مالك الاشتر











مالک الاشتر



هو مالک بن الحارث بن عبديغوث النخعي الکوفي، المعروف بالأشتر؛ الوجه المشرق، والبطل الذي لا يُقهَر، واللّيث الباسل في الحروب، وأصلب صحابة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأثبتهم.

وکان الإمام عليه السلام يثق به ويعتمد عليه، وطالما کان يُثني علي وعيه، وخبرته، وبطولته، وبصيرته، وعظمته، ويفتخر بذلک.

وليس بأيدينا معلومات تُذکر حول بدايات وعيه. وکان أوّل حضوره الجادّ في فتح دمشق وحرب اليرموک،[1] وفيها اُصيبت عينه[2] فاشتهر بالأشْتَر.[3] .

وکان مالک يعيش في الکوفة. وکان طويل القامة، عريض الصدر، طلق اللّسان،[4] عديم المثيل في الفروسيّة.[5] وکان لمزاياه الأخلاقيّة ومروءته ومَنعته وهيبته واُبّهته وحيائه، تأثيرٌ عجيب في نفوس الکوفيّين؛ من هنا کانوا يسمعون کلامه، ويحترمون آراءه.

ونُفي مع عدد من أصحابه إلي حِمْص[6] في أيّام عثمان بسبب اصطدامه

[صفحه 276]

بسعيد بن العاص والي عثمان.[7] ولمّا اشتدّت نبرة المعارضة لعثمان عاد إلي الکوفة، ومنع واليه- الذي کان قد ذهب إلي المدينة آنذاک- من دخولها.[8] .

واشترک في ثورة المسلمين علي عثمان،[9] وتولّي قيادة الکوفيّين الذين کانوا قد توجّهوا إلي المدينة، وکان له دور حاسم في القضاء علي حکومة عثمان.[10] .

وکان يصرّ علي خلافة الإمام عليّ عليه السلام بفضل ما کان يتمتّع به من وعي عميق، ومعرفةٍ دقيقة برجال زمانه، وبالتيّارات والحوادث الجارية يومذاک.[11] من هنا کان نصير الإمام عليه السلام وعضده المقتدر عند خلافته. وقد امتزجت طاعته وإخلاصه له عليه السلام بروحه ودمه، وکان الإمام عليه السلام أيضاً يحترمه احتراماً، خاصّاً ويقيم وزناً لآرائه في الاُمور.

وکان له رأي في بقاء أبي موسي الأشعري والياً علي الکوفة، ارتضاه الإمام عليه السلام وأيّده،[12] مع أنّه عليه السلام کان يعلم بمکنون فکر أبي موسي، ولم يکن له رأي في بقائه.[13] .

[صفحه 277]

وعندما کان أبوموسي يثبّط الناس عن المسير مع الإمام عليه السلام في حرب الجمل، ذهب مالک إلي الکوفة، وأخرج أباموسي- الذي کان قد عزله الإمام عليه السلام- منها، وعبّأ الناس من أجل دعم الإمام عليه السلام والمسير معه في الحرب ضدّ أصحاب الجمل.[14] وکان له دور حاسم وعجيب في الحرب. وکان علي الميمنة فيها.[15] واصطراعه مع عبداللَّه بن الزبير مشهور في هذه المعرکة.[16] .

ولي مالک الجزيرة-[17] وهي تشمل مناطق بين دجلة والفرات- بعد حرب الجمل. وکانت هذه المنطقة قريبة من الشام التي کان يحکمها معاوية.[18] واستدعاه الإمام عليه السلام قبل حرب صفّين.

وکان علي مقدّمة الجيش في البداية، وقد هَزم مقدّمة جيش معاوية.

ولمّا استولي جيش معاوية علي الماء وأغلق منافذه بوجه جيش الإمام عليه السلام، کان لمالک دور فاعل في فتح تلک المنافذ والسيطرة علي الماء.[19] وکان في الحرب مقاتلاً باسلاً مقداماً، رابط الجأش مجدّاً مستبسلاً، وقد قاتل بقلبٍ فتيّ وشجاعة منقطعة النظير.[20] وتولّي قيادة الجيش مع الأشعث،[21] وکان علي خيّالة

[صفحه 278]

الکوفة طول الحرب،[22] وأحياناً کان يقود أقساماً اُخري من الجيش.[23] .

وفي معارک ذي الحجّة الاُولي کانت المسؤوليّة الأصليّة والدور الأساس للقتال علي عاتقه.[24] وفي المرحلة الثانية- شهر صفر- کان يقود القتال أيضاً يومين في کلّ ثمانية أيّام.[25] .

وکان له مظهر عجيب في المنازلات الفرديّة للقتال، وفي حلّ عُقَد الحرب، وعلاج مشاکل الجيش، والنهوض بعب ء الحرب، والسير بها قُدماً بأمر الإمام عليه السلام. بَيد أنّ مظهره الباهر الخالد قد تجلّي في الأيّام الأخيرة منها، بخاصّة «يوم الخميس» و «ليلة الهَرير».

وکان يوم الخميس وليلة الجمعة «ليلة الهرير» مسرحاً لعرض عجيب تجلّت فيه شجاعته، وشهامته، واستبساله، وقتاله بلا هوادة، إذ خلخل نظم الجيش الشامي، وتقدّم صباح الجمعة حتي أشرف علي خيمة القيادة.[26] .

وصار هلاک العدوّ أمراً محتوماً، وبينا کان الظلم يلفظ أنفاسه الأخيرة، والنصر يلتمع في عيون مالک، تآمر عمرو بن العاص ونشر فخّ مکيدته، فأسرعت جموع من جيش الإمام- وهم الذين سيشکّلون تيّار الخوارج- ومعهم الأشعث إلي مؤازرته، فازداد الطين بلّةً بحماقتهم. وهکذا جعلوا الإمام عليه السلام

[صفحه 279]

في وضعٍ حَرِج ليقبل الصلح، ويُرجعَ مالکاً عن موقعه المتقدّم في ميدان الحرب. وکان طبيعيّاً في تلک اللّحظة المصيريّة الحاسمة العجيبة أن يرفض مالک، ويرفض معه الإمام عليه السلام أيضاً، لکن لمّا بلغه أنّ حياة الإمام في خطر، عاد بروح ملؤها الحزن والألم، فأغمد سيفه، ونجا معاوية الذي أوشک أن يطلب الأمان من موت محقَّق، وخرج من مأزق ضاق به!![27] .

وشاجر مالک الخوارجَ والأشعثَ، وکلّمهم في حقيقة ما حصل، وأنبأهم، بما يملک من بصيرة وبُعد نظر، أنّ جذر تقدّسهم يکمن في تملّصهم من المسؤوليّة، وشغفهم بالدنيا.[28] .

وحين اقترح الإمام عليه السلام عبدَ اللَّه بن عبّاس للتحکيم ورفَضه الخوارج والأشعث، اقترح مالکاً، فرفضوه أيضاً مصرِّين علي يمانيّة الحَکَم، في حين کان مالک يمانيّ المحتد، وهذا من عجائب الاُمور![29] .

وعاد مالک بعد صفّين إلي مهمّته.[30] ولمّا اضطربت مصر علي محمّد بن أبي بکر وصعب عليه أمرها وتمرّد أهلها، انتدب الإمام عليه السلام مالکاً وولّاه عليها.[31] وکان قد خَبَر کفاءته، ورفعته، واستماتته، ودأبه، ووعيه، وخبرته في العمل،

[صفحه 280]

فکتب إلي أهل مصر کتاباً يعرّفهم به، قال فيه:

«... بعثتُ إليکم عبداً من عباد اللَّه، لا ينام أيّام الخوف، ولا ينکل عن الأعداء ساعات الرَّوع، أشدَّ علي الفجّار من حريق النار، وهو مالک بن الحارث أخو مَذْحِج، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ؛ فإنّه سيف من سيوف اللَّه، لا کَلِيل الظُّبَة[32] ولا نابِي[33] الضَّرِيبة؛ فإن أمَرکم أن تنفروا فانفروا، وإن أمرکم أن تقيموا فأقيموا؛ فإنّه لا يُقْدِم ولا يُحْجِم ولا يؤخِّر ولا يقدِّم إلّا عن أمري، وقد آثرتُکم به علي نفسي لنصيحته لکم، وشدّة شکيمته علي عدوّکم».[34] .

وکانت تعليماته عليه السلام الحکوميّة- المشهورة ب «عهد مالک الأشتر»- أعظم وأرفع وثيقة للحکومة وإقامة القسط، وهي خالدة علي مرّ التاريخ.[35] .

وکان معاوية قد عقد الأمل علي مصر، وحين شعر أنّ جميع خططه ستخيب بذهاب مالک إليها، قضي عليه قبل وصوله إليها. وهکذا استُشهد ليث الوغي، والمقاتل الفذّ، والناصر الفريد لمولاه، بطريقة غادرة بعدما تناول من العسل المسموم بسمّ فتّاک، وعرجت روحه المشرقة الطاهرة إلي الملکوت الأعلي.[36] .

[صفحه 281]

وحزن الإمام عليه السلام لمقتله، حتي عَدّ موته من مصائب الدهر.[37] وأبّنه فکان تأبينه إيّاه فريداً؛ کما أنّ وجود مالک کان فريداً له في حياته عليه السلام.[38] .

ولمّا نُعي إليه مالک وبلغه خبر استشهاده المؤلم، صعد المنبر وقال:

«ألا إنّ مالک بن الحارث قد قضي نحبه، وأوفي بعهده، ولقي ربّه، فرحم اللَّه مالکاً! لو کان جبلاً لکان فِنْداً،[39] ولو کان حَجَراً لکان صَلْداً. لِلّه مالک! وما مالک! وهل قامت النساء عن مِثل مالک! وهل موجودٌ کمالِک!».[40] .

ومعاوية الذي کان فريداً أيضاً في خبث طويّته ورذالته وضَعَته وقتله للفضيلة، طار فرحاً باستشهاد مالک، ولم يستطع أن يخفي سروره، فقال من فرط فرحه:

کان لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان، فقُطعت إحداهما يوم صفّين- يعني عمّار بن ياسر- وقُطعت الاُخري اليوم، وهو مالک الأشتر.[41] .

وکلّما کان يذکره الإمام عليه السلام، يثقل عليه الغمّ والحزن، ويتحسّر علي فقده. وحين ضاق ذرعاً من التحرّکات الجائرة لأهل الشام، وتألّم لعدم سماع جُنده کلامه، وتأوّه علي قعودهم وخذلانهم له في اجتثاث جذور الفتنة، قال رجل:

استبانَ فقدُ الأشتر علي أهل العراقِ. لو کان حيّاً لقلّ اللغط، ولعلم کلّ امرئٍ

[صفحه 282]

ما يقول.[42] .

نطق هذا الرجل حقّاً، فلم يکن أحد في جيش الإمام عليه السلام مثل مالک.

6683- تنبيه الخواطر: حکي أنّ مالکاً الأشتر کان مجتازاً بسوق الکوفة وعليه قميص خام وعمامة منه، فرآه بعض السُّوْقة[43] فازدري[44] بزيّه؛ فرماه ببندقة تهاوناً به، فمضي ولم يلتفت، فقيل له: ويلک! أ تدري بمن رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالک صاحب أميرالمؤمنين عليه السلام، فارتعد الرجل ومضي إليه ليعتذر منه، فرآه وقد دخل مسجداً وهو قائم يصلّي، فلمّا انفتل أکبّ الرجل علي قدميه يقبّلهما، فقال: ما هذا الأمر؟! فقال: أعتذر إليک ممّا صنعت، فقال: لا بأس عليک، فواللَّه ما دخلت المسجد إلّا لأستغفرنّ لک.[45] .

6684- المناقب للخوارزمي عن أبي هاني بن معمر السدوسي- في ذکر غلبة جند معاوية علي الماء في حرب صفّين-: کنت حينئذٍ مع الأشتر وقد تبيّن فيه العطش، فقلت لرجل من بني عمّي: إنّ الأمير عطشان، فقال الرجل: کلّ هؤلاء عِطاش، وعندي إداوة[46] ماء أمنعه لنفسي، ولکنّي اُوثره علي نفسي، فتقدّم إلي الأشتر فعرض عليه الماء، فقال: لا أشرب حتي يشرب الناس.[47] .

6685- تاريخ دمشق عن أبي حذيفة إسحاق بن بشر- في ذکر وقعة اليرموک-:

[صفحه 283]

ومضي خالد يطلب عظْمَ[48] الناس حتي أدرکهم بثنية العقاب،[49] وهي تهبط الهابط المُغَرِّب منها إلي غوطة دمشق يدرک عظْم الناس حتي أدرکهم بغوطة دمشق، فلمّا انتهوا إلي تلک الجماعة من الروم، وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم، فتقدّم إليهم الأشتر وهو في رجال من المسلمين، فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم عظيم، فمضي إليه حتي وقف عليه، فاستوي هو والرومي علي صخرة مستوية، فاضطربا بسيفيهما، فأطرّ الأشتر کفّ الرومي، وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضرّه، واعتنق کلّ واحد منهما صاحبه، فوقعا علي الصخرة، ثمّ انحدرا، وأخذ الأشتر يقول- وهو في ذلک ملازم العلج لا يترکه-: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُکِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ × لَا شَرِيکَ لَهُ و وَبِذَ لِکَ اُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ».[50] .

قال: فلم يزل يقول ذلک حتي انتهي إلي مستوي الخيل وقرار، فلمّا استقرّ وثب علي الرومي فقتله، وصاح في الناس: أنْ جُوزوا.

قال: فلمّا رأت الروم أنّ صاحبهم قد قُتل، خلّوا الثنية وانهزموا.

قالوا: وکان الأشتر الأحسن في اليرموک، قالوا: لقد قتل ثلاثة عشر.[51] .

6686- وقعة صفّين عن سنان بن مالک- في مواجهة مقدّمة الجيش قبل حرب صفّين-: قلت له [لأبي الأعور]: إنّ الأشتر يدعوک إلي مبارزته، فسکت عنّي

[صفحه 284]

طويلاً ثمّ قال: إنّ خفّة الأشتر وسوء رأيه هو الذي دعاه إلي إجلاء عمّال عثمان من العراق، وافتراءه عليه يقبّح محاسنه، ويجهل حقّه، ويُظهر عداوته.

ومن خفّة الأشتر وسوء رأيه أنّه سار إلي عثمان في داره وقراره، فقتله فيمن قتله، فأصبح مبتغيً بدمه؛ لا حاجة لي في مبارزته.

قال: قلت له: قد تکلّمت فاستمع منّي حتي اُخبرک، قال: فقال: لا حاجة لي في جوابک، ولا الاستماع منک، اذهب عنّي، وصاح بي أصحابه، فانصرفت عنه.[52] .

6687- شرح نهج البلاغة- في وصف الأشتر-: کان شديد البأس، جواداً رئيساً حليماً فصيحاً شاعراً، وکان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرِّفق.[53] .

6688- سير أعلام النبلاء: ملک العرب، مالک بن الحارث النخعي، أحد الأشراف والأبطال المذکورين. حدَّث عن عمر، وخالد بن الوليد، وفُقِئت عينه يوم اليرموک. وکان شهماً مُطاعاً زَعِراً،[54] ألّب علي عثمان وقاتله، وکان ذا فصاحة وبلاغة.

شهد صفّين مع عليّ عليه السلام، وتميّز يومئذٍ، وکاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه أصحاب عليّ لمّا رأوا مصاحف جند الشام علي الأسنّة يدعون إلي کتاب اللَّه، وما أمکنه مخالفة عليّ، فکفّ.[55] .

[صفحه 285]

6689- شرح نهج البلاغة: قد روي المحدّثون حديثاً يدلّ علي فضيلة عظيمة للأشتر رحمه الله، وهي شهادة قاطعة من النبيّ صلي الله عليه و سلم بأنّه مؤمن، روي هذا الحديث أبوعمر بن عبدالبرّ في کتاب الاستيعاب في حرف الجيم، في باب «جُندب»، قال أبوعمر:

لمّا حضرت أباذرّ الوفاة وهو بالرَّبذة بکت زوجته اُمّ ذرّ، فقال لها: ما يُبکيک؟

فقالت: ما لي لا أبکي وأنت تموت بفَلاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوب يسعک کفناً، ولابدّ لي من القيام بجهازک؟!

فقال: أبشري ولا تبکي، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم يقول: «لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة، فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبداً»؛ وقد مات لنا ثلاثة من الولد.

وسمعتُ أيضاً رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم يقول لنفر أنا فيهم: «لَيموتنّ أحدکم بفلاةٍ من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين»، وليس من اُولئک النفر أحد إلّا وقد مات في قرية وجماعة. فأنا- لا أشکّ- ذلک الرجل، واللَّه ما کَذبت ولا کُذِّبت، فانظري الطريق.

قالت اُمّ ذرّ: فقلت: أنّي وقد ذهب الحاجّ وتقطّعت الطُّرق؟!

فقال: اذهبي فتبصّري.

قالت: فکنت أشتدّ إلي الکثيب، فأصعد فأنظر، ثمّ أرجع إليه فاُمرِّضه، فبينا أنا وهو علي هذه الحال إذ أنا برجال علي رکابهم، کأنّهم الرَّخم،[56] تَخُبّ بهم

[صفحه 286]

رواحلهم، فأسرعوا إليَّ حتي وقفوا عليَّ، وقالوا: يا أمةَ اللَّه، ما لک؟

فقلت: امرُؤ من المسلمين يموت، تکفّنونه؟

قالوا: ومن هو؟ قلت: أبوذرّ. قالوا: صاحب رسول اللَّه عليه السلام؟

قلت: نعم، ففدّوه بآبائهم واُمّهاتهم، وأسرعوا إليه حتي دخلوا عليه، فقال لهم: أبشروا فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم يقول لنفر أنا فيهم: «ليموتنّ رجل منکم بفَلاةٍ من الأرض تشهده عِصابة من المؤمنين»، وليس من اُولئک النفر إلّا وقد هلک في قرية وجماعة، واللَّه ما کَذبت ولا کذِّبت، ولو کان عندي ثوب يسعني کفناً لي أو لامرأتي لم اُکفَّن إلّا في ثوب لي أو لها؛ وإنّي أنشدکم اللَّه ألّا يکفّنني رجل منکم کان أميراً أو عَريفاً[57] أو بريداً أونقيباً![58] .

قالت: وليس في اُولئک النفر أحد إلّا وقد قارف بعض ما قال، إلّا فتيً من الأنصار قال له: أنا اُکفّنک يا عمّ في ردائي هذا، وفي ثوبين معي في عَيْبتي من غزل اُمّي.

فقال أبوذرّ: أنت تکفِّنني، فمات فکفّنه الأنصاري وغسّله النفر الذين حضروه وقاموا عليه ودفنوه؛ في نفر کلّهم يمان.

روي أبوعمر بن عبدالبرِّ قبل أن يروي هذا الحديث في أوّل باب جُندب: کان النفر الذين حضروا موتَ أبي ذرّ بالربذة مصادفة جماعة؛ منهم حُجْر بن

[صفحه 287]

الأدْبَر، ومالک بن الحارث الأشتر.

قلت: حُجر بن الأدبَر هو حُجر بن عديّ الذي قتله معاوية، وهو من أعلام الشيعة وعظمائها، وأمّا الأشتر فهو أشهر في الشيعة من أبي الهُذَيل في المعتزلة.[59] .

راجع: القسم السادس/وقعة صفّين/اشتداد القتال/دور الأشتر في القتال.

القسم السابع/استشهاد مالک الأشتر.



صفحه 276، 277، 278، 279، 280، 281، 282، 283، 284، 285، 286، 287.





  1. تاريخ دمشق: 379:56.
  2. تهذيب الکمال: 5731:127:27، تاريخ الإسلام للذهبي: 593:3، المعارف لابن قتيبة: 586، سير أعلام النبلاء: 6:34:4، تاريخ دمشق: 380:56.
  3. الشَّتَر: انقلاب جَفْن العين إلي أسفل. والرجُل أشْتَر (انظر النهاية: 443:2).
  4. وقعة صفّين: 255؛ تاريخ الإسلام للذهبي: 594:3.
  5. تاريخ الإسلام للذهبي: 594:3.
  6. حِمْص: بلد مشهور قديم، بين دمشق وحلب نصف الطريق (معجم البلدان: 302:2).
  7. أنساب الأشراف: 155:6 و 156، تاريخ الطبري: 318:4 تا 326، مروج الذهب: 346:2 و 347.
  8. أنساب الأشراف: 157:6، تاريخ الطبري: 332:4، مروج الذهب: 347:2.
  9. الجمل: 137؛ تهذيب الکمال: 5731:127:27، تاريخ الطبري: 326:4، مروج الذهب: 352:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 594:3، تاريخ دمشق: 381:56، سير أعلام النبلاء: 6:34:4.
  10. الشافي: 262:4؛ الطبقات الکبري: 71:3، أنساب الأشراف: 219:6، تاريخ الإسلام للذهبي: 448:3.
  11. تاريخ الطبري: 433:4، الإمامة والسياسة: 66:1.
  12. الأمالي للمفيد: 6:296، تاريخ اليعقوبي: 179:2؛ تاريخ الطبري: 499:4.
  13. الأمالي للمفيد: 6:295.
  14. الجمل: 253؛ تاريخ الطبري: 487:4، الکامل في التاريخ: 329:2، البداية والنهاية: 237:7.
  15. الأخبار الطوال: 147، البداية والنهاية: 244:7 و 245.
  16. الجمل: 350؛ تاريخ الطبري: 525:4، تهذيب الکمال: 5731:128:27، تاريخ دمشق: 382:56، الأخبار الطوال: 150.
  17. وقعة صفّين: 12؛ تاريخ خليفة بن خيّاط: 151، الأخبار الطوال: 154.
  18. وقعة صفّين: 12.
  19. وقعة صفين: 174 تا 179؛ المناقب للخوارزمي: 215 تا 220.
  20. وقعة صفّين: 196 و ص 430؛ تاريخ الطبري: 575:4، الفتوح: 45:3.
  21. تاريخ الطبري: 569:4 و 570، الکامل في التاريخ: 364:2.
  22. تاريخ الطبري: 11:5، الکامل في التاريخ: 371:2، البداية والنهاية: 261:7.
  23. وقعة صفّين: 475؛ تاريخ الطبري: 47:5، الکامل في التاريخ: 385:2.
  24. تاريخ الطبري: 574:4، الکامل في التاريخ: 366:2، البداية والنهاية: 260:7.
  25. تاريخ الطبري: 12:5 و 13، مروج الذهب: 387:2 تا 389، الکامل في التاريخ: 371:2 و 372؛ وقعة صفّين: 214.
  26. وقعة صفّين: 475؛ تاريخ الطبري: 47:5، الکامل في التاريخ: 385:2.
  27. وقعة صفّين: 489 و 490؛ تاريخ الطبري: 48:5 تا 50، الکامل في التاريخ: 386:2، الفتوح: 185:3 تا 188.
  28. وقعة صفّين: 491؛ تاريخ الطبري: 50:5، الکامل في التاريخ: 387:2.
  29. وقعة صفّين: 499 تا 504؛ مروج الذهب: 402:2، تاريخ الطبري: 51:5 و 52، الکامل في التاريخ: 387:2، الفتوح: 197:4 و 198.
  30. تاريخ الطبري: 95:5، الکامل في التاريخ: 410:2؛ الغارات: 257:1.
  31. الأمالي للمفيد: 4:79، الغارات: 257:1 تا 259؛ أنساب الأشراف: 167:3 و 168، تاريخ الطبري: 95:5.
  32. کلَّ السَّيفُ، فهو کَلِيل: إذا لم يَقْطَع. وظُبَةُ السَّيفِ: طَرَفُه (النهاية: 198:4 و ج 155:3).
  33. يقال: نَبا حدُّ السَّيف: إذا لم يَقْطَع (النهاية: 11:5).
  34. نهج البلاغة: الکتاب 38، الأمالي للمفيد: 4:81، الغارات: 260:1 و ص 266، الاختصاص: 80؛ تاريخ الطبري: 96:5، تاريخ دمشق: 390:56.
  35. نهج البلاغة: الکتاب 53، تحف العقول: 126 وراجع: القسم السابع/استشهاد مالک الأشتر/واجبات مالک في حکومة مصر.
  36. أنساب الأشراف: 168:3، تاريخ الطبري: 95:5 تا 96، مروج الذهب: 420:2، الکامل في التاريخ: 410:2؛ الأمالي للمفيد: 4:82، الغارات: 263:1، الاختصاص: 81، تاريخ اليعقوبي: 194:2.
  37. الأمالي للمفيد: 4:83، الغارات: 264:1.
  38. نهج البلاغة: الحکمة 443، الأمالي للمفيد: 4:83، رجال الکشّي: 118:283:1، الغارات: 265:1؛ الکامل في التاريخ: 410:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 594:3، ربيع الأبرار: 216:1.
  39. الفِنْد من الجبل: أنفه الخارج منه. وقيل: هو المُنفَرد من الجبال (النهاية: 475:3).
  40. الاختصاص: 81، الأمالي للمفيد: 4:83، الغارات: 265:1 کلاهما نحوه.
  41. الغارات: 264:1، الاختصاص: 81؛ تاريخ الطبري: 96:5، الکامل في التاريخ: 410:2.
  42. الأمالي للطوسي: 293:174، الغارات:481:2.
  43. السُّوْقة من الناس: الرَّعِيَّة (النهاية: 424:2).
  44. الازْدِراء: الاحتِقار والانتِقاص والعيب (النهاية: 302:2).
  45. تنبيه الخواطر: 2:1.
  46. الإداوَة: إناءٌ صغير من جلْد يُتَّخذ للماء کالسَّطيحة ونحوها (النهاية: 33:1).
  47. المناقب للخوارزمي: 240:215.
  48. عُظْمُ الأمرِ وعَظْمُه: مُعْظَمُه (لسان العرب: 410:12).
  49. ثنيّة العُقاب: وهي ثنيّة مشرفة علي غُوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق إلي حِمص (معجم البلدان: 85:2).
  50. الأنعام: 162 و 163.
  51. تاريخ دمشق: 379:56.
  52. وقعة صفّين: 155.
  53. شرح نهج البلاغة: 101:15.
  54. من الزَّعارَّة- بتشديد الراء، وتخفّف-: الشَّراسَة (تاج العروس: 463:6).
  55. سير أعلام النبلاء: 6:34:4 وراجع تاريخ الطبري: 48:5.
  56. الرَّخَم: نوعٌ من الطَّير معروفٌ، واحدتُه رَخمة (النهاية، 212:2).
  57. عَرِيف وهو القَيّم باُمور القبيلة أو الجَماعة من الناسِ يَلِي اُمورَهُم ويتعرّف الأمير منه أحوالهم (النهاية: 218:3).
  58. النَقِيب: هو کالعَريف علي القوم المُقَدَّم عليهم، الذي يَتعرَّف أخبارهم، وينقِّب عن أحوالهم: أي يُفَتِّش (النهاية: 101:5).
  59. شرح نهج البلاغة: 99:15 و 100.