عبدالرحيم آل فرج اللَّه











عبدالرحيم آل فرج اللَّه



(1355 ه- 1404 ه)

الشيخ عبدالرحيم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ فرج اللَّه (الثالث)، من آل فرج اللَّه الجزائري الربيعي الأسدي (المارّ ذکر بعضهم)، أديبٌ عالم وفاضلٌ مجاهد.

ولد عام 1355 ه 1936 م، في أسرة علميّة دينيّة ونشأ في کنف والده العلّامة الحجّة المقدّس، ثم التحق بالحوزة العلميّة في النجف الأشرف وتدرّج في مراحلها علي جملة من أساتذتها، حتي حضر الفقه والاصول علي الأفاضل الشيخ محمد تقي الايرواني والشيخ عبّاس المظفر والشيخ محمد تقي الجواهري وامثالهم، ثم بحث الخارج علي نخبةٍ من الأعلام مثل السيد محسن الحکيم قدس سره والسيد ابوالقاسم الخوئي قدس سره والسيد محمد تقي بحر العلوم قدس سره والشهيد السيد الصدر قدس سره الذي تربطه به علاقةٌ وثيقةٌ خاصّة فهو من خلّص اصفيائه والمعتمدين لديه وقد تأثّر بفکره العلمي والسياسي وعمل تحت ظلّ مرجعيّته بنشاطٍ وجرأةٍ حتي استشهد إثره.

وکان للمترجم له حضورٌ فاعلٌ في الحرکة الاصلاحيّة ومزاملةٌ لرجال الفضل والفکر من معاصريه، کما کانت له مساهمات ثقافيّة عديدة منها: عضويّته في تحرير مجلّات عديدة کالاضواء وغيرها ومشارکته في المنتديات والاحتفالات والمکتبات ورعايته لطلبة العلوم الدينيّة والشباب المثقّف، إضافة

[صفحه 321]

إلي نشاطه السياسيّ المبکّر من خلال فعّالياتٍ وحرکاتٍ عديدة برز فيها کأحد الوجوه الناشطة حتي اعتقاله الأخير عام 1402 ه.

التحق بکليّة الفقه في سنتها الثانية، ثم مارسَ مهنة التعليم- لظرفه المادي- إثر تخرُّجِه من دورة رجال الدين التعليميّة أوائل العهد الجمهوري مع ثلّةٍ من اقرانه، ولم يمنعه ذلک من مواصلة الدرس والتدريس الحوزويين والخطابة والکتابة، وقد أُثِر عنه عفّته وإباء نفسه وإلزامُها بمثلٍ عليا وجرأةٍ في الحق ومواجهةٍ للانحراف.

له من نتاجه مقالاتٌ کثيرة منشورة في المجلّات النجفيّة آنذاک إضافةً إلي آثار مخطوطةٍ- ضاع أغلبها- في التفسير والتربية والتاريخ والأدب والعمل الحرکي، وتقريرات فقهيّة، وديوان شعر، وغيرها.

اعتُقِل للمرّة الأخيرة إثر إعدام الشهيد الصدر قدس سره بتهمة المشارکة في الإعداد لانتفاضة رجب 1399 ه ومعارضة النظام الجائر، ولاقي صنوف التعذيب حتي بُلِّغَ بخبر استشهاده عام 1404 ه 1983 م.

وله من قصيدة:


من عالم الغيب من أخفي سرائرِهِ
تنزَّلَ الوحيُ في اعطاف شاعرِهِ


وشاقَه همسُه البکرُ الذي هجَستْ
به المخايلُ في أعماق خاطره


فراحَ يرسم آفاقاً ملوَّنةً
من الشعور قصيّاتٍ لناظره


ويُنزلُ النغمة السکري ويودعها
في أحرفٍ ثملت من غيث ما طهره


تُسقي الولاءَ نميراً سلسلاً غَدقاً
وتنهلُ الحبّ ممزوجاً بباکره


من خمرة الوجدِ إذ صُفّت مدامَتُها
وإذ صَفَتْ في يد الساقي وسامره


معذَّبَينِ بهجرٍ لاذعٍ فعسي
يکوي به الجمرُ لذعاً قلبَ هاجره

[صفحه 322]

ومغرَمينِ بأطيافٍ مبرَّحةٍ
تدوفُها بسهادٍ عينُ ساهره


وتستشفّ الرؤي فيها مُحسَّدةً
من الغريّ فيا سقياً لعاطره


ويا هناءً لأشباحٍ تحفُّ به
ويا سلاماً علي اعتاب زائره


ويا سجوداً علي عافي الثري ولهُ
من طيب حيدرَ نفحٌ في معافره


وللصباح شروقٌ دون قبّته
وللمساء ائتلاقٌ من منائره


وللندي بابُه المرجاةُ مشرعةٌ
وللعلي کلُّ مرقيً في منابره


وللعلوم رواقٌ ظلُّه شرفاً
يمتدُّ في کلّ سطرٍ من محابره!


هذا هو المجدُ فليعزبْ أخو عذلٍ
عن مثله وليزِدْ لوماً لناکره


وکيف يُنکرُ مَن شُدَّتْ أواصرُه
بالخلد في يوم ماضيه وحاضره


ومَن نمتْهُ الي اللَّه الامامةُ بل
حبلُ النبوّة فرعٌ من أواصره


لولا أخوه ختام الرسل لاحتشدت
له الملائکُ توحي في سرائره


لکنّه الشاهدُ الموصي الامامُ ومن
آياتِه الفُ شمسٍ في محاجره


شَعَّتْ علي الأرض فانجابت دياجرُها
وظلَّ يخبطُ بعضٌ في دياجرِه


وله ايضاً من قصيدةٍ أخري:


عرَّشَ الحلمُ في مداک وطالا
ونما مزدهيً وماسَ اختيالا


وتداني إليَّ وهماً شفيفاً
وخطوراً مُجنّحاً وخيالا


فرَّ من زحمة الطيوف النشاوي
ونأي حيث ظله لن يُطالا


وصفا عالماً ودقَّ شعوراً
وسما خاطراً وعزَّ منالا


فهو من مشرقٍ عرجت اليهِ
ومضة النور لا تطيق انفصالا


وهو من عالمٍ تقدّستَ فيه
همسةٌ توسُع الدعاء ابتهالا

[صفحه 323]

وهو حرفٌ ترقرقَ الشعرُ فيه
واستوي في الرؤي لها تمثالا


أنت جسَّدتَه لديَّ وأنت ال
-نافخُ الروح فيه حتي استحالا


فإذا کلُّ ما إخالُک من قُد
سٍ ومجدٍ وعصمةٍ قد تلالا


في قصيدي وفي فمي فتوهَّجْ
واشتعلْ ايُّها المديحُ اشتعالا


لإمام البيان يسجدُ حرفي
ولربّ النبوغ يُحفي السؤالا


ولذکراه يمنحُ القلبَ وصلاً
ويمدُّ الشغاف دمعاً مُذالا


يومَ أهوي به الحفاظُ قتيلاً
طالما کان للعدي قتّالا


طالما کان للمروءات خدناً
والبطولات فارساً رئبالا


لم يثُرْ في دجي الکريهة هدياً
علويّاً حتي يهدَّ الضلالا


أو يلُحْ في مواقف الحمد حتي
يُعجزَ الناسَ والزمانَ مثالا


فلتضِعْ في عثارها الفکرُ السو
دُ اندحاراً وذلّةً وانخذالا


يا إمامَ الهدي وحسبُکَ مجداً
أن يشدَّ الهدي اليک الرّحالا


ويُصافيک في ثراک مآلا
ويُناجيک في علاک مقالا


بليَ الدهرُ يا عليُّ ولمّا
يزلِ الموتُ ينسجُ الآجالا


غيرَ دنياک فهي تخلدُ عُمراً
يسترقُّ القرونَ والأجيالا


والجهادُ المغذُّ خلفَک يقفو
بيرقَ الفتح والکماةَ الرجالا


عبروا غابر السنين وطافوا
في دني اليوم ثورةً ونضالا


لا لرأي الدخيل تُنمي ولا لل
-حقد يُلقي ظلامُه الأغلالا


في دروب الهداة ثم يغول ال
-فجرَ والوعي والتقي والجَمالا


ويلَها فکرةُ الخطيئة هلّا
أعولت في احتراقها إعوالا


حين شاهت أبصارُها الرمدُ حسري
وعليٌ مع الضحي يتعالي

[صفحه 324]


صفحه 321، 322، 323، 324.