مالك بن كعب











مالک بن کعب



مالک بن کعب الأرحبي من أصحاب الإمام عليّ عليه السلام ومن أرکان حکومته کان والياً علي عين التمر،[1] وبهقباذات،[2] مضافاً إلي إشرافه علي عمل سائر المسؤولين في الکوفة والجزيرة.

وممّا يُثني عليه شجاعته التي أبداها قبال هجوم النعمان بن بشير علي عين التمر؛ فإنّه واجه جيش النعمان الذي قوامه ألفي فارس بسريّة قوامها مائة مقاتل فقط، حتي وصل الإسناد العسکري إليه، واضطرّ النعمان إلي الفرار.[3] .

کما استدعي لمواجهة جيش مسلم بن عقبة المري في دومة الجندل، فکان موفّقاً في هذه المهمّة أيضاً.

وممّا يدلّ علي حسن معرفته؛ إظهار استعداده لإعانة محمّد بن أبي بکر في الوقت الذي لم يلبِّ دعوة الإمام أحد.

6691- الإمام عليّ عليه السلام- من کتابه إلي مالک بن کعب الأرحبي-: إنّي ولّيتک معونة البهقُباذات، فآثِر طاعة اللَّه، واعلم أنّ الدنيا فانية والآخرة آتية، واعمل صالحاً تُجزَ خيراً، فإنّ عمل ابن آدم محفوظ عليه وإنّه مجزيّ به، فعل اللَّه بنا وبک خيراً، والسلام.[4] .

[صفحه 289]

6692- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي کعب بن مالک-:[5] أمّا بعد، فاستخلف علي عملک، واخرج في طائفة من أصحابک حتي تمرّ بأرض کورة السواد،[6] فتسأل عن عمّالي وتنظر في سيرتهم فيما بين دجلة والعذيب،[7] ثمّ ارجع إلي البهقُباذات فتولّ معونتها، واعمل بطاعة اللَّه فيما ولّاک منها، واعلم أنّ کلّ عمل ابن آدم محفوظ عليه مجزيّ به، فاصنع خيراً صنع اللَّه بنا وبک خيراً وأعلمني الصدق فيما صنعت والسلام.[8] .

6693- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي کعب بن مالک-: أمّا بعد، فاستخلف علي عملک، واخرج في طائفة من أصحابک حتي تمرّ بأرض السواد کورة کورة، فتسألهم عن عمّالهم، وتنظر في سيرتهم، حتي تمرّ بمن کان منهم فيما بين دجلة والفرات، ثمّ ارجع إلي البهقباذات فتولَّ معونتها، واعمل بطاعة اللَّه فيما ولّاک منها.

واعلم أنّ الدنيا فانية وأنّ الآخرة آتية، وأنّ عمل ابن آدم محفوظ عليه، وأنّک مجزيّ بما أسلفت، وقادم علي ما قدَّمت من خير، فاصنع خيراً تجد خيراً.[9] .

6694- الغارات عن عبداللَّه بن حوزة الأزدي: کنت مع مالک بن کعب حين نزل

[صفحه 290]

بنا النعمان بن بشير وهو في ألفين، وما نحن إلّا مائة، فقال لنا: قاتلوهم في القرية واجعلوا الجدر في ظهورکم، ولا تلقوا بأيديکم إلي التهلکة، واعلموا أنّ اللَّه تعالي ينصر العشرة علي المائة، والمائة علي الألف، والقليل علي الکثير ممّا يفعل اللَّه ذلک.

ثمّ قال: إنّ أقرب من هاهنا إلينا من شيعة عليّ عليه السلام وأنصاره وعمّاله قرظة بن کعب ومخنف بن سليم، فارکض إليهما وأعلمهما حالنا، وقل لهما: فلينصرانا بما استطاعا.

فأقبلت أرکض وقد ترکته وأصحابه، وإنّهم ليترامون بالنَّبل، فمررت بقرظة بن کعب فاستغثته، فقال: إنّما أنا صاحب خراجٍ وما معي أحدٌ اُغيثه به، فمضيت حتي أتيت مخنف بن سليم فأخبرته الخبر، فسرّح معي عبدالرحمن بن مخنف في خمسين رجلاً، وقاتلهم مالک بن کعب وأصحابه إلي العصر، فأتيناه وقد کسر هو وأصحابه جفون[10] سيوفهم واستسلموا للموت، فلو أبطأنا عنهم هلکوا، فما هو إلّا أن رآنا أهل الشام قد أقبلنا عليهم أخذوا ينکصون عنهم ويرتفعون، ورآنا مالک وأصحابه فشدّوا عليهم حتي دفعوهم عن القرية واستعرضناهم، فصرعنا منهم رجالاً ثلاثة وارتفع القوم عنّا، وظنّوا أنّ وراءنا مدداً، ولو ظنّوا أنّه ليس غيرنا لأقبلوا علينا وأهلکونا، وحال بيننا وبينهم الليل فانصرفوا إلي أرضهم.

وکتب مالک بن کعب إلي عليّ عليه السلام: أمّا بعد، فقد نزل بنا النعمان بن بشير في جمعٍ من أهل الشام کالظاهر علينا، وکان عظم أصحابي متفرّقين، وکنّا للذي کان منهم آمنين، فخرجنا إليهم رجالاً مصلتين[11] فقاتلناهم حتي المساء،

[صفحه 291]

واستصرخنا مخنف بن سليم، فبعث إلينا رجالاً من شيعة أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام وولده عند المساء، فنِعم الفتي ونِعم الأنصار کانوا، فحملنا علي عدوّنا وشددنا عليهم، فأنزل اللَّه علينا نصره وهزم عدوّه وأعزّ جنده، والحمد للَّه ربّ العالمين، والسلام عليک يا أميرالمؤمنين ورحمة اللَّه وبرکاته.

قال: لمّا ورد الکتاب علي عليّ عليه السلام قرأه علي أهل الکوفة فحمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ نظر إلي جلسائه فقال: الحمد للَّه، وندم أکثرهم.[12] .

6695- أنساب الأشراف: بعث معاوية [مسلم] بن عقبة المري إلي أهل دومة الجندل-[13] وکانوا قد توقّفوا عن البيعة لعليّ ومعاوية جميعاً- فدعاهم إلي طاعة معاوية وبيعته، وبلغ ذلک عليّاً فبعث إلي مالک بن کعب الهمداني أن خلّف علي عملک من تثق به وأقبل إليَّ.

ففعل واستخلف عبد الرحمن بن عبد اللَّه الکندي، فبعثه عليٌّ إلي دومة الجندل في ألف فارس، فلم يشعر مسلم إلّا وقد وافاه، فاقتتلوا يوماً ثمّ انصرف مسلم منهزماً، وأقام مالک أيّاماً يدعو أهل دومة الجندل إلي البيعة لعليّ، فلم يفعلوا وقالوا: لا نبايع حتي يجتمع الناس علي إمام. فانصرف.[14] .

6696- تاريخ الطبري- بعد أن ذکر خطبة الإمام عليه السلام يستنفر الناس لإغاثة محمّد بن أبي بکر وأصحابه، وعدم استجابة الناس له عليه السلام-: فقام إليه مالک بن

[صفحه 292]

کعب الهمداني ثمّ الأرحبي، فقال: يا أمير المؤمنين، اندب الناس فإنّه لا عطر بعد عروس،[15] لمثل هذا اليوم کنت أدّخر نفسي، والأجر لا يأتي إلّا بالکرّة، اتّقوا اللَّه وأجيبوا إمامکم، وانصروا دعوته، وقاتلوا عدوّه، أنا أسير إليها يا أميرالمؤمنين، قال: فأمر عليّ مناديه سعداً، فنادي في الناس: ألا انتدبوا إلي مصر مع مالک بن کعب.[16] .



صفحه 289، 290، 291، 292.





  1. الغارات: 447:2.
  2. أنساب الأشراف: 393:2.
  3. الغارات: 456:2.
  4. أنساب الأشراف: 393:2.
  5. کذا في المصدر، والصحيح: «مالک بن کعب» لأنّه لم يوجد في عمّال الإمام عليه السلام شخص مسمّي ب «کعب بن مالک».
  6. السَّواد: أراضي وقري العراق وضياعها التي افتتحها المسلمون علي عهد عمر بن الخطّاب؛ سمّي بذلک لسواده بالزروع والنخيل والأشجار (راجع معجم البلدان: 272:3).
  7. العُذَيْب: تصغير العذب؛ وهو الماء الطيّب، وهو ماء بين القادسيّة والمغيثة، بينه وبين القادسيّة أربعة أميال، وإلي المغيثة اثنان وثلاثون ميلاً (معجم البلدان: 92:4).
  8. تاريخ اليعقوبي: 204:2.
  9. الخراج لأبي يوسف: 118، نهج السعادة: 137:4 وفيه «باقية» بدل «آتية».
  10. جفون السُّيُوف: أغمادُها، واحِدُها جفن (النهاية: 280:1).
  11. أصلَتَ السَّيفَ: إذا جَرَّدَه من غِمده (النهاية: 45:3).
  12. الغارات: 456:2 وراجع تاريخ الطبري: 133:5.
  13. دَوْمَة الجَنْدل: مدينة علي سبع مراحل من دمشق، بينها وبين مدينة الرسول صلي الله عليه و سلم، ويطلق عليها اليوم «الجوف»، وقد جرت فيها قضيّة التحکيم (راجع معجم البلدان: 487:2).
  14. أنساب الأشراف: 225:3، الکامل في التاريخ: 429:2 نحوه وراجع الغارات: 459:2.
  15. لا مَخبَأ لِعِطرٍ بَعدَ عَرُوسٍ، ويُروي: لا عِطرَ بعد عَرُوسٍ: أول من قال ذلک امرأةٌ من عُذرَة يُقال لها أسماء بنت عبد اللَّه، وکان لها زوجٌ من بني عمِّها يُقال له عروس، فمات عنها...، فقالت: لا عِطرَ بعد عَرُوس، فذهبت مثلاً يضرب لمن لا يُدَّخَرُ عنه نَفيسٌ (مجمع الأمثال: 3491:151:3).
  16. تاريخ الطبري: 107:5، الکامل في التاريخ: 414:2 نحوه؛ الغارات: 292:1.