نشأته و تربيته
و ربيت في حجر النبي محمد و غذاک بالعلم الالهي ناشئا بآدابه ادبت طفلا و يافعا و في بعض السنين اصاب اهل مکة جدب شديد و کان ابو طالب کثير العيال قليل المال فاجتمع النبي «ص» و حمزة و العباس فقالوا ان ابا طالب کثير العيال فهلموا نخفف عنه فقال لهم ابو طالب ما ابقيتم لي عقيلا فخذوا من شئتم فأخذ النبي «ص» عليا و اخذ حمزة جعفرا و اخذ العباس طالبا و ابقي ابو طالب عنده عقيلا لميله اليه ـ و لعل ذلک کان لضعف عقيل ـ و في ذلک يقول المؤلف من قصيدة: أتت سنة شهباء اصبح عندها فقالوا دعونا نکفه بعض ولده خذوا من أردتم ان ترکتم بجانبي لاحمد اعطينا عليا و جعفرا و قد کان علي عليه السلام يلازم رسول الله «ص» و هو يتحنث في غار حراء کل سنة قبل النبوة. قال ابن ابي الحديد في شرح النهج: قد ورد في الکتب الصحاح ان النبي «ص» کان يجاور في حراء من کل سنة شهرا حتي جاءت السنة التي اکرمه الله فيها بالرسالة فجاور في حراء شهر رمضان و معه اهله خديجة و علي بن ابي طالب و خادم لهم «الحديث». فلم يزل علي مع رسول الله «ص» حتي بعثه الله بالنبوة فکان اول من آمن به و اتبعه و صدقه، و قال ابن حجر في الاصابة: ربي في حجر النبي صلي الله عليه و آله و سلم و لم يفارقه و شهد معه المشاهد الا غزوة تبوک. و في اسد الغابة: کان مما انعم الله به علي علي انه ربي في حجر رسول الله «ص» قبل الاسلام (و قال) هاجر الي المدينة و شهد بدرا و أحدا و الخندق و بيعة الرضوان و جميع المشاهد مع رسول الله «ص» الا تبوک و له في الجميع بلاء عظيم و أثر حسن «اه» و لم يکن لاحد غيره في تلک المشاهد مثل أثره. و مر عند ذکر فضائله ما ينبغي ان يراجع.
نشأ علي عليه السلام في حجر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و تأدب بآدابه و ربي بتربيته و ذلک انه لما ولد أحبه رسول الله «ص» حبا شديدا و قال لامه اجعلي مهده بقرب فراشي و کان يلي اکثر تربيته و يطهره في وقت غسله و يوجره اللبن عند شربه و يحرک مهده عند نومه و يناغيه في يقظته و يحمله علي صدره، و کان يحمله دائما و يطوف به جبال مکة و شعابها و اوديتها ـ کأنه يفعل ذلک ترويحا له ـ و في ذلک يقول المؤلف من قصيدة:
فطوبي لمن من احمد ضمه حجر
فلا علم الا منک قد حاطه خبر
و اکسبنک الاخلاق اخلاقه الغر
ابو طالب قد حل ساحته الفقر
مساعدة فالحر يسعده الحر
عقيلا فلي في حبه منکم عذر
لحمزة و العباس طالب فليدروا