مسلم المجاشعي











مسلم المجاشعي



کان يعيش في المدائن أيّام واليها حُذيفة بن اليمان، وبعد قتل عثمان وبقاء حذيفة والياً عليها بأمر الإمام عليّ عليه السلام، قرأ حذيفة علي الناس رسالة الإمام عليه السلام، ودعاهم إلي بيعته متحدّثاً عن عظمته. ولمّا بايع الناس، طلب مسلم من حذيفة أن يحدّثه بحقيقة ما کان قد جري، ففعل فأصبح مسلم من الموالين للإمام عليه السلام.[1] ورسخ حبّ الإمام في قلبه حتي قال عليه السلام فيه يوم الجمل: إنّ الفتي ممّن حشي اللَّه قلبه نوراً وإيماناً، وهو مقتول....[2] .

وکان أوّل من استُشهد يومئذٍ بعد قَطْع يدَيه.[3] .

6707- المناقب للخوارزمي عن مجزأة السدوسي- في ذکر أحداث حرب الجمل-: لمّا تقابل العسکران: عسکر أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام وعسکر أصحاب الجمل، جعل أهل البصرة يرمون أصحاب عليّ بالنَّبل حتي عقروا منهم جماعة، فقال الناس: يا أميرالمؤمنين، إنّه قد عقرنا نبلهم فما انتظارک بالقوم؟!

[صفحه 302]

فقال عليّ: اللهمّ إنّي اُشهدک أنّي قد أعذرت وأنذرت، فکن لي عليهم من الشاهدين.

ثمّ دعا عليّ بالدرع، فأفرغها عليه، وتقلّد بسيفه واعتجر[4] بعمامته واستوي علي بغلة النبيّ صلي الله عليه و سلم، ثمّ دعا بالمصحف فأخذه بيده، وقال: يا أيّها الناس، من يأخذ هذا المصحف فيدعو هؤلاء القوم إلي ما فيه؟

قال: فوثب غلام من مجاشع يقال له: مسلم، عليه قباء أبيض، فقال له: أنا آخذه يا أميرالمؤمنين.

فقال له عليّ: يا فتي إنّ يدک اليمني تقطع، فتأخذه باليسري فتقطع، ثمّ تضرب عليه بالسيف حتي تقتل.

فقال الفتي: لا صبر لي علي ذلک يا أميرالمؤمنين.

قال: فنادي عليّ ثانية، والمصحف في يده، فقام إليه ذلک الفتي وقال: أنا آخذه يا أميرالمؤمنين.

قال: فأعاد عليه علي مقالته الاُولي، فقال الفتي: لا عليک يا أميرالمؤمنين، فهذا قليل في ذات اللَّه، ثمّ أخذ الفتي المصحف وانطلق به إليهم، فقال: يا هؤلاء، هذا کتاب اللَّه بيننا وبينکم.

قال: فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمني فقطعها، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتي قتل- رحمة اللَّه عليه-.[5] .

[صفحه 303]

6708- الجمل: کانت اُمّه [أي مسلم] حاضرة فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرّته من موضعه، ولَحِقَها جماعة من عسکر أميرالمؤمنين عليه السلام أعانوها علي حمله حتي طرحوه بين يدي أميرالمؤمنين عليه السلام واُمّه تبکي وتندبه وتقول:


يا ربّ إنّ مسلماً دعاهُم
يتلو کتابَ اللَّه لا يخشاهم


فَخضَبوا من دمه قناهُم
واُمّهم قائمةٌ تراهم


تأمرهم بالقتل لا تنهاهُم[6] .

راجع: القسم السادس/وقعة الجمل/جهود الإمام لمنع القتال/فشل آخر الجهود.



صفحه 302، 303.





  1. إرشاد القلوب: 321 تا 343.
  2. إرشاد القلوب: 342.
  3. شرح نهج البلاغة: 112:9، الفتوح: 473:2، المناقب للخوارزمي: 186.
  4. الاعتِجارُ بالعَمامة: هو أن يَلُفَّها علي رَأسِه ويَرُدّ طَرَفَها علي وجْهِه، ولا يَعْمل منها شيئاً تحت ذَقَنِه (النهاية: 185:3).
  5. المناقب للخوارزمي: 223:186، الفتوح: 472:2 وفيه من «ثمّ دعا عليّ بالدرع»، شرح نهج البلاغة: 111:9 و 112 نحوه وراجع تاريخ الطبري: 511:4 وأنساب الأشراف: 36:3 والکامل في التاريخ: 350:2 ومروج الذهب: 370:2 وإرشاد القلوب: 341 و 342.
  6. الجمل: 339 وراجع مروج الذهب: 370:2 والکامل في التاريخ: 350:2.