وقعة حنين











وقعة حنين



وکانت هذه الغزوة في شوال سنة ثمان من الهجرة، وحنين وادي بينه وبين مکَّة ثلاث ليال[1] .

وقد بلغ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أنَّ هوازن قد جمعت بحنين جمعاً کبيراً تريد غزو المسلمين وقتالهم، فخرج إليهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في جيش عظيم عدَّتهم اثنا عشر ألفاً، فقال بعضهم: ما نُؤتي من قلَّة، فکره رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم

[صفحه 97]

ذلک من قولهم.

وکان لواء المهاجرين مع عليِّ بن أبي طالب عليه السلام[2] ، ووزَّع بقية الرايات علي قوَّاد الجيش وزعماء القبائل.

ويروي عن جابر بن عبدالله الأنصاري، أنَّه قال: «لمَّا استقبلنا وادي حُنين، انحدرنا في وادٍ أجوف حَطُوطٍ، إنما ننحدر فيه انحداراً في عماية الصبح، وکان القوم قد سبقونا إلي الوادي، فکمنوا لنا في شعابه ومضايقه، قد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطُّون الا والکتائب قد شدَّت علينا شدَّة رجل واحد، فانهزم الناس أجمعون لا يلوي أحد علي أحد.. الا أنَّه قد بقي مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته»[3] .

وعلي أيِّ الأحوال فلقد اتَّفق المؤرِّخون علي أنَّ عليَّاً عليه السلام وأکثر بني هاشم ثبتوا مع الرسول صلي الله عليه وآله وسلم في تلک الأزمة[4] ، وعليُّ بن أبي طالب عليه السلام يذبُّ الناس بسيفه ويفرِّقهم عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم کما کانت أکثر مواقفه في الحروب التي مضت، فلم يستطع أحد أن يدنو من النبيِّ صلي الله عليه وآله وسلم الا جدله بسيفه.

وکان رجل من هوازن علي جمل أحمر بيده راية سوداء أمام الناس، فإذا أدرک رجلاً طعنه، ثُمَّ رفع رايته لمن وراءه فاتَّبعوه، فحمل عليه عليٌّ عليه السلام فقتله[5] ، فکانت الهزيمة، فقال رسول الله للعبَّاس: «صِحْ

[صفحه 98]

للأنصار» وکان صيِّتاً، فنادي: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمُرة، ياأصحاب سورة البقرة! فأقبلوا کأنَّهم الإبل إذا حنَّت علي أولادها، يقولون: يا لبَّيک يا لبَّيک! فحملوا علي المشرکين، فأشرف رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فنظر إلي قتالهم فقال: «الآن حمي الوطيس»! وهو أول من قالها، ثُمَّ قال:


«أنا النبيُّ لا کذبْ
أنا ابن عبدالمطَّلب»[6] .


واقتتل الناس قتالاً شديداً.

وقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم لبغلته دُلدُل: «البِدي دلدل» فوضعت بطنها علي الأرض، فأخذ حفنة من تراب فرمي بها في وجوههم، فکانت الهزيمة[7] وقيل: إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام قد قتل منهم أربعين رجلاً[8] ، واستشهد من المسلمين أيمن ابن أمِّ أيمن، ويزيد بن زَمعَة بن الأسود بن المطَّلب بن عبدالعُزَّي وغيرهما[9] .



صفحه 97، 98.





  1. ابن سعد في طبقاته 2: 114.
  2. طبقات ابن سعد 2: 114.
  3. انظر الکامل في التاريخ 2: 136.
  4. انظر: طبقات ابن سعد 2: 115، ابن الأثير في تاريخه 2: 136، تاريخ اليعقوبي 2: 62، إعلام الوري 1: 368.
  5. ابن الأثير في تاريخه 2: 137.
  6. طبقات ابن سعد 2: 115، الکامل في التاريخ 2: 137.
  7. ابن الأثير في تاريخه 2: 137.
  8. إعلام الوري 1: 387، وروي ذلک المفيد في الارشاد 1: 144.
  9. الکامل في التاريخ 2: 139.