استشهاد علي في خلافته











استشهاد علي في خلافته



(جماعة من الصحابة علي حديث الغدير)

في السيرة الحلبية: قد جاء ان عليا قام خطيبا ثم قال انشد الله من شهد يوم غدير خم الا قام و لا يقوم رجل يقول انبئت او بلغني الا رجل سمعت اذناه و وعي قلبه فقام سبعة عشر صحابيا و في رواية ثلاثون صحابيا و في المعجم الکبير ستة عشر و في رواية اثنا عشر فذکر الحديث و عن زيد بن ارقم کنت ممن کتم فذهب الله ببصري و کان علي دعا علي من کتم (انتهت السيرة الحلبية).

و قال ابن کثير في تاريخه: اورد ابن ماجة عن عبد الله ابن الامام احمد في مسند ابيه بعدة اسانيد عن سعيد بن وهب و عن زيد بن يثيع[1] قال نشد علي الناس في الرحبة من سمع رسول الله «ص» يقول يوم غدير خم ما قال الا قام فقام من قبل سعيد ستة و من قبل زيد ستة فشهدوا انهم سمعوا رسول الله «ص» يقول لعلي يوم غدير خم أ ليس رسول الله اولي بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلي قال اللهم من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قال و في بعضها زيادة و انصر من نصره و اخذل من خذله، و اورد فيه ايضا بعدة اسانيد عن عبد الرحمن بن ابي ليلي نحوه، و في بعضها فقام اثنا عشر رجلا فقالوا قد رأيناه و سمعناه حيث اخذ بيده يقول اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله الا ثلاثة لم يقوموا فدعا عليهم فاصابتهم دعوته. و اورد عنه ايضا بعدة اسانيد عن جماعة منهم ابو الطفيل قال جمع علي الناس في الرحبة يعني رحبة مسجد الکوفة قال انشد الله کل من سمع رسول الله «ص» يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام ناس کثير فشهدوا حين اخذ بيده فقال للناس أ تعلمون اني اولي بالمؤمنين من انفسهم قالوا نعم يا رسول الله قال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قال فخرجت کأن في نفسي شيئا فلقيت زيد بن ارقم فقلت له اني سمعت عليا يقول کذا و کذا قال فما تنکر سمعت رسول الله «ص» يقول ذلک له هکذا ذکره الامام احمد في مسند زيد ابن ارقم «اه».

و في الخصائص بسنده عن عمرو بن سعد انه سمع عليا و هو ينشد في الرحبة من سمع رسول الله «ص» يقول من کنت مولاه فعلي مولاه فقام ستة نفر فشهدوا (و بسنده) عن سعيد ابن وهب انه قام صحابة ستة و قال زيد بن يثيع و قام مما يلي المنبر ستة فشهدوا انهم سمعوا رسول الله «ص» يقول من کنت مولاه فعلي مولاه (و فيه) اخبرنا ابو داود حدثنا عمران ابن ابان حدثنا شريک حدثنا ابو اسحق عن زيد بن يثيع سمعت علي بن ابي طالب يقول علي منبر الکوفة اني انشد الله رجلا و لا يشهد الا اصحاب محمد سمع رسول الله «ص» يوم غدير خم يقول من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فقام ستة من جانب المنبر و ستة من جانب المنبر الآخر فشهدوا انهم سمعوا رسول الله «ص» يقول ذلک قال شريک فقلت لابي اسحق هل سمعت البراء بن عازب يحدث بهذا عن رسول الله «ص» قال نعم، قال ابو عبد الرحمن «هو النسائي»: عمران بن ابان الواسطي ليس بقوي في الحديث (و بسنده) المتعدد عن فطر بن خليفة عن ابي الطفيل عامر بن واثلة قال جمع علي الناس في الرحبة فقال انشد بالله کل امري ء سمع من رسول الله «ص» قال يوم غدير خم أ لستم تعلمون اني اولي بالمؤمنين من انفسهم و هو قائم ثم اخذ بيد علي فقال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قال ابو الطفيل فخرجت و في نفسي منه شي ء فلقيت زيد بن ارقم فاخبرته فقال تشک انا سمعته من رسول الله «ص» (و بسنده) عن سعيد بن وهب قال علي في الرحبة انشد بالله من سمع رسول الله «ص» يوم غدير خم يقول ان الله و رسوله ولي المؤمنين و من کنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره قال سعيد قام الي جنبي ستة قال زيد بن يثيع قام عندي ستة و قال عمرو ذو مر احب من احبه و ابغض من ابغضه و ساق الحديث (و بسنده) عن عمرو ذي مر شهدت عليا بالرحبة ينشد اصحاب محمد أيکم سمع رسول الله «ص» يقول يوم غدير خم ما قال فقام اناس فشهدوا انهم سمعوا رسول الله «ص» يقول من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و احب من احبه و ابغض من ابغضه و انصر من نصره (و بسنده) عن سعيد بن وهب قال علي في الرحبة انشد بالله من سمع رسول الله «ص» يوم غدير خم يقول الله وليي و انا ولي المؤمنين و من کنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره فقال سعيد قام الي جنبي ستة و قال حارثة بن نصر قام ستة و قال زيد بن يثيع قام عندي ستة و قال عمرو ذو مر احب من احبه (و في اسد الغابة) بسنده عن عبد الرحمن بن ابي ليلي شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس انشد الله من سمع رسول الله «ص» يقول يوم غدير خم أ لست اولي بالمؤمنين من انفسهم و ازواجي امهاتهم قلنا بلي يا رسول الله فقال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و قد روي مثل هذا عن البراء بن عازب و زاد فقال عمر بن الخطاب يا ابن ابي طالب اصبحت اليوم ولي کل مؤمن «اه».

قال المفيد في الارشاد: و کان في حجة الوداع من فضل أمير المؤمنين عليه السلام الذي اختص به ما شرحناه و انفرد فيه من المنقبة الجليلة ما ذکرناه و کان شريک النبي في حجه و هديه و مناسکه و وفقه الله تعالي لمساواة نبيه في نيته و وفاقه في عبادته و ظهر من مکانه عنده و جليل محله عند الله سبحانه ما نوه به في مدحته و اوجب له فرض طاعته علي الخلائق و اختصاصه بخلافته و التصريح منه بالدعوة الي اتباعه و النهي عن مخالفته و الدعاء لمن اقتدي به في الدين و قام بنصرته و الدعاء علي من خالفه و اللعن لمن بارزه بعداوته و کشف بذلک عن کونه افضل خلق الله تعالي و اجل بريته و هذا مما لم يشرکه فيه ايضا احد من الامة و لا تعرض منه بفضل يقاربه علي شبهة لمن ظنه او بصيرة لمن عرف المعني في حقيقته و الله المحمود «اه».

(الرابع) انه افضل الصحابة فيکون هو الامام لان تقديم المفضول علي الفاضل قبيح و الدليل علي انه افضل الصحابة امور: (احدها) ان الناس انما تتفاضل بالصفات الحسنة النفسية کالعلم و الحلم و الصفح و الشجاعة و السماحة و الفصاحة و البلاغة و العدل و محاسن الاخلاق و العبادة و الزهادة و الجهاد و غير ذلک.

(اما العلم) فقد کان أعلم الصحابة و کانوا يرجعون اليه في المشکلات و لم يکن يرجع الي احد و کفي في ذلک قول عمر: لو لا علي لهلک عمر، قضية و لا ابو حسن لها، اعوذ بالله من قضية ليس لها ابو حسن، لا يفتين احد في المسجد و علي حاضر و امثاله مما شاع و ذاع و عرفه کل احد حتي استشهد به النحويون في کتبهم. و قوله «ص»: انا مدينة العلم و علي بابها، و قوله «ص» اعطي علي تسعة اجزاء الحکمة و الناس جزءا واحدا، و قول ابن عباس انه اعطي تسعة اعشار العلم و شارک في العشر العاشر، و انه ما شک في قضاء بين اثنين، و انه اقضي اهل المدينة و أعلمهم بالفرائض، و قوله «ص»: انه أقضي اصحابه. و قد ألفت المؤلفات في قضاياه بالخصوص، و قول عطاء ما اعلم احدا کان في اصحاب محمد «ص» اعلم من علي، و قول عائشة اما انه لأعلم الناس بالسنة، و قوله عليه السلام سلوني فو الله لا تسألوني عن شي ء الا اخبرتکم سلوني عن کتاب الله فو الله ما من آية الا و انا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل، و انه ما کان احد يقول سلوني غيره، و قوله «ص» لما نزلت و تعيها اذن واعية انت اذن واعية لعلمي. و قول معوية ذهب الفقه و العلم بموت علي بن ابي طالب. و ذکرنا هذا کله مفصلا باسانيده عن ذکر فضائله.

قال المفيد في الارشاد: فاما الاخبار التي جاءت بالباهر من قضاياه في الدين و احکامه التي افتقر اليه في علمها کافة المؤمنين بعد الذي أثبتناه من جملة الوارد في تقدمه في العلم و تبريزه علي الجماعة بالمعرفة و الفهم و فزع علماء الصحابة اليه فيما اعضل من ذلک و التجائهم اليه فيه و تسليمهم له القضاء به فهي اکثر من تحصي و أجل من ان تتعاطي فمن ذلک ما رواه نقلة الآثار من العامة و الخاصة في قضاياه و رسول الله حي فصوبه فيها و حکم له بالحق فيما قضاه و دعا له بخير و أثني عليه به و أبانه بالفضل في ذلک من الکافة و دل به علي استحقاقه الامر من بعده و وجوب تقدمه علي من سواه في مقام الامامة کما تضمن ذلک التنزيل فيما دل علي معناه و عرف به ما حواه من التأويل حيث يقول الله عز و جل (أ فمن يهدي الي الحق احق ان يتبع أم من لا يهدي الا ان يهدي فما لکم کيف تحکمون) و قوله (قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون انما يتذکر اولو الالباب) و قوله عز و جل في قصة آدم و قد قالت الملائکة (ا تجعل فيها من يفسد فيها و يسفک الدماء و نحن نسبح بحمدک و نقدس لک قال اني أعلم ما لا تعلمون و علم آدم الاسماء کلها ثم عرضهم علي الملائکة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء ان کنتم صادقين قالوا سبحانک لا علم لنا الا ما علمتنا انک انت العليم الحکيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما انبأهم باسمائهم قال أ لم اقل لکم اني اعلم غيب السماوات و الارض و اعلم ما تبدون و ما کنتم تکتمون) فنبه الله جل جلاله الملائکة علي ان آدم احق بالخلافة منهم لانه أعلم منهم بالاسماء و افضلهم في علم الانباء. و قال تقدست اسماؤه في قصة طالوت (و قال لهم نبيهم ان الله قد بعث لکم طالوت ملکا قالوا أني يکون له الملک علينا و نحن أحق بالملک منه و لم يؤت سعة من المال قال ان الله اصطفاه عليکم و زاده بسطة في العلم و الجسم و الله يؤتي ملکه من يشاء و الله واسع عليم) فجعل جهة حقه في التقدم عليهم ما زاده الله من البسطة في العلم و الجسم و اصطفاءه اياه علي کافتهم بذلک و کانت هذه الآيات موافقة لدلائل العقول في ان الأعلم هو أحق بالتقدم في محل الامامة ممن لا يساويه في العلم و دلت علي وجوب تقدم أمير المؤمنين علي کافة المسلمين في خلافة الرسول و امامة الامة لتقدمه في العلم و الحکمة و قصورهم عن منزلته في ذلک «اه».

(و اما الحلم و الصفح) فقد ذکرنا عند ذکر فضائله ما يثبت ذلک بأوضح وجه و اجلاه و کذا الباقي فلا نطيل باعادته، و امتيازه في کل ذلک قد صار ملحقا بالضروريات منتظما في سلک المتواترات و الاستدلال عليه کالاستدلال علي الشمس الضاحية، و ما ذکرناه في ذلک قد اتفق علي روايته المؤالف و المخالف بخلاف ما روي مما يعارضه فقد رواه فريق دون فريق و تطرقت اليه الشبهة بما کان يجهد فيه اعداء أمير المؤمنين في عصر الملک العضوض و يبذلون علي روايته الاموال و هم في سلطانهم، و الاطالة في هذا تخرجنا عن موضوع الکتاب و فيما ذکر غني و کفاية و مقنع لمن اراد و الله الهادي.

(ثانيها) حديث الطائر المشوي الذي مر في الفضائل لدلالته علي انه احب الخلق الي الله تعالي بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و معلوم ان حب الله تعالي و حب النبي «ص» لا يکون کحب غيرهم لمحاباة او قرابة او منفعة او غيرها و لا يکون الا عن استحقاق فيدل علي الافضلية.

(ثالثها) حديث الکساء و مر ذکره في سيرة الزهراء عليها السلام في الجزء الثاني و مر في الفضائل في هذا الجزء.

(رابعها) ما دل علي انه نفس رسول الله «ص» في آية المباهلة (فقل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءکم و نساءنا و نساءکم و أنفسنا و أنفسکم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الکاذبين) و يأتي خبر نزولها عند ذکر و فد نجران سنة عشر من الهجرة و انما نذکر هنا بعض ما يتعلق بکونه نفس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقط فنقول: اتفق الرواة و المفسرون علي ان الذين دعاهم رسول الله «ص» للمباهلة هم علي و فاطمة و الحسنان و انه لم يدع احدا غيرهم. و حينئذ فالمراد بأبنائنا الحسنان و بنسائنا فاطمة و هو واضح. اما انفسنا فلا يجوز ان يکون المراد به غير علي بن ابي طالب لما ذکره صاحب مجمع البيان و غيره من انه لا يجوز ان يدعو الانسان نفسه و انما يصح ان يدعو غيره و اذا کان قوله و انفسنا لا بد ان يکون اشارة الي غير الرسول وجب ان يکون اشارة الي علي لانه لا احد يدعي دخول غير أمير المؤمنين علي و زوجته و ولديه في المباهلة. و يمکن ان يقال بأنه يصح التعبير عن الحضور بدعاء النفس مجازا و هو المراد هنا فالاولي في الاستدلال ان يقال ان الاتفاق واقع علي ان عليا کان من جملة من دعاهم النبي «ص» للمباهلة و ليس داخلا في الابناء و النساء قطعا فتعين دخوله في قوله و انفسنا فيکون المراد بأنفسنا علي وحده او هو مع النبي «ص» و علي الوجهين يکون قد اطلق عليه نفس النبي صلي الله عليه و آله و سلم فان قلنا المراد بانفسنا علي وحده کان التجوز في انفسنا وحدها، و ان قلنا المراد به رسول الله و علي معا کان التجوز في ندعو باستعمالها في دعاء النفس و دعاء الغير و في انفسنا ايضا.

و الحاصل ان انفسنا مراد به علي بن ابي طالب اما وحده او مع النبي «ص» اختار الاول الشعبي فيما حکاه عنه الواحدي فقال ابناءنا الحسن و الحسين و نساءنا فاطمة و انفسنا علي ابن ابي طالب، و اختار الثاني جابر فيما حکاه عنه صاحب الدر المنثور فقال انفسنا رسول الله و علي و ابناؤنا الحسن و الحسين و نساؤنا فاطمة.

(فاذا) ثبت ان المراد بانفسنا علي بن ابي طالب دل علي انه افضل الخلق بعد رسول الله «ص» اذ المراد به انه مثل نفسه مجازا لان کونه نفسه حقيقة باطل بالضرورة و اذا ثبت اطلاق انه مثله کان المراد انه مثله في جميع صفاته الا ما اخرجه الدليل مثل النبوة و المساواة في الفضل للاجماع علي ان عليا ليس بنبي و ان النبي «ص» افضل منه فبقي الباقي و هو انه افضل من سائر الصحابة و بالجملة ففي کونه مثل النبي الا ما اخرجه الدليل غني و کفاية. قال الرازي في تفسيره: کان في الري رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي[2] و کان متکلم الاثني عشرية و کان يزعم ان قوله و انفسنا و انفسکم يدل علي ان عليا افضل من جميع الانبياء سوي محمد «ص» لان الانسان لا يدعو نفسه بل غيره و اجمعوا علي ان ذلک الغير کان علي ابن ابي طالب فدلت علي ان نفسه هي نفس محمد و لا يمکن ان يراد ان هذه النفس عين تلک النفس فالمراد انها مثلها و ذلک يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ترک العمل به في النبوة و الفضل لقيام الدليل فبقي ما عداه. و محمد افضل من سائر الانبياء فعلي مثله. ثم قال (اي الحمصي) و يؤيد الاستدلال بهذه الآية الحديث المقبول عند الموافق و المخالف و هو قوله عليه السلام: من اراد ان يري آدم في علمه و نوحا في طاعته و ابراهيم في خلقه فلينظر الي علي بن ابي طالب، فالحديث دل علي انه اجتمع فيه ما کان متفرقا فيهم و ذلک يدل علي انه افضل من جميعهم سوي محمد «ص». قال: و اما سائر الشيعة فقد کانوا قديما و حديثا يستدلون بهذه الآية علي ان عليا افضل من سائر الصحابة لان الآية لما دلت علي ان نفسه مثل نفسه الا فيما خصه الدليل و کانت نفس محمد افضل من الصحابة فوجب ان تکون نفس علي کذلک. و الجواب انه کما انعقد الاجماع بين المسلمين علي ان محمدا عليه السلام افضل من علي کذلک انعقد الاجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان علي ان النبي افضل ممن ليس بنبي «اه» ملخصا. و قد دل کلامه علي تسليم دلالة الآية علي ذلک لو لا الاجماع فبقي الامر موقوفا علي تحقق الاجماع هذا بالنسبة الي الانبياء، اما بالنسبة الي الصحابة فهو يسلم به لانه لم يرده و لم يناقش فيه.

قال المفيد:

و في قصة اهل نجران بيان عن فضل أمير المؤمنين عليه السلام مع ما فيه من الآية للنبي «ص» و المعجز الدال علي نبوته، و ان الله تعالي حکم في آية المباهلة لامير المؤمنين عليه السلام بانه نفس رسول الله «ص» کاشفا بذلک عن بلوغه نهاية الفضل و مساواته للنبي «ص» في الکمال و العصمة من الآثام و ان الله تعالي جعله و زوجته و ولديه مع تقارب سنهما حجة لنبيه و برهانا علي دينه و نص علي الحکم بان الحسن و الحسين ابناؤه و ان فاطمة نساؤه المتوجه اليهن الذکر و الخطاب في الدعاء الي المباهلة و الاحتجاج و هذا فضل لم يشرکهم فيه احد من الامة و لاقاربهم فيه و لا ماثلهم في معناه و هو لاحق بما تقدم من مناقب أمير المؤمنين الخاصة به.

(الخامس) قوله تعالي: انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزکاة و هم راکعون. نزلت في حق علي بن ابي طالب لما تصدق بخاتمه و هو في الصلاة، فلفظ الذين آمنوا و ان کان عاما الا ان المراد به خاص و ارادة الواحد من لفظ الجمع في کلام العرب و في القرآن الکريم غير عزيزة مع دلالة القرينة کما في قوله تعالي الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لکم و المراد نعيم بن مسعود، و المراد من الزکاة فيها هي الصدقة لان الزکاة و ان اشتهرت في الشرع في الصدقة الواجبة لکنها تطلق علي المستحبة ايضا بکثرة و قوله و هم راکعون حال من ضمير يؤتون الزکاة اي و يؤتون الزکاة في حال رکوعهم. روي الواحدي النيسابوري في کتابه اسباب النزول عن الکلبي ان آخر الآية في علي بن ابي طالب لانه اعطي خاتمه سائلا و هو راکع. و روي بسنده عن ابن عباس قال اقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه قد آمنوا فقالوا يا رسول الله ان منازلنا بعيدة و ليس لنا مجلس و لا متحدث و ان قومنا لما رأونا آمنا بالله و رسوله و صدقناه رفضونا و آلوا علي انفسهم ان لا يجالسونا و لا يناکحونا و لا يکلمونا فشق ذلک علينا فقال لهم النبي عليه السلام: انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا «الآية» ثم ان النبي «ص» خرج الي المسجد و الناس بين قائم و راکع فنظر سائلا فقال هل اعطاک احد شيئا قال نعم خاتم قال من اعطاکه قال ذلک القائم و أومأ بيده الي علي بن ابي طالب فقال علي اي حال اعطاک قال اعطاني و هو راکع فکبر النبي «ص» ثم قرأ و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون، و في الدر المنثور للسيوطي: اخرج ابن مردويه من طريق الکلبي عن ابي صالح عن ابن عباس قال: أتي عبد الله بن سلام و ذکر نحوه. و في اسباب النزول للسيوطي: اخرج الطبراني في الاوسط بسند فيه مجاهيل عن عمار بن ياسر قال: وقف علي علي بن ابي طالب سائل و هو راکع في تطوع فنزل خاتمه فأعطاه السائل فنزلت انما وليکم الله و رسوله «الآية» و له شاهد. قال عبد الرزاق حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن ابيه عن ابن عباس في قوله انما وليکم الله و رسوله «الآية» قال نزلت في علي بن ابي طالب. و روي ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مثله، و اخرج ايضا عن علي مثله، و اخرج ابن جرير عن مجاهد و ابن ابي حاتم عن سلمة بن کهيل مثله قال فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا «اه» اسباب النزول، يعني فلا يضر کون بعض طرقه فيه مجاهيل. و قال السيوطي في الدر المنثور: اخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال تصدق علي بخاتمه و هو راکع فقال النبي «ص» للسائل من اعطاک هذا الخاتم قال ذاک الراکع فانزل الله انما وليکم الله و رسوله. و اخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير و ابو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس في قوله انما وليکم الله و رسوله «الآية» قال نزلت في علي بن ابي طالب. و اخرج الطبراني في الاوسط و ابن مردويه عن عمار بن ياسر قال وقف بعلي سائل و هو راکع في صلاة تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتي رسول الله «ص» فاعلمه ذلک فنزلت علي النبي «ص» هذه الآية انما وليکم الله و رسوله «الآية» فقرأ رسول الله «ص» علي اصحابه ثم قال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و اخرج ابو الشيخ و ابن مردويه عن علي بن ابي طالب قال نزلت هذه الآية علي رسول الله «ص» في بيته انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا الي آخر الآية فخرج رسول الله «ص» فدخل المسجد و جاء الناس يصلون بين راکع و ساجد و قائم يصلي فاذا سائل فقال يا سائل هل اعطاک احد شيئا قال لا الا ذاک الراکع لعلي ابن ابي طالب اعطاني خاتمه. و اخرج ابن ابي حاتم و ابو الشيخ و ابن عساکر عن سلمة بن کهيل قال تصدق علي بخاتمه و هو راکع فنزلت انما وليکم الله «الآية»، و اخرج الطبراني و ابن مردويه و ابو نعيم عن ابي رافع قال دخلت علي رسول الله «ص» و هو نائم يوحي اليه «الي ان قال» فمکث ساعة فاستيقظ و هو يقول: انما وليکم الله و رسوله «الآية» الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه و هنيئا لعلي بتفضيل الله اياه. و اخرج ابن مردويه عن ابن عباس: کان علي ابن ابي طالب قائما يصلي فمر سائل و هو راکع فأعطاه خاتمه فنزلت هذه الآية نزلت في الذين آمنوا و علي اولهم «اه» الدر المنثور. و في الکشاف: و هم راکعون الواو فيه للحال اي يعلمون ذلک في حال الرکوع و هو الخشوع و الاخبات و التواضع لله اذا صلوا و اذا زکوا و قيل هو حال من يؤتون الزکاة بمعني يؤتونها في حال رکوعهم في الصلاة و انها نزلت في حق علي ابن ابي طالب حين سأله سائل و هو راکع في صلاته فطرح له خاتمه قال فان قلت کيف صح ان يکون لعلي و اللفظ لفظ جماعة قلت جي ء به علي لفظ الجمع و ان کان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه «اه» (اقول) الرکوع و ان کان في اللغة بمعني مطلق الخضوع لکنه صار في الشرع اسما لرکوع الصلاة کما ان الصلاة کان معناها في اللغة مطلق الدعاء و صارت في عرف الشرع لذات الارکان فقوله تعالي و هم راکعون لا يصح ان يراد به و هم خاضعون لان الحقيقة الشرعية و العرفية مقدمة علي الحقيقة اللغوية و لم يستعمل في القرآن الا في ذلک المعني، و اذا قيل لهم ارکعوا لا يرکعون. يا مريم اقنتي لربک و اسجدي و ارکعي مع الراکعين، و اقيموا الصلاة و آتوا الزکاة و ارکعوا مع الراکعين، يا ايها الذين آمنوا ارکعوا و اسجدوا، و خر راکعا و أناب، تراهم رکعا سجدا، و الرکوع السجود، الراکعون الساجدون، فعلم بذلک ان المراد به رکوع الصلاة، و في تفسير الطبري اختلف اهل التأويل في المراد بالذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزکاة و هم راکعون فقال بعضهم عني به علي بن ابي طالب و قال بعضهم عني به جميع المؤمنين، ثم روي عن السدي انه قال: هؤلاء جميع المؤمنين و لکن علي بن ابي طالب مر به سائل و هو راکع في المسجد فأعطاه خاتمه، و روي بسنده عن عبد الملک عن ابي جعفر سألته عن هذه الآية قلنا من الذين آمنوا قال الذين آمنوا قلنا بلغنا انها نزلت في علي بن ابي طالب قال علي من الذين آمنوا. و في الدر المنثور اخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن ابي جعفر انه سئل عن هذه الآية و ذکر مثله. قال و اخرج ابو نعيم في الحلية عن عبد الملک بن ابي سليمان قال سألت ابا جعفر محمد بن علي و ذکر نحوه و منه علم ان المراد به الباقر عليه السلام. و روي الطبري في تفسيره عن عتبة بن حکيم في هذه الآية انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا قال علي بن ابي طالب، و بسنده عن مجاهد قال نزلت في علي بن ابي طالب تصدق و هو راکع (اقول) فدل عدم امکان ارادة العموم منها علي ان کلام السدي راجع الي ان المراد من الذين آمنوا علي بن ابي طالب بان يکون مراده هؤلاء جميع المؤمنين في ظاهر اللفظ و لکن علي بن ابي طالب مر به سائل و هو راکع فأعطاه خاتمه فکان ذلک قرينة علي انه هو المراد و الا لکان کلامه متدافعا، و لذلک قال السيوطي في الدر المنثور: اخرج ابن جرير عن مجاهد انها نزلت في علي بن ابي طالب تصدق و هو راکع، و اخرج ابن جرير عن السدي و عتبة بن حکيم مثله «اه» فجعل السدي من القائلين بنزولها في علي، و المنقول عن ابي جعفر الباقر ان صح فيه نوع اجمال و يمکن ارجاعه الي ما مر بان يکون قوله علي من الذين آمنوا اي فصح اطلاق هذا اللفظ عليه، و من ذلک يعلم ان وجود القائل بالقول الثاني غير متحقق، و في تفسير الفخر الرازي في قوله الذين آمنوا قولان (الاول) ان المراد عامة المؤمنين لان عبادة بن الصامت لما تبرأ من اليهود و قال انا بري ء الي الله من حلف قريظة و النضير و اتولي الله و رسوله نزلت هذه الآية علي وفق قوله، قال و روي ايضا ان عبد الله بن سلام قال يا رسول الله ان قومنا قد هجرونا و اقسموا ان لا يجالسونا و لا نستطيع مجالسة اصحابک لبعد المنازل فنزلت هذه الاية فقال رضينا بالله و برسوله و بالمؤمنين اولياء. (اقول) الاستشهاد بخبر عبد الله بن سلام علي ان المراد عامة المؤمنين لا وجه له لانه انما يدل علي ان الله تعالي جعل لهم بدل هجر قومهم اياهم ولاية الله و رسوله و الذين آمنوا سواء اريد بالذين آمنوا العموم او الخصوص فاذا کان هناک ما يدل علي الخصوص لم يکن فيه منافاة لهذا الخبر و لذلک ذکره الواحدي في سياق نزولها في علي بن ابي طالب کما مر في الفضائل. قال الفخر (القول الثاني) ان المراد من هذه الاية شخص معين ـ روي عکرمة انها نزلت في علي بن ابي طالب و روي ان عبد الله بن سلام قال لما نزلت هذه الاية قلت يا رسول الله انا رأيت عليا تصدق بخاتمه علي محتاج و هو راکع فنحن نتولاه، و روي عن ابي ذر انه قال صليت مع رسول الله «ص» يوما صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه احد فرفع السائل يده الي السماء و قال اللهم اشهد اني سألت في مسجد الرسول «ص» فما اعطاني احد شيئا و علي «ع» کان راکعا فأومأ اليه بخنصره اليمني و کان فيها خاتم فأقبل السائل حتي اخذ الخاتم بمرأي النبي «ص» فقال اللهم ان اخي موسي سأل فقال رب اشرح لي صدري الي قوله و اشرکه في امري فأنزلت قرآنا ناطقا سنشد عضدک باخيک و نجعل لکما سلطانا اللهم و انا محمد نبيک و صفيک فاشرح لي صدري و يسر لي امري و اجعل لي وزيرا من اهلي عليا اشدد به ظهري، قال ابوذر فو الله ما أتم رسول الله «ص» هذه الکلمة حتي نزل جبرئيل فقال يا محمد اقرأ انما وليکم الله و رسوله الي آخرها «ا ه» (اقول) علم من مجموع ما سلف ان احتمال ارادة عموم المؤمنين ضعيف لا يعول عليه و لا يرجع الي مستند و لا يعارض الاخبار الکثيرة الدالة علي نزولها في علي عليه السلام و ان وجود القائل به غير متحقق، مضافا الي انه علي هذا الاحتمال تکون الواو في و هم راکعون عاطفة من عطف الخاص علي العام کما في أقيموا الصلاة و آتوا الزکاة و ارکعوا مع الراکعين، و لو کان کذلک لکان من مقتضي البلاغة ان يقول و هم يرکعون لان الجمل التي قبلها فعلية فلا يناسب عطف الجملة الاسمية الصرفة عليها بل المناسب ان يقول و هم يرکعون کما في قوله تعالي الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون و الذين يؤمنون بما انزل اليک و ما انزل من قبلک و بالآخرة هم يوقنون و لم يقل موقنون و رواية عکرمة قد انفرد بها فلا تعارض الروايات الکثيرة مع انه کان متهما برأي الخوارج و اذا کان المراد بهذه الآية شخص معين و هو علي بن ابي طالب کانت دالة علي امامته لان في اقتران ولايته بولاية الله تعالي و رسوله «ص» مع الحصر بأنما اقوي دليل علي ذلک، و قد أطال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية و ذکر اشياء اکثرها لا طائل تحتها مثل ان اللائق بعلي عليه السلام ان يکون مستغرق القلب بذکر الله في الصلاة لا يتفرغ لاستماع کلام الغير و فهمه (و الجواب) ان الاستماع الي کلام السائل لا يخرج عن ذلک کما يحکي عن ابي الفرج الجوزي انه قال في جواب السائل عن ذلک:


يسقي و يشرب لا تلهيه سکرته
عن النديم و لا يلهو عن الکاس


(و مثل) ان دفع الخاتم في الصلاة للفقير عمل کثير و اللائق بحال علي عليه السلام ان لا يفعل ذلک (و الجواب) ان اراد انه عمل کثير مبطل للصلاة فقد اجاب عنه في الکشاف بقوله کأن الخاتم کان مرجا في خنصره فلم يتکلف لخلعه کثير عمل تفسد بمثله صلاته «ا ه» و عند فقهائنا انه لا يفسد الصلاة الا العمل الکثير الماحي لصورتها و ان اراد انه عمل کثير يکره فعله ففيه انه کيف يکره التصدق علي الفقير الذي هو من افضل الطاعات الي غير ذلک مما اطال به و لا فائدة في نقله و نقضه.

(السادس) آية التطهير: انما يريد الله ليذهب عنکم الرجس اهل البيت و يطهرکم تطهيرا، دلت الاخبار الکثيرة علي ان المراد بأهل البيت علي و فاطمة و الحسنان فتدل الآية الشريفة علي عصمتهم لان الذنب رجس و قد أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا من کل رجس و ذنب، و لا ينافي ذلک کون ما قبلها و ما بعدها في نساء النبي «ص» بعد ما ورد النص الصريح بان المراد بها ما ذکر و بعد تذکير ضمير عنکم و مراعاة السياق في الکتاب العزيز غير لازمة کما في موارد کثيرة منه و لعل ذلک لانه نزل نجوما، و مر الکلام علي ذلک مفصلا في سيرة الزهراء عليها السلام من الجزء الاول و مر له ذکر في الفضائل من هذا الجزء.

(السابع) احاديث الثقلين التي رواها اجلاء علماء اهل السنة و اکابر محدثيهم في صحاحهم باسانيدهم المتعددة و اتفق علي روايتها الفريقان فرواها مسلم و الترمذي في صحيحيهما و الامام احمد بن حنبل في مسنده و الثعلبي في تفسيره و ابن المغازلي الشافعي في المناقب و صاحب الجمع بين الصحاح الستة و الحميدي من افراد مسلم و السمعاني في فضائل الصحابة و الحموئي و موفق بن احمد و الطبراني و ابن حجر في صواعقه و غيرهم و رويت من طرق اهل البيت باثنين و ثمانين طريقا (اما روايات اهل السنة) ففيها عن زيد بن ارقم عن النبي (ص) انا تارک فيکم ثقلين اولهما کتاب الله فيه الهدي و النور فخذوا بکتاب الله و استمسکوا به فحث علي کتاب الله و رغب فيه ثم قال و اهل بيتي اذکرکم الله في اهل بيتي اذکرکم الله في اهل بيتي اذکرکم الله في اهل بيتي فقال له حصين و من اهل بيته يا زيد أ ليس نساؤه من اهل بيته فقال نساؤه من اهل بيته و لکن اهل بيته من حرم الصدقة بعده قال و من هم قال آل علي و آل عقيل و آل جعفر و آل عباس قال هؤلاء حرم الصدقة قال نعم (و في رواية) لمسلم فقلنا من اهل بيته نساؤه قال لا لأن المرأة تکون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الي ابيها و قومها أهل بيته اصله و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده، (و فيها) عن ابي سعيد الخدري عن النبي (ص) اني تارک فيکم الثقلين و في رواية خليفتين احدهما اکبر من الآخر کتاب الله حبل ممدود من السماء الي الارض و عترتي اهل بيتي و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض «و في رواية» و ان اللطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفوني فيهما (و في اخري) اني قد ترکت فيکم ما ان اخذتم به لن تضلوا بعدي الثقلين احدهما اکبر من الآخر کتاب الله حبل ممدود من السماء الي الارض و عترتي اهل بيتي و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض «و في رواية» اني تارک فيکم امرين لن تضلوا ان تبعتموهما و هما کتاب الله و عترتي اهل بيتي فلا تتقدموهما فتهلکوا و لا تقصروا عنهما فتهلکوا و لا تعلموهم فانهم اعلم منکم، و هي صريحة في خروج النساء من اهل البيت و اختصاصهم بعشيرته و عصبته و قد اوردنا هذه الاحاديث کلها و تکلمنا عليها بما لا مزيد عليه في کتابنا اقناع اللائم علي اقامة المآتم فليرجع اليه من اراد. دلت هذه الاحاديث علي عصمة أهل البيت من الذنوب و الخطأ لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في انهم احد الثقلين المخلفين في الناس و في الامر بالتمسک بهم کالتمسک بالقرآن و لو کان الخطأ يقع منهم لما صح الامر بالتمسک بهم الذي هو عبارة عن جعل اقوالهم و افعالهم حجة و في ان المتمسک بهم لا يضل کما لا يضل المتمسک بالقرآن و لو وقع منهم الذنب او الخطأ لکان المتمسک بهم يضل و ان في اتباعهم الهدي و النور کما في القرآن و لو لم يکونوا معصومين لکان في اتباعهم الضلال و في انهم حبل ممدود من السماء الي الارض کالقرآن و هو کناية عن انهم واسطة بين الله تعالي و بين خلقه و ان اقوالهم عن الله تعالي و لو لم يکونوا معصومين لم يکونوا کذلک و في انهم لن يفارقوا القرآن و لن يفارقهم مدة عمر الدنيا و لو اخطأوا او اذنبوا لفارقوا القرآن و فارقهم و في عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه اماما لهم او تقصير عنهم و ائتمام بغيرهم کما لا يجوز التقدم علي القرآن بالافتاء بغير ما فيه او التقصير عنه باتباع اقوال مخالفيه و في عدم جواز تعليمهم ورد اقوالهم و لو کانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم و لم ينه عن رد قولهم، و دلت هذه الاحاديث ايضا علي ان منهم من هذه صفته في کل عصر و زمان بدليل قوله «ص» انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض و ان اللطيف الخبير اخبره بذلک و ورود الحوض کناية عن انقضاء عمر الدنيا فلو خلا زمان من احدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتي يردا عليه الحوض، اذا علم ذلک ظهر انه لا يمکن ان يراد باهل البيت جميع بني هاشم بل هو من العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل و العلم و الزهد و العفة و النزاهة من ائمة اهل البيت الطاهر و هم الائمة الاثنا عشر و امهم الزهراء البتول للاجماع علي عدم عصمة من عداهم و الوجدان ايضا علي خلاف ذلک لان من عداهم من بني هاشم تصدر منهم الذنوب و يجهلون کثيرا من الاحکام و لا يمتازون عن غيرهم من الخلق فلا يمکن ان يکونوا هم المجعولين شرکاء القرآن في الامور المذکورة بل يتعين ان يکونوا بعضهم لا کلهم و ليس الا من ذکرنا اما تفسير زيد بن ارقم لهم بمطلق بني هاشم ان صح ذلک عنه فلا تجب متابعته عليه بعد قيام الدليل علي بطلانه.

(الثامن) حديث السفينة و باب حطة و هو قوله «ص» مثل اهل بيتي فيکم مثل سفينة نوح من رکبها نجا و من تأخر عنها هلک او من رکب فيها نجا و من تخلف عنها غرق او من دخلها نجا و من تخلف عنها هلک. الذي اتفق علي روايته جميع علماء الاسلام، قال ابن حجر في الصواعق. جاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضا انما مثل اهل بيتي فيکم کمثل سفينة نوح من رکبها نجا و في رواية مسلم و من تخلف عنها غرق و في رواية هلک و انما مثل اهل بيتي فيکم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له و في رواية غفر له الذنوب و قال في موضع آخر جاء من طرق کثيرة يقوي بعضها بعضا مثل اهل بيتي و في رواية انما مثل اهل بيتي و في اخري ان مثل اهل بيتي و في رواية الا ان مثل اهل بيتي فيکم مثل سفينة نوح في قومه من رکبها نجا و من تخلف عنها غرق و في رواية من رکبها سلم و من ترکها غرق و ان مثل اهل بيتي فيکم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له (ا ه). و روي الحاکم في المستدرک بسنده عن حنش الکناني سمعت ابا ذر يقول و هو آخذ بباب الکعبة من عرفني فانا من عرفتم و من انکرني فانا ابو ذر سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول مثل اهل بيتي مثل سفينة نوح من رکبها نجا و من تخلف عنها غرق هذا حديث صحيح علي شرط مسلم (ا ه) و قد تکلمنا علي هذه الروايات مفصلا في کتاب اقناع اللائم علي اقامة المآتم و ذکرنا هناک ان تمثيلهم بسفينة نوح صريح في وجوب اتباعهم و الاقتداء باقوالهم و افعالهم و حرمة اتباع من خالفهم و اي عبارة ابلغ في الدلالة علي ذلک من قوله من رکبها نجا و من تخلف عنها هلک او غرق فکما ان کل من رکب مع نوح في سفينته نجا من الغرق و من لم يرکب غرق و هلک فکذلک کل من اتبع اهل البيت اصاب الحق و نجا من سخط الله و فاز برضوانه و من خالفهم هلک و وقع في سخط الله و عذابه و ذلک دليل عصمتهم و الا لما کان کل متبع لهم ناجيا و کل مخالف لهم هالکا و هذا عام مخصوص کما مر في حديث الثقلين و ليس المراد به الا أئمة اهل البيت الذين وقع الاتفاق علي تفضيلهم و اشتهروا بالعلم و الفضل و الزهد و الورع و العبادة و اتفقت الامة علي عدم عصمة غيرهم و غير المعصوم لا يکون متبعه ناجيا و مخالفه هالکا علي کل حال و لا يقصر عنه في الدلالة خبر تسميتهم بباب حطة الدال علي ان النجاة في اتباعهم و الخلاص من الذنوب و المعاصي بالاخذ بطريقتهم.

(التاسع) حديث المنزلة و هو قوله صلي الله عليه و آله و سلم انت مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي. و مر في غزاة تبوک في هذا الجزء و الجزء الثاني انه قال له أ ما ترضي ان تکون مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي.

و هذا الحديث يقع الکلام فيه في مقامين في صحة سنده و اثبات دلالته علي المطلوب.









  1. يثيع کزبير بمثناة تحتية و مثلثة و عين مهملة و يقال اثيع کذا في القاموس و بعضهم قال بغين معجمة. المؤلف.
  2. هو شيخ الامام الرازي. في القاموس الحمصي بالضم مشددا محمود بن علي الحمصي (الرازي) متکلم أخذ عنه الامام فخر الذين الرازي «اه» لکنه قال محمود بن علي و الرازي قال محمود بن الحسن و لعل احدهما نسبه الي الاب و الآخر الي الجد. المؤلف.