ما ورد حول نعت النبي
قال أبو جعفر: و حدثنا الحسن بن علي القطان و حديثه أتم من حديث خضر قال حدثنا سفيان بن وکيع بن الجراح قال حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن بن جعفر العجلي قال: حدثني رجل من بن تميم من ولد هالة يکني أبا عبد الله - زوج خديجة - عن أبي هالة: [صفحه 18] عن الحسن بن علي قال: سألت خالي هند بن ابي هالة - و کان وصافا - عن صفة رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: کان رسول الله صلي الله عليه و آله فخما مفخما يتلالا وجهه تلالا القمر ليلة البدر أطول من المربوع و أقصر من المشذب - قال: و المشذب: [الطويل المفرط الطول] - عظيم الهامة رجل الشعر رجل لا جعد[3] إن تفرقت شعر عقيقته فرق[4] و إلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون واسع الجبين أزج الحواجب / 4 / أ / سوابغ[5] في قرن بينهما عرق يدره الغضب أقني العرنين - يعني مرتفع مستو - له نور يعلوه يحسبه [صفحه 19] من لم يتأمله[6] اشم کث اللحية سهل الخدين ضليع الفم اشنب مفلج الاسنان دقيق المسربة کأن عنقه جيد دمية في نقاء الفضة[7] معتدل الخلق بادنا متماسکا سواء البطن و الظهر[8] عريض الصدر بعيد ما بين المنکبين ضخم الکراديس - يعني الاعضاء - أنور المنحرد[9] موصول ما بين اللبة و السرة بشعر [يجري] کالخط عاري الثديين و البطن مما سوي ذلک[10] اشعر الذراعين و المنکبين و أعالي الصدر طويل الزندين رحب الراحة سبط العصب[11] شثن الکفين و القدمين، سائل الاطراف خمصا [ن] الاخمص[12] مسيح القدمين ينبو بينهما الماء[13] إذا زال زال قلعا. يخطو تکفئا و يمشي هونا ذريع المشية إذا مشي کأنما ينحط من صبب و إذا التفت التفت جميعا. خافض الطرف نظره إلي الارض أکثر[14] من نظره إلي السماء جل نظره الملاحظة، يسوق اصحابه[15] يبدر من لقيه بالسلام [صفحه 20] قال / 4 / ب /: قلت: صف لي منطقه قال: کان رسول الله صلي الله عليه و آله متواصل الاحزان ليست له راحة طويل السکت[16] لا يتکلم لغير حاجة يفتتح الکلام و يختمه بأشداقه و يتکلم بجوامع الکلم فصلا لا فصولا و لا تقصيرا دمث ليس بالجافي و لا المهين[17] يعظم النعمة و إن دقت لا يذم منها شيئا أنه لم يکن يذم ذواقا و لا يمدحه[18] . [صفحه 21] لا تغضبه الدنيا و ما کان لها فإذا تعدي الحق لم يقم لغضبه حتي ينتصر[19] و لا يغضب لنفسه و لا ينتصر لها. إذا أشار أشار بکفه کلها و إذا تعجب قلبها و إذا تحدث اتصل بها فيضرب براحته اليمني باطن إبهامه اليسري و إذا غضب أعرض و أشاح و إذا فرح [غض طرفه]. [جل ضحکه التبسم و يفتر عن مثل حب الغمام]. قال الحسن: فکتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألته عنه و وجدته قد سأل اباه عن مدخله و مخرجه و شکله و لم يدع منه شيئا. [صفحه 22] قال الحسين: فسألت ابي عن دخول رسول الله صلي الله عليه / 5 / أ / و آله و سلم فقال: کان دخوله لنفسه [صلي الله عليه و آله] مأذون له في ذلک. و کان إذا أتي إلي منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزأ لله و جزأ لاهله و جزءا لنفسه ثم جزء جزء [5] بينه و بين الناس فرد ذلک بالحياطة علي العامة و لا يدخر عنهم شيئا[20] فکان من سيرته في الامة إيثار أهل الفضل بإذنه و قسمه علي قدر فضلهم في الدين [فمنهم] ذو الحاجة و منهم ذو الحاجتين و منهم ذو الحوائج فتشاغل بهم و بشغلهم فيما يصلحهم و الامة من مسألته عنهم و إخبارهم بالذي ينبغي لهم[21] و يقول: ليبلغ الشاهد [منکم] الغائب و أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها فإنه من ابلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة. لا يذکر عنه إلا ذلک و لا يقبل من أحد غيره. يدخلون [عليه] روادا - أي يرتادون -، و لا يفترقون إلا عن ذواق و يخرجون ادلة - يعني علي الخير - [صفحه 23] قال: فسألته عن مخرجه کيف کان يصنع! فقال: کان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخزن لسانه إلا مما يعنيه و [کان] يؤلفهم و لا يفرقهم / 5 / ب / و يکرم کريم کل قوم و يوليه عليهم و [کان] يحذر الناس و يحترس منهم من أن يطوي علي أحد بشره و لا خلقه. و [کان] يتفقد اصحابه و يسأل الناس عما في الناس[22] [و کان] لکل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق و لا يجاوزه[23] . [و کان] الذين يلونه من الناس خيارهم [و کان] أفضلهم عنده أعمهم نصيحة [للمسلمين] و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة [لهم]. [صفحه 24] قال: فسالته عن مجلسه کيف کان يصنع فيه. فقال: کان رسول الله صلي الله عليه و آله ما يقوم و لا يقعد إلا علي ذکر الله [و کان] لا يوطن الاماکن و ينهي عن إيطانها[24] و إذا انتهي إلي قوم جلس حيث ينتهي به المجلس و يأمر بذلک. يعطي کل جلسائه نصيبه [منه] لا يحسب جليسه أن أحدا أکرم عليه منه. من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتي يکون هو المنصرف. و من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو [ب] ميسور من القول. [و کان] قد وسع الناس منه بسطه و خلقه [و] صار لهم ابا و صاروا عنده في الحق سواء. [صفحه 25] مجلسه مجلس حلم و حياء و صبر / 6 / أ / و أمانة لا ترفع فيه الاصوات و لا تؤبر فيه الحرم و لا يثني فلتاته[25] . خلطاؤه متعادلون متفاضلون فيه بالتقوي متواضعون يوقرون فيه الکبير و يرحمون فيه الصغير و يؤثرون فيه ذا الحاجة و يحفظون [فيه] الغريب. قال: و سألته عن سيرته في جلسائه. فقال: کان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ و لا غليظ و لا صخاب و لا فحاش و لا عياب و لا مداح[26] يتغافل عما لا يشتهي فلا يؤيس [منه] و لا يخيب فيه[27] . [صفحه 26] قد ترک نفسه من ثلاث: المراء و الاکثار و ما لا يعنيه / 6 / أ /. و ترک الناس من ثلاث: کان لا يذم أحدا و لا يعيره و لا يطلب عورته [و] لا يتکلم إلا [فيما] رجا ثوابه إذا تکلم أطرق جلساؤه کأن علي رؤوسهم الطير و إذا سکت تکلموا [و لا يتنازعون] عنده الحديث من تکلم أنصتوا له حتي يفرغ. يضحک مما يضحکون منه و يتعجب مما يتعجبون منه. و [کان] يصبر للغريب علي الجفوة في منطقه و مسألته حتي أن کان اصحابه ليستحلبونهم[28] . [صفحه 27] و [کان] يقول: إذا رأيتم صاحب حاجة يطلبها / 6 / ب / فأرفدوه[29] . و [کان] لا يقبل الثناء إلا من مکافئ[30] و لا يقطع علي أحد حديثه حتي يجوزه بانتهاء أو قيام. قال: فسألته کيف کان سکوت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. قال: کان سکوت رسول الله صلي الله عليه و آله علي أربع: علي الحلم و الحذر و التقدير و التفکر. أما تقديره ففي تسوية النظر و الاستماع بين الناس. و أما تفکره ففيما يبقي و يفني. و جمع له الحلم في الصبر فکان لا يغضبه شيء و لا يستفزه أحد. و جمع [له] الحذر في اربع: أخذه بالحسن ليقتدي به و ترکه للقبيح ليتناهي عنه و إجتهاده الرأي فيما اصلح أمته و القيام فيما جمع لهم الدنيا و الآخرة[31] . [صفحه 29]
1 - قال أبو جعفر محمد بن سليمان الکوفي: حدثنا خضر بن أبان الهاشمي[1] قال: حدثنا أبو غسان مالک بن إسماعيل النهدي[2] قال: حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي.
صفحه 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 29.
حدث عنه ابن الاعرابي و الاصم و إبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم شيخ ابي نعيم الحافظ و تکلم فيه الدارقطني. و ذکره أيضا ابن حجر في ترجمة إبراهيم بن هدبة و وصفه و کناه بأبي القاسم القاص المقرئ کما في لسان الميزان: ج 1، ص 120. و للحديث مصادر کثيرة و قد رواه الزبير بن بکار في الحديث: " 211 " من الجزء " 16 " و ما بعده من کتاب الموفقيات ص 354 ط 1. و رواه ايضا ابن سعد في ترجمة رسول الله صلي الله عليه و آله من کتاب الطبقات الکبري: ج 1، ص 83 و في ط بيروت ص 422. و رواه أيضا البلاذري في الحديث: " 832 " من تاريخ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من کتاب أنساب الاشراف: ج 1، ص 383 ط 1، بمصر. و رواه ايضا الحافظ الطبراني کما رواه عنه و عن غيره الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في الفصل: " 33 " من منتخب کتاب دلائل النبوة ص 554 ط الهند. و قد رواه شيخ الشريعة و حافظ الشيعة محمد بن علي بن الحسين رحمه الله بأسانيد مختلفة في کتاب النبوة و عيون أخبار الرضا عليه السلام و معاني الاخبار و رواه البيهقي بسندين في کتاب دلائل النبوة: ج 1، ص 238 ط 1، بمصر. و رواه الحافظ المزي بأسانيد في ترجمة النبي صلي الله عليه و آله و سلم في أول کتاب تهذيب الکمال: ج 1، ص 214 ط 1. و نحن ايضا رويناه بأسانيد في المختار (23) من کتاب نهج السعادة: ج 1، ص 107 ط 1. و في کتاب الطبقات الکبري: " إن أنفقت عقيصته فرق و إلا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه إذا هو وفر." و قال البلاذري في شرح الحديث: واصل العقيقة: شعر البطن الذي يکون علي المولود ثم کل شعر عقيقة. و هذه الجملة موجودة في کتاب أنساب الاشراف. و في بعض المصادر: " يسبق أصحابه. و في کتاب أنساب الاشراف: " يبدء من لقيه ". و في کتاب الطبقات الکبري: " کان رسول الله صلي الله عليه و سلم متواصلا للاحزان دائم الفکرة ليست له راحة لا يتکلم في حاجة طويل السکت.". و في الطبقات الکبري: " و يتکلم بجوامع الکلم فضل لا فضول و لا تقصير دمثا.". و في أنساب الاشراف: " لا يذم منها شيئا لا يذم دواياه و لا يقبحه [کذا].". و في أنساب الاشرف: " و لا يغضبه الدنيا و ما کان لها فإذا کان الحق لم يعرفه أحد و لم يقم لغضبه شيء." و ما بين المعقوفين قد سقط من أصلي و أخذناه من کتاب الطبقات. و في کتاب أنساب الاشراف: " و إذا غضب أعرض و أشاح و إذا رضي غض بصره و صمت جل ضحکه التبسم يفتر عن مثل حب الغمام صلي الله عليه و سلم ". و العتاد: الاعداد و التهيؤ. و في بعض المصادر: و لا تؤبن فيه الحرم." و هو من قولهم: أبنه بالسوء أبنا: عابه. و ابنه تابينا: عابه في وجهه. و کلمة: " و لا مداح " موجودة في الطبقات الکبري. و في دلائل النبوة - لابي نعيم -: " و لا مزاح ". و الفظ: السيئ الخلق الخشن الکلام. و الصخاب: الکثير الصياح شديد الضجيج. و في المحکي عن کتاب الشمائل و دلائل النبوة للبيهقي: " و لا يؤيس منه راجيه ". و هذا مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام في نعت أکثر الصحابة - کما في المختار: " 203 / أو 208 " من کتاب نهج البلاغة -. حتي أن کانوا ليحبون أن يجئ الاعرابي و الطارئ فيسأله عليه السلام حتي يسمعوا. و الارفاد: الاعانة.