عبدالمنعم الفرطوسي
الشيخ عبدالمنعم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ عيسي، علّامة فاضل وشاعر معروف. ولد في النجف عام 1335 ه 1917 م وفيها ترعرع فاتجه إلي الدراسة فدرس المقدمات علي بعض الفضلاء وأخذ الفقه والأصول علي السيد محمد باقر الشخص الإحسائي وغيره من افاضل عصره، ثم لازم حلقة السيد الخوئي مع اختلافه علي حلقة الشيخ محمد علي الخراساني في الأصول فعرف بمستواه العلمي المميَّز وعُدّ من ذوي الرأي في الحوزة العلميّة الي جانب أدبه الجم وحافظته المتّقدة وصفاته الاخلاقية السامية وما أثر عنه من مواهب عقلية ونفسيّة. وله مؤلفات عدة منها: 1- شرح استصحاب الرسائل في ألف صفحة. 2- شرح الجزء الاول من الکفاية في ثمانمائة صفحة. 3- شرح قسم من المکاسب الي المعاطاة. 4- شرح علي حاشية ملّا عبداللَّه مع منظومة في المنطق. 5- شرح مجموعة الرسائل، وغيره إضافة إلي مجموعاته الشعرية العديدة وموسوعته الکبري ملحمة أهل البيت عليهم السلام. [صفحه 250] لازم جمعية الرابطة الأدبية التي عمل فيها کعضوٍ جدّي معالجاً نقائصها ومقدماً الاقتراحات لحل ذلک، وشارک في کثير من النشاطات الثقافية والادبية خارجها بعد ان ذاع صيته وعلا کعبه. نحا في شعره مناحي عالجت کثيراً من المشاکل الاجتماعية، وکان حسَّه يمتزج مع آرائه الإصلاحية، وهو أحد مبرَّزي شعر الاحتفالات الدينيّة في أغلب مناسباتها ويمتاز شعره بفخامة اللفظ، لا سيّما المُلقي منه حيث کان يحدو به حداءً مميَّزاً علي طريقةٍ سابقة معروفة، أما وفاته فکانت عام 1404 ه 1984 م في الامارات العربية مغترباً عن وطنه بعيداً عن منبته. وله، وعنوانها (تحية الباب الذهبي) الذي احتفلت به مدينة النجف زهاء أسبوع، وفيها تصوير رائع لناحية من حياة الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام قوله: نشيدي وأنت له مطلعُ وقدرک أرفع إن الثناء ومجدک جاوز أفق الخلود وأنّي يطاول نجم علي طلبتک في الأفق حيث النجوم وفي الحقل حيث عبير الورود وفي موجة البحر حيث الجمان وفي کل مستودع للجمال وعدت إلي لوحة في الحشا رأيتک فيها وأنت اليقين حياتک جدب من المغريات [صفحه 251] وخصب من الحِکَم القاريات وعهد من العدل فيه الحقوق يؤرق عينيک للنائمين عسي باليمامة أو بالحجاز وبيتک وهو بسيط بما فزاوية منه فيها الحصير وأخري بها من جريد النخيل وآنية الطين وهي الکؤوس وتلک رحي مجلت أنملاً وحقا بأن معاد الخلود فبالکوخ شيد هذا الضريح ومن ظلمة الکوخ هذي الجنان وإن خشونة ذاک النسيج وشاهقة في سماء الجلال لها مطلع فوق شمس الضحي وتهوي الکواکب لو أنها مقام علي وللمتقين عجبت له کيف قرت به ولِمْ لا يحلق فوق السماء وعدت له عاذراً إنه [صفحه 252] أباالحق والحق يسمو علاً حياتک وهي حياة الفقير وقوتک قرص الشعير الذي ومدرعة الصوف وهي النسيج ومن جنس هذا النتاج الشريف وهاتيک عقباک وهي الخلود وله وعنوانها (عيد الغدير) قالها عام 1369 ه قوله: بالنور شق فم القرآن فانبثقا قد أطلعته علي دنيا العقول هديً فجر من الحق والقرآن مطلعه رکب النبوة والصحراء حافلة ألوحي أنزله فيها وطاف به يا أيها المصطفي بلّغ جموعهم فقام فيهم کما أوحي الإله له هذا (عليٌّ) إمام الحق بينکم عيد الغدير وقد أکبرت من عظم عيد به أنزل الباري بمحکمه أليوم أکملت في نصب الوصي لکم هذا علي وکان القرص يُعوِزه يطوي النهار صياما وهو في سغب [صفحه 253] عين مؤرقة في اللَّه ساهرة وأنملٌ بعناق السيف مولعة ومهجة في جهاد الکفر دائبة هذا (عليٌّ) وذي دنياه حاشدة وهذه هي عقبي المتقين بها هذا هو العدل أعظم فيه من أثر أخا الرسول ويا نفس النبي علاً ويا خليفته حقا وناصره أضحي کهارون من موسي له خلفاً بورکت في بيعة بالحق احکمها وله من قصيدة (مولد الحق): لمولد الحق شقّ البيت فالتهبا وهزت الآية الکبري بمعجزها فماج بالنور من أم القري أفق وکبّر المجد إعلاماً بمولده وأقبلت فيه والقرآن طلعته وافت مبشرة والطهر بردتها قد شرف اللَّه منها القدر اذ وضعت في حين قد أبعدت والبيت معبدها [صفحه 254] يا مصدر الحکم فصلا في عزائمه وروعة الحق تجلي کل غاشية ونفحة القدس تطغي من شمائله أکبرت عقلا تبني کل ناشئة فيض من الذهن عذب النبع ما نضبا وشعلة من شعاع الفکر مشرقة وروضة من حقول العلم مخصبة صنو العقيدة غذاها فکان لها ثقل الامامة مجد لم يکن معه يا منطق الحق في التاريخ قص لنا حدث فأنت لسان قد روي العجبا عن سيرة القائد الأعلي وسيرته وخطها في جبين المجد حين جري أوحي بها الف باب من معارفه وشيد العدل إذ أرسي قواعده فاقصص علي مسمع الأجيال ملحمة عن منشئات صدور تحمل الکتبا ومشرقات عقول بالهدي کشفت فمسجد الکوفة الغراء مدرسة [صفحه 255] مدينة السبط يا مهداً به ولدت وتربة خط قلب المجد من دمه ومصرعاً من أبيِّ الضيم فيه هوي أحيي الحسين به الاسلام حين رأي أبوالأئمة أوفي نجمه صعدا غرس أرومته الزهراء فاطمة من أهل بيت کتاب اللَّه طهّرهم مدينة النجف الغراء يا أفقاً کم احتضنت وکم خرّجت نابغة فأنت مدرسة للعلم جامعة (مدارک) العلم منها فجرت ولها کم التقطنا (ببحر) من معارفها وکم کشفنا (غطاءً) عن (سرائرها) وکم قطفنا ثماراً من (حدائقها) وآنستنا (رياض) من (معالمها) وهذبتنا (دروس) من (قواعدها) وثقفتنا (بمبسوط) (البيان) لها وأدبتنا (فصول) کلها حکم (مکاسب) العلم أضحت من (کفايتها) وعاد للعلم والاسلام (تبصرة) [صفحه 256]
(1335 ه- 1404 ه)
من الشمس يعنو له مطلعُ
ولو بالمثاني به يرفع
سموّاً ونفسک لا تقنع
ختام الخلود به يشرع
مناقب فضلک إذ تلمع
شمائل قدسک إذ يفرع
نِثار بيانک إذ يجمع
سموّ الجلال به مودع
حروف الولاء بها تُطبع
بقلبي وقلبي هو الموضع
وعيشک من وردها بلقع
بحيث العقول به تُرفعُ
تصان بأمن فلا تفزع
ضمير يقض به المضجع
عيون من الجوع لا تهجع
حوته جوانبه الأربع
إلي جنبه جرّة توضع
سرير قوائمه ترفع
وفي کفّ مالکها تصنع
لطحن الشعير بها تسرع
إلي الحق مبدؤه يرجع
بحيث الضراح له يخضع
مصابيح فردوسها تسطع
لهذا الحرير هي المصنع
بها قبة الأفق تستشفع
وللشمس من دونها مطلع
عقود بأنملها لمَّع
مقاعد صدق به ترفع
علي الأرض أرکانه الأربع
وفيه ثَوي البطل الأنزع
لثقل الإمامة مستودع
إذا کان فيک اسمه يشفع
يحيط بها فقره المدقع
تسد بها الرمق الجوّع
وفي کل آونة ترقع
أزار البتولة والبرقع
وعقبي سواک هي البلقع
فجر من الحق في دنيا الهدي ائتلقا
شمس الرسالة فاجتاحت به الغسقا
نص الإمامة فيه قد بدا شفقا
منه بأکرم رکب للعلي طرقا
صوت من الحق في أجوائها انطلقا
نص الغدير ولا تخشَ الوري فرقا
مبلّغاً خاطباً في نطقه ذلقا
وفي إمامته القرآن قد نطقا
عيداً علي کل عيد فضله سبقا
نوراً بفضل (عليٍّ) شع منبثقا
ديني وتمّت عليکم نعمتي غدقا
قوتا ويطعمه في اللَّه إن رزقا
وبالعبادة يطوي ليله أرقا
للحق علّق جفناها فما انطبقا
کعاشقين علي حبّ قد اعتنقا
حتي جرت وهو في محرابه علقا
بالزهد والنسک منه عفَّة وتقي
وأي عقبي تضاهيها علاً وتقي
يفني الزمان ويبقي مجده ألقا
من فيه قد باهل الرهبان مستبقا
وياوزيراً حکاه سيرة، خلقا
وکان قدماً الي الاسلام قد سبقا
امين وحي بغير الحق ما نطقا
جمٌ بأفق الهدي قد اخمد الشهبا
دنيا قريش وقد عجت بها لجبا
طلق الضحي سار بالأضواء منسکبا
في حين أبصر من آياته العجبا
أم العلا وهداه يخرق الحجبا
شيخ الاباطح بالنور الذي وهبا
في بيته بعليٍّ فارتقت رتبا
أم المسيح لجذع يسقط الرطبا
ومورد العلم نهلا سائغاً عذبا
من نورها بيقين يمحق الريبا
بعابق هو روح يخمد اللهبا
من المعارف أوحاها فکان أبا
تقري مواهبه الاجيال والحقبا
تمشي العقول علي أنوارها خببا
من أصغريه بما أوحي وما کتبا
أصلا وکانت له من بعده عقبا
سوي النبوة مجد يلتقي حسبا
روائعاًعجت الدنيا بها طربا
ومسمع قد وعي الأسفار والکتبا
قد أحرز المجد في مضمارها القصبا
دم الشهادة في محرابه ذهبا
(مدينة العلم) أوحتها له نجبا
علي ضفاف قضاء عادل نصبا
للعلم ضجت بها ساحاتها صخبا
وألسن تثمر العرفان والأدبا
عن کل سر بقلب الغيب قد حجبا
ومنبر (لعلي) قد روي الخطبا
من العواطف دنيا رفرفت حدبا
مثوي البطولة فيها عزة وإبا
جسم مقطعة أوصاله أربا
أبناء حرب وقد أودت به حربا
حتي هوي کل نجم دونه صببا
والمرتضي حيدر أعظم به نسبا
وأذهب الرجس أماً عنهم وأبا
يوحي ويا تربة تُحيي بما خصبا
فذاً وشيخاً علي أسفاره حدبا
تبني العقول وتقريها بما عذبا
(مسالک) قد سلکنا نهجها الرحبا
(جواهراً) من علوم تبهر الذهبا
(بلمعة) کشفت ما کان محتجبا
و (بلغة) قد بلغنا عندها الأربا
فيض (الشرائع) منها قط ما نضبا
قد کان فيها (خلاف) العلم (منتخبا)
(رسائل) نسقت (تبيانها) نخبا
من (القوانين) فيها تحسن الأدبا
(وسائلا) يبلغ الراجي بها الطلبا
(مستمسک) العروة الوثقي بها سببا
صفحه 250، 251، 252، 253، 254، 255، 256.