المجتمع لا يطيق عدالته











المجتمع لا يطيق عدالته



لقد کان علي عليه السلام يعلم أن ذلک المجتمع لا يتحمل تطبيق العدالة التي يريد الإمام تطبيقها، و لما کان عليه السلام لا يتبع إلا الحق و إقامة العدل فإنه رفض قبول الخلافة بالرغم من ضغط الناس عليه و تسابقهم بالبيعة له، لأنه کان يعلم أن الإنحرافات، و التفاوت الطبقي، و عدم المساواة الذي عم المجتمع، لا يمکن أن يدعه يطبق العدالة دون إثارة العراقيل و المشاکل في وجهه و وضع الصعوبات في طريقه، و لذلک قال عليه السلام: «دعوني و التمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمرا له وجوه و ألوان لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول، و إن الآفاق قد أغامت و المحجة قد تنکرت، و اعلموا أني إن أجبتکم رکبت بکم ما أعلم، و لم أصغ إلي قول القائل و عتب العاتب، و إن ترکتموني فأنا کأحدکم، و لعلي أسمعکم و أطوعکم لمن وليتموه أمرکم، و أنا لکم وزيرا خير لکم مني أميرا».[1] .

و عند ما اضطر علي عليه السلام أن يقبل الخلافة، و سار علي کتاب الله و سنة رسول الله صلي الله عليه و آله و اجتهاده و رأيه الذي کان يعني إقامة العدل في المجتمع الاسلامي بالرغم من غضب أصحاب الثروات غير المشروعة و المتساهلين في أمر الدين و رفضهم لاسلوب علي عليه السلام و طريقته في إقامة العدل، و هي طريقة رسول الله صلي الله عليه و آله، و کان عليه السلام قد أشار إلي أهمية العدالة في تقسيم المال في أول خطبة خطبها حين اجتمع إليه المهاجرون و الأنصار بعد مقتل عثمان، حيث قال عليه السلام: «إني قد کنت کارها لأمرکم، فأبيتم إلا أن أکون عليکم، ألا و إنه ليس لي أمر دونکم، إلا أن مفاتيح مالکم معي، ألا و إنه ليس لي أن آخذ منه درهما دونکم، رضيتم؟قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد عليهم، ثم بايعهم علي ذلک»[2] و لذلک ثارت نائرة الحقد في صدورهم فأشعلوا تلک الحروب ضد علي عليه السلام.









  1. نهج البلاغة، الخطبة. 91.
  2. تاريخ الطبري، ج 4، ص 428، حوادث سنة. 35.