حسان بن ثابت











حسان بن ثابت



له الحوض لا شک يحيي به
فمن شاء أسقي برغم العدي


و من ناصب القوم لم يسقه
و يدعو إلي الورد للأولياء[1] .


أقول: إذا أمعنت النظر في الأخبار و الأحاديث التي جاءت من الفريقين في صفة حوض النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الکوثر وجدت في خلالها عجائب من حيث المضامين و المعاني مثل کون ترابه المسک الأذفر، و حصاه الدر و الياقوت و المرجان، و حشيشه الزعفران، و، و، و فتحدثک نفسک: ما المراد من هذه المعاني؟هل يجب علينا أن نلتزم بظواهرها و نقول: إن في حوض النبي صلي الله عليه و آله و سلم أباريق کعدد النجوم، و فيه مرجان و ياقوت و در،[2] أو يمکن أن نعبر من هذه الظواهر إلي معاني أعلي وأرقي و ألطف من ذلک؟نعم، جاء هذا المعني في قول الصادق عليه السلام علي ما ذکره العلامة المجلسي رحمه الله و هو:


في الأصل کنا نجوما يستضاء بنا
و للبرية نحن اليوم برهان


نحن البحور التي فيها لغائصکم
در ثمين و ياقوت و مرجان


مساکن القدس و الفردوس نملکها
و نحن للقدس و الفردوس خزان


من شذ عنا فبرهوت مساکنه
و من أتانا فجنات و ولدان[3] .


فهل المراد من النجوم و الدر و الياقوت و المرجان في هذه الأبيات ظاهرها؟أو وراءه حکمة و علم و معرفة؟فإن الغائص في بحور علوم أهل البيت عليهم السلام له أنواع من المعرفة التي لا يقاس بها الياقوت و المرجان و الدر و غير ذلک من الأشياء التي تقربها عيون العامة عند سماعها، و لکن الخاصة و العظماء تفهم ما فوق ذلک، و تعلم أن هذه ألفاظ لضيق البيان عن کشف حقائقها، و هذا لا ينافي ظواهرها أيضا فلنختم هذا البحث بنقل کلمات من أفذاذ العلماء و عظمائهم:









  1. نقلنا الاشعار کلها من المناقب، لابن شهر آشوب (ج 2: ص 162ـ164).
  2. کقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «رأيت نهرا في الجنة، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فضربت بيدي مجري الماء فإذا أنا بمسک أذفر، فقلت: ما هذا؟قيل: الکوثر الذي أعطاک الله... أشد بياضا من اللبن، و أحلي من العسل، و فيه طيور خضر لها أعناق کأعناق البخت» (الفخر الرازي: تفسير الکبير، ج 31: ص 124).

    و کقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «عرضه و طوله ما بين المشرق و المغرب، لا يشرب منه أحد فيظمأ، و لا يتوضأ منه أحد فيشعب»، و «عمقه سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن، و أحلي من العسل، شاطئاه الدر و الياقوت و الزبرجد» (الالوسي: تفسير روح المعاني، ج 30: ص 244).

    و کقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «عرضه ما بين أيلة و صنعاء... و أن فيه من الأباريق عدد نجوم السماء» و: «حصاه (حصباؤه) الزبرجد و الياقوت و المرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسک الأذفر، قواعده تحت عرش الله عز و جل» (المجلسي: بحار الانوار، ج 8: ص 18).

  3. المجلسي: بحار الانوار، ج 47: ص 26.