خطابه الي عماله، و عتابه لهم بما بدر منهم











خطابه الي عماله، و عتابه لهم بما بدر منهم



في هذا المجال خطابات کثيرة نشير إلي نبذة منها رعاية للإختصار:

منها: من کتاب له إلي مصقلة بن هبيرة

في (نهج البلاغة) من کتاب له عليه السلام إلي مصقلة بن هبيرة الشيباني، و هو عامله علي أردشير خره:[1] «بلغني عنک أمر إن کنت فعلته فقد أسخطت إلهک و أغضبت إمامک، إنک تقسم في ء المسلمين الذي حازته رماحهم و خيولهم، و اريقت عليه دماؤهم فيمن اعتامک[2] من أعراب قومک، فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة لئن کان ذلک حقا لتجدن بک علي هوانا و لتخفن عندي ميزانا، فلا تستهن بحق ربک، و لا تصلح دنياک بمحق دينک، فتکون من الأخسرين أعمالا، ألا و إن حق من قبلک[3] و قبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفي ء سواء، يردون عندي عليه، ويصدرون عنه».[4] .

و منها: من کتاب له إلي عثمان بن حنيف و هو عامله علي البصرة

قد کان علي عليه السلام يراقب أعمال ولاته مراقبة شديدة حتي إنه لما بلغه أن و اليه علي البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري قد أجاب دعوة جماعة من أهل البصرة إلي وليمة فيها ألوان الطعام فتناول منها شيئا، و في البصرة فقراء محتاجون منعوا من حضورها، أرسل إليه کتابا يوبخه فيه: «أما بعد ـ يابن حنيف ـ فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاک إلي مأدبة، فأسرعت إليها تستطاب لک الألوان، و تنقل إليک الجفان، و ما ظننت أنک تجيب إلي طعام قوم عائلهم[5] مجفو و غنيهم مدعو، فانظر إلي ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليک علمه فالفظه،[6] و ما أيقنت بطيب وجهه فنل منه، ألا و إن لکل مأموم إماما يقتدي به و يستضي ء بنور علمه، ألا و إن إمامکم قد اکتفي من دنياه بطمريه،[7] و من طعمه[8] بقرصيه، ألا و إنکم لا تقدرون علي ذلک، و لکن أعينوني بورع و اجتهاد، و عفة و سداد، فو الله ما کنزت من دنياکم تبرا،[9] و لا ادخرت من غنائمها وفرا،[10] و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا [و لا حزت من أرضها شبرا، و لا أخذت منه إلا کقوت أتان دبرة،[11] و لهي في عيني أوهي و أهون من عفصة مقرة[12] ].[13] .

و روي في شرح الإحقاق عن (ذخيرة الملوک للهمداني، ص 102) أن عليا عليه السلام ـ بعد إرسال الکتاب إلي عثمان بن حنيف ـ عزله عن الحکومة.[14] .

و منها: توبيخه عليه السلام أبا رافع لإعارته بنته عليه السلام عقد لؤلؤ من بيت المال

روي ابن الأثير في التاريخ: کان أبو رافع[15] مولي رسول الله صلي الله عليه و آله خازنا لعلي عليه السلام علي بيت المال، فدخل علي يوما و قد زينت ابنته، فرأي عليها لؤلؤة کان عرفها لبيت المال، فقال: «من أين لها هذه؟لأقطعن يدها!» فلما رأي أبو رافع جده في ذلک، قال: أنا و الله يا أمير المؤمنين زينتها بها، فقال علي عليه السلام: «لقد تزوجت بفاطمة، و ما لي فراش إلا جلد کبش ننام عليه بالليل، و نعلف عليه ناضحنا بالنهار، و ما لي خادم غيرها».[16] .

و روي الطبري في التاريخ بسنده عن عباس بن الفضل، عن أبيه، عن جده ابن أبي رافع، نحوه.[17] .









  1. أردشير خرة: کورة من کور فارس، و الظاهر أنه ما يسمي في عصرنا (فيروز آباد).
  2. اعتامک: اختارک من بين الناس، أصله من العيمة بالکسر، و هي خيار المال.
  3. القبل بکسر ففتح: ظرف بمعني عند.
  4. نهج البلاغة، الکتاب. 43.
  5. عائلهم: محتاجهم.
  6. الفظه: اطرحه.
  7. الطمر بالکسر: الثوب الخلق البالي.
  8. طعمه بضم الطاء: ما يطعمه و يفطر عليه.
  9. التبر: بالکسر فالسکون، فتات الذهب و الفضة قبل أن يصاغ.
  10. الوفر: المال.
  11. الاتان الدبرة، هي التي عقر ظهرها فقل أکلها.
  12. مقرة: مرة.
  13. نهج البلاغة، الکتاب 45، و بين المعقوفين من شرح ابن أبي الحديد، ج 16، ص. 205.
  14. الاحقاق، ج 8، ص. 549.
  15. أبو رافع مولي رسول الله عليه السلام و اسمه إبراهيم، أو أسلم، أو هرمز، أو ثابت، کان عبدا للعباس بن عبد المطلب، فوهبه للنبي صلي الله عليه و آله، فلما بشر النبي صلي الله عليه و آله باسلام العباس، عتقه النبي، و کان من المخلصين له و صار من شيعة أمير المؤمنين و خواصه، و کان صاحب خزائن بيت المال في عهده عليه السلام.
  16. الکامل في التاريخ، ج 2، ص. 441.
  17. تاريخ الطبري، ج 4، ص. 119.