علي في حجَّة الوداع











علي في حجَّة الوداع[1]



.

خرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من المدينة متوجِّها إلي الحجِّ في السنة العاشرة من الهجرة، لخمس بقين من ذي القعدة، وهي حجَّة الإسلام، وکان ابن عبَّاس يکره أن يقال: حجَّة الوداع، ويقول «حجَّة الإسلام».[2] .

وأذَّن صلي الله عليه وآله وسلم في الناس بالحجِّ، فتجهَّز الناس للخروج مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وحضر المدينة ـ من ضواحيها ومن جوانبها ـ خلق کثير.

وحجَّ عليٌّ عليه السلام من اليمن، حيث قد بعثه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في ثلاثمائة فارس، فأسلم القوم علي يديه.. ولمَّا قارب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مکَّة من طريق المدينة، قاربها أمير المؤمنين عليه السلام من طريق اليمن، فتقدَّم الجيش إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فسرَّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بذلک، وقال له: «بم أهللت يا عليُّ»؟ فقال: «يا رسول الله، إنَّک لم تکتب إليَّ بإهلالک، فعقدت نيتي بنيِّتک، وقلت: اللَّهمَّ اهلالاً کإهلال نبيِّک». فقال صلي الله عليه وآله وسلم: «فأنت شريکي في حجِّي ومناسکي وهديي، فأقم علي إحرامک، وعد علي جيشک وعجِّل بهم إليَّ حتَّي نجتمع بمکَّة».[3] .

[صفحه 104]

ولمَّا أکملوا مناسک الحجِّ، نحر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بيده ستِّين بدنة، وقيل: اربعاً وستِّين، وأعطي عليَّاً عليه السلام سائرها، فنحرها وأخذ من کلِّ ناقةٍ بضعة، فجمعت في قدر واحد فطبخت بالماء والملح، ثُمَّ أکل هو وعلي عليه السلام.[4] .

وخطب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بالناس، وأراهم مناسکهم وعلَّمهم حجَّهم، إلي أن قال:

«لا ترجعوا بعدي کفَّاراً مضلِّين يملک بعضکم رقاب بعض، إنِّي قد خلَّفت فيکم ما إن تمسَّکتم به لن تضلُّوا: کتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ألا هل بلَّغت»؟ قالوا: نعم. قال: «اللَّهمَّ اشهد».

ثمَّ قال: «إنَّکم مسؤولون، فليبلِّغ الشاهد منکم الغائب».[5] ثمَّ ودَّعهم وقفل راجعاً إلي المدينة.



صفحه 104.





  1. انظر: الطبقات الکبري 2: 130، تاريخ اليعقوبي 2: 109، إعلام الوري 1: 259، ارشاد المفيد 1: 170.
  2. الطبقات الکبري 2: 131.
  3. صحيح مسلم 2: 888، ارشاد المفيد1: 171، إعلام الوري1: 259، وانظر: الکامل في التاريخ 2: 170.
  4. تاريخ اليعقوبي 2: 109، إعلام الوري 1: 260، وانظر الطبقات الکبري 2: 135.
  5. صحيح البخاري، کتاب الفتن 9: 90 ح، 26ـ 29، صحيح مسلم 1: 81 ح، 118ـ 120، کتاب الايمان، مسند أحمد 5: 37، 44، 49، 73، سنن الترمذي 4: 486 ح، 2193، سنن أبي داود 4: 221 ح، 4686، تاريخ اليعقوبي 2: 111، ومثله في السيرة الحلبية 3: 336ـ دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت 1980م.