مقدمة المركز











مقدمة المرکز



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين.. وصلي الله علي سيدنا محمَّد وآله الهداة الميامين الطاهرين..

وبعد:

إن دراسة سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام تعدّ إحدي الرکائز الأساسية في البناء العقائدي والفکري والسلوکي لديننا القويم، ذلک لأنهم عدل القرآن الکريم والامتداد الرسالي لمنهج النبوة، والحارس الأمين للقيم والمفاهيم الإسلامية في وجه التشويه والتحريف والضلال.

إنها سيرة معصومة تکشف عن سلوک القدوة الحسنة بکل تجلياتها، وتربط المرء بالمفاهيم الإسلامية في أصالتها، وتفتح له آفاقاً جديدة في مجالات العلم والعمل والفکر والتربية والسلوک.

ومن هنا فإن الکتابة عنها لا تنتهي، مهما تعددت الدراسات وتنوعت أساليبها، ذلک مما يجده الباحثون من حالة التواصل مع دلالاتها التي تتسع بسعة الحياة وتستغرق کل مفرداتها، وتسير بها باتجاه حرکة التکامل المطلوب علي صعيد الفرد والاُمّة.

وعلي هذه الصفحات نسير في رحلة جميلة مع سيرة وصي النبي وابن عمه وباب مدينة علمه، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، منذ مولده الشريف في الکعبة المعظمة، حتي لقي الله مخضباً بدمه في محراب العبادة بمسجد الکوفة، شهيداً وشاهداً علي الاُمّة بعد سنواتٍ من المحنة والجهاد.

إن سيرته عليه السلام صفحة خالدة من صفحات المجد والسمو، نقرأ فيها عالم المثل العادلة ومبادئ العظمة والاستقامة والخصائص الفريدة، نقرأ سيرة رجل عاش لله، وليس فيه شيء لغيره، يغضب لغضبه، ويرضي لرضاه، ويحب فيه، ويبغض فيه،

[صفحه 6]

أعظم الناس جهاداً في سبيله وأکثرهم معرفة بشريعته وعملاً باحکامها وإحياءً لمعالمها.. فجاءت سيرته تجسيداً لرسالة الإسلام، بل کانت إسلاماً يتحرک علي الأرض.. انه الکتاب الناطق والسنة الحية.

لقد کان علي عليه السلام قمةً في کلّ شيء، ينحدر عنه السيل، ولا يرقي إليه الطير، استغني عن الکل، واحتاج الکل إليه، لکنه عاش في مجتمعٍ عزّ وجود من يفهمه فيه، فکان يقودهم إلي مبادئ الحق ومعارج الکمال، وکانوا يريدونه لدنياهم وشهواتهم ولذاتهم، قال عليه السلام: «ليس أمري وأمرکم واحداً، انني اُريدکم لله، وتريدونني لأنفسکم» وکان يتفجّر علماً لم يجد له حملة، قال عليه السلام: «إن ها هنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة».

ورغم هذا وذاک، فقد أضحي عليٌ عليه السلام مناراً أبدياً وراية خالدة ترفعها البشرية علي اختلاف ألوانها وأديانها، لأنه إمام الإنسانية الذي يقول: «الناس صنفان: أخ لک في الدين، ونظير لک في الخلق».

إن مسؤولية الانتماء إلي علي عليه السلام تدعونا إلي الاجتهاد في طاعة الله والتواصل علي خط العفة والورع والسداد، والاقتداء ببعض جوانب سيرته، ذلک لأن تجسيد شخصيته الموسوعية الهائلة بکل أبعادها أمرٌ دونه خرط القتاد، فهو القائل عليه السلام: «ألا وان لکل مأموم إماماً، يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وان امامکم قد اکتفي من دنياه بطمريه، ومن طُعمه بقرصيه، ألا وأنکم لا تقدرون علي ذلک، ولکن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد».

ومن هنا فإن اصدارنا هذا تکفل بتغطية بعض مفردات تلک السيرة العطرة، باسلوب واضح يتبع المنهج العلمي الدقيق، موثقاً بالمصادر المعتبرة.

ندعو من الله العزيز أن ينفع به الأخوة المؤمنين، وهو تعالي الهادي إلي سواء السبيل.

مرکز الرسالة

[صفحه 7]



صفحه 6، 7.