اسماؤه وألقابه











اسماؤه وألقابه



کثيرة أسماؤه وألقابه عليه السلام ومختلف في بعضها بين العلماء، فقال مجاهد: «إنَّ أُمُّه سمَّته عليَّاً عند ولادته.

وقال عطاء: إنَّما سمَّته أُمُّه حيدرة، بدليل قوله يوم خيبر: «أنا الذي سمَّتني أمِّي حيدرة»، فلمَّا علا علي کتفي الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وکسَّر الأصنام سُمِّي عليَّاً من العلو والرفعة والشرف»[1] .

وليس هذا بالمعتمد، فقد عُرف باسم «عليٍّ» منذ الصغر.

وعن ابن عبَّاس: «کانت أُمُّه إذا دخلت علي هُبل لتسجد له وهي حامل به علي بطنها فيتقوَّس فيمنعها من السجود فسُمِّي عليَّاً».[2] ولايصحُّ؛ لأنَّ أُمَّه فاطمة بنت أسد کانت تتعبَّد علي ملَّة إبراهيم الخليل،

[صفحه 24]

کما ذکرنا ذلک سابقاً.

وقال سبط ابن الجوزي: «وقول مجاهد أظهر؛ لأنَّه ثبت المستفيض بهِ، ولايمنعها من تسميته عليَّاً أن تسمِّيه حيدرة، لأنَّ حيدرة اسم من أسامي الأسد لغلظ عنقه وذراعه، وکذلک کان أمير المؤمنين عليه السلام، فيکون عليٌّ اسمه الأصلي، وحيدرة وصفاً له»[3] .

وعنه أيضاً: «وقد سمَّاه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم «ذا القرنين» ذکر ذلک بإسناده المتَّصل إلي سلمة بن الطفيل، عن عليٍّ عليه السلام، قال: «قال لي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إنَّ لک في الجنَّة قصراً، وإنَّک ذو قرنيها»»[4] .

قال: «وهذا حديث أخرجه أحمد بن حنبل في المسند، وأخرجه أحمد أيضاً في کتاب جمع فيه فضائل أمير المؤمنين، ورواه النسائي مسنداً».

وقد عُرف عليه السلام بألقاب کثيرة، جاء کثير منها في حديث النبي صلي الله عليه وآله وسلم منها: «يعسوب المؤمنين» وأصل اليعسوب هو ملک النحل، ومنه قيل للسيِّد: يعسوب، والمؤمنون يتشبَّهون بالنحل؛ لأنَّ النحل تأکل طيباً.

ويلقَّب أيضاً: الولي، والوصي، والتقي، وقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين، وشبيه هارون، وصاحب اللوي، وخاصف النعل، وکاشف الکرب، وأبو الريحانتين، وبيضة البلد، وغيرها کثير[5] .

وکنَّاه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بأبي تراب لمَّا رآه ساجداً معفِّراً وجهه في التراب، فکان ذلک من أحبِّ ألقابه إليه.

[صفحه 25]

وجاء في سبب تسميته ـ کما نقله ابن إسحاق عن عمَّار بن ياسر ـ أنَّه قال: کنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة، فلمَّا نزلها رسول الله وأقام بها، رأينا ناساً من بني مدلج يعملون في عين لهم، فقال لي عليٌّ عليه السلام: «يا أبا اليقظان، هل لک في أن نأتي هؤلاء القوم لننظر کيف يعملون!» قلت: إن شئت، فجئناهم ونظرنا إلي عملهم ساعة ثُمَّ غشينا النوم، فانطلقت أنا وعليٌّ واضطجعنا في صور من النخل علي التراب اللين ونمنا، والله ما أيقظنا الا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يُحرِّکنا برجله، وقد تترَّبنا من تلک البقعة التي نمنا فيها، ففي ذلک اليوم قال الرسول لعليٍّ عليه السلام: «ما لک يا أبا تراب»![6] .

رواه أيضاً ابن جرير الطبري[7] في تاريخه، ثُمَّ ذکر سبباً آخر في هذه التسمية، خلاصته أنَّه قيل لسهل بن سعد الساعدي: إنَّ بعض أمراء المدينة يريد أن يبعث إليک لتسبَّ عليَّ بن أبي طالب علي المنبر، وتقول له: يا أبا تراب، قال: والله ما سمَّاه بذلک الا رسول الله. قلت: وکيف ذاک؟ قال: دخل عليٌّ عليه السلام علي فاطمة الزهراء، ثُمَّ خرج من الدار، وذهب إلي المسجد واضطجع في فيئه، ثُمَّ دخل رسول الله علي فاطمة وسألها عن عليٍّ عليه السلام، فقالت له: «هو ذاک مضطجع في المسجد»، فجاءه رسول الله فوجده وقد سقط رداؤه عن ظهره؛ فقال له: «اجلس أبا تراب» فوالله ما سمَّاه بذلک إلا رسول الله، وکان أحبَّ أسمائه إليه.

[صفحه 26]

وأخرجه أحمد بن حنبل من وجه آخر، قال: حدَّثنا ابن نمير، عن عبدالملک الکندي، عن أبي حازم، قال: جاء رجل إلي سهل بن سعد؛ فقال: هذا فلان يذکر علي بن أبي طالب عند المنبر، فقال: ما يقول؟ قال: يقول: أبو تراب، ويلعن أبا تراب، فغضب سهل وقال: والله ما کنَّاه به الا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وما کان اسم أحبَّ إليه منه.

وقال الزهري: والذي سبَّ عليَّاً في تلک الحالة مروان بن الحکم؛ لأنَّه کان أميراً في المدينة من قبل معاوية، وذکر ذلک الحاکم أبو عبدالله النيسابوري أيضاً[8] .

ولقَّبه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أيضاً بأمير المؤمنين، حتَّي قال فيه: «سلِّموا علي عليٍّ بإمرة المؤمنين»[9] .

ومن ألقابه[10] أيضاً: المرتضي، ونفس الرسول، وأخوه، وزوج البتول، وسيف الله المسلول، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم النار، وصاحب اللواء، وسيِّد العرب، وکشَّاف الکرب، والصدِّيق الأکبر، والهادي، والفاروق، والداعي، والشاهد، وباب المدينة ـ أي مدينة العلم ـ وغرَّة المهاجرين، والکرَّار غير الفرَّار، والفقَّار، وبيضة البلد.

واجتمعت في عليِّ بن أبي طالب خلاصة الصفات التي اشتهرت بها أُسرته الهاشمية من النبل والشجاعة.. وممَّا قاله القائلون عن شجاعته: إنَّه

[صفحه 27]

ما عُرف عن بطل في العالم الا کان مغلوباً حيناً، وغالباً حيناً، الا عليٌّ عليه السلام فهو الغالب أبداً ودائماً، ومن هنا کان العرب يفخرون بأنَّ قريبهم قُتل بسيف عليٍّ، ويجعلون من هذا دليلاً علي أنَّ صاحبهم بارز عليَّاً، وهو الموت الذي لابدَّ منه.

وعُرف أيضاً بالمروءة والعلم والذکاء، وقد کان يقول: «لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً في تفسير فاتحة الکتاب».[11] وهو أعلم أصحاب رسول الله قاطبة بلا منازع، وفي هذا أحاديث کثيرة تشهد له، ووقائع کثيرة تصدّقه.



صفحه 24، 25، 26، 27.





  1. تذکرة الخواص: 3ـ 4.
  2. تذکرة الخواص: 3ـ 4.
  3. تذکرة الخواص: 4.
  4. تذکرة الخواص: 4.
  5. نفس المصدر.
  6. سير اعلام النبلاء 1: 298.
  7. تاريخ الطبري 2: 123 بتصرف.
  8. تذکرة الخواص: 5.
  9. أنظر: ارشاد المفيد 1: 48.
  10. للمزيد أنظر: المناقب، الخوارزمي 40ـ 43 ط مؤسسة النشر الإسلامي.
  11. مناقب ابن شهرآشوب 2: 43، ينابيع المودة، القندوزي: 65.