امين الرسول

اقامة النبي «ص» له مقامه يوم الهجرة في اداء أماناته ورد ودائعه و قضاء ديونه و حمل الفواطم اليه الي المدينة و لم يأتمن علي ذلک احدا غيره لما علم من أمانته و کفاءته و شجاعته فقام بما امره به و اقام مناديا ينادي بالابطح (محل اجتماع الناس) غدوة و عشية: أ لا من کانت له قبل محمد أمانة فليحضر مکان کذا و کذا تؤد اليه أمانته ثم حمل الفواطم و هاجر بهن الي المدينة ظاهرا و لحقه الثمانية الفوارس فقتل مقدمهم و رجع الباقون حتي ورد علي النبي «ص» بقبا. قال المفيد في الارشاد: و من مناقبه ان النبي «ص» کان امين قريش علي ودائعهم فلما فجأه من الکفار ما أحوجه الي الهرب من مکة بغتة لم يجد في قومه و اهله من يأتمنه علي ما کان مؤتمنا عليه سوي امير المؤمنين عليه السلام فاستخلفه في رد الودائع الي اربابها و قضاء دينه و جمع بناته و نساء اهله و أزواجه[1] و الهجرة بهم اليه و لم ير ان احدا يقوم مقامه في ذلک من کافة الناس فوثق بأمانته و عول علي نجدته و شجاعته و اعتمد في الدفاع عن اهله و خاصته علي بأسه و قدرته و اطمأن الي ثقته علي اهله و حرمه و عرف من ورعه و عصمته ما تسکن النفس معه الي ائتمانه علي ذلک فقام علي به احسن القيام و رد کل وديعة الي اهلها و أعطي کل ذي حق حقه و حفظ بنات نبيه «ص» و هاجر بهم ماشيا علي قدميه يحوطهم من الاعداء و يکلؤهم من الخصماء و يرفق بهم في المسير حتي اوردهم عليه المدينة علي أتم صيانة و حراسة و رفق و احسن تدبير. و هذه منقبة توحد بها من کافة اهل بيته و اصحابه و لم يشرکه فيها احد من اتباعه و اشياعه و لم يحصل لغيره من الخلق فضل سواها يعادلها عند السبر و لا يقاربها علي الامتحان و هي مضافة الي ما قدمناه من مناقبه الباهرة بفضلها القاهرة بشرفها قلوب العقلاء.

---

1. لا يخفي انه لم يکن للنبي (ص) زوجة في ذلک الوقت غير سودة بنت زمعة لانه تزوجها بمکة اما باقي نسائه فبالمدينة و خديجة کانت قد ماتت. المؤلف.