ادلة امامته

و هي امور کثيرة نذکر منها هنا بعضها:

(الاول) وجوب العصمة في الامام بالدليل الذي دل علي وجوب العصمة في النبي فکما انه لا يجوز کون النبي غير معصوم لان صدور الذنب منه يسقط منزلته من القلوب و لا يؤمن معه زيادته في الشريعة و تنقيصه منها و يوجب عدم الوثوق بأقواله و أفعاله و هو ينافي الغرض المقصود من ارساله و نقض الغرض قبيح فلا يمکن صدوره من الله تعالي. کذلک لا يجوز کون الامام غير معصوم لان النبي مبلغ للشرع الي الامة عن الله تعالي و الامام مبلغ له اليهم عن النبي و حافظ له من الزيادة و النقصان فان الامامة رياسة عامة في امور الدين و الدنيا لشخص من الاشخاص نيابة عن النبي «ص» هکذا عرفها جميع علماء الاسلام و صدور الذنب من الامام يسقطه من النفوس و لا يؤمن معه زيادته في الشريعة و تنقيصه منها مع کونه منصوبا لحفظها من ذلک، و يوجب عدم الوثوق بأقواله و افعاله و هو ينافي الغرض المقصود من امامته فالدليل الذي دل علي عصمة النبي «ص» بعينه دال علي عصمة الامام و قد اجمعت الامة علي انه لا معصوم بعد النبي «ص» سوي علي و ولده لان الامة بين قولين اما لا معصوم اصلا او انحصار المعصوم فيهم فاذا دل الدليل علي وجوب عصمة الامام کانوا هم الأئمة. و مما يدل علي عصمته و عصمة الائمة من ذريته عليه و عليهم السلام آية التطهير، و مرت في سيرة الزهراء عليها السلام في الجزء الثاني و احاديث الثقلين و باب حطة و سفينة نوح و غيرها و تأتي هنا (انش).

(الثاني) ما رواه الطبري في تاريخه و تفسيره و البغوي و الثعلبي في تفسيره و النسائي في الخصائص و صاحب السيرة الحلبية و رواه من ثقات اصحابنا و محدثيهم محمد بن علي ابن الحسين بن بابويه القمي و الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مجالسه جميعا بأسانيدهم المتصلة و قد مرت رواياتهم بأسانيدهم المتصلة في الجزء الثاني من هذا الکتاب في السيرة النبوية و نعيد ذکرها هنا باختصار و ان لزم بعض التکرار. قال الطبري في تاريخه: حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة حدثني محمد بن اسحق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي ابن طالب قال لما نزلت و انذر عشيرتک الاقربين دعاني رسول الله «ص» (الي ان قال) فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن (و العس القدح الکبير) ثم اجمع لي بني عبد المطلب ففعلت ما امرني ثم دعوتهم و هم يومئذ اربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه فيهم اعمامه ابو طالب و حمزة و العباس و ابو لهب فلما وضعت الطعام تناول جذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال خذوا باسم الله فأکلوا حتي ما لهم بشي ء حاجة و ما اري الا موضع ايديهم و أيم الله ان کان الواحد منهم ليأکل ما قدمت لجميعهم و شربوا من ذلک العس حتي رووا جميعا و أيم الله ان کان الواحد منهم ليشرب مثله فلما أراد ان يکلمهم بدره ابو لهب فقال لشد ما سحرکم صاحبکم فتفرقوا و لم يکلمهم. ثم فعل مثل ذلک في اليوم الثاني فأکلوا و شربوا فقال يا بني عبد المطلب اني قد جئتکم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني الله تعالي ان أدعوکم اليه فأيکم يؤازرني علي هذا الامر علي ان يکون اخي و وصيي و خليفتي فيکم فأحجم القوم جميعا و قلت ـ و اني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقا ـ انا يا نبي الله اکون وزيرک عليه فأخذ برقبتي ثم قال ان هذا اخي و وصيي و خليفتي فيکم فاسمعوا له و أطيعوا فقاموا يضحکون و يقولون لأبي طالب قد أمرک ان تسمع لابنک و تطيع «ا ه». کبر عليهم ان يسمعوا و يطيعوا لشاب حدث السن عمره بين العشرة و الخمس عشرة سنة رمص العين حمش الساق عظيم البطن و کل ذلک يوجب عدم الروعة في عين الرائي و قالوا في انفسهم کيف يؤمر غلام صغير السن ليس في مرآه روعة علي مشيخة قومه و کهولهم و فيهم أعمامه و ابوه شيخ الابطح ان هذا لعجيب يوجب الضحک فضحکوا منه و لم يعلموا ان هذا الغلام الحدث السن الرمص العين العظيم البطن الحمش الساق سيکون له شأن عظيم فيکون باب مدينة علم المصطفي و حامل لواء الاسلام و مشيد أرکانه و رافع بنيانه و منسي شجاعة الشجعان و جامع أعلي صفات الفضل و حاوي ارفع و أعظم مزايا النبل و مشيد مجد لبني عبد المطلب و عامة العرب لا تهدمه الايام مهما تطاولت و مخلد ذکر لهم لا تمحوه الأعوام مهما تعاقبت و انه هو خليفة الرسول في امته و انه لا يصل الي مرتبته احد منهم و لا من غيرهم و کأن النبي «ص» قال لهم في نفسه و بلسان حاله مهلا يا بني عبد المطلب ستعلمون عن قريب انني لم أخطي ء في تقديمه عليکم و ستصدق أفعاله اقوالي فيه، و لا شک ان جملة من شبانهم و کهولهم الذين هم أعلي منه سنا و أروع منظرا في رأي العين اخذهم الحسد عند ذلک الذي يأخذ أمثالهم في مجري العادة في مثل هذا المقام کما اخذ قابيل ابن ابيهم آدم و أخذ اخوة يوسف عليهما السلام فکان ذلک سببا في زيادة ضحکهم و تعجبهم و غطي ما رأوه من المعجزة و لا شک ان ابا لهب کان اشدهم ضحکا و نفورا حتي اوهمهم ان هذه المعجزة نوع من السحر الشديد، اما ابو طالب فکان مسرورا اشد السرور بما رأي من کرامة ولده و علو شأنه الذي انضم الي ما کان يراه فيه من مخايل النجابة و النبل و من اعلم بالولد من الوالد و کان عالما بصدق النبي «ص» فيما ادعاه و زاده يقينا ما رآه من المعجز لکنه لم يستطع مجابهة قومه باظهار ما في نفسه و ان کان شارکهم في الضحک ـ و لا نخاله ـ فما ضحکه الا ضحک سرور لا ضحک استهزاء و ان کان فما هو الا استهزاء بهم، اما اخوه حمزة فلا نعتقد الا انه کان مثله في اکثر ذلک و قد سره ما رأي من ابني اخويه محمد و علي لکنه سکت متربصا سنوح الفرصة ليظهر اسلامه. و يمکن ان يکون العباس ايضا کذلک. و روي هذا الحديث الطبري في تفسيره ايضا بمثل ما رواه في تاريخه سندا و متنا الا انه ابدل في النسخةالمطبوعة قوله: علي ان يکون اخي و وصيي و خليفتي فيکم. و قوله: ان هذا اخي و وصيي و خليفتي فيکم بغيره فوضع مکان الاول (علي ان يکون اخي و کذا و کذا) و مکان الثاني (ان هذا اخي و کذا و کذا) و لا شک ان هذا التبديل من الطابعين جريا علي الشنشنة الأخزمية و لکن وجوده في التاريخ و ما بقي منه في التفسير من قوله فاسمعوا له و اطيعوا کاف في الارشاد الي ما حذف منه.

و قد رواه الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي من علمائنا في کتاب مجالسه قال حدثنا جماعة عن ابي المفضل حدثنا ابو جعفر الطبري سنة 308 حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل الابرش حدثني محمد بن اسحق عن عبد الغفار قال ابو المفضل: و حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي و اللفظ له حدثنا محمد بن الصباح الجرحلوي حدثنا سلمة بن صالح الجعفي عن سليمان الاعمش و ابي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس عن علي بن ابي طالب قال لما نزلت هذه الآية و ذکر مثل رواية الطبري المتقدمة بعينها مع تفاوت يسير في بعض الالفاظ لا يخل بالمعني.

و رواه البغوي کما في رواية الطبري بعينها حکاه عنه ابن تيمية کما ستعرف.

و قال الثعلبي في تفسيره: اخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدثنا موسي بن محمد حدثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدثنا عبد الله بن يعقوب حدثنا علي بن هاشم عن صباح ابن يحيي المزني عن زکريا بن ميسرة عن ابي اسحق عن البراء قال لما نزلت و انذر عشيرتک الاقربين جمع رسول الله «ص» بني عبد المطلب و هم اربعون رجلا فأمر عليا برجل شاة فأدمها ثم قال ادنوا بسم الله فدنوا عشرة عشرة فأکلوا حتي صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال اشربوا بسم الله فشربوا حتي رووا فبدرهم ابو لهب فقال هذا ما سحرکم به الرجل فسکت ثم دعاهم من الغد علي مثل ذلک من الطعام و الشراب ثم أنذرهم فقال يا بني عبد المطلب اني انا النذير اليکم من الله عز و جل و البشير فأسلموا و أطيعوني تهتدوا ثم قال من يواخيني و يوازرني و يکون وليي و وصيي بعدي و خليفتي في اهلي و يقضي ديني فسکت القوم فأعادها ثلاثا کل ذلک يسکت القوم و يقول علي انا فقال في المرة الثالثة انت فقام القوم و هم يقولون لابي طالب اطع ابنک فقد امر عليک. و هو يدل علي انهم فهموا الخلافة بعده و لذلک قالوا هذا لابي طالب مع ان اتحاده مع روايةالطبري في الخصوصيات يدل علي اشتماله علي ما فيها. و قال النسائي في الخصائص اخبرنا الفضل بن سهل حدثني ابن عفان بن مسلم حدثنا ابو عوانة عن عثمن بن المغيرة عن ابي صادق عن ربيعة بن ماجد ان رجلا قال لعلي يا أمير المؤمنين لم ورثت دون اعمامک قال جمع رسول الله «ص» بني عبد المطلب فصنع لهم مدا من الطعام فأکلوا حتي شبعوا ثم دعا بعس فشربوا حتي رووا فقال يا بني عبد المطلب اني بعثت اليکم خاصة و الي الناس عامة فأيکم يبايعني علي ان يکون اخي و صاحبي و وارثي فلم يقم اليه احد فقمت اليه فقال اجلس ثم قال ثلاث مرات کل ذلک اقوم اليه فيقول اجلس حتي اذا کان في الثالثة ضرب بيده علي يدي فبذلک ورثت ابن عمي دون عمي «ا ه».

و اتحاد الخصوصيات في هذا الحديث مع خصوصيات حديث الطبري من جمع بني عبد المطلب و صنع الطعام لهم و المجي ء بالشراب يدل علي ان متنه هو متن حديث الطبري بعينه و انه اشتمل علي جميع ما اشتمل عليه حديث الطبري و انه قد تناولته يد التحريف ـ لأمر يعلمه الله ـ فلذلک وقع اضطراب في متنه فان هذا التعليل في الميراث لا يصح ان اريد به ميراث المال اما عندنا فلان الميراث للبنت بالفرض و الرد و ليس لابن العم شي ء، و اما عند غيرنا فلأن الانبياء لا تورث. و ان اريد ميراث العلم نافاه السياق الدال علي ان المذکور فيه هو المذکور في حديث الطبري.

و قد اورد هذا الحديث صاحب السيرة الحلبية بنحو ما مر عن الطبري الي ان قال: من يجيبني الي هذا الامر و يوازرني علي القيام به قال علي انا يا رسول الله. (قال) و زاد بعضهم في الرواية يکن اخي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي فلم يجبه احد منهم فقام علي و قال انا يا رسول الله قال اجلس ثم أعاد القول علي القوم ثانيا فلم يجبه احد منهم فقام علي و قال انا يا رسول الله فقال اجلس فأنت اخي و وزيري و وصيي و وارثي و خليفتي من بعدي، ثم حکي عن ابن تيمية انه قال في الزيادة المذکور انها کذب و حديث موضوع من له ادني معرفة في الحديث يعلم ذلک، قال و قد رواه مع زيادته المذکورة ابن جرير و البغوي باسناد فيه ابو مريم الکوفي و هو مجمع علي ترکه و قال احمد انه ليس بثقة، عامة احاديثه بواطيل و قال ابن المديني کان يضع الحديث «ا ه» (و اقول) من عنده ادني معرفة يعلم ان قدح ابن تيمية فيه لم يستند الي حجة بل الي التحامل علي علي و النصب فقد سمعت بسنده في روايةالطبري في تاريخه و تفسيره و في رواية الثعلبي في تفسيره، و ليس فيه ابو مريم الکوفي علي فرض صحة ما قيل فيه و قد عرفت ان الشيخ الطوسي رواه بسندين آخرين غير سند الطبري و ان ابا مريم في احدهما دون الآخر علي ان رواية البغوي له ان لم تکن حجة فهي مؤيدة و لا يکون ضعفها قادحا في الرواية الصحيحة، و کل من له ادني معرفة في الحديث يعلم ذلک.

و قد رواه ايضا من مشاهير علمائنا و ثقات محدثيهم الشيخ محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمي المعروف بالصدوق قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني: حدثنا عبد العزيز حدثنا المغيرة بن محمد حدثنا ابراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الازدي حدثنا قيس ابن الربيع و شريک بن عبد الله عن الاعمش عن منهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث ابن نوفل عن علي بن ابي طالب عليه السلام قال: لما نزلت و انذر عشيرتک الاقربين دعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بني عبد المطلب و هم اذ ذاک اربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصون رجلا فقال أيکم يکون اخي و وارثي و وزيري و وصيي و خليفتي فيکم بعدي فعرض ذلک عليهم رجلا رجلا کلهم يأبي ذلک حتي أتي علي فقال انا يا رسول الله فقال يا بني عبد المطلب هذا اخي و وارثي و وزيري و خليفتي فيکم بعدي فقام القوم يضحک بعضهم الي بعض و يقولون لابي طالب قد امرک ان تسمع و تطيع لهذا الغلام. و مرت رواية الشيخ المفيد له في ارشاده عند ذکر فضائله و مناقبه.[1] .

(الثالث) النص علي امامته من النبي صلي الله عليه و آله و سلم يوم الغدير حين رجع من حجة الوداع و معه ما يزيد علي مائة الف فخطبهم و قال في خطبته و قد رفعه للناس و اخذ بضبعيه فرفعهما حتي بان للناس ابطيهما أ لست أولي بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلي قال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و أحب من احبه و ابغض من ابغضه و انصرمن نصره و أعن من أعانه و اخذل من خذله و أدر الحق معه حيث دار، ثم افرده بخيمة و امر الناس بمبايعته بامرة المؤمنين حتي النساء و منهم نساؤه، و مر ذلک مفصلا في الجزء الثاني في السيرة النبوية، و يأتي في هذا الجزء في حوادث سنة عشر من الهجرة، و نذکر هنا وجه الدلالة علي امامته و يتضمن ذلک طرفا من الاحاديث الواردة فيه مما لم يذکر هناک فنقول: وجه الاستدلال انه قال من کنت مولاه فعلي مولاه بعد تقريرهم بقوله أ لست اولي بکم من انفسکم و اقرارهم بقولهم بلي فدل علي ان المراد من کنت أولي به من نفسه فعلي أولي به من نفسه و ليست الامامة شيئا فوق ذلک و هذا التقرير و الاقرار و التعقيب بهذا الکلام نص علي ان المراد بالمولي هنا هو الاولي فانه احد معانيه و ناف لاحتمال غيره فبطل الاعتراض بأن المولي لفظ مشترک بين معان فتعيين احدها يحتاج الي القرينة لانها موجودة و هي ما ذکرناه علي ان بعض تلک المعاني لا يصح ارادته في المقام مثل المعتق و المعتق و نحو ذلک و بعضها لا يناسبه کل هذا الاهتمام من النبي صلي الله عليه و آله و سلم مثل الصديق و نحوه و کفي في الاهتمام جمع الناس من اقاصي البلاد و أدانيها ليحجوا معه في ذلک العام الذي لم يکن الا لتبليغهم هذا الامر المهم و بطل ما يتمحله بعض المتمحلين من ان ذلک قاله في شأن اسامة بن زيد بن حارثة لما قال لعلي لست مولاي و انما مولاي (اي معتقي) رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذلک، فانه اذا کان اسامة بن زيد قد اعتقه النبي «ص» فلا معني لان يکون اعتقه علي و لو فرض فلا يناسبه هذا الاهتمام العظيم، علي ان اسامة لم يعتقه النبي «ص» و انما اعتق اباه زيد بن حارثة فاطلاق انه مولي رسول الله «ص» عليه انما هو باعتبار انجرار الولاء اليه من ابيه و لهذا قال بعضهم ان القائل لعلي لست مولاي و انما مولاي رسول الله هو زيد بن حارثة فقال رسول الله من کنت مولاه فعلي مولاه ردا لقول زيد و هذا القول قاله اسحق بن جماد بن زيد للمأمون لما جمع العلماء ليحتج عليهم في فضل علي عليه السلام فيما ذکره صاحب العقد الفريد فقال اسحق للمأمون ذکروا ان الحديث انما کان بسبب زيد بن حارثة لشي ء جري بينه و بين علي و انکر ولاء علي فقال رسول الله «ص» من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فرد عليه المأمون بأن ذلک کان في حجة الوداع و زيد بن حارثة قتل قبل ذلک و کأن من ذکر هذا العذر التفت الي مثل ما رد به المأمون فغير العذر و قال انه قال ذلک في شأن اسامة بن زيد، و سواء أ قيل ان ذلک في شأن زيد او ابنه اسامة فزيد انما هو مولي عتاقة و ابنه اسامة کذلک بجر الولاء و علي لم يعتقه و انما اعتقه النبي «ص» فکيف يکون زيد او ابنه مولاه و هو لم يعتقه علي انه لا يناسبه کل هذا الاهتمام کما عرفت، و کذلک ما تمحله ابن کثير و صاحب السيرة الحلبية من صرف ما وقع يوم الغدير الي ما وقع عند رجوع علي من اليمن، فقال ابن کثير في تاريخه: فصل في الحديث الدال علي انه عليه السلام خطب بمکان بين مکة و المدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة يقال له غدير خم فبين فيها فضل علي بن ابي طالب و براءة عرضه مما کان تکلم فيه بعض من کان معه بأرض اليمن بسبب ما کان صدر اليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا و تضييقا و بخلاف و الصواب کان معه في ذلک، و لهذا لما فرغ عليه السلام من بيان المناسک و رجع الي المدينة بين ذلک في اثناء الطريق فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ و کان يوم الاحد بغدير خم تحت شجرة هناک و ذکر من فضل علي و امانته و عدله و قربه اليه ما ازاح به ما کان في نفوس کثير من الناس منه (الي ان قال) و نحن نورد عيون ما روي في ذلک مع اعلامنا انه لا حظ للشيعة فيه و لا متمسک لهم و لا دليل ـ لکنه لم يأت بدليل يثبت ما قال ـ بل قدم اولا روايات هذه الواقعة فنقل عن محمد بن اسحق بسنده عن يزيد ابن طلحة قال: لما اقبل علي من اليمن ليلقي رسول الله «ص» بمکة تعجل الي رسول الله و استخلف علي جنده الذين معه رجلا من اصحابه فعمد ذلک الرجل فکسا کل رجل من القوم حلة من البز الذي کان مع علي (و هو الذي اخذه من اهل نجران) فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فاذا عليهم الحلل قال ويلک ما هذا قال کسوت القوم ليتجملوا به اذا قدموا في الناس قال ويلک انزع قبل ان ينتهي به الي رسول الله «ص» فانتزع الحلل من الناس فردها في البز. و اظهر الجيش شکواهم لما صنع بهم، ثم حکي عن ابن اسحق انه روي بسنده عن ابي سعيد الخدري قال اشتکي الناس عليا فقام رسول الله «ص» فينا خطيبا فسمعته يقول: ايها الناس لا تشتکوا عليا فو الله انه لأخشن في ذات الله او في سبيل الله من ان يشکي، ثم حکي عن الامام احمد انه روي بسنده عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت علي رسول الله «ص» ذکرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله «ص» يتغير فقال يا بريدة أ لست أولي بالمؤمنين من انفسهم قلت بلي يا رسول الله قال من کنت مولاه فعلي مولاه. قال ابن کثير: و کذا رواه النسائي باسناده نحوه، قال و هذا اسناد جيد قوي رجاله کلهم ثقات «ا ه» ثم اتبع ابن کثير ذلک بروايات الغدير ليجعلهما بزعمه واقعة واحدة و ان ما وقع يوم الغدير هو تدارک لما وقع في سفر اليمن و ان النبي «ص» بين يوم الغديرفضل علي و براءة ساحته مما تکلم فيه اهل ذلک الجيش مع انهما واقعتان لا دخل لاحداهما في الاخري فالنبي «ص» لما شکا اهل الجيش من علي و کانت شکايتهم منه بمکة في ايام الحج غضب النبي لذلک و بين لهم ان شکايتهم منه في غير محلها و قام فيهم خطيبا و قال لا تشکوا عليا فو الله انه لاخشن في ذات الله من ان يشکي و قال لهم يومئذ أ لست اولي بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلي قال من کنت مولاه فعلي مولاه و اکتفي بذلک و هو کاف في ردعهم و بيان فضل علي و ان ما فعله هو الصواب، و حديث الغدير کان في الثامن عشر من ذي الحجة بعد انقضاء الحج و رجوعه الي المدينة و لو کان ما وقع يوم الغدير هو لمجرد ردعهم و بيان خطئهم في شکايتهم من علي لقاله بمکة و اکتفي به و لم يؤخره الي رجوعه، و زعم صاحب السيرة الحلبية انه قال ذلک بمکة لبريدة وحده ثم لما وصل الي غدير خم احب ان يقوله للصحابة عموما يکذبه ما سمعته من قول ابي سعيد الخدري احد الصحابة فقام فينا خطيبا اي قام في الصحابة عموما و اعلن ذلک في خطبته علي المنبر و علي رؤوس الاشهاد و قوله ذلک بمکة أعم و أشمل لوجود الحاج کلهم و منهم اهل مکة و ما حولها الذين لم يکونوا معه في غدير خم فلو کان الغرض تبليغ عموم الصحابة ما وقع في مسألة اليمن لما اخره الي غدير خم و لکنه لما نزل عليه قوله تعالي (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليک من ربک و ان لم تفعل فما بلغت رسالته) و هو في الطريق بلغهم اياه في غدير خم حين نزلت عليه الآية فهما واقعتان لا دخل لاحداهما في الاخري، و خلط احداهما بالاخري نوع من الخلط و الخبط و الغمط مع انک ستعرف و عرفت ان في روايات الغدير انه وقف حتي لحقه من بعده و امر برد من کان تقدم و هذا يدل علي انه لأمر حدث في ذلک المکان و هو نزول الوحي عليه و لو کان لتبليغ عموم الصحابة لم يؤخره الي غدير خم بل کان يقوله في بعض المنازل قبله او في مکة فأمره بالنزول و هو في اثناء السير و انتظار من تخلف و امره برد من تقدم يدل علي انه لامر حدث في ذلک الوقت مع انه قال هذا الکلام عقيب الامر بالتمسک بالکتاب و العترة و بيان انهما لن يفترقا حتي يردا عليه الحوض الذي هو تمهيد لما بعده، فدل علي انه لامر أهم من مسألة اليمن علي اننا انما نستدل بقوله من کنت مولاه فعلي مولاه عقيب قوله أ لست اولي بالمؤمنين من انفسهم سواء أ قال ذلک بمکة ام في غدير خم و سواء أ قاله عقيب شکايتهم من علي ام لا فانه دال علي ان عليا أولي بالمؤمنين من انفسهم و الامامة و الخلافة لا تزيد علي ذلک کما مر، و قداجاب صاحب السيرة الحلبية عن الحديث بوجوه عمدتها ما يأتي:

(احدهما) ان الشيعة اتفقوا علي اعتبار التواتر فيما يستدلون به علي الامامة من الاحاديث و هذا الحديث مع کونه آحادا طعن في صحته جماعة من أئمة الحديث کأبي داود و ابي حاتم الرازي (و يرده) ان الحديث لا يقصر عن درجة المتواتر بمعني المقطوع الصدور فقد رواه علماء الفريقين و محدثوهم بأسانيد صحيحة تزيد عن عدد التواتر و قد رواه عن النبي «ص» ثلاثون صحابيا و اعترف لعلي به عدد کثير من الصحابة لما نشدهم في مسجد الکوفة و دعا علي من انکر فاستجيب دعاؤه فيه کما ستعرف، و لم يکن في الدوحات احد الا سمع و رأي ما جري فيه و هم يزيدون علي مائة الف و قد اعترف الحافظ الذهبي بتواتره فيما يأتي حيث قال و صدر الحديث متواتر اتيقن ان رسول الله «ص» قاله و اما زيادة اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد «ا ه» و قد افرد هذا الحديث بالتأليف حتي ان ابن جرير الطبري ـ و ناهيک به ـ جمع مجلدين في طرقه و ألفاظه و قد اثبت تواتره السيد حامد حسين الهندي اللکهنوئي من أجلاء علماء الهند في هذا العصر في کتابه عبقات الانوار فذکر من رواه من الصحابة و من رواه عنهم من التابعين و من رواه عن التابعين من تابعي التابعين و من اخرجه في کتابه من المحدثين علي ترتيب القرون و الطبقات و من وثق الراوين و المخرجين له و من وثق من وثقهم و هکذا في طرز عجيب لم يسبقه اليه احد. قال ابن کثير الشامي في تاريخه: اعتني بأمر هذا الحديث ـ يعني حديث الغدير ـ ابو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير و التاريخ فجمع فيه مجلدين اورد فيهما طرقه و ألفاظه و کذلک الحافظ الکبير ابو القاسم ابن عساکر ـ صاحب تاريخ دمشق ـ اورد احاديث کثيرة في هذه الخطبة يعني خطبة يوم الغدير «ا ه» ثم اورد ابن کثير احاديث کثيرة جدا مما ورد في يوم الغدير نقلها من کتاب ابن جرير المشار اليه و يأتي نقل بعضها، و اما طعن ابي داود و ابي حاتم فيه الذي لا منشأ له الا التحامل فهو قد قال فيما يأتي انه لا يلتفت اليه.

(ثانيها) ان اسم المولي يطلق علي عشرين معني منها انه السيد الذي ينبغي محبته و يجتنب بغضه و ايد ذلک بما مر عنه من ان بريدة لما جاء من اليمن مع علي شکا بريدة عليا الي النبي «ص» فقال ذلک لبريدة خاصة ثم احب ان يقوله للصحابة عموما في غدير خم أي فکماعليهم ان يحبوني عليهم ان يحبوا عليا (و يرده) ان اسم المولي لو کان يطلق علي الف معني فالمراد به هنا الاولي لاقترانه بقوله أ لست اولي بکم من انفسکم فقالوا بلي قال من کنت مولاه فعلي مولاه کما مر تفصيله، علي ان هذا الاهتمام العظيم من النبي «ص» بجمع الناس في غدير خم و الخطبة و رفع علي معه و اخذه بضبعيه حتي بان بياض ابطيهما لا يناسب ان يکون الغرض منه ان يعلمهم ان عليهم ان يحبوا عليا کما عليهم ان يحبوه مع کون ذلک امرا ثابتا في حق کل مسلم لا يختص به علي.

(ثالثها) مع تسليم ان المراد انه اولي بالامامة فالمراد في المآل لا في الحال قطعا و الا لکان هو الامام مع وجود النبي «ص» و المآل لم يعين وقته فيجوز ان يکون بعد ان يبايع بالخلافة و ايده بأنه لم يحتج بذلک الا بعد ان صارت الخلافة اليه.

(و يرده) انه لم يقل احد ان معني الحديث انه اولي بالامامة بل اولي بالمؤمنين من انفسهم فيکون هو الامام بعد النبي «ص» لان الامامة لا تزيد علي ذلک و اما في حياة النبي «ص» فقد علم انه ليس للناس امام غيره، و اما ارادة انه اولي بالمؤمنين من انفسهم في زمن خلافته فتقييد بلا مقيد. و اما عدم احتجاجه بذلک قبل زمن خلافته فلأن القول الفصل حينئذ لم يکن للکلام و الاحتجاج بل کان للسيف و القوة، و ما ينفع الاحتجاج فيمن يقول و الله لاحرقن عليکم او لتخرجن الي البيعة و يجي ء بعلي و الزبير و يقول لتبايعان و انتما طائعان او لتبايعان و انتما کارهان کما مر في الجزء الثاني عن الطبري و يقول لعلي انک لست متروکا حتي تبايع. و يدعو بالحطب و يحلف لتخرجن او لأحرقن الدار عليکم فيقال له ان فيها فاطمة فيقول و ان، کما مر عن ابن قتيبة هناک ايضا و يمکن ان يکون ترک الاحتجاج به لان فيه ما لا يمکن ان يتحملوه منه فيقع ما لا تحمد عقباه مع علمه بعدم الفائدة فعدل الي الاحتجاج بالقرابة و بأنه أحق و ما غاب عنا لا يمکننا الاحاطة بجميع خصوصياته لا سيما مع اعتراض الاهواء و العصبيات.

و روي الواحدي النيسابوري في کتاب اسباب النزول بسنده عن ابي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليک من ربک يوم غدير خم في علي بن ابي طالب. و روي الامام احمد بن حنبل في مسنده و ابو يعلي الموصلي و الحسن بن سفيان فيما حکاه عنهماابن کثير في تاريخه بأسانيدهم عن البراء بن عازب قال: کنا مع رسول الله «ص» في سفر (في حجة الوداع) فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة و کسح لرسول الله «ص» تحت شجرة فصلي الظهر و اخذ بيد علي (فأقامه عن يمينه) فقال أ لستم تعلمون اني أولي بالمؤمنين من انفسهم (أ لست أولي بکل امري ء من نفسه) قالوا بلي فأخذ بيد علي فقال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلک فقال هنيئا لک يا ابن ابي طالب اصبحت و امسيت ولي کل مؤمن و مؤمنة. و روي الحاکم في المستدرک و صححه علي شرط الشيخين و لم يتعقبه الذهبي في التلخيص بعدة اسانيد عن ابي الطفيل عن زيد بن ارقم قال لما رجع رسول الله «ص» من حجة الوداع و نزل غدير خم امر بدوحات فقممن فقال کأني قد دعيت فأجبت اني قد ترکت فيکم الثقلين احدهما اکبر من الآخر کتاب الله و عترتي فانظروا کيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ثم قال ان الله عز و جل مولاي و انا مولي کل مؤمن ثم اخذ بيد علي فقال من کنت مولاه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه. و روي الحاکم ايضا بسنده عن سلمة بن کهيل عن ابي الطفيل عامر بن واثلة و صححه علي شرطهما انه سمع زيد بن ارقم يقول نزل رسول الله «ص» بين مکة و المدينة عند شجرات خمس دوحات عظام فکنس الناس ما تحت الشجرات ثم راح رسول الله «ص» عشية فصلي ثم خطب و قال ايها الناس اني تارک فيکم امرين لن تضلوا ان اتبعتموهما و هما کتاب الله و اهل بيتي عترتي ثم قال أ تعلمون اني اولي بالمؤمنين من انفسهم ثلاث مرات قالوا نعم فقال من کنت مولاه فعلي مولاه.

و في السيرة الحلبية لما وصل «ص» الي محل بين مکة و المدينة يقال له غدير خم بقرب رابغ جمع الصحابة فخطبهم فقال ايها الناس انما انا بشر يوشک ان يأتيني رسول ربي فأجيب ثم حض علي التمسک بکتاب الله و وصي باهل بيته فقال اني تارک فيکم الثقلين کتاب الله و عترتي اهل بيتي و لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، و قال في حق علي لما کرر عليهم أ لست أولي بکم من انفسکم ثلاثا و هم يجيبونه بالتصديق و الاعتراف و رفع يد علي و قال من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و احب من احبه و ابغض من ابغضه و انصر من نصره و أعن من اعانه و اخذل من خذله و أدر الحق معه حيث دار، ثم قال و هذا حديث صحيح ورد باسانيد صحاح و حسان. قال و لا التفات لمن قدح في صحته. قال و قول بعضهم ان زيادة اللهم وال من والاه الخ موضوعة مردود فقد ورد ذلک من طرق صحح الذهبي کثيرا منها. (انتهت السيرة الحلبية).

و قال ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد انبأنا ابو الحسين انبأنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد ابن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب: اقبلنا مع رسول الله «ص» في حجة الوداع فنزل في الطريق فامر بالصلاة جامعة فاخذ بيد علي فقال أ لست اولي بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلي قال أ لست اولي بکل مؤمن من نفسه قالوا بلي قال فهذا ولي من انا مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه «اه». قال ابن کثير و کذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن البراء «اه». و اورد ابن کثير عن الامام احمد بعدة اسانيد عن زيد بن ارقم في بعضها نزلنا مع رسول الله «ص» منزلا يقال له وادي خم فامر بالصلاة فصلاها بهجير فخطبنا و ظلل رسول الله بثوب علي شجرة ستره من الشمس قال ألستم تعلمون ـ او أ لستم تشهدون ـ اني اولي بکل مؤمن من نفسه قالوا بلي قال فمن کنت مولاه فان عليا مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، قال ابن کثير و هذا اسناد جيد رجاله ثقات علي شرط السنن، و اورد ابن کثير روايات کثيرة باسانيدها من کتاب غدير خم لابن جرير و في بعضها انه «ص» قال ايها الناس اني وليکم قالوا صدقت فرفع يد علي فقال هذا وليي و المؤدي عني و ان الله موالي من والاه و معادي من عاداه «اه» تاريخ ابن کثير و استقصاء ما فيه يطول به الکلام.

و روي النسائي في الخصائص عن محمد بن المثني عن يحيي بن حماد عن ابي معاوية عن الاعمش عن حبيب بن ابي ثابت عن ابي الطفيل عن زيد بن ارقم قال لما رجع رسول الله «ص» من حجة الوداع و نزل غدير خم امر بدوحات فقممن ثم قال کاني قد دعيت فاجبت و اني تارک فيکم الثقلين احدهما اکبر من الآخر کتاب الله و عترتي اهل بيتي فانظروا کيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ثم قال ان الله مولاي و انا ولي کل مؤمن ثم اخذ بيد علي فقال من کنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فقلت لزيد سمعته من رسول الله «ص» فقال نعم و انه ما کان في الدوحات احد الا رآه بعينه و سمعه باذنه، قال ابن کثير في تاريخه قال شيخنا ابو عبد الله الذهبي و هذا حديث صحيح. و روي النسائي في الخصائص ايضا بسنده عن زيد بن ارقم قام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فحمد الله و أثني عليه ثم قال أ لستم تعلمون اني أولي بکل مؤمن من نفسه قالوا بلي نشهد لأنت اولي بکل مؤمن من نفسه قال فاني من کنت مولاه فهذا مولاه و اخذ بيد علي. و روي النسائي في الخصائص ايضا بسنده عن عائشة بنت سعد سمعت ابي يقول سمعت رسول الله «ص» يوم الجحفة فاخذ بيد علي فحمد الله و أثني عليه ثم قال ايها الناس اني وليکم قالوا صدقت يا رسول الله ثم اخذ بيد علي فرفعها فقال هذا وليي و يؤدي عني و انما موالي من والاه و معادي من عاداه. و حکي ابن کثير عن ابن جرير الطبري انه رواه بسنده عن عائشة بنت سعد عن ابيها مثله الا انه قال هذا وليي و المؤدي عني و ان الله موالي من والاه و معادي من عاداه، قال ثم رواه ابن جرير من طريق آخر و انه عليه السلام وقف حتي لحقه من بعده و أمر برد من کان تقدم فخطبهم الحديث (و روي) النسائي بسنده عن عائشة بنت سعد عن سعد قال اخذ رسول الله «ص» بيد علي فخطب فحمد الله و أثني عليه ثم قال أ لم تعلموا اني اولي بکم من انفسکم قالوا نعم صدقت يا رسول الله ثم اخذ بيد علي فرفعها فقال من کنت وليه فهذا وليه و ان الله ليوالي من والاه و يعادي من عاداه. و بسنده عن عائشة بنت سعد عن سعد قال کنا مع رسول الله «ص» بطريق مکة و هو متوجه اليها فلما بلغ غدير خم وقف للناس ثم رد من تقدم و لحقه من تخلف فلما اجتمع الناس اليه قال ايها الناس من وليکم قالوا الله و رسوله ثلاثا ثم اخذ بيد علي فاقامه ثم قال من کان الله و رسوله وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (اقول) کأنه اشار بذلک الي قوله تعالي انما وليکم الله و رسوله (الآية) و الولي هنا بمعني الاولي و منه ولي الطفل و ولي المرأة «اه».

و في الاستيعاب: روي بريدة و ابو هريرة و جابر و البراء بن عازب و زيد بن ارقم کل واحد منهم عن النبي «ص» انه قال يوم غدير خم من کنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و بعضهم لا يزيد علي من کنت مولاه فعلي مولاه، ثم قال بعد ذکر خبر اعطاء الراية يوم خيبر و هذه کلها آثار ثابتة.

و حکي صاحب السيرة الحلبية عن بعضهم انه لما شاع قوله «ص» من کنت مولاه فعلي مولاه في سائر الامصار و طار في الاقطار بلغ الحارث بن النعمان الفهري فقدم المدينة و دخل علي النبي «ص» ثم قال يا محمد امرتنا بالشهادتين فقبلنا و امرتنا بالصلاة و الصوم و الزکاة و الحج فقبلنا ثم لم ترض بهذا حتي رفعت بضبعي ابن عمک ففضلته و قلت من کنت مولاه فعلي مولاه فهذا شي ء من الله او منک فاحمرت عينا رسول الله «ص» فقال و الله الذي لا اله الا هو انه من الله و ليس مني قالها ثلاثا فقام الحارث و هو يقول اللهم ان کان ما يقول محمد حقا فارسل علينا حجارة من السماء «الآية» و کان ذلک (اي ما جري يوم الغدير) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة «اه».

• استشهاد علي في خلافته

  • صحة سنده

  • اثبات دلالته علي المطلوب

---

1. لما کتب الدکتور محمد حسين هيکل کتابه حياة محمد نشره اول الامر فصولا في جريدة السياسة الاسبوعية و اورد هذا الحديث بنصه کاملا، فاعترض عليه معترض بأن هذا يؤيد رأي الشيعة فرد الدکتور هيکل بما معناه: ان هذا عين ما رواه التاريخ. ثم نشر الدکتور کتابه في طبعته الاولي و نشر فيه هذا الحديث و ان عدله تعديلا يسيرا، فلما طبع الکتاب ثانية شوه الحديث تشويها عجيبا، و لما سأل الناس عن السر و کيف ان الدکتور في جريدته دافع عن هذا الحديث و قال ان هذا ما رواه التاريخ. ثم عاد في طبعة الکتاب الثانية فشوهه و تجني علي التاريخ ـ لما سأل الناس عرفوا ان الدکتور کان قد عرض علي جهة ان تشتري الف نسخة من الطبعة الثانية فاشترطت هذه الجهة عليه ان يشوه الحديث هذا التشويه لقاء الخمسمائة الجنيه التي ستدفعها ثمن الالف النسخة ـ الناشرـ.