فرات الأسدي
الاستاذ ضياء ابن الشيخ عبدالرزاق ابن الشيخ حسن آل فرج اللَّه الجزائري الربيعي الأسدي، شاعرٌ أديب وکاتب مؤلّف. ولد عام 1381 ه 1960 م من عائلة علميّة أدبيّة معروفة في العراق ونشأ في النجف الأشرف متأثّراً بحرکتها الثقافيّة والأدبيّة ممّا أغني تفتّح موهبته وأدي له الکثير حيث رُبّي في کنف خاله العلّامة المجاهد الفاضل الأديب الشهيد الشيخ عبدالرحيم فرج اللَّه فنهل من افکاره ومکتبته حتي استوت موهبته الشعريّة متأثّراً برموز الأدب المعاصر خاصّة لکنّ الوضع السيّئ الحاکم في العراق لم يمهله فهاجر الي ايران عام 1401 ه 1981 م مکمّلاً بعض شوطه العلمي في الحوزة العلميّة في قم المقدّسة علي حساب دراسته الأکاديميّة المقطوعة فحضر دروس الفقه والأصول والتفسير والمعرفة والخطابة إضافة الي مشارکته في نشاطات المعارضة الاسلامية العراقية المختلفة ونشره العديد من قصائده في الصحف والمجلّات والاذاعات وحضوره في الاحتفالات والملتقيات والمؤتمرات الثقافيّة والسياسيّة ومساهمته في تحرير وإصدار عددٍ [صفحه 376] من المطبوعات کان آخرها مجلّة القصب، وموسوعة النبي صلي الله عليه و آله و سلم وأهل بيته في الشعرب العربي حيث يشرف عليها حالياً من خلال إدارته لدار الأدب الاسلامي، وله مجموعات شعرية ونثريّة لم يُطبَع أغلبها کما يُعدّ هو وبعض زملائه في طليعة الاتجاه الأدبي الاسلامي وفي غمار ذلک تربطه مع الکثير من أدباء العربيّة علائق خاصّة ويواصل مشواره الشعري المميَّز. وله بعنوان: (أشتات الکلام الصعب) قوله: لأشتات الکلام الصعب- حين نلمُّهُ- أفُقُ وباسمک نستضي ءُ وأنت فرحتُنا التي سطعتْ وما لقصائدِ الشعراء مطفأةٌ کواکبُها تُفتّشُ عن مدارِ غيابها آلاتي، فيُسلِمُها لِمَن تمضي وأنتَ حضورُها الماضي وحَيرتُها لأشتاتِ الکلام الصعب ذاکرة من النارِ يدوفُ بها الردي والسيفَ محتقناً بحمرتهِ [صفحه 377] ويمزجُها بماء النهروانِ الخارجيّ إذا ويحملُها إلينا أحرفاً فقدتْ ضراوتَها ولم تشهدْک في التأريخ فارسَهُ علي قدَرٍ لأشتات الکلامِ الصعبِ خارطةٌ خرافيّهْ وأنتَ سفينةُ الفقراءِ تُخرج لؤلؤاً رطباً تُصبّحهم برائحةِ الدم المجبولِ من غضبٍ تقولُ لهم: هلمّوا يا رجالَ الکوفةِ انتخبوا وأعلوني لکم قمراً تنادمُه همومُکمُ لأشتاتِ الکلام الصعب أن تدعوک يا وهّاب [صفحه 378] ويا مفرِغَها «شقشقةً» هدّارةً يبقي تفکُّ حجارةَ الکلماتِ مفردةٌ معبّأةٌ ويکتبُ أبجديّتها البديعة شاعرٌ سقطتْ وأنت تمدّهُ حلُماً، وتفتتحُ الهوي فيهِ لأشتاتِ الکلام الصعب ما تبتکرُ الشمسا علي سدُمِ الفضاءاتِ الخبيئة خلف نافذةٍ تمدُّ لها رواق اللَّهِ فوق رمال دهشتِها وخامسُها الخلودُ، متي تضيقُ رؤاهُ عن زمنٍ وأنتَ وراءهُ ألغيتَ صورةَ کلّ مَن خلدوا وفي ذکري الغدير من قصيدة بعنوان: معزوفة الوجد: أطلَّ عيدک فاسغفر حکاياه وناشد الشعر أن يخفي قصائده يکفيه أنَّ علي اوتاره نغما وأن دون الحروف الخضر قافية [صفحه 379] حسب الحناجر أن تخبو مجوّفةً يا سامر الخيبة الخرساء کم خطفت وکم سکنت إلي ليل تنادمه لکنه أفق أعمي مشارقه وليس غير احتراق الضوء غرته کأننا لم نکن احلاس ظلمته فکيف ينشق عن صبح به زهقت غداة غاب رسول اللَّه وانکفأت غداة طاشت بهم احلامهم سفهاً فالصبر أسدل دون الليث وثبته يظل يرصد عن کبر فرائسه ورب نسر کسير دون عزته أخا النبي لک العتبي أضج رؤيً حتي غديرک مخضوب بأدمعها انا الذي همت في افراحه عمراً واليوم حيران بئر القلب أنزحه [صفحه 380] وما جلوت حسان الشعر فامتلأت فصغت اکليل ورد من خمائله ثم ابتنيت من الاضلاع عرش هويً نطوف نمسح بالاعتاب نوسعها ها نحن نشهد أنا حول کعبته سبحان مجدک ما أجلي مظاهره يا سيد الکلم الزاهي وواهبه ويا أخا السيف مختالاً بصولته مولاي حبک قتالي وأحسبني فکن أنا واتحد في کل خافقة وعذب الروح يا محبوبها فلقد کم تسترق أمانيها وتترکها لشاعر مل عنک البعد مغتربا ما کان يهنأ لو أبدلت محنته خذه إليک إلي أرض الغري فما [صفحه 381]
(1381 ه-...)
ووجهُکَ فيه يمنحنا البريق، فکيف نحترقُ
فما للحزنِ يمسخُها دخاناً.. حين تأتلقُ؟
وتخجل لو تدورُ ضريرة الکلماتِ.. تستبقُ
إلي عکّازةٍ ما لملمتْ خطواتها طرُقُ
وأنتَ حِدادُها والدمعُ والشهقاتُ والأرقُ!
يُشکّلُها الترابُ ويستبيحُ لهيبَها الواري
وکلَّ الغدرِ من تأريخهِ المتوحّشِ العاري
تهشَّمَ وجهُها اللغويُّ مثل إناء فخّارِ
ولم تصرخْ بغير بکائها.. والذلّ والعارِ
طلعتَ تُکلّلُ الشهداء بالبَسمات والغارِ!
تراکضَ في مَداها البحرُ.. والريح الضبابيّهْ
وتطعمهم.. وتسرجُ في المتاهةِ ألف أغنيّهْ
تُمَسّيهمْ بلونِ دواره في کلّ أمنيّهْ
مناياکُم، وهزّوا اللحظة الميّتةَ الحيّهْ
أنا الثوّارُ والراياتُ في المُدنِ العراقيّهْ!
ويا سيّدها المفرد، والمعجز في الأحقابْ
لها في سمع کلّ قصيدةٍ أزليّةٍ تصخابْ
وتعجز أن تقولَ کلامَها المتغطرس الأخشابْ!
علي کفّيه خضرتُها.. ودارَ النخلُ واللبلابْ
وتبتدعُ النشيدَ مآذناً نجفيّةً وقبابْ!
سماواتٍ من الکَلِم العليّ تکوکبتْ نفسا!
مقدّسةِ النُبوءةِ تشهدُ الايحاء والهمسا
وتحشدُها، وتبتدعُ الفصولَ جديدةً خَمْسا!
وأنتَ وهبتَهُ غده.. وأنت وهبتَهُ الأمسا
وخلّفتَ انتصارک بالشهادةِ مأتماً عُرْسا!
وناشد الحب أن ينسيک ذکراه
وأن يغيب وأن يعفيک بلواه
مجرحا سال ما أضري شکاواه
مخنوقة شدها للحزن أوّاه
وأن تخاط بسلک الصمت أفواه
علي عيونک أشباح وأشباه
وتستحث به نجماً وترعاه
مطموسة ببقايا من شظاياه
وليس غير مدار الموت مسراه
ومن دماء الضحايا ما أضأناه
روح النهار وماتت وهي ترقاه
وصية واستثار الغدر أبناه
واستغفر البغي حلفاً من خطاياه
غاب الزئير وما غابت حناياه
ويستنيم إلي صيد تخطاه
تمد حتي علي جرح جناحاه
حزينة والهوي شاهت مراياه
اللَّه کيف سيلقاني وألقاه
وطفت أسقي الندامي من حمياه
لظامئ الحرف کي تروي حناياه
بها العيون فتونا رحت اخشاه
ضفرته فوق شمس من محياه
مقدسا أنا والذکري رعاياه
لثماً نصلي لها فليغفر اللَّه
بحب حيدرة الغالي عبدناه
وما أدق الخفايا من خفاياه
ويا أمير الندي تتري سراياه
حتي تمنت به تفني ضحاياه
سبعين أبعث حيا بين قتلاه
من الفؤاد وهل إلاّک إلّاه
جنت وأشعل فيها الوجد حمّاه
مشبوبة الحلم تستجدي عطاياه
تناهبته حشود من رزاياه
بالخلد تبقي الي ما شاء نعماه
سواک يطلب دنياه وأخراه
صفحه 376، 377، 378، 379، 380، 381.