الشيخ المفيد











الشيخ المفيد



قال الخطيب في تاريخه: «محمد بن محمد بن النعمان، ابو عبد الله، المعروف ب «ابن المعلم» شيخ الرافضة، صنف کتبا کثيرة في ضلالاتهم و الذب عن اعتقاداتهم و مقالاتهم ـ إلي أن قال: ـ کان أحد أئمة الضلال، هلک به خلق من الناس إلي أن أراح الله المسلمين منه (35)».

و قال أيضا: «و بلغني أنه (أي أبو القاسم المعروف ب «ابن النقيب» جلس للتهنئة لما مات ابن المعلم شيخ الرافضة و قال: ما ابالي أي وقت أموت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم».[1] أقول: هذا نمودج منه و سيأتي الکلام فيه.

و من دسائس المعاندين لأهل البيت عليهم السلام التي دسوها لإبطال کل ما ورد في فضل علي عليه السلام أنهم جعلوا آية تشيع الرواي و علامة بدعته و روايته فضائل علي عليه السلام، ثم قرروا ما يرويه المبدع فيه تأييدا لبدعته، فهو مردود و لو کان من الثقات.

و الذي فيه تأييد التشيع عندهم هو ذکر فضل علي عليه السلام، فعلي هذا لا يصح حديث في فضله عليه السلام لأن فيه تأييدا لبدعد الرواي في نظرهم.

فإذا وجدت أحاديث متواترة أو کانت في صحاحهم و لم يجدوا طريقا إلي الطعن فيها يميلون إلي مسلک آخر و هو أن يتأولوها و يصرفوا ألفاظ الأحاديث بما يوافق أهواءهم کما ستعرفه عن قريب إن شاء الله تعالي، و ها نحن نذکر بعضامنها حتي تقف علي خبث بواطنهم و عنادهم لآل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لا سيما سيدنا و مولانا أمير المؤمنين عليه السلام:

1ـ قال ابن حجر العسقلاني: «إسماعيل بن عياش، قال: سمعت حريز ابن عثمان يقول: هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي» حق و لکن أخطأ السامع. قلت: فما هو؟قال: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي».[2] .

2ـ قال الحافظ المحدث، الحسني المغربي (المتوفي سنة 1380): «کان أبو سعد الأسترآبادي يعظ بدمشق، فقام إليه رجل فقال: أيها الشيخ! ما القول في قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «أنا مدينة العلم و علي بابها»؟قال: فأطرق لحظة ثم رفع رأسه و قال: نعم، لا يعرف هذا الحديث علي التمام، إلا من کان صدرا في الإسلام، إنما قال صلي الله عليه و آله و سلم: «أنا مدينة العلم، و علي بابها، و أبوبکر أساسها، و عمر حيطانها، و عثمان سقفها» فاستحسنوه».[3] .

بل لم يرض النواصب بهذا حتي أدخلوا فيه: «و معاوية حلقتها» و سلک بعضهم في هذا الحديث مسلکا آخر فقال: ليس المراد به علي بن أبي طالب، بل هو من العلو، کأن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: أنا مدينة العلم و أنا بابها العلي![4] قال العلامة المذکور (في ص 109): «و لعمري إنها لدسيسة إبليسية و مکيدة شيطانيه کاد ينسد بها باب الصحيح من فضل العترة النبوية».

أقول: فانظر کيف أنکروا الحديث عند الإنفراد بذکر علي عليه السلام و قبلوه إذا ضم إليه أبو بکر و نظراؤه أليس هذا إلا عنادا لسيد الأولياء و زوجته فاطمة الزهراء عليها السلام.

3ـ اخرج الحافظ المحدث، الجويني الخراساني: «أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عمم علي بن أبي طالب عليه السلام عمامته السحاب فأرخاها من بين يديه و من خلفه، ثم قال: أقبل، فأقبل، ثم قال: أدبر، فأدبر، قال: هکذا جاءتني الملائکة».[5] .

و أخرج ـ أيضاـ عن علي بن أبي طالب عليه السلام: «عممني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم غدير خم بعمامة فسدل طرفها علي منکبي و قال: إن الله أيدني يوم بدر و حنين بملائکة معتمين بهذه العمامة».[6] .

و قال الحلبي في سيرته: «کان له عمامة تسمي السحاب فوهبها من علي، فربما طلع علي فيها فيقول صلي الله عليه و آله و سلم، «أتاکم علي في السحاب» يعني عمامته التي و هبها له».[7] .

أقول: هذا هو صحيح ما ينسب إلي الشيعة من قولهم: «جاء علي عليه السلام في السحاب»، لا ما قاله عبد الکريم الشهرستاني في «الملل و النحل»: «و هو الذي (يعني عليا عليه السلام) بجيي ء في السحاب و الرعد صوته و البرق تبسمة».[8] فانظر کيف أول الحديث افتراء علينا.

فائدة: قال ابن المنظور في «اللسان» (مادة عمم): «و العرب تقول للرجل إذا سود: قد عمم. و کانوا إذا سو دوا رجلا عمموه. و عمم الرجل: سود، لأن تيجان العرب العمائم، فکلما قيل في العجم: توج، قيل في العرب: عمم».









  1. الخطيب: تاريخ بغداد، ج 10: ص. 372
  2. الذهبي: تهذيب التهذيب، ج 2: ص 239.
  3. فتح الملک العلي، ص 156.
  4. ابن حجر: لسان الميزان، ج 1: ص 422.
  5. الحمويني: فرائد المسطين، ج 11: ص 76/الباب 12.
  6. الحمويني: فرائد السمطين، ج 11: ص 76/الباب 12.
  7. الحلبي: السيرة الحلبية، ج 3: ص 369.
  8. الشهرستاني: الملل و النحل، ص 174، ط القاهرة.