تعمير القبر الشريف











تعمير القبر الشريف



العمارة الاولي

اول من عمره هرون الرشيد بعد سنة 170 و ما في بعض الکتب من ان ذلک کان سنة اشتباه لان الرشيد استخلف سنة 170 و مات سنة 193 و اظهاره القبر و تعميره انما کان في خلافته قال الديلمي الحسن بن أبي الحسن محمد في ارشاد القلوب بعد ما ذکر مجي ء هرون الي القبر: و امر ان تبني عليه قبة باربعة ابواب «اه» و قال أحمد بن علي بن الحسين الحسيني في کتابه عمدة الطالب بعد ما ذکر زيارة الرشيد للقبر الشريف: ثم ان هرون امر فبني عليه قبة و اخذ الناس في زيارته و الدفن لموتاهم حوله و قال السيد عبد الکريم بن أحمد ابن طاوس الحسني في کتاب فرحة الغري: ذکر ابن طحال ان الرشيد بني عليه بنيانا بآجر ابيض اصغر من هذا الضريح اليوم من کل جانب بذراع و لما کشفنا الضريح الشريف وجدنا مبنيا عليه تربة و جصا و امر الرشيد ان يبني عليه قبة فبنيت من طين أحمر و علي رأسها جرة خضراء و هي في الخزانة اليوم «اه».

و يظهر من حديث رواه السيد عبد الکريم بن طاوس في کتاب فرحة الغري الآنف الذکر ان داود العباسي[1] عمل علي القبر صندوقا و قال أبو الحسن علي بن الحسن ابن الحجاج انه رأي هذا الصندوق لطيفا قال السيد عبد الکريم بن أحمد بن موسي بن طاوس في فرحة الغري: اخبرني عمي السعيد علي بن موسي بن طاوس و الفقيه نجم الدين أبو القاسم ابن سعيد و الفقيه المقتدي بقية المشيخه نجيب الدين يحيي بن سعيد ادام الله برکاتهم کلهم عن الفقيه محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني عن محمد بن الحسن العلوي الساکن بمشهد الکاظم (ع) عن القطب الراوندي عن محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن الشيخ الطوسي و نقلته من خطه حرفا حرفا عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن محمد بن أحمد بن داود عن أبي الحسين محمد بن تمام الکوفي حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحجاج من حفظه قال کنا جلوسا في مجلس ابن عمي أبي عبد الله محمد بن عمران بن الحجاج و فيه جماعة من اهل الکوفة من المشايخ و فيمن حضر العباس بن أحمد العباسي و کانوا قد حضروا عند ابن عمي يهنونه بالسلامة لانه حضر وقت سقوط سقيفة سيدي أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) في ذي الحجة سنة 273 فبيناهم قعود يتحدثون اذ حضر المجلس اسماعيل بن عيسي العباسي فاحجمت الجماعة عما کانت فيه و اطال اسماعيل الجلوس فقال يا اصحابنا اعزکم الله لعلي قطعت حديثکم بمجيئي فقال أبو الحسن علي بن يحيي السليماني و کان شيخ الجماعة و مقدما فيهم لا و الله يا أبا عبد الله اعزک الله ما امسکنا لحال من الاحوال فقال لهم يا اصحابنا اعلموا ان الله عز و جل مسائلي عما اقول لکم و ما اعتقده من المذهب حتي حلف بعتق جواريه و مماليکه و حبس دوابه انه لا يعتقد الا ولاية علي بن أبي طالب و السادة من الأئمة و عدهم واحدا واحدا فانبسط اليه اصحابنا ثم قال لهم رجعنا يوم الجمعة من الصلاة مع عمي داود فقال لنا اينما کنتم قبل ان تغرب الشمس فصيروا الي و لا يتخلف منکم احد و کان جمرة بني هاشم فصرنا اليه فقال صيحوا بفلان و فلان من الفعلة فجاءه رجلان معهما آلتهما فقال لنا ارکبوا في وقتکم هذا و خذوا معکم الجمل غلاما کان له اسود يعرف بالجمل و کان هذا الغلام لو حمل علي سکر دجلة لسکرها من شدته و بأسه و امضوا الي هذا القبر الذي قد افتتن به الناس و يقولون انه قبر علي حتي تنبشوه و تجيؤوني باقصي ما فيه فمضينا الي الموضع فحفر الحفارون و هم يقولون لا حول و لا قوة الا بالله في انفسهم حتي نزلوا خمسة اذرع فقالوا قد بلغنا الي موضع صلب و ليس نقوي بنقره فانزلوا الحبشي فاخذ المنقار فضرب ضربة سمعنا لها طنينا شديدا ثم ضرب ثانية فسمعنا طنينا اشد ثم ضرب الثالثة فسمعنا طنينا اشد ثم صاح الغلام صيحة فقلنا اسألوه ما باله فلم يجبهم و هو يستغيث فشدوه بالحبل و اخرجوه فاذا علي يده من اطراف اصابعه الي مرافقه دم و هو يستغيث لا يکلمنا و لا يحير جوابا فحملناه علي بغل و رجعنا طائرين حتي انتهينا الي عمي فاخبرناه فالتفت الي القبلة و تاب و رجع عن مذهبه و رکب بعد ذلک في الليل الي مصعب بن جابر فسأله ان يعمل علي القبر صندوقا و لم يخبره بشي ء مما جري و وجه من طعم الموضع و عمر الصندوق عليه قال أبو الحسن ابن حجاج رأينا هذا الصندوق الذي هذا حديثه لطيفا (الي ان قال): هذا آخر ما نقلته من خط الطوسي (رض) ـ و رواه الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين ابن عبد الرحمن الشجري باسناده نحوه، قال الفقيه صفي الدين محمد بن معد: و قد رأيت هذا الحديث بخط ابي يعلي محمد بن حمزة الجعفري صهر الشيخ المفيد و الجالس بعد وفاته مجلسه اقول و قد رأيته بخط ابي يعلي الجعفري ايضا في کتابه کما ذکره صفي الدين «اه» المراد نقله من کلام ابن طاوس في فرحة الغري.

العمارة الثانية

عمارة محمد بن زيد الحسني الملقب بالداعي الصغير صاحب بلاد الديلم و طبرستان فانه امر بعمارته و عمارة الحائر بکربلاء و البناء عليهما بعد سنة 279 و بني علي المشهد العلوي حصنا فيه سبعون طاقا، و هو محمد بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب الملقب بالداعي الصغير ملک طبرستان بعد اخيه الحسن بن زيد، و اقام بها سبع عشرة سنة و سبعة اشهر و خطب له رافع بن هرثمة بنيسابور ثم سار الي خراسان لما بلغه اسر الصفار ليستولي عليها، و حاربه محمد بن هرون السرخسي صاحب اسماعيل بن احمد الساماني و جري بينهما قتال شديد ثم انهزم عسکر العلوي و جرح جراحات عديدة و مات منها بعد ايام سنة 287 و أسر ابنه زيد بن محمد في المعرکة و حمله الي اسماعيل الساماني فأکرمه و وسع عليه و حمل رأسه الي اسماعيل الي بخاري و دفن بدنه بجرجان عند قبر الديباج محمد بن الصادق. قال ابن طاوس في فرحة الغري ان محمد بن زيد الداعي بني المشهد الشريف الغروي ايام المعتضد «اه» و المعتضد بويع سنة (279) و توفي (289). و عن محمد بن ابي طالب في کتابه زينة المجالس انه قال: الي ان خرج الداعيان الحسن و محمد ابنا زيد ابن الحسن فأمر محمد بعمارة المشهدين مشهد امير المؤمنين و مشهد ابي عبد الله الحسين و امر بالبناء عليهما «اه» و ممن ذکر بناء محمد بن زيد العلوي محمد بن طحال فيما حکي عنه.

و يدل بعض الاخبار ان الذي بناه الحسن بن زيد الملقب بالداعي الکبير اخو محمد بن زيد المتقدم ظهر بطبرستان سنة 250 و توفي سنة 270 قتله مرداويج الديلمي ففي ذيل خبر داود العباسي المتقدم الذي مر انه عمر عليه الصندوق قال ابو الحسن بن حجاج رأينا هذا الصندوق الذي هذا حديثه لطيفا و ذلک قبل ان يبني عليه الحائط الذي بناه الحسن بن زيد، و في ذيل حديث ابن الشجري المشار اليه آنفا و ذلک قبل ان يبني عليه الحائط الذي بناه الحسن ابن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب المعروف بالداعي الخارج بطبرستان «اه» و لعله وقع اشتباه من النساخ او بعض المؤلفين فأبدل اسم محمد باسم اخيه الحسن او ان الحسن کان قد بني عليه حائطا ثم بناه اخوه محمد فجعل له حصنا بسبعين طاقا کما مر و بعد ذلک زيد فيه.

و ممن عمره الشريف عمر بن يحيي بن الحسين بن احمد بن عمر المقتول سنة 250 ابن يحيي ابن الحسين ذي الدمعة بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب. في مستدرکات الوسائل ان عمر الثاني هذا رد الله علي يده الحجر الاسود لما نهبت القرامطة مکة سنة 323 و بني قبة جده امير المؤمنين (ع) من خالص ماله «اه».

هذا و لکن يظهر من بعض الروايات ان ابن زيد هو اول من بني علي القبر الشريف و انه قبل عمارته لم يکن عليه بناء و لم يکن عليه شي ء و ما کان الا الارض و هو ينافي ما مر من ان اول من بناه الرشيد و ان داود العباسي عمل له صندوقا، فعن الطبري في دلائل الامامة عن حبيب بن الحسين عن عبيد بن خارجة عن علي بن عثمان عن فرات بن احنف عن الصادق عليه السلام في حديث زيارته لأمير المؤمنين (ع) قال: ها هنا قبر امير المؤمنين، اما انه لا تذهب الايام حتي يبعث الله رجلا ممتحنا في نفسه بالقتل يبني عليه قال حبيب بن الحسين سمعت هذا الحديث قبل ان يبني علي الموضع شي ء ثم ان محمد بن زيد وجه فبني عليه (اه). و عن کتاب المنتظم لأبي الفرج الجوزي: انبأنا شيخنا ابو بکر بن عبد الباقي سمعت ابا الغنائم ابن السرسي کان يقول توفي بالکوفة 313 من الصحابة لا يدري احد منهم قبره الا قبر علي، و جاء جعفر ابن محمد و محمد بن علي بن الحسين فزارا الموضع من قبر امير المؤمنين علي و لم يکن اذ ذاک القبر و ما کان الا الارض حتي جاء محمد بن زيد الداعي فأظهر القبر (اه). و لکن ما تقدم يؤکد بناء الرشيد عليه لا سيما قول ابن طاوس ان الجرة الخضراء التي کانت علي أعلي القبة موجودة في الخزانة، و يمکن ان يکون بناء الرشيد فد انهدم و درس لا سيما انه کان من طين احمر و اما بناؤه القبر بالآجر الابيض فالظاهر انه کان تحت الارض و لم يکن ظاهرا منه الا قدر اربع اصابع أو نحو ذلک فطمر بالرمال علي طول المدة.

العمارة الثالثة

عمارة السلطان عضد الدولة فناخسرو بن بويه الديلمي في ايام الطائع فانه عمر المشهدين العلوي و الحسيني و بلغ الغاية في تعظيمهما و الاوقاف عليهما و عمر مشهد امير المؤمنين (ع) عمارة عظيمة و انفق عليه اموالا جليلة و ستر حيطانه بخشب الساج المنقوش و وقف له الاوقاف و بني عليه قبة بيضاء، و فيها يقول ابن الحجاج الشاعر المشهور:


يا صاحب القبة البيضاء علي النجف
من زار قبرک و استشفي لديک شفي


و ملک عضد الدولة العراق سنة 367 و توفي (372) و الظاهر ان العمارة کانت سنة 369 فما يوجد في بعض المؤلفات ان عمارته کانت سنة 338 و ما في بعضها انها کانت سنة 376 اشتباه لان التاريخ الاول متقدم علي ولايته العراق و الثاني متأخر عن وفاته. قال الديلمي في ارشاد القلوب بعد ما ذکر ان الرشيد امر ان يبني عليه قبة باربعة ابواب: و بقي الي ايام السلطان عضد الدولة فجاء فأقام في ذلک الطريق قريبا من سنة هو و عساکره و بعث فأتي بالصناع و الأستاذية من الاطراف و خرب تلک العمارة و صرف اموالا کثيرة جزيلة و عمر المشهدين عمارة جليلة حسنة هي العمارة التي کانت قبل عمارة اليوم (اه) و ظاهره ان العمارة التي کانت قبل عمارة عضد الدولة هي عمارة الرشيد مع انها عمارة الحسن بن زيد.

و في عمدة الطالب عند ذکره لهذه العمارة قال: و عين له اوقافا و لم تزل عمارته باقية الي سنة 753 و کان قد ستر الحيطان بخشب الساج المنقوش فاحترقت تلک العمارة و جددت عمارة المشهد علي ما هي عليه الآن و لم يبق من عمارة عضد الدولة الا القليل و قبور آل بويه هناک ظاهرة مشهورة لم تحترق (اه). و لکن عن آخر کتاب الاماقي في شرح الايلاقي لعبد الرحمن العتايقي الحلي المجاور بالنجف الاشرف في نسخته المخطوطة في الخزانة العلوية الذي تم کتابة في المحرم سنة 755 قال: في هذه السنة احترقت الحضرة الغروية صلوات الله علي مشرفها و عادت العمارة و احسن منها في سنة (760) «اه» و هو اعرف بتاريخ احتراقها من صاحب ارشاد الديلمي لانه شاهده و ذلک متأخر عنه لانه توفي (841) و اراد عضد الدولة ان يجري الماء من الفرات الي النجف تحت الارض لان مکانه مرتفع لا يمکن ان يصل اليه الماء علي وجه الارض فحفر الي جهة الشمال فنبعت في اثناء الحفر عين منعت من مواصلة الحفر لکن ماءها ليس بشروب فاکتفي بها للانتفاع بغير الشرب و ساق ماءها الي آبار عميقة محکمة البناء و وصل بينها بقنوات محکمة يسير فيها الفارس فيجري الماء من بئر الي بئر ثم يخرج ما يفضل منه الي جهة المغرب، ثم حفر الناس بعد ذلک آبارا أخر منها موصول بتلک الآبار و منها غير موصول و لذلک کانت بعضها آبارا شرعية و بعضها حکم مائها حکم الماء الجاري. و السراديب التي لها شبابيک الي تلک الآبار يأتي اليها الهواء البارد في الصيف لاتصال بعضها ببعض، و قد شاهد عمارة عضد الدولة ابن بطوطة في رحلته و کانت سنة 727 فقال: دخلنا من باب الحضرة حيث القبر الذي يزعمون انه قبر علي «ع» و بازائه المدارس و الزوايا و الخوانق معمورة احسن عمارة و حيطانها بالقاشاني و هو شبه الزليج عندنا لکن لونه اشرق و نقشه احسن و يدخل من باب الحضرة الي مدرسة عظيمة يسکنها الطلبة و الصوفية من الشيعة و لکل وارد عليها ضيافة ثلاثة ايام من الخبز و اللحم و التمر و من تلک المدرسة يدخل الي باب القبة ثم اشار الي الاستئذان و تقبيل العتبة قال و هي من الفضة و کذلک العضادتان ثم يدخل الزائر القبة و في وسطها مصطبة مربعة مکسوة بالخشب عليه صفائح الذهب المنقوشة المحکمة العمل مسمرة بمسامير الفضة قد غلب علي الخشب بحيث لا يظهر منه شي ء و ارتفاعها دون القامة و فوقها ثلاثة قبور يزعمون انها قبر آدم و نوح عليهما الصلاة و السلام و علي رضي الله عنه و بين القبور طشوت ذهب و فضة فيها ماء الورد و المسک و انواع الطيب يغمس الزائر في ذلک يده و يدهن به وجهه تبرکا و للقبة باب آخر عتبته ايضا من الفضة يفضي الي مسجد و له ابواب اربعة عتبتها فضة (اه) و ذلک هو الذي بناه عمران ابن شاهين في ايام عضد الدولة بعد عمارة عضد الدولة و قوله ان بين القبور طشوت ذهب و فضة لعله اشتباه منه فرأي أواني تشبه الذهب و الفضة فظنها منهما فاستعمال أواني الذهب و الفضة محرم لا يمکن ان يرخص فيه العلماء و لا ان يستعمل من دون اذنهم. و قال ابن طاوس في فرحة الغري: ان عضد الدولة بني الرواق المعروف برواق عمران في المشهدين الشريفين الغروي و الحائري علي مشرفهما السلام (اه) و الي الآن يعرف الباقي منه في دهليز باب الطوسي بمسجد عمران. و بلغ عضد الدولة الغاية في تعظيم المشهد و بني لنفسه قبة عظيمة في النجف بجوار المشهد من جهة الغرب و اوصي ان يدفن فيها فدفن هناک و بقيت القبة حتي هدمها السلطان سليمان العثماني لما دخل العراق سنة 940 و جعلها تکية للبکتاشية و بقيت الي هذا الزمان و بابها في الجهة الغربية من الصحن الشريف. و بعض يظن ان الذي فعل ذلک هو السلطان سليم و الصواب انه ولده سليمان و انما نسب الي سليم لشهرته. و حکي بعض المعاصرين عن صاحب خريدة العجائب انه قال عند ذکر الکوفة و فيها قبة عظيمة يقال انها قبر علي ابن ابي طالب و القبة بناء ابي العباس عبد الله بن حمدان في دولة بني العباس. و في نزهة الجليس للسيد عباس الموسوي العاملي المکي انه قد عقدت علي قبر آدم و نوح و علي عليهم السلام قبة عظيمة و اول من عقد هذه القبة عليهم عبد الله بن حمدان في دولة بني العباس ثم عمرها الملوک من بعده «اه» و عبد الله هذا هو والد سيف الدولة الملقب بأبي الهيجاء ولاه المکتفي امارة الموصل سنة 293، و اذا صحت هذه الرواية کان بناء عبد الله بن حمدان قبل بناء عضد الدولة لان ابن حمدان توفي قبل سنة 317 و عضد الدولة توفي سنة 772 و لکن لم نجد من ذکر بناء عبد الله بن حمدان غير هما و الله اعلم.

العمارة الرابعة

التي حصلت بعد عمارة عضد الدولة التي احترقت کما مر فجددت سنة 760 و لا يعلم مجددها و ربما تکون من جماعة لا من شخص واحد و لذلک لم يذکر مجددها و العادة قاضيةبانها لو کانت من شخص واحد لذکر اسمه خصوصا اذا کان معروفا و خصوصا ممن شاهدها کابن العتايقي کما مر. و في اثناء هذه المدة حدثت فيه اصلاحات و عمارات من البويهيين و الحمدانيين و بعض العباسيين و بني جنکيز و الايلخانيين و غيرهم.

العمارة الخامسة

الموجودة اليوم و المشهور بين اهل النجف انها للشاه عباس الصفوي الاول و ان المباشر و المهندس لها الشيخ البهائي فجعل القبة خضراء بعد ما کانت بيضاء و لکن في رسالة نزهة اهل الحرمين ان الابتداء بها کان بامر الشاه صفي الصفوي سنة 1047 کما ذکره صاحب البحر المحيط و اشتغلوا بها الي ان توفي الشاه صفي سنة 1052 فاتمها ابنه الشاه عباس الثاني و ما اشتهر بين اهل النجف انها عمارة الشاه عباس بهذا الاعتبار ثم استشهد علي ذلک بکلام السيد شرف الدين علي النجفي في حواشيه علي اثني عشرية صاحب المعالم حيث قال عند ذکر محراب مسجد الکوفة و حائطه القبلي و ان فيهما تيامنا عکس ضريحة المقدس ما لفظه: و عند عمارته بامر السلطان الاعظم الشاه صفي قلت للعمار غيره الي التيامن فغيره و مع هذا فله تياسر في الجملة و مخالف المحراب الکوفة (اه) و استشهد ايضا بقول الشيخ محمد ابن سليمان بن زوير السليماني: الذي ثبت عندي ان اول عمارته الموجودة الان کانت سنة 1057 و الشاه صفي توفي (1052) و المشهور بين اهل المشهد ان العمارة کانت في اکثر من عشرين سنة و لا يستقيم ذلک الا بان يکون مبدأ العمارة کان زمن الشاه صفي و اتمامها علي يد الشاه عباس (اه) اقول کلام السيد شريف الدين يدل علي عمارته بامر الشاه صفي و لا ينفي ان يکون عمر قبل ذلک بامر الشاه عباس الاول فقد بقي في الملک 72 سنة فيمکن ان يکون عمره في اوائل سلطنته ثم وقع فيه خلل فاعاده حفيده الشاه صفي و اما کلام السليماني فظاهر انه اجتهاد لقوله: الذي ثبت عندي و بنائه ان اکمال عمارته علي يد الشاه عباس الثاني علي ما اشتهر بين اهل المشهد فاذا کانت للشهرة بينهم قيمة فليعتبر ما اشتهر بينهم ان مؤسسها الشاه عباس الاول و يحصل الجمع بذلک علي ان امتداد العمارة اکثر من عشرين سنة و الآمر بها ملک عظيم بعيد عن الاعتبار علي ان المحکي عن المنتظم الناصري في حوادث سنة 1042 ان الشاه صفي حينما زار المشهد الشريف رأي بعض النقصان في بناء المرقد فامر وزيره ميرزا تقي المازندراني باصلاح تلک الاماکن المشرفة فجاء بالمعمارين و المهندسين الي النجف و مکث فيها ثلاث سنين مشغولا بهذا العمل (اه) و هو ينافي ما تقدم عن السليماني و لعله الصواب هذا مع ما يظهر من بعض القيود ان الشاه صفي وسع الصحن الشريف و زاد عليه و الله اعلم ثم جدد عمارة الصفوية السلطان نادر الافشاري و زاد عليها و زخرف القبة الشريفة و منارتي المشهد و ايوانه بالذهب الابريز بعد فتحه الهند کما هي عليه اليوم و يقال ان علي کل لبنه تومانا نادريا من الذهب و اهدي الي المشهد الشريف من الجواهر و التحف شيئا کثيرا و ذلک في سنة 1156 او 54 و کتب اسمه داخل طاق الباب الشرقي هکذا (المتوکل علي الملک القادر السلطان نادر) و تحته تاريخ لم يبق بذاکرتي و اظنه التاريخ السابق و عمر فيه الشاه احمد ناصر الدين القاجاري بعد ذلک و تنافست الملوک و الامراء في عمارته و الاهداء اليه و اهدي اليه السلطان عبد العزيز العثماني شمعدانين عظيمين من الفضة المؤزرة بالذهب علي ابدع شکل و کذلک الي مشهد الحسين عليه السلام و مثلهما الي مشهدي الکاظمية و سامراء و مشهد الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد.









  1. ذکر بعض المعاصرين ان داود هذا هو داود بن عيسي بن موسي بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس لکن سياتي ان اسماعيل بن عيسي قال عمي داود و اذا کان داود هو ابن عيسي يکون اخاه لا عمه الا ان يکون اسماعيل و ابوه کلاهما يسمي عيسي او غير ذلک. المؤلف.