قصيدة الشاعر المصري الشيخ محمد بن عبد المطلب











قصيدة الشاعر المصري الشيخ محمد بن عبد المطلب



المتوفي سنة 1350


أبا السبطين کيف تفي المعاني
نثارا في مديحک او نظاما


مقام دونه نجب القوافي
و ان کانت مسمومة کراما


فحسبک يا اخا الشعراء عذرا
رميت بها مکانا لن يراما


و ما ادراک ويحک ما علي
فتکشف عن مناقبه اللثاما


و من هو کلما ذکرت قريش
أناف علي غواربها سناما


تبصر هل تري الا عليا
اذا ذکر الهدي ذاک الغلاما


غلام يبتغي الاسلام دينا
و لما يعد ان بلغ الفطاما


اذ الروح الامين بقم فانذر
أتي طه لينذرهم فقاما


و امتهم الي الاسلام ام
غدت بالسبق أو فرهم سهاما


و صلي حيدر فشأي قريشا
الي الحسني فسموه الاماما


کأني بالثلاثة في المصلي
جميعا عند ربهم قياما


تحييهم ملائکة کرام
و تقرئهم عن الله السلاما


و ما اعتنق الحنيف بغير رأي
و لم يسلک محجته اقتحاما


و لکن النبوة امهلته
ليجمع رأيه يوما تماما


فاقبل و الحجي يرخي عليه
جلالا يصغر الشيخ الهماما


يمد الي النبي يد ابن عم
بحبل الله يعتصم اعتصاما


و اذ يدعو العشيرة يوم جمع
لينذر في رسالته الاناما


فکهل في جهالته تولي
و شيخ في ضلالته تعامي


و هذا يوسع المختار لوما
و ذلک عن ملامته تحامي


و آخر لا يبين له جوابا
أطاع الصمت و اجتنب الکلاما


و أيده علي التقوي أخوه
اذا ما خاف کل أخ و خاما


و لجت في عمايتها قريش
تصارحه العداوة و الخصاما


و جاشت بين اضلعها قلوب
علي الاسلام تلتهب احتداما


فما فعل الفتي و الشر تغلي
مراجله و تهتزم اهتزاما


مضي کالسيف لم يعقد ازارا
علي ريب و لم يشدد حزاما


يروح علي مجامعهم و يغدو
کشبل الليث يعترم اعتراما


صغير السن يخطر في اباء
فلا ضيما يخاف و لا ملاما


و ما زالت به الايام ترقي
علي درج النهي عاما فعاما


و قد جمع الحجي و الدين فيه
خلائق تجمع الخير اقتساما


فما اوفي علي العشرين حتي
شهدنا من عظائمه عظاما


فلن ينسي النبي له صنيعا
عشية و دع البيت الحراما


عشية سامه في الله نفسا
لغير الله تکبر ان تساما


فأرخصها فدي لاخيه لما
تسجي في حظيرته و ناما


و اقبلت الصوارم و المنايا
لحرب الله تنتحم انتحاما


فلم يأبه لها انفا علي
و لم تقلق بجفنيه مناما


و اغشي الله أعينهم فراحت
و لم تر ذلک البدر التماما


و غادرت البطاح به رکاب
الي الزوراء تعتزم اعتزاما


و في ام القري خلي اخاه
علي وجد به يشکو الاواما


أقام بها ليقضيها حقوقا
علي الهادي بها کانت لزاما


فان يک عهده فيها و بالا
علي الطاغوت أوداءا عقاما


فکم طابت به للحق نفس
بطيبة حين أوطنها مقاما


و کم شهدت له الزوراء يوما
و کم حمد الحنيف له مقاما


سل الرايات کم شهدت عتيا
يصرف تحتها الجيش اللهاما


کأني بابن عتبة يوم بدر
يعاني تحت مجثمه جثاما


و لو علم الوليد بمن سيلقي
لألقي قبل مصرعه السلاما


رويد بني ربيعة قد ظلمتم
بني الأعمام و الرحم الحراما


وصلناکم بها و قطعتموها
فکان الحزم أن تردوا الحماما


فهل ينسون للفرقان يوما
سقاهم من صوارمنا سماما


و ما صهر النبي اذا تنادوا
کمن يدعو ربيعة او هشاما


و من غدت البتول اليه تهدي
بني في النجم بيتا لا يسامي


بامر الله قد زفت اليه
عشية راح يخطبها و ساما


کأني بالملائک اذ تدلت
بذاک البيت تزدحم ازدحاما


فلو کشف الحجاب رأيت فيه
جنود الله تنتظم انتظاما


اطافوا بالحظيرة في جلال
صفوفا حول فاطمة قياما


تفيض علي منصتها وقارا
و تکسو حسن طلعتها و ساما


فلا يحزن خديجة ان تولت
و لم تبلغ بجلوتها مراما


تولاها الذي ولي أباها
رسالته و زوجها الاماما


قران زاده الاسلام يمنا
و شمل زاده الحب التئاما


فان تک خير من عقدت ازارا
و أکرم کل من ارخت لثاما


فما شغلته عن خوض المنايا
اذا التطمت زواخرها التطاما


فان تسأل فسائل عنه احدا
غداة هناک طير الموت حاما


و جاءت في زمامها قريش
يهزون المثقف و الهذاما


فقطر کبشها و هوي صريعا
علي الدقعاء يلتهم الرغاما


هوي من تحت رايتهم فخرت
بام الارض ترتطم ارتطاما


فويح المسلمين هناک ولوا
فرارا لا اسميه انهزاما


و خلوا ثم احمد في وغاها
بجند الکفر يصطدم اصطداما


فأرجف بالنبي هناک قوم
فعاذوا حول موقفة حياما


و حطم غمد صارمه علي
و ذب عن النبي بها و حامي


و اقبل نحوهم و هوي اليهم
هوي الباز يعتبط الحماما


فطاروا عن مواقفهم شعاعا
و طاحوا في مصارعهم حطاما


فذاک و لو تري اذ جاب قوم
علي الاسلام خندقه اقتحاما


و اقبل في لباس البأس عمرو
يزيد علي مخيلته عراما


فجال منازلا و دعا مدلا
فعم الهول حين دعا و غاما


نزال بني الهدي هل من کمي
يسوم الخلد بالنفس استياما


هنالک بادر الکرار لما
غدوا و الرعب قد منع الکلاما


اذا ما هم اقعده أخوه
و زاد الي اللقاء جوي فقاما


مکانک يا علي فذاک عمرو
له الابطال يوم وغي تحامي


فقال و ان يکن عمرا فأني
علي سوف ألجمه الحساما


فلم يک غير ان اودي ابن ود
و خاض السيف في دمه و عاما


و عاد الي النبي يفيض بأسا
و يزخر في حميته جماما


و راح الکفر يرجف جانباه
و امسي عضب عزته کهاما


و سائل يوم خيبر عن علي
تجد فيها مآثره جساما


اذ الرايات في جهد عليها
تعاصي الفتح و الهرب استداما


فاقبل بالعقاب علي خميس
يهرول مسرعا يمضي اماما


فشد علي مناکبها وثاقا
و لف علي معاطسها خطاما


و لم تغن الحصون و لا الصياصي
و ان قام الحديد لها دعاما


و اقبل مرحب في البأس يحبو
و کان البأس صاحبه لزاما


و ما علم الفتي ان المنايا
خططن بذي الفقار له مناما


و ان له من الکرار يوما
عبوسا مدينا منه الحماما


ضفا حلق الحديد عليه مثني
و ظاهر فوق بيضته الرخاما


فشد علي الامام بذي شطوب
تضمن حده موتا زؤاما


فزال مجنه فاذا رتاج
هناک تخاله جبلا تسامي


فسل يسراه کيف تلقفته
و قد اعيا تحمله فئاما[1] .


علاه بضربة لو ان رضوي
تلقاها لعاد بها هياما[2] .


فلم يعصمه من حين رخام
و لم يجد الحديد له عصاما


و عادت خيبر لله فيئا
يقسم في کتائبه اقتساما


فدع عنک المواطن و المغازي
و من سل الظبا فيها و شاما


و من اجري عتاق الخيل قبا
فأوطأها من الاعداء هاما


يخوض بها المواطن معلمات
و نصر الله کان لها علاما


فما وجدت کحيدرة اماما
يصيد الصيد فذا او تواما


و سل اهل السلام تجد عليا
امام الناس يبتدر السلاما


حوي علم النبوة في فؤاد
طما بالعلم زخارا فطاما[3] .


سقاه الحق افواق المعاني
و هيمه بها حبا فهاما


رمي في عالم الانوار سبحا
الي سوح الجلال به ترامي


و نفسا لم تذق طعم الدنايا
و لا لذت من الدنيا طعاما


غذاها الدين مذ کانت فشبت
علي التقوي رضاعا و انفطاما


و نشأها علي کرم وايد
و صاغ من الجلال لها قواما


زکت فسمت عن الدنيا طلابا
و اضني حبها قوما و تاما[4] .


طوي عنها علي الضراء کشحا
و عن فاني زخارفها تسامي


و وجها فاض نور الله فيه
فالبسه المهابة و القساما[5] .


يروع الليث منظره عبوسا
و يخجل ضاحک الغيث ابتساما


تري فيه مخايل خندفي[6] .
بسيما الحق يزدان اتساما


و فيض يد من الوسمي اندي
اذا الحي اشتکي سنة ازاما


علي حب الطعام يصد عنه
ليطعمه الارامل و اليتامي


سل القرآن او جبريل تعلم
مکارم لن تبيد و لن تراما


من الابرار يغتبقون کأسا
من الرضوان مترعة و جاما


علي و البتول و کوکباه
ضياء الارض ان افق اغاما


ثناء في الکتاب له عبير
تقصر عنه ارواح الخزامي


و کم اجري علي المحراب دمعا
لخوف الله ينسجم انسجاما


اذا ما قام في المحراب قامت
له زمر الملائکة احتشاما


صلاة الليل يجعلها سحورا
اذا ما في الغداة نوي الصياما


تري صبر القنوع له غذاء
جري دمع الخشوع له إداما


رأينا في الکهولة منه شيخا
حوي الجد اشتمالا و اعتماما


فما للدهر لم يعرف حقوقا
له شيخا و لم ينکر ظلاما


سجا ليل الحوادث بعد طه
فعم الدين و الدنيا ظلاما


و حلت بالخلافة مرزئات
طواحن تحتشي الناس التهاما


رمت بالمسلمين الي شتات
و أمسي حبل وحدتهم رماما


فمنهم من أقام بکسر بيت
و أخلد للسکينة فاستناما


و طائفة علي الحق استقرت
فکانت بين إخوتها قواما


تبايع و هي راضية عليا
و ترعي في خلافته الذماما


و أخري أوضعت في الخلف تغلو
و لم تحذر عواقبه الوخاما


رضوا بالسيف لما حکموه
فقام السيف بالامر احتکاما


و اقبلت الجياد الجرد تعدو
علي الآکام تحسبها النعاما


الي صفين تحشدها منايا
و قد غص الفضاء بها زحاما


اقام الموت في صفين سوقا
و ارخصت النفوس بها سواما


تري مضرا تبيع بها نزارا
و لخما تستبيح بها جذاما


ألا صلي الآله علي نفوس
تري في الحق مصرعها لزاما


تموت علي منازعها کراما
فتحيا في منازعها کراما


فلما کاد حکم السيف يمضي
و ولي الجمع و استبقوا الخياما


اناب الي الکتاب دهاء عمرو
دهاء يأکل السيف الحساما


و ما هم بالکتاب أبر منه
و لا أولي بحکمته ائتماما


و لکن حيلة جرت بلاء
علي الدنيا و اياما و خاما


اذا الحکمان بالامر استقلا
فليتهما علي النهج استقاما


لقد قرنوا ابا موسي بعمرو
و ما ادراک ما عمرو اذا ما


مضي الحکمان ما حسما خلافا
و لا فضا لمشکلة ختاما


أمير المؤمنين اري زمانا
لحربک هز مخذمه و شاما


و اقبل بالوفاء علي ابن حرب
يصافيه المودة و الوئاما


فما نقمت امية منک حتي
تناصبک العداء و الانتقاما


بلي ان الزمان لفي ضلال
لوي في الحق و انتهک الذماما


زهاهم زخرف الدنيا فهاموا
مع الشيطان بالدنيا غراما


و ليس لطالب الدنيا دواء
اذا کانت له الدنيا سقاما


رمي بالخرق اقوام عليا
و هم أولي بما زعموا اتصاما


فما شهد الزمان له سفاها
و لا نکروا له رأيا عقاما


و لا يغني الاريب حجي و رأي
اذا قاد الاسافل و الطغاما


علمنا رأيه فلقا مبينا
له نهج علي الحق استقاما


رأي و رأوا فسد و ما أصابوا
و ايقظ حزمه و جثوا نياما


فاکبر همه مذکان طفلا
حدود الله يحرص ان تقاما


فليتهم و عوا خطبا أتتهم
ضوافي تسمع الصم السلاما


سوابغ نسج أروع هاشمي
سما ملک البيان به وسامي


اذا ابتدر المقالة يوم خطب
و هز علي منصتها الحساما


اصاخ النجم ابرقت المواضي
و زايلت الضراغمة الاجاما


اذا ما رن صوت الحق فيها
تولي الافک و انحطم انحطاما


بني الشامات و يحکم افيقوا
علام تنکب الحسني علاما


ظلمتم سيد الابرار لما
رکبتم في عداوته الثماما


سلوا الصديق و الفاروق عنه
کم اعتصما بحکمته اعتصاما


و کم وردا له رأيا نجيحا
و کم سلکا به سبلا قواما


بني الشامات و يحکم شققتم
عصا الاسلام فانقسم انقساما


مددتم للخوارج حبل خلف
به شدوا الي الفتن الحزاما


فيا قتل الخوارج يوم جروا
علي الاسلام ادهية دهاما


لقد مردت بفاجرها مراد
علي العدوان لا بلغت مراما


ألا تبت يد بالغدر ثارت
تمد الي أبي حسن حساما


لو ان السيف کان له خيار
لعرد عنه و انثلم انثلاما


و لکن القضاء جري برزء
له انفصمت عري الصبر انفصاما


به فجع المدينة و المصلي
و زلزل بطن مکة و المقاما


نعي الناعي ابا حسن فراحت
بواکي الدين تلتدم التداما


بنفسي غرة يجري عليها
دم ازکي من المسک اشتماما


بنفسي اذ يجود بخير نفس
تخاف علي الحنيفة أن تضاما


مضي زين الصحابة في سبيل
الي ملأ بجيرته استهاما


الي دار السلام مضي علي
و جاور في منازلها السلاما









  1. الفئام الجماعة من الناس.
  2. الهيام الرمل المهيل.
  3. طام حسن عمله.
  4. تام يتم.
  5. القسام الحسن.
  6. خندفي منسوب الي خندف کز برج لقب ليلي بنت حلوان بن عمران زوجة الياس بن مضر من اجداد النبي (ص) و اليها تنسب قريش و کل من ولده الياس. المؤلف.