محمد سعيد الجشّي











محمد سعيد الجشّي



(1338 ه- 1410 ه)

الاستاذ محمد سعيد بن محمد بن احمد آل سعود الجشي، شاعر فاضل وأديب کاتب، ولد في القطيف السعوديّة عام 1338 ه 1920 م، ونشأ فيها فأدخله والده الکتّاب فأتقن مبادئ العلوم ثم درس علي اساتذة کان آخرهم امام القطيف الشيخ الخنيزي الذي تبنّاه في مهمّة النهوض بالمنطقة فکريّاً وتنشئة ذوي المواهب اضافة الي دور والد الشاعر، واستاذه الآخر الشيخ علي الجشّي فقرأ کتب التراث ثم تطلّع إلي نتاج المحدثين فتهيّأت له ملکة الشعر وبرز في المنابر والمناسبات والمنتديات واشتهر وطرق اغراض القصيد المعروفة ثم أثّر في العديد من الشعراء الشباب الذين اقتفوا أثره ونهلوا من تجربته فأثروا تجاربهم، وکان قد نشر في الصحافة وکُتبت عنه الدراسات وله عدّة مجاميع شعريّة وغيرها. توفي عام 1410 ه 1990 م.

وله من قصيدة شهيد المحراب قوله:


لمن الجرح سال قاني الدماءِ
وکسا الأفق حلة الأرزاءِ


سال وسط المحراب والبطل المج
-روح يرنو بطرفه للسماء


قائلا (فزت) حان مني رحيلٌ
لنعيم وجنةٍ خضراء


يالفجر أطلّ مرتعش الخط
-و فإطلالُه بلا أضواء


والامام الشهيد أهوي جريحاً
وسط محرابه خضيب دماء

[صفحه 257]

حملوه إلي الفراش کأن ال
-بدر قد لُفَّ شاحباً في رداء


وطوي الحزنُ والأسي کوفةَ المج
-د فماجت في لوعة وبکاء


قد تهاوي (ابوالحسين) قتيلا
من مُعزّ به (اباالزهراء)


خارجي أراده بالسيف غدراً
وهو سيف الاسلام کهف الرجاء


وبنوه علي أحرّ من الجم
-ر التياعاً من فعلة الغوغاء


وبنود الجهاد لفّت علي حز
نٍ عميقٍ في ساحة الهيجاء


أين سحر الأذان في کل فجرٍ
يتعالي مُرَدَّدَ الأصداء


لم يعد يسمع الندا من (علي)
فالصباح البهيُّ رهن انطواء


فقد اغتيل في الصلاة (عليٌ)
وهوي التاج من ذري العلياء


جرح الليث فامرحي ياسوام
أنت في مأمن وفي أفياء


وهوي البند فاهدئي يا قلوباً
راعها منه رَفّةٌ في الفضاء


ثلّ عضب الاسلام يا للمقادير
وغال الظلامُ شمسَ الضياء


مصرعٌ للإمام في ساحة المح
-راب خطبٌ لأمّة شمّاء


ضاع منها السراج وانحطم السي
-ف ولُفَّت صحائف الأنبياء


بعد (طه) ما مثله من امام
يتسامي لمنبرٍ أو فضاء


لا ينال القوي منه مراماً
في حقوق تزوي عن الضعفاء


من إلي منبر الخلافة يعلو
يرسل القول بالمعاني الوضاء


من إلي السيف والجيوش حشود
يتحدي ضجيجها بمضاء

[صفحه 258]

من إلي الوعظ والنفوس عطاش
من إلي العلم من إلي العلماء


من لشيخ في کسره واهن العظ
-م رهين بسقمه والشقاء


إن أتي الليل سار سراً إليه
حاملاً زاده بطيّ الرداء


ويتيم بين الملا فقد الأه
-ل يعاني من جوعه والعراء


من له کافل بقلب حنونٍ
يتولاه مطعما في الماء


قد غدا الکون مکتس حلل الحز
نِ بصبحٍ مُروّع الأنباء


و(قطام) شفت غليلا من الحق
-د ونامت علي فراش هناء


و(شقي الأنام) شُلَّت يداه
يتهادي في نشوة الخيلاء


و(علي) فوق الفراش مسجّيً
أضعف الجسم منه نُزف الدماء


يالغدرِ الزمان تحجب شمس
ويجف الغدير من عذب ماء


أفباني الاسلام حامي حماه
غدرة يقتلونه في اعتداء


يرجف الجيش ان تخطي إلي الجي
-ش بسيف مُروّع في انتضاء


يتواري الکمي عنه برعب
واذا همَّ راح في الأشلاء


واذا لاذ بالفرار فقد لا
قي من النبل ساحة الکرماء


ان هذا الامام لا يبتغي شي
-ئا سوي الدين شامخا في البناء


رفع العلم للأنام منارا
وتسامي کالشمس في الأجواء


فتفيَّأ يا دهر منه ظلالا
وتنوَّر بحکمة وضياء


فکنوز العلوم رهن أيادي
-ه بأرض محزونة أو سماء

[صفحه 259]

يا عطوفاً علي اليتامي بقلب
أبوي في رحمةٍ وسخاء


ذي يتاماک من لها رهن أسر
أموي في شدة وعناء


ان شکت لاحت السياط عليها أو
دعت مالها مجيب دعاء


و(حسين) بکربلاء عفير
وعليه جالت خيول العداء


ترکوه علي الصعيد بلا دفن
ثلاثاً مزملاً بالدماء


خطبه أحزن السماوات والأر
ض وأدمي للصخرة الصماء


وله من قصيدة اخري مطلعها:


من صوب کأسک ما نعلُّ ونجرعُ
يا أيُّها النجمُ المشعُّ الأرفعُ


يقول:


بالمصلت السيف الفقار اذا حمي
وهج وصکّت من جبانٍ أضلع


بالمعتلي فوق المنابر خاطباً
يلقي المواعظ والمحاجر تدمع


بالقاسم الأموال وهو بفاقةٍ
بالمؤثر المسکين وهو المدقع


ساوي بعبدٍ سيّداً في شرعةٍ
أرسي قواعدها وشاد مشرّع


خطّت رسالته الي دنيا الوري
نهجاً يردُّ الموبقات ويقمع


هذا الامام الشامخ الامجاد في
کلّ المواطن للبريّة مفزعُ


المال بين يديه تبرٌ سائِلٌ
وهو الکريم الزاهد المترفّع


قد قال للدينار غُرَّ مغفَّلاً
انا ليسَ يُغريني نضارٌ يلمع


نهجي هو القرآن عدلٌ شاملٌ
فيه الفقيرُ مع الغنيّ يُمتّع


حتي قال:


هذي أباحسنٍ تحيّة شاعرٍ
وافي يغرّد في حماک ويسجع


ما شعَّ فجرٌ أو تألّق کوکبٌ
في الافق الّا کان منک المطلعُ

[صفحه 260]


صفحه 257، 258، 259، 260.