المقداد بن عمرو











المقداد بن عمرو



المقداد بن عمرو بن ثعلبة البَهْرَاوِيُّ الکندي، المعروف بالمقداد بن الأسود. طويل القامة، أسمر الوجه.[1] کان من شجعان الصحابة وأبطالهم ونُجَبائهم.[2] .

[صفحه 312]

شهد المشاهد کلّها مع رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم.[3] وصَفُوه بأنّه مجمع الفضائل والمناقب، وکان أحد الأرکان الأربعة.[4] وعَدّه رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم أحد الأربعة الذين تشتاق إليهم الجنّة.[5] .

ثبت علي الصراط المستقيم بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، وحفظ حقّ الولاية العلويّة، وأعلن مخالفته للذين بدّلوا، في مسجد النبيّ صلي الله عليه و سلم.[6] .

وعُدَّ المقداد في بعض الروايات أطوع أصحاب الإمام عليه السلام.[7] وکان من الصفوة الذين صلّوا علي الجثمان الطاهر لسيّدة النساء فاطمة صلوات اللَّه عليها.[8] .

عارض المقداد حکومة عثمان، وأعلن عن معارضته لها من خلال خطبة ألقاها في مسجد المدينة.[9] وقال: إنّي لأعجب من قريش أنّهم ترکوا رجلاً ما أقول إنّ أحداً أعلم ولا أقضي منه بالعدل.. أما واللَّه لو أجد عليه أعواناً....

توفّي المقداد سنة 33 ه وهو في السبعين من عمره.[10] .

[صفحه 313]

وکان له نصيب من مال الدنيا منذ البداية فأوصي للحسن والحسين عليهماالسلام بستّة وثلاثين ألف درهم منه.[11] .

وهذه الوصيّة دليل علي حبّه لأهل البيت عليهم السلام وتکريمه واحترامه لهم عليه السلام.

6718- الأمالي للطوسي عن عبدالرحمن بن جندب عن أبيه: لمّا بويع عثمان سمعت المقداد بن الأسود الکندي يقول لعبد الرحمن بن عوف: واللَّه يا عبدالرحمن، ما رأيت مثل ما اُتي إلي أهل هذا البيت بعد نبيّهم.

فقال له عبدالرحمن: وما أنت وذاک يا مقداد؟

قال: إنّي واللَّه اُحبّهم لحبّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم ويعتريني واللَّه وَجدٌ لا أبثّه بثّة، لتشرّف قريش علي الناس بشرفهم، واجتماعهم علي نزع سلطان رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم من أيديهم.

فقال له عبدالرحمن: ويحک! واللَّه لقد اجتهدت نفسي لکم.

فقال له المقداد: واللَّه لقد ترکت رجلاً من الذين يأمرون بالحقّ وبه يعدلون، أما واللَّه لو أنّ لي علي قريش أعواناً لقاتلتهم قتالي إيّاهم يوم بدر واُحد.

فقال له عبدالرحمن: ثکلتک اُمّک يا مقداد! لا يسمعنّ هذا الکلام منک الناس، أما واللَّه إنّي لخائف أن تکون صاحب فرقةٍ وفتنةٍ.

قال جندب: فأتيته بعدما انصرف من مقامه، فقلت له: يا مقداد أنا من أعوانک.

فقال: رحمک اللَّه، إنّ الذي نريد لا يغني فيه الرجلان والثلاثة، فخرجت من

[صفحه 314]

عنده وأتيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فذکرت له ما قال وقلت، قال: فدعا لنا بخير.[12] .

6719- تاريخ اليعقوبي- في ذکر أحداث ما بعد استخلاف عثمان-: مال قوم مع عليّ بن أبي طالب، وتحاملوا في القول علي عثمان.

فروي بعضهم قال: دخلت مسجد رسول اللَّه، فرأيت رجلاً جاثياً علي رکبتيه يتلهّف تلهّف من کأنّ الدنيا کانت له فسُلبها، وهو يقول: واعجباً لقريش! ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّهم، وفيهم أوّل المؤمنين، وابن عمّ رسول اللَّه أعلم الناس وأفقههم في دين اللَّه، وأعظمهم غناءً في الإسلام، وأبصرهم بالطريق، وأهداهم للصراط المستقيم.

واللَّه لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقيّ، وما أرادوا إصلاحاً للاُمّة ولا صواباً في المذهب، ولکنّهم آثروا الدنيا علي الآخرة، فبُعداً وسحقاً للقوم الظالمين.

فدنوت منه فقلت: من أنت يرحمک اللَّه؟ ومن هذا الرجل؟

فقال: أنا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل عليّ بن أبي طالب.

قال: فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فاُعينک عليه؟

فقال: يابن أخي! إنّ هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان.

ثمّ خرجت فلقيت أباذرّ، فذکرت له ذلک، فقال: صدق أخي المقداد. ثمّ أتيت عبداللَّه بن مسعود، فذکرت ذلک له، فقال: لقد اُخبرنا فلم نألُ.[13] .

[صفحه 315]



صفحه 312، 313، 314، 315.





  1. المستدرک علي الصحيحين: 5484:392:3، الإصابة: 8201:160:6.
  2. حلية الأولياء: 172:1.
  3. المستدرک علي الصحيحين: 5484:392:3، الطبقات الکبري: 162:3، تهذيب الکمال: 6162:453:28.
  4. الاختصاص: 6.
  5. المعجم الکبير: 6045:215:6، حلية الأولياء: 142:1 و ص 190 وفيه «إنّ اللَّه تعالي يحبّ أربعة من أصحابي»؛ الخصال: 80:303.
  6. الخصال: 4:463، الاحتجاج: 37:194:1، رجال البرقي: 64.
  7. رجال الکشّي: 22:46:1.
  8. الخصال: 50:361، رجال الکشّي: 13:34:1، الاختصاص: 5، تفسير فرات: 733:570.
  9. تاريخ الطبري: 232:4 و 233، الکامل في التاريخ: 224 -221:2؛ تاريخ اليعقوبي: 163:2.
  10. المستدرک علي الصحيحين: 5484:392:3، الطبقات الکبري: 163:3، تهذيب الکمال: 456:28 و 6162:457، الاستيعاب: 2590:43:4، اُسد الغابة: 5076:244:5.
  11. تهذيب الکمال: 6162:456:28.
  12. الأمالي للطوسي: 323:191.
  13. تاريخ اليعقوبي: 163:2.