مصقله بن هبيره











مصقله بن هبيره



کان أحد أصحاب الإمام عليه السلام،[1] ونائب ابن عبّاس، ووالي أردشير خرّه،[2] [3] فکان عاملاً غير مباشر للإمام عليه السلام.

وفي سنة 38 ه[4] لمّا ظَهَر معقل بن قيس علي الثوّار المرتدّين من بني ناجية وأسرهم، اشتراهم مصقلةُ وأطلق سراحهم، ثمّ لم يتمکّن من أداء قيمتهم إلي

[صفحه 304]

بيت المال.[5] .

مضافاً إلي تصرّفه في أموال بيت المال بالبذل لأقربائه والعفو عمّا عليهم. ولهذا استدعاه الإمام وعاتبه علي تصرّفه غير المشروع في بيت مال المسلمين وإتلافه للأموال، وطلب منه ردّ ما أخذه من بيت المال لفکّ الأسري.

فعظم ذلک علي مصقلة حيث لم يکن يتصوّر أنّ الإمام يعامله بهذه الشدّة بعد أن رأي عطاء عثمان وهباته من بيت المال، بل کان يأمل عفو الإمام. فلمّا لم يصل الي أمله فرّ و التحق بمعاوية.[6] ولهذا قال الإمام عليه السلام في حقّه: «فَعلَ فِعل السادة، وفرّ فِرار العبيد».[7] .

لقد شغل مصقلة بعض المناصب في حکومة معاوية.[8] وشهد علي حجر بن عديّ حين أراد معاوية قتله.[9] .

6709- مروج الذهب: مضي الحارث بن راشد الناجي في ثلاثمائة من الناس

[صفحه 305]

فارتدّوا إلي دين النصرانيّة... فسرّح إليهم عليّ معقل بن قيس الرياحي، فقتل الحارث ومن معه من المرتدّين بسيف البحر، وسبي عيالهم وذراريهم، وذلک بساحل البحرين، فنزل معقل بن قيس بعض کُوَر الأهواز بسبي القوم، وکان هنالک مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملاً لعليّ، فصاح به النسوة: امنُن علينا، فاشتراهم بثلاثمائة ألف درهم وأعتقهم، وأدّي من المال مائتي ألف وهرب إلي معاوية.

فقال عليّ: قبّح اللَّه مصقلة! فَعَلَ فِعْلَ السيّد، وفرّ فرار العبد، لو أقام أخذنا ما قدرنا علي أخذه؛ فإن أعسر أنظرناه، وإن عجز لم نأخذه بشي ء، وأنفذ العتق.

وفي ذلک يقول مصقلة بن هبيرة، من أبيات:


ترکتُ نساء الحيّ بکرِ بن وائلٍ
وأعتقتُ سبياً من لؤيّ بن غالبِ


وفارقتُ خير الناس بعد محمّدٍ
لمالٍ قليلٍ لا محالةَ ذاهبِ[10] .


6710- الغارات عن عبداللَّه بن قعين- بعدما اشتري مصقلة اُساري بني ناجية-: انتظر عليّ عليه السلام مصقلة أن يبعث إليه بالمال، فأبطأ به، فبلغ عليّاً عليه السلام أنّ مصقلة خلّي سبيل الاُساري، ولم يسألهم أن يُعينوه في فکاک أنفسهم بشي ء. فقال: ما أري مصقلة إلّا قد حمل حَمالة،[11] لا أراکم إلّا سترونه عن قريب مُبَلدَحاً.[12] .

ثمّ کتب إليه: أمّا بعدُ؛ فإنّ من أعظم الخيانة خيانة الاُمّة، وأعظم الغشّ علي

[صفحه 306]

أهل المصر غشّ الإمام، وعندک من حقّ المسلمين خمسمائة ألف درهم، فابعث إليّ بها حين يأتيک رسولي، وإلّا فأقبل إليّ حين تنظر في کتابي ؛ فإنّي قد تقدّمت إلي رسولي أن لا يدعک ساعة واحدة تُقيم بعد قدومه عليک إلّا أن تبعث بالمال، والسلام.

قال: وکان الرسول أباحرّة الحنفي، فقال له أبوحرّة: إن تبعث بهذا المال وإلّا فاشخَص معي إلي أمير المؤمنين، فلمّا قرأ کتابه أقبل حتي نزل البصرة، وکان العمّال يحملون المال من کور البصرة إلي ابن عبّاس فيکون ابن عبّاس هو الذي يبعث به إلي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: نعم أنظرني أيّاماً، ثمّ أقبل من البصرة حتي أتي عليّاً عليه السلام بالکوفة، فأقرّه عليّ عليه السلام أيّاماً لم يذکر له شيئاً ثمّ سأله المال، فأدّي إليه مائتي ألف درهم، وعجز عن الباقي فلم يقدر عليه.[13] .

6711- تاريخ اليعقوبي: کتب [عليّ عليه السلام] إلي مصقلة بن هبيرة؛ وبلغه أنّه يُفرِّق ويهب أموال أردشيرخُرّة وکان عليها: أمّا بعد؛ فقد بلغني عنک أمر أکبرتُ أن اُصدّقه: أنّک تقسم في ء المسلمين في قومک، ومن اعتراک من السَّأَلة والأحزاب، وأهل الکذب من الشعراء، کما تقسم الجوز!

فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لاُفتّش عن ذلک تفتيشاً شافياً؛ فإن وجدته حقّاً لتجدنّ بنفسک عليَّ هواناً، فلا تکوننّ من الخاسرين أعمالاً، الذين ضلّ سعيُهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنّهم يُحسنون صنعاً.[14] .

[صفحه 307]

6712- الإمام عليّ عليه السلام- من کتابه إلي مصقلة بن هبيرة الشيباني، وهو عامله علي أردشيرخُرّة-: بلغني عنک أمرٌ إن کنت فعلته فقد أسخطت إلهک، وعصيت إمامک: أنّک تقسم في ء المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم، واُريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامک من أعراب قومک!

فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لئن کان ذلک حقّاً لتجدنّ لک عليَّ هواناً، ولتخفّنّ عندي ميزاناً، فلا تستهِن بحقّ ربّک، ولا تُصلح دنياک بمحق دينک، فتکون من الأخسرين أعمالاً.

ألا وإنّ حقّ من قِبَلَک وقِبلَنا من المسلمين في قِسمة هذا الفي ء سواء؛ يرِدُون عندي عليه، ويصدرون عنه.[15] .

6713- الغارات عن ذهل بن الحارث: دعاني مصقلة إلي رحله، فقدّم عشاءً فطعمنا منه، ثمّ قال: واللَّه إنّ أميرالمؤمنين يسألني هذا المال، وواللَّه لا أقدر عليه، فقلت له: لو شئت لا يمضي عليک جمعة حتي تجمع هذا المال، فقال: واللَّه ما کنت لاُحمّلها قومي، ولا أطلب فيها إلي أحد.

ثمّ قال: أما واللَّه لو أنّ ابن هند يطالبني بها، أو ابن عفّان لترکها لي، أ لم تر إلي ابن عفّان حيث أطعم الأشعث بن قيس مائة ألف درهم من خراج أذربيجان في کلّ سنة، فقلت: إنّ هذا لا يري ذلک الرأي وما هو بتارک لک شيئاً، فسکت ساعة وسکتّ عنه، فما مکث ليلة واحدة بعد هذا الکلام حتي لحق بمعاوية، فبلغ ذلک عليّاً عليه السلام فقال:

ما له؟! ترّحه[16] اللَّه! فعل فعل السيّد، وفرّ فرار العبد، وخان خيانة الفاجر، أما

[صفحه 308]

إنّه لو أقام فعجز ما زدنا علي حبسه؛ فإن وجدنا له شيئاً أخذناه، وإن لم نقدر له علي مال ترکناه، ثمّ سار إلي داره فهدّمها.[17] .



صفحه 304، 305، 306، 307، 308.





  1. رجال الطوسي: 832:83.
  2. أَرْدَشِير خُرَّه: من أجَلّ بقاع فارس، وقد بناها أردشير بابکان، ومنها مدينة شيراز ومِيمَنْد وکازرون، وهي بلدة قديمة (راجع معجم البلدان: 146/1).
  3. أنساب الأشراف: 389:2، تاريخ دمشق: 7450:269:58؛ نهج البلاغة: الکتاب 43 وفيه «هو عامله علي أردشيرخرّة»، تاريخ اليعقوبي: 201:2 وفيه «يهب أموال أردشيرخرّة وکان عليها».
  4. تاريخ الطبري: 128:5.
  5. تهذيب الأحکام: 551:140:10، نهج البلاغة: الخطبة 44؛ أنساب الأشراف: 181:3، مروج الذهب: 419:2، تاريخ الطبري: 128:5، تاريخ دمشق: 7450:270:58.
  6. أنساب الأشراف: 181:3، تاريخ الطبري: 129:5 و 130، الکامل في التاريخ: 421:2 و 422، تاريخ دمشق: 7450:272:58؛ الغارات: 364:1 تا 366، رجال الطوسي: 832:83 وفيه «هرب إلي معاوية».
  7. نهج البلاغة: الخطبة 44، الغارات: 366:1؛ مروج الذهب: 419:2، تاريخ الطبري: 130:5، الکامل في التاريخ: 422:2، تاريخ دمشق: 7450:272:58 وفيها «فعل فعل السيّد، وفرّ فرار العبد».
  8. أنساب الأشراف: 183:3 وج278:5، تاريخ خليفة بن خيّاط: 169، تاريخ دمشق: 7450:273:58.
  9. تاريخ الطبري: 269:5، أنساب الأشراف: 264:5.
  10. مروج الذهب: 418:2 و 419 وراجع تاريخ الطبري:130:5 والکامل في التاريخ: 422:2 ونهج البلاغة: الخطبة 44.
  11. الحَمالة: ما يتحمّله الإنسان عن غيره من دِيَة أو غرامة (النهاية: 442:1).
  12. بلدح الرجل: إذا ضرب بنفسه علي الأرض (تاج العروس: 16:4).
  13. الغارات: 364:1؛ تاريخ الطبري: 129:5، تاريخ دمشق: 7450:271:58 کلاهما عن عبداللَّه بن فقيم وفيهما «مُلبّداً» بدل «مُبَلدَحاً»، شرح نهج البلاغة: 144:3 وراجع أنساب الأشراف: 181:3 والکامل في التاريخ: 421:2 والفتوح: 244:4 والبداية والنهاية: 310:7.
  14. تاريخ اليعقوبي: 201:2.
  15. نهج البلاغة: الکتاب 43؛ أنساب الأشراف: 389:2 نحوه إلي «أعمالاً».
  16. التَّرَح: ضدّ الفرح؛ وهو الهلاک والانقطاع أيضاً (النهاية: 186:1).
  17. الغارات: 365:1؛ تاريخ الطبري: 130:5، تاريخ دمشق: 7450:272:58 کلاهما عن عبداللَّه بن فقيم نحوه وراجع أنساب الأشراف: 181:3 و 182 والکامل في التاريخ: 421:2 والفتوح: 244:4 والبداية والنهاية: 310:7.