محمد حسين فضل اللَّه











محمد حسين فضل اللَّه



(1354 ه-...)

السيد محمد حسين ابن السيد عبدالرؤوف ابن السيد نجيب الدين العاملين عالمٌ جليل مجتهد ومفکّرٌ کبير وکاتبٌ بارز وسياسيٌّ معروف وأديبٌ شاعر.

ولد في النجف الأشرف عام 1354 ه 1935 م، من أسرة علميّة دينيّة معروفة في لبنان، ودرس علي أبيه المجتهد الفاضل مقدّمات العلوم، وعلي غيره من فضلاء عصره، ثم حضر الدروس العالية عند کبار مجتهدي ومراجع الحوزة العلميّة امثال الشيخ حسين الحلي والامام السيد محسن الحکيم والسيد محمود الشاهرودي والسيد ابوالقاسم الخوئي والشيخ ملّا صدرا البادکوبي، وساهم أيضاً في حرکة التجديد الثقافي والفکري والسياسي ابّان ذلک من خلال الأدب والکتابة الصحفيّة والعمل الحرکي حتي أصبح واحداً من ابرز اعلام عصره، واتّصل کذلک بالإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر وعمل معه وتأثّر بنهجه، وهو عضوٌ فعّال مشارک في اغلب المنتديات والاصدارات، حتي عاد الي وطنه لبنان عام 1385 ه 1965 م وأقام في بيروت وتصدّي لمشاريع متعدّدة ونشر الکثير من الدراسات والمؤلّفات المميّزة بأسلوبه المعروف وطابعه الخاص، اضافة الي زعامته الروحية لکثير من اتباعه، أمّا نشاطاته العامّة فهي عصيّةٌ علي الحصر حيث عرف عنه دأبه وهمّته وجرأته في خوض الکثير من

[صفحه 309]

الحلبات إبان الحرب الاهلية اللبنانيّة ثم إبّان الثورة الاسلامية في ايران والتحرک الاسلامي في بلدان العالم حتي يومنا هذا إذ هو أحد أوسع الشخصيّات الشيعيّة المعاصرة شهرةً وتأثيراً ونفوذاً حيث يعدُّ مرجعاً ومرشداً روحيّاً وقمّةً فکرية وسياسيّة، صدر له في الشعر أکثر من مجموعة.

وله من رباعياته قوله:


هذِهِ رايَةُ الجِهادِ الّتي تَفْتَحُ کلَّ الدُّرُوبِ للإسْلامِ
يَسْتَرِيح الفَتْحُ المبينُ عَلي خَفْقاتِها الخُضْرِ في انْطلاقِ السّلامِ


هِيَ لِلْفاتِحِ الّذي يَتَحدّي الموتَ بِالْوعْي في اشْتِدادِ الصِّدامِ
هِيَ لِلْمُسْلم الّذي يَتَخَطَّي کُلَّ هَوْلٍ في داجِياتِ الظَّلام


هِيَ للرّائِدِ الّذي عاشَ للَّهِ، جِهاداً وَفِکْرَةً وابْتِهَالا
وَأَحبَّ الرّسولَ حبَّ الرسالاتِ، سماحاً ودعوةً وامتثالا


ورَعتْه مَحبَّةُ اللَّهِ بالحسْني فشدّته للذُري إجلالا
وَمَعَ المصطَفي، يعِيشُ ظِلالَ الحبِّ طُهراً وروعةً وجمالا


هِيَ لِلصَّامِدِ الّذي يرسِلُ الکرّة في الحَربِ قوَّةً وصمودا
لا تَفِرُّ الخُطي لَدَيْهِ، إذا اشتدّ خُطي الحَرب عدَّةً وعديدا


قلبُهُ صخرةُ العقيدةِ، لا يهتزُّ للهوْلِ، لا يَهابُ الجُنودا
يَفْتَحُ اللَّهُ لِلحياةِ علي کفَّيْهِ، للنعمياتِ، فَتْحاً جَديدا

[صفحه 310]

مَن يکونُ الفتي الّذي يحلُمُ الفَتْحُ بِخُطواتِهِ، ويَأسو الجراحا
مَن هُو المسْلِمُ الّذي عاش للإسلام وَعياً وقوَّةً وانْفِتاحا


والنّجاوي، والوشوشاتُ، وأحلامُ السّرايا، تؤرّق الأرواحا
کلُّ فردٍ، في السَّاح، يستنزفُ اللّيلَ، بأحلامِه، ليلقي الصّباحا


.. ويجي ءُ الصباحُ.. والحربُ تشتَدُّ وتضري ما بين کرِّ وَفرِّ
ويطوفُ الصوتُ الرِّساليُّ مَلهوفاً رحيماً يَنسابُ في کُلِّ صَدْر


أيْنَ حامِي الفتح الکبير الّذي يحمِي جِهاد الإسْلام من کُلّ غدر
أين صقرُ الإسلامِ، أين عليٌّ، إنّه بسمةٌ علي کلِّ ثَغْر


وتنادَوْا: هَلْ يَفْتَحُ الأرْمَدُ العَيْنِ بِحَمْلاتِهِ حُصُونَ اليهودِ
إنّه لا يري الطَّريقَ، ولا يُبصِرُ- في ساحِها- حُشُودَ الجنودِ


کيفَ تَجري خُطاهُ، کيفَ تثيرُ الحرْبَ يُمناهُ بالجِهادِ العَنيدِ
إنَّهُ الموْقِفُ الّذي يَبْعَثُ الحَيْرةَ والرَّيْبَ في حديث الشُّهُودِ


وتهادي إلي النبيِّ، وفي عَيْنيه شَوقٌ مُؤرِّق للجِهاد
فأفاضت يَدُ الرِّسالة سرَّ النُّورِ في جفْنِهِ بدونِ ضمادِ


فإذا بالشُّعاع ينهَلُّ کالفجر نديّاً.. في عزمِهِ الوَقّادِ
وإذا بالخُطي، الّتي ثقلَ اللّيلُ عليها، أقوي مِنَ الأوتاد


إنّني حيدرٌ.. وأُعِدّتِ السّاحَةُ.. دوَّتْ بصرخة التکبيرِ
إنّني حيدرٌ.. أتعرفُ مَعْني أن يَشُقَّ الدُّجي صراخُ النَّذيرِ


إنّني حَيدرٌ.. وجَلْجَلَ صوتُ الحَقِّ.. أهوي بدمدماتِ الهديرِ
إنّه حَيْدرٌ.. فيا قاصفاتِ الرّعْدِ ثوري بکبرياءِ العصورِ

[صفحه 311]

وتعالي الغُبارُ.. وانَصَرفَ الفارسُ.. أهْوي علي التُّرابِ جديلا
ضَرْبَةٌ حرَّةٌ. کما يَقْصِفُ الرّعدُ، ويطغي علي الجبالِ سُيُولا


ضرْبَةٌ حرَّةٌ.. وزلزلتِ الأرضُ، وأهوي الحُصن المنيعُ ذليلا
ومضي حيدرٌ ليرفَعَ بالحَقِّ الفُتُوحاتِ مَنْهجاً وسبيلا


واستراحَ الإسلامُ لِلْفَتْحِ يوحي للهُدي أن يسيرَ شوطاً طويلا
أن يَشُدَّ الخُطي إلي کلّ أُفْقٍ تَرْصُدُ الشَّمْسُ وحْيَه المجهولا


أن تُناجي الحياةُ کلَّ شعاراتِ الغدِ الحُرّ فِکْرَةً ورَسُولا
أن تَشُدَّ الأجْيالُ، بالعَزْمِ رُوحَ الحقِّ حتَّي تَحطِّمَ المسْتَحيلا


وله بعنوان: لا.. لن يموت علي الشفاه نداء:


لا.. لن يموت علي الشفاه نداء
ما دام يخصب وحيه الشهداء


ما دام يقتحم المجاهل ناهض
حر، بفکرته الحياة تضاء


يترصد الفجر الطليق وفي الذري
من روحه أنّي يسير ضياء


ما دمت أنت وفي انطلاقک للهدي
نهج رعته الشرعة السمحاء


وعلي هدي ذکراک مولد دعوة
بعثت لينعم عندها البؤساء


ولدت علي شفة النبي محمد
فتلقفتها روحک البيضاء

[صفحه 312]

ووعيت ثورتها نضال حقيقة
تسمو ليعلو للحياة بناء


وحضنت فکرتها بوعي يلتقي
في روحه الإيمان والإيحاء


ومضيت تقتاد الصفوف، ليقظةٍ
ألوحيُ في أعماقها وضاء


وتلاقت الأصداء وامتد السري
وتلفتت للموکب الصحراء


فإذا النبي وأنت رائد فجره
ترتاع من لفتاته الظلماء


وعقيدة القرآن تمرع بالإخا
دنيا تظلل أفقها البغضاء


ذکراک.. ذکري العبقرية حرة
تعطي الحياة لينعم الأحياء


وتفيض لا ليقال فاضت نبعة
لکن، لتخصب قفرة جرداء


ذکري العدالة حين تصرع قوة
يشقي بسوط عذابها الضعفاء


ما المجد، ما الجاه المزيف ما الغني
فالخلق عندک في الحقوق سواء


أوضحت منهجها وصنت حياتها
من أن يدنس طهرها الأجراء


أو يشفع المتملقون لغاصب
يجني لتمحي مجده الآباء


رافقت أهل البؤس في بأسائهم
فمضيت تشمخ باسمک البأساء


لم ترض أن رفعتک کف محمد
علماً تسير بهديه العلياء


حتي انطلقت فلم يطب لک مورد
هيهات تروي والقلوب ظماء


أو يغتمض جفن وتسکن أنة
ما دام يلتحف الدجي الفقراء


فرضيت أن تحيا ويخشن ملبس
وأبيت ردحا أن يطيب غذاء


مادام في أرض اليمامة جائع
أو معدم حفت به الأرزاء


اطلقته مثلا ليبقي منهجاً
للعدل، يتبع هديه الامناء

[صفحه 313]

وله اخري بعنوان: يا إمام الاحرار، قوله:

منک من وحي فجرک المسحور ينتشي الشعر بالندي والعطور

حتي يقول:

أنت انشودة الذري من رأي الفجر وقد فاض بالشعاع الطهور

حضنتها الحياة وانطلق الخلف يوشّي بها حديث الدهور

وأنا هاهنا التفات إلي الذکري فنضر بوحيها تفکيري

علني اقطف النجوم فأجلو عبر اضوائها طريق العبور

يا نجي الذري، ويا باعث التاريخ نوراً في وحشة الديجور

جئت والوحي برعم لم تفتق عنه أوراق حلمه المنثور

والصبا مائج بعينيک وثاب إلي جدول الحياة الکبير

والأماني في جانبيک حياري يترقبن ساعة التطهير

ليمزقن ظلمة الليل في عنف ويبعثن صرخة التکبير

فجأة واستفاقت الارض تصغي في ذهول الي نداء النذير

أيها الناس حطموا القيد عنکم واجيبوا طلائع التحرير

أنا منکم من طينة الارض لکني رسول من الإله القدير

أيها الناس لا اله سوي اللَّه وليّ الإيجاد والتدبير

واستداروا عنه يقولون همسا ما لهذا اليتيم کالمسحور

فتحديتهم وعانقت وحي اللَّه حبا في نشوة وحبور

وبدأت انتفاضة الفجر واقتدت السرايا إلي النداء الأخير

وإذا بالنبي يهتف بالدنيا عليٌّ خليفتي ووزيري

يا إمام الاحرار حطمت أصنام الدياجي بخاطر مستنير

[صفحه 314]

وحملت الضحي بکفيک ينبوع حياة فواحة بالعبير

يمرح النور في غلائلها الخضر رقيقاً کهينمات الغدير

وعلي روحک انطلاقة وحي أريحي للعالم المسحور

ويقولون والسياسة ألوان من الختل والخني والفجور

وفنون من زائف القول يمليها صراع القوي وراء الستور

وصراع يصور الجور عدلا يتغني به فم الجمهور

وأحابيل ينسج المکر نجواها فيجتاح هدأة العصفور

إن دنياک وهي بنت السماء البکر في زهو مجدها الموفور

[صفحه 315]


صفحه 309، 310، 311، 312، 313، 314، 315.