احمد الوائلي











احمد الوائلي



(1347 ه-...)

الشيخ أحمد ابن الشيخ حسون بن سعيد بن حمود.

خطيب شهير وعالم بارز وکاتب واديب شاعر.

ترقرقَ الشعرُ فيه

ولد في النجف الأشرف في 17 ربيع الأول سنة 1347 ه 1927 م، وتتلمذ علي أبيه الخطيب الشاعر، وعلي غيره ثمّ التحق بجمعيّة منتدي النشر متدرّجاً في مناهجها، ثم اکمل خارجها مراحل الدراسة الحوزوية العالية علي يد اساتذة النجف ومجتهديها المشهورين، ثمّ ساهم في المنهج الإصلاحي يومذاک.

ضمّ الي جانب ذلک الدراسة المنهجيّة الأکاديميّة منتهياً بالحصول علي شهادة الدکتوراه من جامعة القاهرة.

کان عضواً في جمعيّة منتدي النشر لفترة طويلة، شارک خلالها في الکثير من مؤتمرات الثقافة والأدب.

أما في الخطابة الحسينيّة فهو فارسها دون منازع، فقد تمرَّن عليها منذ حداثة سنّه ملازماً خطباءها المشهورين، ثمّ استقلَّ بأسلوبه الخاص المميَّز الذي أحدث نقلةً نوعيّةً واسعةً علي صعيدي الشکل والمضمون فاعتُبرَ من

[صفحه 291]

جاءوا إثره عيالاً عليه في العصر الحاضر.

وهو إلي جانب ذلک مؤلّفٌ قدير وموسوعيٌّ حافل، وأديب شاعرٌ مرهف الحس حسن الديباجة.

وله مطلعُ مرثيّةٍ في الامام أميرالمؤمنين عليه السلام قوله:


أفيضي فبرد الليل مُدَّت حواشيهِ
وعبّي فَوادي الکرم راقت دواليهِ


ومنها:


أطل عليٌّ يحمل الهديَ مشعلاً
لشعب تمادي في الضلال وداجيه


أسفّ فأعطي لابن هند زمامه
فضلَّ به في مهمهٍ من فيافيه


فهبَّ عليّ والدروب حوالک
معتمة والأُفق غابت دراريه


بيمناه بتار ويسراه مشعل ال
-هدي وکتاب اللَّه ينثال من فيه


رأي أن شعب المسلمين تلفه
حوالک من ليل الفساد وداجيه


ففي الشعب إرهان وفي المال إثرة
وفي الحکم إرهاب وفي الدين مافيه


ولاة تعبُّ الکأس من ضرع شعبها
وشعب يعبّ الدمع من جور واليه


حتي قال:


بيوت تبناها النعيم فأترعت
مقاصرها لهواً علي الغيد تضفيه


تهدهدها من صادح العود نغمة
فيسکر بهو القصر من سکر أهليه


علي حين راح البؤس ينشب مخلباً
بعاري جسوم البائسين ويفريه


وباتت بيوت تنصب القِدر فارغاً
علي النار کي تغري الصبي وتلهيه


واردف قائلاً:


أباحسن والليل مرخٍ سدوله
وأنت لوجه اللَّه عان تناجيه


براک الضنا من خوف باريک في غد
وقد أمن المغرور من خوف باريه

[صفحه 292]

علي شفتيک الذکر يطفح سلسلاً
فتنهل علاًّ من سموّ معانيه


وغالتک کف الرجس فانفجع الهدي
وهدت من الدين الحنيف رواسيه


أباحسن من روحک الطهر هب لنا
شعاعا فرکب الشعب قد ضلّ هاديه


حنانيک حرّر في هداک نفوسنا
فأنت أبوالأحرار حين نناديه


وله أيضا:


غالي يسارٌ واستخفَّ يمينُ
بک يا لکنهک لا يکاد يبين


تُجفي وتُعبد والضَّغائن تغتلي
والدَّهر يقسُو تارةً ويلين


وتظلّ أَنتَ کما عهدتُکَ نغمةً
للآن لم يرقي لها تلحين


فرأَيتُ أن أَرويک محضَ روايةٍ
للنَّاس لا صوَرٌ ولا تلوين


فلأنتَ أروع إذ تکون مجرَّداً
ولقد يضرُّ برائِعٍ تثمين


ولقد يضيق الشَّکل عن مضمونه
ويضيع داخلَ شکلِهِ المضْمون


إنّي أتيتک أجتليک وأبتغي
وِرداً فعندکَ للعطاش مَعين


وأغصُّ من طرفي أمام شوامخٍ
وقع الزَّمان وأُسُّهُنَّ متين


وَأَراک أکبر من حديث خلافةٍ
يستامها مروان أَو هارون


لک بالنُّفوس إمامةٌ فيَهُون لو
عصفت بک الشُّوري أو التعيين


فدع المعاولَ تزبئرّ قساوةً
وضراوةً إنَّ البناءَ متين


أأبا تراب وللتُّراب تفاخرٌ
إن کان من أَمشاجه لک طين


والنَّاس من هذا التُّراب وکلُّهم
في أصله حمأٌ به مسنون


لکنَّ من هذا التُّراب حوافرٌ
ومن التُّراب حواجبٌ وعيون


فإذا استطالَ بک التُّراب فعاذرٌ
فلأنت من هذا التُّراب جبين

[صفحه 293]

ولئِن رجعت إلي التُّراب فلم تمت
فالجذر ليس يموتُ وهو دفين


لکنَّه ينمو ويفترع الثَّري
وترفُّ منه براعمٌ وغصون


بالأمس عدت وأَنت أَکبرُ ما احتوي
وعيٌ وأَضخمُ ما تخال ظنون


فسأَلتُ ذهني عنک هل هو واهمٌ
فيما روي أم أنَّ ذاک يقين


وهل الّذي ربَّي أبي ورضعتُ من
أُمِّي بکلِّ تُراثِها مأمون


أم أنَّه بَعُدَ المدي فتضخَّمت
صُورٌ وتُخدع بالبعيد عيون


أم أَنَّ ذلک حاجة الدُّنيا إلي
متکاملٍ يهفو له التَّکوين


فطلبت من ذهني يميط ستائراً
لَعبَ الغلوُّ بها أو التَّهوين


حتَّي انتهي وعيي إليک مجرَّداً
ما قاده الموروثُ والمخزون


فإذا المبالغُ في عُلاکَ مقصِّر
وإذا المبذِّر في ثناکَ ضنين


وإذا بک العملاقُ دونَ عيانه
ماقد روَي التَّاريخ والتَّدوين


وإذا الَّذي لک بالنُّفوس من الصَّدي
نزرٌ وإنَّک بالأشدِّ قمين


حتي يقول:


أَأَبا الحسين وتلک أروع کنيةٍ
وکلاکما بالرَّائِعاتِ قمين


لک في خيال الدَّهر أيّ رُؤيً لها
يروي السَّنا ويُترجم النِّسرين


هنَّ السَّوابق شزَّباً وبشوطها
ما نال منها الوَهنُ والتَّوهين


والشَّوط مملکة الأصيل وإنَّما
يؤذي الأصائِل أن يسود هجين


فسما زمانٌ أنت في أَبعاده
وعَلا مکانٌ أنتَ فيه مکين


آلاؤُک البيضاءُ طوَّقتِ الدُّني
فلها علي ذمَمِ الزَّمانِ ديون


أُفُقٌ من الأبکار کلّ نجومه
مافيه حتّي بالتصوُّر عون

[صفحه 294]

في الحرب أَنت المستحمّ من الدِّما
والسِّلم أنت التِّين والزَّيتون


والصُّبح أنت علي المنابر نغمة
واللَّيل في المحراب أنت أنين


تکسو وأَنت قطيفةٌ مرقوعةٌ
وتموت من جوعٍ وأَنت بطين


وترقُّ حتَّي قيل فيک دعابةٌ
وتفحُّ حتي يفزع التِّنِّين


خُلُقٌ أَقلّ نعوته وصفاته
أَنَّ الجلال بمثله مقرون


ما عدت أَلحو في هواک متَيَّماً
وصفاتک البيضاء حورٌ عين


فبحيث تجتمع الورود فراشة
وبحيث ليلي يوجد المجنون


وإذا سألت العاشقين فعندهم
فيما رووه مبرِّر موزون


قسماً بسحر رُؤاک وهي إليَّة
ما مثلها فيما إخال يمين


لو رمت تحرق عاشقيک لما ارعووا
ولقد فعلت فما ارعوي المفتون


وعذرتهم فلذي محاريب الهوي
صرعي ودين مغلق ورهون


والعيش دون العشق أو لذع الهوي
عيش يليق بمثله التَّأبين


ولقد عشقتک واحتفت بک أضلعي
جمراً وتاه بجمره الکانون


وفداء جمرک إنَّ نفسي عندها
توقٌ إلي لذعاتِه وسکون


ورجعت أعذر شانئيک بفعلهم
فمتي التقي المذبوح والسِّکين


بدرٌ وأحدٌ والهراسُ وخيبرٌ
والنَّهروان ومثلها صفِّين


رأس يطيح بها وينذر کاهلٌ
ويدٌ تُجذُّ ويُجدَع العرنين


هذا رصيدک بالنُّفوس فما تري
أَيُحِبُّکَ المذبوح والمطعون


ومن البداهةِ والدُّيون ثقيلة
في أَن يقاضي دائِنٌ ومدين


حقدٌ إلي حسدٍ وخسَّةُ معدنٍ
مطرت عليک وکلُّهنَّ هتون


راموا بها أن يدفنوکَ فهالَهم
أن عاد سعيُهُم هو المدفون


وتوهَّموا أن يغرقوک بشتمهم
أتخاف من غَرقٍ وأَنت سفين


ستظلُّ تحسبک الکواکبُ کوکباً
ويهزُّ سمع الدَّهر منک رنين


وتعيش من بعد الخلودِ دلالةً
في أَنَّ ما تهوَي السَّماءُ يکون

[صفحه 295]


صفحه 291، 292، 293، 294، 295.