صور من عدله علي مدي حكومته











صور من عدله علي مدي حکومته



و من أجل نتعرف أکثر علي عدل الامام علي عليه السلام و لترسم هذه الحقيقة بأجلي صورها نشير إلي موارد توضح صورة تلک العدالة:

منها: صادر کل الأموال الموهوبة بغير حق في عهد عثمان

عندما تسلم علي عليه السلام زمام حکومة المسلمين بعد عثمان صادر کل الأموال الموهوبة بغير حق إلي طبقة الأشراف، و قد بين سياسته للناس عبر خطبته التي يقول فيها (فيما رده علي المسلمين من قطائع): «و الله و لو وجدته قد تزوج به النساء و ملک به الاماء لرددته، فإن في العدل سعة، و من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق».[1] .

روي ابن أبي الحديد المعتزلي في ذيل هذه الخطبة، عن ابن عباس: أن عليا عليه السلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: «ألا إن کل قطيعة[2] أقطعها عثمان و کل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شي ء، و لو وجدته قد تزوج به النساء، و فرق في البلدان لرددته إلي حاله، فإن في العدل سعة، و من ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق»[3] إلي أن قال: قال الکلبي: ثم أمر عليه السلام بکل سلاح وجد لعثمان في داره، مما تقوي به علي المسلمين فقبض، و أمر بقبض نجائب کانت في داره من إبل الصدقة فقبضت، و أمر بقبض سيفه و درعه، و أمر ألا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمين، و بالکف عن جميع أمواله التي وجدت في داره و في غير داره، و أمر أن ترتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث اصيبت أو اصيب أصحابها.

فبلغ ذلک عمرو بن العاص، و کان بأيلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس علي عثمان فنزلها، فکتب إلي معاوية: ما کنت صانعا فاصنع، إذ قشرک ابن أبي طالب من کل مال تملکه کما يقشر عن العصا لحاها.[4] .

و منها: إطفاؤه السراج لأن زيته من بيت المال

قال الکشفي الحنفي في المناقب المرتضوية: کان أمير المؤمنين عليه السلام قد دخل ليلة في بيت المال يکتب قسمة الأموال، فورد عليه طلحة و الزبير، فأطفأ عليه السلام السراج الذي بين يديه، و أمر بإحضار سراج آخر من بيته، فسألاه عن ذلک؟

فقال عليه السلام: «کان زيته من بيت المال، لا ينبغي أن نصاحبکم في ضوئه».[5] .









  1. نهج البلاغة، ص 57، الخطبة. 15.
  2. القطائع: ما يقطعه الامام بعض الرعية من أرض بيت المال ذات الخراج و يسقط عنه خراجه و يجعل عليه ضريبة يسيرة عوضا عن الخراج، و قد کان عثمان أقطع کثيرا من بني امية و غيرهم من أوليائه و أصحابه قطائع من أرض الخراج علي هذه الصورة. شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص. 269.
  3. تفسير هذا الکلام: أن الوالي اذا ضاقت عليه تدبيرات اموره في العدل فهي في الجور أضيق عليه لأن الجائر في مظنة أن يمنع و يصدعن جوره، شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص. 270.
  4. شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص. 269.
  5. المناقب المرتضوية للکشفي الحنفي، ص. 365