خصائصه الخاصة











خصائصه الخاصة



لقد تفرَّد عليٌّ عليه السلام بخصائص تستحق أن يفرد فيها کتاب لعظمتها وکثرتها، وإنَّها لتؤلِّف کتاباً جيداً، لا تکرار فيه ولا تشابه.

ولقد جري، قبل عهود التصنيف، علي ألسنة الصحابة، أشياء من ذلک لم تجرِ بحقِّ غيره، فمنهم من ذکر جملة منها تذکيراً بحقِّه، وإنکاراً علي أُناس جهلوه أو تجاهلوه، ومنهم من ذکر له خصالاً يتمني لو کانت له واحدة منها، وبعض هذا الذي ورد علي ألسنة الصحابة سنجعله مدخلاً لهذا

[صفحه 115]

الفصل، لننتقل بعده إلي فضائل وخصائص مفردة:

1ـ تمنّي عمر بن الخطَّاب لنفسه واحدة من خصال ثلاث اجتمعن في عليٍّ عليه السلام، فقال: لقد أُعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن تکون لي خصلة منها أحبُّ إليَّ من أن أُعطي حُمر النعم!

قيل: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟

قال: تزوُّجه فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وسکناه المسجد مع رسول الله، يحلُّ له فيه ما يحلُّ له، والراية يوم خيبر[1] .

2ـ وسعد بن أبي وقَّاص يتمنَّي لنفسه واحدة من ثلاث أُخر اجتمعن في عليٍّ عليه السلام ويردُّ بها علي معاوية اللعين، وهو يراوده علي سبِّ أمير المؤمنين عليه السلام!

قال معاوية لسعد: ما يمنعک أن تسبَّ ابن أبي طالب؟

قال سعد: لا أسبُّه ما ذکرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لأن تکون لي واحدة منهن أحبُّ إليَّ من حُمر النعم!

قال معاوية: ما هنَّ يا أبا إسحاق؟

قال: لا أسبُّه ما ذکرت حين نزل عليه الوحي؛ فأخذ عليَّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه، ثُمَّ قال: «ربِّ إنَّ هؤلاء أهل بيتي».

ولا أسبُّه ما ذکرت حين خلَّفه في غزوة تبوک، غزاها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فقال له علي: «خلَّفتني علي الصبيان والنساء!» قال: «ألا ترضي أن تکون منِّي بمنزلة هارون من موسي؟ الا أنَّه لا نبيَّ بعدي».

[صفحه 116]

ولا أسبُّه ما ذکرت يوم خيبر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «لأُعطينَّ هذه الراية رجلاً يحبُّ الله ورسوله، ويفتح الله علي يديه» فتطاولنا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فقال: «أين عليٌّ»؟ قالوا: هو أرمد.

فقال: «ادعوه» فدعوه، فمسح عينيه بريقه، ثُمَّ أعطاه الراية ففتح الله عليه[2] .

3ـ وسعد أيضاً يذکر ثلاث خصال أُخر لعليٍّ عليه السلام يتمنَّي إحداهنَّ، ويشهد منهن بفضل عليٍّ وحقِّه، رغم أنَّه قد تخلَّف عنه في حروبه..

قيل لسعد: إنَّ عليَّاً يقع فيک أنَّک تخلَّفت عنه.

فقال سعد: والله إنَّه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي! إنَّ عليَّ بن أبي طالب أُعطي ثلاثاً لأن أکون أُعطيت إحداهنَّ أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها:

لقد قال له رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم غدير خُمٍّ، بعد حمد الله والثناء عليه: «هل تعلمون أنِّي أولي بالمؤمنين؟» قلنا: نعم. قال: «اللَّهمَّ من کنت مولاه فعليٌّ مولاه، والِ من والاه وعادِ من عاداه».

وجيء به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر، فقال: «يا رسول الله إنِّي أرمد». فتفل في عينيه ودعا له فلم يرمد حتي قُتل، وفتح عليه خيبر.

وأخرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عمَّه العبَّاس وغيره من المسجد، فقال له العبَّاس: تخرجنا ونحن عصبتک وعمومتک، وتسکن عليَّاً؟!

فقال: «ما أنا أخرجتکم وأسکنته، ولکنَّ الله أخرجکم وأسکنه»[3] .

4ـ وعبدالله بن عبَّاس، في حديث أکثر جمعاً، يردُّ علي نفر ينتقصون

[صفحه 117]

من عليٍّ عليه السلام في أيَّام معاوية، فيقول: أُفٍّ، وتُفٍّ!! وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره!

ثُمَّ ينطلق ابن عبَّاس يذکر نماذج من هذه الفضائل، فيبدأ بحديث راية خيبر، ثُمَّ يقول: ثُمَّ بعث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فلاناً بسورة التوبة، فبعث عليَّاً خلفه فأخذها منه، وقال: «لا يذهب بها الا رجل هو منِّي وأنا منه». ثُمَّ يذکر قول النبيِّ له: «أنت وليِّي في الدنيا والآخرة».. وأنَّ عليَّاً أول من آمن.. وحديث الکساء وآية التطهير.. وحديث مبيت عليٍّ في فراش النبي صلي الله عليه وآله وسلم في الهجرة.. وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: «أما ترضي أن تکون منِّي بمنزلة هارون من موسي الا أنَّه ليس بعدي نبي، إنَّه لا ينبغي أن أذهب الا وأنت خليفتي».. وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: «أنت وليُّ کلِّ مؤمن بعدي ومؤمنة».. وحديث سدِّ الأبواب الا باب عليٍّ، وحديث الغدير: «من کنت مولاه...» الحديث[4] .

ونظائر هذا ممَّا ورد علي ألسنة الصحابة فيه عليه السلام کثير وکثير، نکتفي بهذا القدر منه، لننتقل إلي إفراد بعض خصائصه عليه السلام، ممَّا نزل فيه من القرآن الکريم، وممَّا جاء فيه في الحديث الشريف:



صفحه 115، 116، 117.





  1. المستدرک علي الصحيحين 3: 135 و 4632.
  2. المستدرک 3: 117 و4575.
  3. المستدرک 3: 126 و4601.
  4. مسند أحمد 1: 331، المستدرک 3: 143 و4652.