تعداد مناقبه و فضائله علي التفصيل











تعداد مناقبه و فضائله علي التفصيل



و هي کثيرة ينبو عنها الحصر و عظيمة يضيق بها الوصف و يقصر دونها الفکر. کما قال السيد الحميري:


و له مناقب لا ترام و ان يرد
ساع تناول بعضها يتذبذب


و قد الفت في فضائله و مناقبه التي اختص بها و امتاز بها عن سائر الصحابة مؤلفات کثيرة عدي ما اودع في مضامين الکتب التي لا تحصي (منها) کتاب خصائصه للنسائي طبع مرارا. و کتاب خصائصه للحافظ ابي نعيم الاصفهاني. و کتاب خصائصه لأبي عبد الرحمن السکري. و کتاب ما نزل فيه من القرآن للحافظ ابي نعيم الاصفهاني و لسنا نحتاج في اثبات عظمته و علو مقامه و امتيازه عن الخلق عدي رسول الله (ص) و مشارکته له في کثير من صفاته و احواله الي روايات الراوين و مؤلفات المؤلفين. بل يکفينا لذلک القاء نظرة واحدة علي احواله المسلمة المتواترة من انه کيف وتر العرب في حروبه مع النبي (ص) و قتل صناديدها و رؤساءها فاورث ذلک الاضغان و الاحقاد عليه في قلوبها و کان آباء من قتلهم و ابناؤهم و اخوانهم و عشائرهم لا يزالون موجودين و احقادهم لا تزال کامنة و نيرانها في صدورهم مشتعلة و ان دخلوا في الاسلام فجملة منهم دخلوا فيه کرها و خوفا من السيف و من دخل عن عقيدة لم تکن عقيدته لتغير ما في نفسه و طبعه من الغيظ علي قاتل ابيه و اخيه و ابنه و قريبه الا تري الي سيد ولد آدم کيف لم يستطع ان ينظر الي قاتل عمه حمزة فقال له غيب وجهک عني و هو اکمل الخلق و لما رأي أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة و هو مسلم اباه عتبة يجر الي القليب تغير وجهه و لما نهي رسول الله (ص) عن قتل احد من بني هاشم و عن قتل العباس عمه قال أبو حذيفة أ نقتل ابناءنا و اخواننا و عشائرنا و نترک العباس و الله لئن لقيته لالجمنه السيف ثم ما کان من تنويه النبي (ص) بشأنه في مواضع عديدة و اختصاصه به ما زرع بذر الحسد له و غرس العداوة له في قلوب الناس الرجال منهم و النساء سنة الله في خلقه و لن تجد لسنة الله تبديلا حتي قالت اخت علي بن عدي من بني عبد شمس لما سار علي (ع) الي البصرة:


لا هم فاعقر بعلي جمله
و لا تبارک في بعير حمله


الا علي بن عدي ليس له

و قد اوضحنا ذلک في الجزء الاول في المقدمات و يدل عليه ايضا ما رواه الکليني في الکافي بسنده عن الباقر (ع) قال لما قبض رسول الله (ص) بات آل محمد باطول ليلة حتي ظنوا ان لا سماء تظلهم و لا ارض تقلهم لان رسول الله (ص) وتر الاقربين و الابعدين في الله و تلا ذلک ما کان في دولة بني امية نحوا من ثمانين سنة او اکثر من اظهار بغضه و عداوته و لعنه علي المنابر و الاجتهاد في کتمان فضائله و منع احد ان يسمي باسمه او يکني بکنيته. روي ابو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء بسنده قال کان علي بن عبد الله بن العباس يکني ابا الحسن فلما قدم علي عبد الملک قال له غير اسمک و کنيتک فلا صبر لي علي اسمک و کنيتک فقال اما الاسم فلا و اما الکنية فاکتني بابي محمد فغير کنيته و منعوا احدا ان يحدث عنه حتي کان من يحدث عنه لا يذکره باسمه قال المفيد في الارشاد و فيما انتهي اليه الامر من دفن فضائل امير المؤمنين عليه السلام و الحيلولة بين العلماء و نشرها ما لا شبهة فيه علي عاقل حتي کان الرجل اذا اراد ان يروي عن امير المؤمنين (ع) رواية لم يستطع ان يصفها بذکر اسمه و نسبه و تدعوه الضرورة الي ان يقول حدثني رجل من اصحاب رسول الله «ص» او يقول حدثني رجل من قريش و منهم من يقول حدثني ابو زينب «ا ه».

فتقرب اليهم الناس ببغضه و رووا لهم الاحاديث في ذمه و غمط فضله. و ما کان في دولة بني العباس من قصد اخمال ذکره و اخفاء فضله و اخماد نوره خوفا من ذريته علي الملک. و اخافة کل من ينتسب اليه کما وقع في عهد المنصور و الرشيد و المتوکل و غيرهم الا شاذا کالمأمون و غيره و الناس الا ما ندر اتباع السلطة و السلطان و عبيد الدنيا و الدينار و استمر ذلک في الدول الاسلامية و في المسلمين الي يومنا هذا بما أسسه المؤسسون في غابر الازمان و سطره علماء السوء في کتبهم و توالت عليه القرون و الاحقاب فنري کثيرا من الناس لا يستطيع ان يسمع له فضيلة او منقبة و نري جملة من المسلمين عمدوا الي خير کتاب جمع کلامه (نهج البلاغة) و أعظم مفخرة للاسلام فأنکروه و ادعوا انه من وضع الرضي حتي نسب الحافظ الذهبي کلامه الي الرکة و مع کل هذا و ذاک و جميع ما هناک فقد انتشر من مناقبه و فضائله و مآثره و جليل صفاته و افعاله ما تواتر نقله و استفاض و ملأ الدفاتر و الاسفار و انتشر في جميع الاقطار و الاعصار و لم يجد محاول انکاره سبيلا الي الانکار حتي قال الامام احمد بن حنبل کما سيأتي ما جاء لاحد من اصحاب رسول الله «ص» من الفضائل ما جاء لعلي بن ابي طالب و هذا يکاد يلحق بالمعجزات و الآيات الباهرات و العادة جارية بأن من کانت هذه حاله يخمل ذکره و يخفي امره و لا يذکره ذاکر بخير. قال المفيد في الارشاد: و من آياته و بيناته التي انفرد بها ظهور مناقبه في الخاصة و العامة و تسخير الجمهور لنقل فضائله و ما خصه الله به و تسليم العدو من ذلک بما فيه الحجة هذا مع کثرة المنحرفين عنه و الاعداء له و توفير اسباب دواعيهم الي کتمان فضله و جحد حقه و کون الدنيا في يد خصومه و انحرافها عن اوليائه و ما اتفق لاضداده من سلطان الدنيا و حمل الجمهور علي اطفاء نوره و دحض امره فخرق الله العادة بنشر فضائله و ظهور مناقبه و تسخير الکل للاعتراف بذلک و الاقرار بصحته و اندحاض ما احتال به اعداؤه في کتمان مناقبه و جحد حقوقه حتي تمت الحجة له و ظهر البرهان بحقه و لما کانت العادة جارية بخلاف ما ذکرناه فيمن اتفق له من اسباب خمول امره ما اتفق لامير المؤمنين «ع» فانخرقت العادة فيه دل ذلک علي بينونته من الکافة بباهر الآية علي ما وصفناه قال و قد شاع الخبر و استفاض عن الشعبي انه کان يقول لقد کنت اسمع خطباء بني امية يسبون امير المؤمنين علي بن ابي طالب علي منابرهم و کأنما يشال بضبعه الي السماء و کنت أسمعهم يمدحون اسلافهم علي منابرهم و کأنهم يکشفون عن جيفة و قال الوليد بن عبد الملک لبنيه يوما يا بني عليکم بالدين فاني لم أر الدين بني شيئا فهدمته الدنيا و رأيت الدنيا قد بنت بنيانا فهدمه الدين ما زلت اسمع اصحابنا و اهلنا يسبون علي بن ابي طالب و يدفنون فضائله و يحملون الناس علي شنآنه فلا يزيده ذلک من القلوب الا قربا و يجهدون في تقريبهم من نفوس الخلق فلا يزيدهم ذلک من القلوب الا بعدا قال: و کانت الولاة الجورة تضرب بالسياط من ذکره بخير بل تضرب الرقاب علي ذلک و تعرض للناس بالبراءة منه و العادة جارية فيمن اتفق له ذلک ان لا يذکر علي وجه الارض بخير فضلا عن ان تذکر له فضائل او تروي له مناقب او تثبت له حجة بحق «ا ه». و قال المفيد في الارشاد: فاما مناقبه الغنية لشهرتها و تواتر النقل بها و اجماع العلماء عليها عن ايراد اسانيد الاخبار بها فهي کثيرة يطول بشرحها الکتاب و في رسمنا منها طرفا فيه کفاية عن ايراد جميعها في الغرض الذي وضعنا له هذا الکتاب «انش».

و في اسد الغابة: روي يزيد بن هرون عن فطر عن ابي الطفيل قال بعض اصحاب النبي «ص» لقد کان لعلي من السوابق ما لو ان سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيرا. و فيه بسنده عن المدائني: لما دخل علي بن ابي طالب الکوفة دخل عليه رجل من حکماء العرب فقال و الله يا امير المؤمنين لقد زنت الخلافة و ما زانتک و رفعتها و ما رفعتک و هي کانت أحوج اليک منک اليها. قال ابن ابي الحديد في شرح النهج اما فضائله عليه السلام فانها قد بلغت من العظم و الجلال و الانتشار و الاشتهار مبلغا يسمج معه التعرض لذکرها و التصدي لتفصيلها فصارت کما قال ابو العيناء لعبيد الله بن يحيي بن خاقان وزير المتوکل و المعتمد رأيتني فيما أتعاطي من وصف فضلک کالمخبر عن ضوء النهار الباهر و القمر الزاهر الذي لا يخفي علي الناظر فأيقنت اني حيث انتهي بي القول منسوب الي العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن الثناء عليک الي الدعاء لک و وکلت الاخبار عنک الي علم الناس بک. و ما اقول في رجل أقر له اعداؤه و خصومه بالفضل و لم يمکنهم جحد مناقبه و لا کتمان فضائله فقد علمت انه استولي بنو امية علي سلطان الاسلام في شرق الارض و غربها و اجتهدوا بکل حيلة في اطفاء ذکره و التجديف عليه و وضع المعائب و المثالب له و لعنوه علي جميع المنابر و توعدوا مادحيه بل حبسوهم و قتلوهم و منعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة او يرفع له ذکرا حتي حظروا ان يسمي احد باسمه فما زاده ذلک الا رفعه و سموا و کان کالمسک کلما ستر انتشر عرفه و کلما کتم تضوع نشره و کالشمس لا تستر بالراح و کضوء النهار ان حجبت عنه عين واحدة ادرکته عيون کثيرة اخري. و ما اقول في رجل تعزي اليه کل فضيلة و تنتهي اليه کل فرقة و تتجاذبه کل طائفة فهو رئيس الفضائل و ينبوعها و ابو عذرها و سابق مضمارها و مجلي حلبتها کل من برع فيها بعده فمنه اخذ و له اقتفي و علي مثاله احتذي «ا ه» ثم قال و ما اقول في رجل تحبه اهل الذمة علي تکذيبهم بالنبوة و تعظمه الفلاسفة علي معاندتهم لاهل الملة و ما اقول في رجل احب کل احد ان يتکثر به و ود کل احد ان يتجمل به و يتحسن بالانتساب اليه حتي الفتوة التي احسن ما قيل في حدها ان لا تستحسن من نفسک ما تستقبحه من غيرک فان اربابها نسبوا انفسهم اليه و صنفوا في ذلک کتاب و جعلوا لذلک اسنادا انهوه اليه و قصروه عليه و سموه سيد الفتيان و عضدوا مذهبهم بالبيت المروي انه سمع من السماء يوم أحد


لا سيف الا ذو الفقار
و لا فتي الا علي


«ا ه» و تتبع الحافظ ابو عبد الرحمن احمد بن شعيب النسائي المتوفي سنة 303 خصائصه و جمعها في کتاب. و قال ابو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين: فضائله عليه السلام اکثر من ان تحصي فأمير المؤمنين عليه السلام باجماع المخالف و الممالي و المضاد و الموالي علي ما لا يمکن غمطه و لا ينساغ ستره من فضائله المشهورة في العامة المکتوبة عند الخاصة تغني عن تفصيله بقول و الاستشهاد عليه برواية. و قال ابن عبد البر المالکي عالم الاندلس و محدثها في الاستيعاب: فضائله لا يحيط بها کتاب و قد اکثر الناس من جمعها فرأيت الاقتصار منها علي النکت التي تحسن المذاکرة بها و تدل علي ما سواها من اخلاقه و احواله و سيرته و قال ايضا قد کان بنو امية ينالون منه و ينتقصونه فما زاده الله بذلک الا سموا و علوا و محبة عند العلماء الي ان قال: قال احمد بن حنبل و اسماعيل بن اسحاق القاضي: لم يرو في فضائل احد من الصحابة بالاحاديث الحسان ما روي في فضائل علي بن ابي طالب و کذلک احمد بن شعيب ابن علي النسائي «ا ه» و روي الحاکم في المستدرک قال سمعت القاضي ابا الحسن علي بن الحسن الجراحي و ابا الحسن محمد بن المظفر الحافظ يقولان سمعنا ابا حامد محمد بن هرون الحضرمي يقول سمعت محمد بن منصور الطوسي يقول سمعت احمد بن حنبل يقول ما جاء لاحد من اصحاب رسول الله «ص» من الفضائل ما جاء لعلي بن ابي طالب و لم يتعقبه الذهبي في تلخيص المستدرک بشي ء و في الکامل لابن الاثير: قال احمد بن حنبل ما جاء لاحد من اصحاب النبي «ص» ما جاء لعلي. و في الاصابة مناقبه کثيرة حتي قال الامام احمد لم ينقل لاحد من الصحابة ما نقل لعلي قال و قال غيره: کان سبب ذلک بغض بني امية له فکان کل من کان عنده علم من شي ء من مناقبه من الصحابة يثبته و کلما ارادوا اخماده و هددوا من حدث بمناقبه لا تزداد الا انتشارا ثم قال و تتبع النسائي ما خص به من دون الصحابة فجمع من ذلک شيئا کثيرا بأسانيد اکثرها جياد «ا ه» (اقول) بل السبب في ذلک کثرة مناقبه التي لم يستطع اعداؤه اخفاءها و کرامة من الله تعالي خصه بها و لله تعالي فيه من خوارق العادات شي ء کثير هذا احدها و الي ذلک اشار من قال: ما اقول في رجل اخفي اولياؤه فضائله خوفا و اعداؤه حسدا و ظهر من بين ذين ما ملأ الخافقين و روي ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده عن عامر بن عبد الله بن الزبير انه سمع ابنا له ينتقص عليا فقال يا بني اياک و العودة الي ذلک فان بني مروان شتموه ستين سنة فلم يزده الله بذلک الا رفعة و ان الدين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا و ان الدنيا لم تبن شيئا الا عادت علي ما بنته فهدمته «ا ه» و حکي ابن ابي الحديد عن شيخه ابي جعفر الاسکافي. ما يدل علي ان اشتهار فضائله و انتشارها کان قبل ظهور دولة بني امية و ان في زمان بني امية لم يجسر احد علي رواية خبر عنه فضلا عن ان يروي له فضيلة و هذا مما يبطل ما زعمه هذا البعض في سبب انتشار فضائله قال ابو جعفر: قد صح ان بني امية منعوا من اظهار فضائل علي و عاقبوا ذاکر ذلک و الراوي له حتي ان الرجل اذا روي عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر علي ذکر اسمه فيقول عن ابي زينب قال فالاحاديث الواردة في فضله لو لم تکن في الشهرة و الاستفاضة و کثرة النقلة الي غاية بعيدة لانقطع نقلها للخوف و التقية من بني مروان مع طول المدة و شدة العداوة و لو لا ان لله تعالي في هذا الرجل سرا يعلمه من يعلمه لم يرو في فضله حديث و لا عرفت له منقبة «ا ه» فهذا هو السبب في انتشار فضائله لا ما ذکره هذا البعض. کيف و کثير من الصحابة کانوا منحرفين عنه فسعد و ابن عمر لم يبايعاه بعد قتل عثمان و بايع الثاني يزيد بن معاوية بعد ذلک و غيرهما من الصحابة لم يبايعه کمحمد ابن مسلمة و اسامة بن زيد و غيرهما فلم يجبرهم و اعتزلوا فقال هؤلاء قوم خذلوا الحق و لم ينصروا الباطل و اهل الجمل نکثوا بيعته و هم من الصحابة و عداوة ابن الزبير له معلومة و لما روت ام المؤمنين حديث خروج النبي «ص» في مرضه قالت متوکأ علي الفضل و رجل آخر و کان الآخر عليا فلم يسعها التصريح باسمه و قولها و سجودها لما جاءها نعيه مشهور و في کشف الغمة عن يونس بن جيب النحوي قال قلت للخليل بن احمد اريد ان اسألک عن مسألة فتکتمها علي فقال قولک يدل علي ان الجواب أغلظ من السؤال فتکتمه انت ايضا قلت نعم ايام حياتک قال سل: قلت ما بال اصحاب رسول الله «ص» و رحمهم کأنهم کلهم بنو أم واحدة و علي بن ابي طالب من بينهم کأنه ابن علة[1] فقال ان عليا تقدمهم اسلاما وفاقهم علما و بذهم شرفا و رجحهم زهدا و طالهم جهادا و الناس الي اشکالهم و اشباههم أميل منهم الي من بان منهم «ا ه» و روي الصدوق في الامالي و علل الشرائع بسنده عن ابن دريد عن الرياشي عن ابي زيد النحوي سعيد بن اوس الانصاري قال سألت الخليل بن احمد العروضي لم هجر الناس عليا و قرباه من رسول الله «ص» قرباه و موضعه من المسلمين موضعه و غناؤه في الاسلام غناؤه فقال بهر و الله نوره انوارهم و غلبهم علي صفو کل منهم و الناس الي اشکالهم اميل أ ما سمعت الاول حيث يقول:


کل شکل لشکله الف
ا ما تري الفيل يألف الفيلا


قال و انشدنا الرياشي في معناه للعباس بن الاحنف:


و قائل کيف تهاجرتما
فقلت قولا فيه انصاف


لم يک من شکلي فهاجرته
و الناس اشکال و الاف


و قال ابن شهر شوب في المناقب: قيل لمسلمة بن نميل ما لعلي رفضه العامة و له في کل خير ضرس قاطع فقال لان ضوء عيونهم قصير عن نوره و الناس الي اشکالهم اميل. و قال الشعبي ما ندري ما نصنع بعلي بن ابي طالب ان احببناه افتقرنا (اي لمعاداة الناس لنا) و ان ابغضناه کفرنا و روي ان عليا (ع) ناشد الناس في الرحبة ايکم سمع رسول الله (ص) يقول من کنت مولاه فعلي مولاه فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا و انس بن مالک حاضر لم يقم فقال له ما يمنعک ان تقوم فقال کبرت و نسيت فقال اللهم ان کان کاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة فبرص قال طلحة بن عمير فو الله لقد رأيت الوضح به بعد ذلک ابيض بين عينيه و کان يقول هذا من دعوة العبد الصالح قال ابن ابي الحديد و روي ابو اسرائيل عن الحکم عن ابي سليمان المؤذن ان عليا نشد الناس من سمع رسول الله (ص) يقول من کنت مولاه فعلي مولاه فشهد له قوم و امسک زيد بن ارقم فلم يشهد و کان يعلمها فدعا عليه بذهاب بصره فعمي فکان يحدث الناس بهذا الحديث بعد ما کف بصره. و حال حسان ابن ثابت معه واضحة حتي رماه بقتل عثمان في ابياته المشهورة. و حال ابي موسي الاشعري و تخذيله عنه الناس بالکوفة يوم الجمل و هو عامله و خلعه له من الخلافة يوم الحکمين غير خفية. و أمر معاوية و عمرو بن العاص معه و هما من الصحابة معلوم و جملة من الصحابة کانوا منحازين الي بني امية يمالؤنهم و يداهنونهم و ينالون من دنياهم و يلون لهم الاعمال کالنعمان بن بشير و ابي هريرة و المغيرة بن شعبة و امثالهم و جملة منهم اخذوا الاموال الطائلة و ولوا الولايات الجليلة ليرووا لبني امية في ذمه ما شاؤوا مثل ان آية (و من الناس من يعجبک قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله علي ما في قلبه و هو الد الخصام و اذا تولي سعي في الارض ليفسد فيها و يهلک الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد) نزلت في علي بن ابي طالب. حکي ابن ابي الحديد عن شيخه ابي جعفر الاسکافي انه قال ان معاوية بذل لسمرة بن جندب (و هو صحابي) مائة الف درهم حتي يروي ان هذه الآية نزلت في علي و ان الآية الثانية نزلت في ابن ملجم (و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) فلم يقبل فبذل له اربعمائة الف درهم فقبل و روي ذلک و ليرووا لهم انه غلظ رسول الله (ص) بخطبته بنت ابي جهل حتي قام في ذلک خطيبا و حتي نظم ذلک مروان بن ابي حفصة في قصيدته اللامية متقربا به الي العباسيين فقال:


و غاظ رسول الله اذ غاظ بنته
بخطبته بنت اللعين ابي جهل


و حکي ابن ابي الحديد في شرح النهج عن شيخه ابي جعفر الاسکافي ان ابا هريرة روي ذلک و ان الحديث مشهور من رواية الکرابيسي ثم قال ابن ابي الحديد ان الحديث مخرج ايضا من صحيحي مسلم و البخاري عن المسور بن مخرمة الزهري «ا ه» و لم يتفطن من افتعل هذا الحديث الي انه يؤول الي القدح في الرسول (ص) و العياذ بالله فانه ليس له ان يغضب مما احله الله و اباحه. قال ابو جعفر الاسکافي: و کان ابو مسعود الانصاري منحرفا عن علي و استشهد لذلک بعدة روايات و استقصاء ذلک يطول به الکلام و لم يکن لکثير منهم الحرص علي اثبات مناقبه و اظهارها الا نفر يسير استولي عليهم الخوف و الاضطهاد و في اي زمان کان يجسر احد علي ذکر فضائله أ في زمن بني امية الذين منعوا ان يسمي احد باسمه او يکني بکنيته و منعوا من ذکره و الرواية عنه و جعلوا سبه علي المنابر في الاعياد و الجمعات کفرض الصلاة ثمانين سنة او اکثر و کان الناس يتقربون اليهم بذمه و اخفي قبره بعد موته خوفا منهم ام في زمان بني العباس و حالهم مع ذريته و شيعته معلومة حتي بنوا عليهم الحيطان و قتلوهم و شردوهم عن الاوطان و القوهم في المطامير و کانت الناس تتقرب اليهم بتقديم غيره بل بذمه و حال المتوکل في ذلک و قصته مع ابنه المستنصر مشهورة و قصيدة مروان ابن ابي حفصة اللامية التي يذمه و ينتقصه فيها تقربا الي بني العباس اشهر من قفا نبک و قصة النسائي المحدث المشهور مع اهل الشام حين سألوه ايهما افضل معوية ام علي فقال اما يرضي معاوية رأسا برأس و حين سألوه ما تروي في فضل معاوية فاجابهم بما أجابهم فرضوا خصيتيه حتي مات مشهورة و لم يزل هذا الداء المزمن ساريا الي يومنا هذا حتي ان الباعث لهذا البعض الذي ذکره ابن حجر علي ذکر هذا السبب هو من هذا البحر و علي هذه القافية فانه عظم عليه ان يکون علي بن ابي طالب ورد في فضله ما لم يرد لاحد من الصحابة فاراد مسخ هذه المنقبة و توهينها بان ذلک ليس لزيادة فضله عليهم کيف و هو متأخر بزعمه في الفضل عن جملة منهم بل لما ذکره من العلة و هذه عادتهم و شنشنتهم الا خزمية في کل منقبة تنسب الي علي و اهل بيته لا من عصمة الله و نحن نذکر طرفا مقنعا من فضائله و مناقبه من دون استقصاء فان ذلک يحتاج الي عدة مجلدات و هي علي انواع.









  1. ابن العلة بفتح العين و تشديد اللام هو الاخ لام وحدها اي الاخ من الاب دون الام و ابناء العلات الاخوة لامهات شتي و ابوهم واحد و العلة مأخوذة من العل و هو الشرب الثاني و الشرب الاول يسمي النهل فکأن اباه عل منها بعد ان نهل من غيرها قال الشاعر:


    أفي الولائم اولاد لواحدة
    و في الوقائع اولاد لعلات


    المؤلف.