قيس بن سعد بن عبادة
ولولا أبوطالب وابنه فذاک بمکة آوي وحامي فلله ذا فاتحاً للهدي فجمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و سلم جميع بني عبدالمطلب، منهم أبوطالب، وأبولهب، وهم يومئذ أربعون رجلاً، فدعاهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و سلم وخادمه علي، ورسول اللَّه صلي الله عليه و آله و سلم في حجر عمه أبي طالب فقال: أيکم ينتدب أن يکون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في اُمتي، وولي کل مؤمن بعدي؟ فسکت القوم، حتّي اعادها ثلاثاً، فقال علي: أنا يا رسول اللَّه (صلّي اللَّه عليک)، فوضع رأسه في حجره وتفل في فيه، وقال: اللّهم املأ جوفه علماً وفهماً وحکماً، ثم قال لأبي طالب: يا أباطالب أسمع الآن لابنک وأطع، فقد جعله اللَّه من نبيه بمنزلة هارون من موسي؛ وآخي صلي اللَّه عليه وآله بين علي وبين نفسه. [صفحه 430]
قال قيس بن سعد بن عبادة لمعاوية بن أبي سفيان: أن اللَّه بعث محمداًصلي الله عليه و آله و سلم رحمة للعالمين، فبعثه إلي الناس کافة، إلي الجن والانس، والأحمر والأسود والأبيض، اختاره لنبوته، واختصه برسالته، فکان أول من صدقه وآمن به ابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبوطالب يذب عنه ويمنعه، ويحول بين کفار قريش وبين أن يردعوه أو يؤذوه، وأمره أن يبلغ رسالة ربه، فلم يزل ممنوعاً من الضيم والاذي حتّي مات عمه أبوطالب، وأمر ابنه بمؤازرته، فآزره ونصره، وجعل نفسه دونه في کل شديدة وکل ضيق وکل خوف؛ واختص اللَّه بذلک علياً من بين قريش، وأکرمه من بين جميع العرب والعجم. ونعم ما قال الشاعر:
لما مَثُل الدين شخصاً وقاما
وهذا بيثرب جسّ الحماما
ولله ذا للمعالي ختاما
صفحه 430.