملجأ اللاجئين من بأيادي
-ه أقام المحمول والموضوعا


سيد الخاشعين من بمساعي
-ه له دانت الرقاب خشوعا

[صفحه 103]

سيد الساجدين من بعوالي
-ه غدا الناس سجداً ورکوعا


مرشد الخاضعين من لمعالي
-ه لوت هامها الملوک خضوعا


من غدا للعلوم کنزاً وللإس
-لام حرزاً ولليتامي ربيعا


وعلي الملحدين ليثاً وللطا
لب غيثا يهمي وروضا مريعا


ولدين الإله حصنا حصينا
وحميً شاهقاً وسوراً منيعا


شاد صرح الهدي بقوة بأس
فيه رکن الضلال ماد وقوعا


کيف يخفي فضل علي أصله قد
فرع اللَّه دينه تفريعا


والنبي الهادي عن اللَّه قد بلَّ
-غه في (غدير خم) مطيعا


يوم ناداهم جهاراً وقد نبّ
-ه فيه البصير عنه السميعا


سل به «هل أتي» و «إنا فتحنا»
و «المثاني» به الکتاب جميعا


واسأل المشرکين أي همام
في ميادينها أباد الجموعا


من سقي مرحب اليهود وعمرواً
بکؤوس المنون سما نقيعا


يا إمام الهدي ويا خير من في ال
-کفر قد حکَّم الحسام الصنيعا


يا وجيهاً لدي الإله لقد جئ
-تک مستشفعاً فکن لي شفيعا


وعليک السلام ما أشرقت شم
-س بأفق وما استنارت طلوعا


وله يمدح الإمام علياً عليه السلام ايضاً:


ما للعقول إلي ثناک بلوغ
يا ليت شعري مايقول بليغُ


في کل يوم من علاک سبيکة
تبدو فيأخذها الحجي ويصوغُ


ويقلد الدنيا بخير قلادة
زهراء ما لسوي المحب تسوغ


أنّي وخير المرسلين تقرباً
من ربه بک زاده التبليغ

[صفحه 104]

تعس المداجي کيف يخفي مدحه
أضحي لها طول الزمان نبوغ


أوصاف ذاتک للأسود موارد
ما للکلاب بوردهن ولوغ


وله يمدح الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام قوله:


أتراه يتخطي أم يحولْ
عن هوي الغيد بما قال العذولْ


أم تراه يتسلي بعدما
شفه الوجد وأبراه النحول


حتي قال:


خل يا سعد أحاديث الهوي
واطَّرِحها فلها شرح يطولْ


وتمسک بمديح المرتضي
من به قد حارت العشر العقول


أسد اللَّه علي أعدائه
من له طابت فروع وأصول


مظهر الباري ومأوي علمه
والإمام الطاهر الطهر النبيلْ


ملکٌ يوم «غدير» عقد الت
-اج في مفرقه الرب الجليلْ


ردت الشمس له مشرقة
بعدما في الأفق وافاها الافول


والنبي المصطفي کان علي
جاحديه بمواضيه يصول


إن يکن فخر فهذا فخره
أو يکن مجد فذا المجد الأثيل


شرفٌ أضوءُ من شمس الضحي
أيساوي طلعة الشمس دليل


شرف حتي الأعادي طأطأت
لعُلي معناه لا قال وقيل


شرف ألبسه اللَّه علي
من سواه البعض منه يستحيل


هو سيف اللَّه لاينبو ولا
تعتريه في الملمات فلول


مَن مِن الباري له قد عقدت
في السما خير النسا الطهر البتول


من غدا مولده البيت ومن
کان طفلا من هدي الهادي ينول

[صفحه 105]

من علي أعداء دين المصطفي
بيديه جرد السيف الصقيل


من ببدر فرق الجمع ومن
بمواضي عزمه اندک الرعيل


وحنين من بها عن أحمد
بظباه انکشف الخطب المهول


من به الأحزاب غيظا نکصت
وتولي عَمرُها وهو جديل


من غدت في خيبر أخباره
لذوي الإيمان ترويها العدول


فتح الحصن وأردي مرحبا
بيد کادت بها الدنيا تزول


قلع الباب التي عن حملها
عجزت ألف من القوم الفحول


من بيوم الفتح بالنصر له
شرف بان وفخر مستطيل


وضع الأقدام في أکتاف من
نعله فخراً علي العرش يطول


نزّه الکعبة عن أوثانها
وبدا للشرک إذ ذاک خمول


يا أباالسبطين يا ليثاً له
حجج اللَّه علي الخلق شبولْ


يا إماماً لم ينل من مدحه ال
-جوهر الفرد وإن قال قؤول


وعليک اللَّه صلي کلما
نال برّاً من أياديک منيل


وله يتشوَّق إلي النجف ويمدح الإمام علياً عليه السلام من قصيدة مطلعها:


جرت دموع المعنّي من مآقيه
شوقا إلي النجف الأعلي ومن فيهِ


وصدَّعت قلبه آلام فرقته
مقام قدس حباه الفخر باريهِ


لدينه اختاره بيتا وعظمه
شأنا وشاد علي التقوي مبانيهِ


المجد يرکع تعظيما بساحته
والفخر يسجد إجلالا بواديه


أرض مقدسة لم يخش قاطنها
ريب الزمان فحامي الجار يحميه


فديً لها نفس مشتاق بها کلف
يکاد يقضي أسي لولا أمانيه

[صفحه 106]

يا منزلا طال عهدي عن معاهدة
فبت أحيي الدجي شوقا أناجيه


هويت ماءک وهو السلسبيل غدا
رحيقه لحريق القلب يطفيه


هويت فيک مباني العلم مشرقة
منها تضي ء علي الدنيا معانيه


هويت فيک کراماً جل غايتهم
حماية الدين أو تأييد أهليه


کأن أنفاسهم فيها قد امتزجت
أنفاس عيسي لميت القلب تحييه


هويت فيک مقاما للوصي سما
أفق السماء بمن قد بات يحويه


خير الوري بعد خيرالمرسلين ومن
لم يستقم دينه لولا مساعيه


کشاف کرب رسول اللَّه ناصره
حامي حمي الدين فاني الکفر ماحيه


کم موقف قد کفي اللَّه القتال به
أهل الهدي إذ أباد الغي ماضيه


رباه خير الوري طفلا فهل أحد
في الدهر يشبه من طه مربيه


قالوا فضائله تحصي فقلت لهم
من ذا سوي اللَّه رمل الارض يحصيه


إن ردت الشمس من بعد الغروب له
فليس ذاک عجيبا من معاليهِ


هو الإمام الذي عقد الولاء جري
يوم (الغدير) له من عند باريهِ


يوم به جاء جبريل الأمين إلي
خير الوري عن إله العرش ينبيه


يقول بلغ عن اللَّه المهيمن في
علي المرتضي ما کنت تخفيه


أولا فما انت بلغت الرسالة وال
-جبار شخصک من أعداک يحميه[1] .


فقام في الناس والأحداج منبره
والمرتضي في ذري الأحداج ثانيه


في کفه کفه والقوم شاخصة ال
أبصار تنظر شزراً من نواحيه


نادي ألست بکم أولي منَ انفسکم
قالوا بلي يا دليل الخير داعيه


فقال من کنت مولاه وواليَه
هذا علي له مولي وواليه


اللهم والي من والي وعاد لمن
عاداه واخذل إلهي من يناويه[2] .


فبايعوه بأمر المصطفي وغدا
من بعد بيعته کل يهنيه


فأنزل اللَّه ذکراً ليس ينکره
في شأن حيدر إلا من يعاديه


اليوم بالمرتضي أکملت دينکم
ونعمتي لکم اتممتها فيه

[صفحه 107]


صفحه 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107.








  1. الأصح ان يکون صدر البيت هکذا: أو لا فما انت بلغتَ الرسالة وال.
  2. الأصح ان يکون صدر البيت هکذا: لاهُمَّ والِ لمن والي وعادِ لمن.