مصطفي جمال الدين
السيد مصطفي بن جعفر ابن الميرزا عناية اللَّه، من أسرة جمال الدين، وهي أسرةٌ مشهورة بالعلم والشرف والأدب. أديب کبير وعالمٌ فاضل مؤلف وعلمٌ بارز. ولد في قرية المؤمنين التابعة لسوق الشيوخ عام 1346 ه 1927 م. وأرسله أهله إلي النجف الاشرف للدراسة في الحوزة العلميّة، صبيّاً فتدرّج في مراحلها حتي حضر بحوث مرحلة الخارج علي أيدي امثال السيد الخوئي قدس سره وغيره وتأثّر بمنهج الشيخ المظفّر الاصلاحي وساهم فيه إلي جانب زملائه العديدين من رموز دينيّة وسياسيّة معاصرة، ووقف في خضمّ ذلک مع حرکة التجديد في النجف المنادية بتغيير المناهج الدراسيّة وتطويرها، کما برز شاعراً مميَّزاً من الرعيل الأوّل له أسلوبه الخاص ورؤيته الفريدة التي صقلتها في موهبته مواکبته لمجمل حرکة الأدب العربي فجاء شعره امتداداً لمدرسة العمود العتيدة التي کادت أن تأتي عليها نزعات التحديث والاستلاب، وله في ذلک اتباعٌ من الشعراء الشباب. وقد واصل إلي جانب ذلک دراسته الأکاديميّة متخرّجاً من کليّة الفقه عام 1382 ه 1962 م، ثمّ من جامعة بغداد في مرحلتي الماجستير والدکتوراه برسالتين مشهورتين تعدّان الي جانب مؤلّفاته الأخري في النحو والأصول والأدب ثروةً هامّة للحرکة الثقافية المعاصرة وقد صدر له اخيراً (الديوان) قبل [صفحه 287] وفاته بعام. کما ارتبط بأغلب ادباء العربية بعلائق متينة، وشارک في مؤتمرات شعريّة وملتقيات کثيرة، کما کتبت عنه الصحافة الأدبيّة واحتفي به الشعراء والمثقفون. هاجر من بلده العراق في عام 1401 ه 1980 م الي الکويت ثمّ إلي سوريا حيث شارکَ في تجربة معارضة النظام المتسلّط علي العراق الي جانب مشارکته في رعاية الحرکة الثقافية والأدبيّة حتي وافته المنيّة في دار الهجرة في عام 1417 ه- 1996 م، وبذلک فقد الأدب العربي المعاصر واحداً من اعلامه الکبار، والحوزات والمؤسسات العلميّة شيخاً من روّادها المميّزين. وله من قصيدة في أميرالمؤمنين عليه السلام قوله: سَمَوْتَ فکيف يَلحَقُکَ القصيدُ وکيف يُطالُ شأوُکَ في جناحٍ فَهبْني ما أقولُ.. فإنّ فِکرا فلستَ الأرضَ يَقطعُها مُغِذّ أباحَسَنٍ وإنْ أعيا خَيالي فليس لأنّ أجنحَتِي قِصارٌ وأنّ هويً تَرعرَعَ وهو بَذْرٌ وأنّ يَراعةً غَنَّتْ هواها ولکنْ کانَ مَرمانا سَماءً يَراکَ الفِکرُ منه قِيَد باعٍ وهل أجلي من الإِصباحِ شي ءٌ فَيُمعِنُ في لُحوقِکَ، حيثُ يَلْظي [صفحه 288] فأنتَ بعينِ شامِخِهِ سَماءٌ أباالحسنَيْنِ هَبْ لي ما أُغنّي فقد سَئِمتْ حَديثَ النفسِ رُوحٌ يُحمِّلها العذابَ ضُمورُ جيلٍ أباحسنٍ ولولا أنَّ روحي لأوشَکَ أنْ تَزِلَّ به دُروبٌ فبينَ الزيغِ والإِيمانِ خَيطٌ فکلُ مخالِفٍ، أبداً، عَدُوّ وکلُّ غدٍ تَحشَّدَ بالمنايا أهذا ما يُقَضّي العمرَ فيهِ فکم لَفظٍ تَراقَصَ عَبقريّاً وله أيضاً قوله: ظَمئ الشِعرُ أم جَفاکَ الشُعورُ کيف تَعنو للجدبِ أغراسُ فِکرٍ نَبتَتْ- بين ( نَهجِهِ) وربيعٍ وسقاها نَبعُ النَبيِّ، وهل بع فَزَهَتْ واحةٌ، وَرَفّتْ غصونٌ هکذا يَزدهي ربيعُ عَليٍّ شَرِبتْ حبَّهُ قلوبُ القوافي وتَلاقي بها خَيالٌ طَروبٌ ظامِئَ الشِعرِ، هاهنا يُولَدُ الشِع [صفحه 289] هاهنَا تَنشرُ البلاغةُ فَرعَيْ وَسَيبقي يهُزُّ سَمْعَ الليالي تتلاقي الأفهامُ من حوله شتّ وعَليٌّ إشراقَةُ الحبِّ، و شِي أيُّها الصَاعِدُ المُغِذُّ مع النَج قد بَهَرتَ (النجومَ) مَجْداً وإِشعا ومَلأتَ الدنيا دَويّاً، فلا يُس فَقُلوبٌ علي هواکَ تُغنِّي وسيبقي لکَ الخلودُ، وللغا وستُبني لک الضَمائِرُ عُشّاً وسيجري بمَرجِ عذراءَ من (حُج سيّدي أيّها الضميرُ المُصفّي لک مَهوي قلوبِنا، وعلي زا وإذا هَزّتِ الَمخاوِفُ روحاً قَرَّبتْنا إلي جراحِکَ نارٌ باعَدَتْنا عن (قومِنا) لُغةُ الح بعضُ ما يُبتلَي به الحبُّ هَمْسٌ إنّ أقسي ما يَحمِلُ القلبُ أنْ يُط نحن نهواکَ، لا لشي ءٍ، سوي أنّ ضَرَبَ اللَّه بين وَهْجَيکُما حَ وإذا الشمسُ آذنَتْ بمَغيبٍ [صفحه 290]
(1346 ه- 1417 ه)
وأجنحةُ الخيالِ لها حُدُودُ؟!
قوادِمُهُ مزاميرٌ وعُود!!
إليکَ رقي.. سيُتعِبُه الصُعود
ولستُ النورَ يُدرِکُ ما يُريد
فَقَصَّر دونَ غايتِهِ النشيدُ
وأنّ مُثارَ عاطفتي جَلِيد
بظِلّکمُ.. سيَذْبُلُ وهو عود
ستَخْرَسُ حين تَزْحَمُها الرُعود
قَريبُ مَنالِها أبداً بَعيد
فيحسِبُ أنّ مَطلَبَهُ زهيد
وقد شَقّ السماءَ له عَمُود
فَيُجْمِرُ.. ثم يُدرِکُه الخُمودُ
وأنتَ بعينِ خاشعِهِ صَعيد
به الدنيا ليَسکَرَ بي وُجود
لها في کلِّ آونةٍ شُرود
تَجاذَبُهُ المَطامِعُ والوعود
بحبلِ هُداکَ تَربُطُها عُهود
تَفاخَرُ أنّ مَزْلَقَها (جَدِيد)
إذا ما انْبَتَّ تَضطرِب الحدود
وکلُّ مُخاتِلٍ، کَذِباً، وَدُود!!
لنُطعَمَهنَّ فهوَ (غدٌ سعيد)!!
شبابٌ ذابلٌ وحَشَيً وَقِيد
فأوحَشَ وَجهَهُ المعني البَلِيد!!
کيف يَظما مَنْ فيه يجري الغديرُ
لِعليِّ بها تَمُتُّ الجذورُ
من بَنيهِ، غَمْرِ العَطاءِ- البُذورُ
-دَ نَمِيرِ القُرآن يحلو نَميرُ؟
ونما بُرعُمٌ، ونَمّتْ عُطورُ
وتُغنّي علي هواه الطيور
فانتشتْ أحرفٌ، وجُنّتْ شُطور
وَرُؤيً غَضّةٌ، ولفظٌ نضيرُ
-رُ، وتَنمو نُسورُهُ وتطير
-ها، فَتَسْتافُ مِن شذاها الدهور
مِنبرٌ من بيانهِ مسحور
-ي: فَفَهْمٌ عادٍ، وفَهمٌ نَصِير
-بَ بسُودِ الأحقادِ، کادَتْ تُنير
-م هنيئاً لکَ الجَناحُ الخبيرُ
عاً، وإنْ ظُنَّ: أنکَ المَبهور
مَعُ إلّا هُتافُها المخمورُ
وأکفٌ إلي عُلاکَ تُشِيرُ
فِينَ، في ناعِمِ الحريرِ، الغُمورُ
ولدنيا سِواکَ تُبني القصور
-رِکَ) نَحرٌ.. تقفو سَناهُ النحورُ
والصِراطُ الذي عليه نسيرُ
دِکَ نُربِي عُقولَنا، ونَمِيرُ
وارتمي خافِقٌ بها مَذعورُ
وهَدَانا إلي ثَباتِکَ نُور
-بِّ فظنّوا: أنّ اللُبابَ القُشور
من ظنونٍ.. وبعضُهُ تَشهير
-لَبَ مِنهُ لِنَبضِهِ تفسير
کَ من أحمدٍ أخٌ ووزير
-دْداً: فأنتَ المَنارُ و هو المنير
غَطّتِ الکونَ من سَناها البدورُ
صفحه 287، 288، 289، 290.