في مفهوم الزهد
الزهد ضد الدنيا و الرغبة فيها، و الزاهد لا يريد الدنيا بقلبه، و يترکها بجوارحه إلا بقدر ضرورة بدنه، و إنما يعرف زهد الزاهد فيها إذا کانت في يده و يزهد فيها، و أعلا مراتب الزهد أن يرغب عن الدنيا عدولا إلي الآخرة، أو عن غير الله عدولا إلي الله تعالي، فمن رغب عن کل ما سوي الله حتي الفردوس و لم يحب إلا الله تعالي فهو الزاهد المطلق. نعم، من رغب عن حظوظ الدنيا خوفا من النار أو طمعا في نعيم الجنة من الحور و الفواکه و الأنهار و سائر نعم الله في الجنة، فهو أيضا زاهد، و لکنه دون الأول، أما من ترک بعض حظوظ الدنيا دون بعض، کالذي يترک المال دون الجاه، أو يترک التوسع في المعاش دون التجمل في الزينة، لا يستحق أن يسمي زاهدا.
لا يخفي أن الزهد ممدوح، لأنه أحد منازل الدين، و أعلي مقامات السالکين.