المواخاة بين المهاجرين والأنصار











المواخاة بين المهاجرين والأنصار



من الأعمال التي قام بها رسول الله بعد بناء المسجد الشريف: المؤاخاة ولقد سبق منه صلي الله عليه وآله وسلم أن آخي بين المهاجرين بعضهم ببعض قبل الهجرة،

[صفحه 56]

وآخي بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، هکذا رواه الترمذي والبغوي والحاکم[1] وفي کلِّ مرَّة کان يقول لعليٍّ عليه السلام: «أنت أخي في الدنيا والآخرة». ورواه أحمد في مسنده بنصِّ: «أنت أخي وأنا أخوک»[2] .

ورواه أصحاب السير والتاريخ من أمثال: ابن اسحاق، وابن هشام، وابن سعد، وابن حجر العسقلاني، وابن حبَّان، وابن عبدالبرِّ، وابن الأثير، وابن أبي الحديد، وابن کثير، والسيوطي[3] ، وغيرهم من أصحاب الجوامع[4] .

جاء في سيرة ابن إسحاق، وسيرة ابن هشام: آخي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار فقال: «تآخوا في الله أخوين أخوين» ثُمَّ أخذ بيد

[صفحه 57]

عليِّ بن أبي طالب فقال: «هذا أخي» فکان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سيِّد المرسلين وإمام المتَّقين ورسول ربِّ العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعليُّ ابن أبي طالب رضي الله عنه أخوين[5] .

أمَّا ابن حجر العسقلاني فذکر حديث المؤاخاة بنصِّ: «لمَّا آخي النبي صلي الله عليه وآله وسلم بين أصحابه قال له [لعليِّ بن أبي طالب]: «أنت أخي»[6] .

وعن عباد بن عبدالله، عن عليٍّ عليه السلام قال: «أنا عبدالله وأخو رسوله، وأنا الصدِّيق الأکبر لا يقولها بعدي الا کذَّاب»[7] .

وعندما آخي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بينه وبين عليٍّ عليه السلام، آخي بين حمزة وزيد ابن حارثة، وبين أبي بکر وخارجة الخزرجي، وبين عمر وعتبان بن مالک الخزرجي، وبين أبي عبيدة وسعد بن معاذ، وبين الزبير وعبدالله بن مسعود، وبين عمَّار بن ياسر وحذيفة بن اليمان، وبين طلحة وکعب بن مالک، وبين أبي ذرٍّ والمنذر بن عمر الخزرجي وهکذا.

هذا أول ما عمله رسول الله بالمدينة المنوَّرة «المؤاخاة الخاصة» غير الأخوة العامة التي جعلها الإسلام بين المسلمين إخوّةً في الله عزَّ وجلَّ.

وتهدف قصة المؤاخاة إلي تمتين عُري الروابط بين المسلمين وتأکيدها، واستئصال جذور الجاهلية والتعصُّب، وهي رابطة تقوم علي أساس الإيمان بالله عزَّ وجلَّ وباليوم الآخر ووحدة الهدف والغاية.

[صفحه 58]

قبل ذلک «کان الصراع داخل المدينة متوتراً بين الأوس والخزرج، ولکنَّ الإسلام جعلهم موحَّدين أنصاراً، وبمؤاخاتهم مع المهاجرين تحقَّقت للإسلام أرضية جديدة، کان مقدَّراً لها أن تغيِّر تأريخ المدينة أولاً، وجزيرة العرب فيما بعد ثانياً»[8] .

هنا عند المؤاخاة رفع النبيُّ صلي الله عليه وآله وسلم يد عليٍّ عليه السلام، قائلاً: «عليٌّ أخي».

وتستمر صلات المودَّة والإخاء بين محمَّد وعليٍّ عليه السلام من أجل إنجاح الرسالة الإسلامية، وتوفير قدر أکبر من الضمان لمستقبلها.



صفحه 56، 57، 58.





  1. سنن الترمذي (الجامع الصحيح) 5: 636 و3720، تحقيق أحمد محمَّد شاکر، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، مصابيح السُنَّة، البغوي 4: 173 و4769، تحقيق د. يوسف عبدالرحمن المرعشلي، ومحمَّد سليم سمارة، وجمال حمدي الذهبي، دار المعرفة ط1ـ 1407هـ، المستدرک علي الصحيحين 3: 14.
  2. مسند أحمد 1: 230، دار الفکر بيروت.
  3. سيرة ابن هشام 2: 109، تحقيق طه عبدالرؤوف سعد ـ دار الجيل ـ بيروت 1985م، الطبقات الکبري 3: 16، تهذيب الکمال 13: 301، السيرة النبوية لابن حبَّان: 149، تصحيح الحافظ سيد عزيز بک وجماعة من العلماء ـ مؤسسة الکتب الثقافية ط1 ـ 1407هـ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبدالبر النمري ـ بهامش الإصابة 3: 35، ط1ـ 1328هـ دار إحياء التراث العربي، أُسد الغابة 2: 221، 4: 16، 29، عيون الأثر، لابن سيد الناس: 264ـ 265، مؤسسة عزالدين للطباعة والنشر 1406هـ، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 135، دار الکتب العلمية ـ بيروت 1408هـ.
  4. جامع الأصول، ابن الأثير الجزري 9: 468 و6475، دار إحياء التراث العربي ط4 ـ 1404هـ، تحقيق محمَّد حامد الفقي، مجمع الزوائد للهيثمي 9: 112، دار الکتاب العربي، ط3ـ 1402هـ، الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيتمي: 122، تحقيق عبدالوهاب اللطيف ـ مکتبة القاهرة، ط2ـ 1385هـ ـ 1965م، کنز العمَّال 11 و32879.
  5. سيرة ابن هشام 2: 109، الروض الأُنف، السهيلي 4: 244، تحقيق عبدالرحمن الوکيل، دار إحياء التراث العربي ـ مؤسسة التاريخ ـ بيروت، ط1ـ 1992م، عيون الأثر 1: 265.
  6. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر 2: 507، ترجمة (عليُّ بن أبي طالب).
  7. رواه النسائي في خصائصه 3: 18، والمتَّقي في کنز العمَّال 9: 394، کما رواه السيوطي في تفسير قوله عزَّ وجلَّ: «إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله».
  8. عليٌّ سلطة الحقِّ: 27.