قيس بن سعد بن عبادة











قيس بن سعد بن عبادة



قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي الساعدي، هو أحد الصحابة[1] .

[صفحه 254]

ومن کبار الأنصار. وکان يحظي باحترام خاصّ بين قبيلته والأنصار وعامّة المسلمين،[2] وکان شجاعاً، کريم النفس، عظيماً، مطاعاً في قبيلته.[3] .

وکان طويل القامة، قويّ الجسم، معروفاً بالکرم،[4] مشهوراً بالسخاء.[5] حمل اللواء في بعض حروب النبيّ صلي الله عليه و سلم.[6] وهو من السبّاقين إلي رعاية حرمة الحقّ،[7] والدفاع عن «خلافة الحقّ» و «حقّ الخلافة» وإمامة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم.[8] .

وکان من صحابة الإمام عليه السلام المقرّبين وحماته الثابتين في أيّام خلافته عليه السلام. ولّاه عليه السلام علي مصر،[9] فاستطاع بحنکته أن يُسکت المعارضين ويقضي علي جذور المؤامرة.[10] .

[صفحه 255]

حاول معاوية آنذاک أن يعطفه إليه، بَيْدَ أنّه خاب ولم يُفلح. وبعد مدّة استدعاه الإمام عليه السلام وأشخص مکانه محمّد بن أبي بکر لحوادث وقعت يومئذٍ.[11] .

وکان قيس قائداً لشرطة الخميس،[12] وأحد الاُمراء في صفّين، إذ ولي رجّالة البصرة فيها.[13] .

تولّي قيادة الأنصار عند احتدام القتال[14] وکان حضوره في الحرب مهيباً. وخطبه في تمجيد شخصيّة الإمام عليه السلام، ورفعه علم الطاعة لأوامره عليه السلام، وحثّ اُولي الحقّ وتحريضهم علي معاوية، کلّ ذلک کان أمارة علي وعيه العميق، وشخصيّته الکبيرة، ومعرفته بالتيّارات السياسيّة والاجتماعيّة والاُمور الجارية، وطبيعة الوجوه يومذاک.[15] .

ولّاه الإمام عليه السلام علي أذربيجان.[16] وشهد قيس معه صفّين والنهروان،[17] وکان علي ميمنة الجيش.[18] .

ولمّا عزم الإمام عليه السلام علي قتال معاوية بعد النهروان، ورأي حاجة الجيش إلي

[صفحه 256]

قائد شجاع مجرَّب متحرّس أرسل إليه ليشهد معه الحرب.[19] .

وفي آخر تعبئة للجيش من أجل حرب المفسدين والمعتدين، صعد الإمام عليه السلام علي حجارة وخطب خطبة کلّها حرقة وألم، وذکر الشجعان من جيشه- ويبدو أنّ هذه الخطبة کانت آخر خطبة له- ثمّ أمّر قيساً علي عشرة آلاف. کما عقد للإمام الحسين عليه السلام علي عشرة آلاف، ولأبي أيّوب الأنصاري علي عشرة آلاف، ومن المؤسف أنّ الجيش قد تخلخل وضعه بعد استشهاده عليه السلام.[20] .

وکان قيس أوّل من بايع الإمام الحسن عليه السلام بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام، ودعا الناس إلي بيعته من خلال خطبة واعية له.[21] وکان علي مقدّمة جيشه عليه السلام.[22] ولمّا کان عبيد اللَّه بن العبّاس أحد اُمراء الجيش، کان قيس مساعداً له، وحين فرّ عبيد اللَّه إلي معاوية صلّي قيس بالناس الفجر، ودعا المصلّين إلي الجهاد والثبات والصمود، ثمّ أمرهم بالتحرّک.[23] .

وبعد عقد الصلح بايع قيس معاوية بأمر الإمام عليه السلام.[24] فکرّمه معاوية، وأثني عليه.[25] .

[صفحه 257]

وعُدَّ قيس أحد الخمسة المشهورين بين العرب بالدهاء.[26] وفارق قيس الحياة في السنين الأخيرة من حکومة معاوية.[27] .

6657- سير أعلام النبلاء عن عمرو بن دينار: کان قيس بن سعد رجلاً ضخماً، جسيماً، صغير الرأس، ليست له لحية، إذا رکب حماراً خطّت رجلاه الأرض.[28] .

6658- اُسد الغابة عن ابن شهاب: کان قيس بن سعد يحمل راية الأنصار مع النبيّ صلي الله عليه و سلم. قيل: إنّه کان في سريّة فيها أبو بکر وعمر، فکان يستدين ويطعم الناس، فقال أبو بکر وعمر: إن ترکنا هذا الفتي أهلک مال أبيه، فمشيا في الناس، فلمّا سمع سعد قام خلف النبيّ صلي الله عليه و سلم فقال: من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطّاب؟ يُبخّلان عليَّ ابني.[29] .

6659- تاريخ بغداد عن عروة: باع قيس بن سعد مالاً من معاوية بتسعين ألفاً، فأمر منادياً فنادي في المدينة: من أراد القرض فليأتِ منزل سعد. فأقرض أربعين أو خمسين، وأجاز بالباقي، وکتب علي من أقرضه صکّاً، فمرض مرضاً قلّ عوّاده، فقال لزوجته قريبة بنت أبي قحافة- اُخت أبي بکر-: يا قريبة، لِمَ ترين قلّ عوّادي؟

[صفحه 258]

قالت: للذي لک عليهم من الدَّين.

فأرسل إلي کلّ رجلٍ بصکّه.[30] .

6660- الاستيعاب: من مشهور أخبار قيس بن سعد بن عبادة: أنّه کان له مال کثير ديوناً علي الناس، فمرض واستبطأ عوّاده، فقيل له: إنّهم يستحيون من أجل دَينک، فأمر منادياً ينادي: من کان لقيس بن سعد عليه دَين فهو له، فأتاه الناس حتي هدموا درجة کانوا يصعدون عليها إليه.[31] .

6661- تاريخ الإسلام عن موسي بن عقبة: وقفت علي قيس عجوزٌ، فقالت: أشکو إليک قلّة الجرذان.

فقال: ما أحسنَ هذه الکناية! املؤوا بيتها خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً.[32] .

6662- شُعب الإيمان عن قيس بن سعد: لولا أنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم يقول: المکر والخديعة في النار، لکنت أمکر هذه الاُمّة.[33] .

6663- تهذيب الکمال عن ابن شهاب: کانوا يعُدُّون دُهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رَهط، يقال لهم: ذوو رأي العرب في مکيدتهم: معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وقيس بن سعد بن عبادة والمغيرة بن شعبة، ومن

[صفحه 259]

المهاجرين عبداللَّه بن بُديل بن ورقاء الخزاعي. وکان قيس بن سعد وابن بديل مع عليّ.[34] .

6664- سير أعلام النبلاء عن أحمد بن البرقي: کان [قيس] صاحب لواء النبيّ صلي الله عليه و سلم في بعض مغازيه، وکان بمصر والياً عليها لعليّ عليه السلام.[35] .

6665- تاريخ الطبري عن الزهري: کانت مصر من حين عليّ، عليها قيس بن سعد بن عبادة، وکان صاحب راية الأنصار مع رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، وکان من ذوي الرأي والبأس، وکان معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص جاهدَين علي أن يُخرجاه من مصر ليغلِبا عليها، فکان قد امتنع فيها بالدهاء والمکايدة، فلم يقدرا عليه، ولا علي أن يفتتحا مصر.[36] .

6666- تاريخ الطبري عن سهل بن سعد: لمّا قتل عثمان وولي عليّ بن أبي طالب الأمر، دعا قيس بن سعد الأنصاري فقال له: سر إلي مصر فقد ولّيتُکَها، واخرج إلي رحلک، واجمع إليک ثقاتک ومن أحببت أن يصحبک حتي تأتيها ومعک جند، فإنّ ذلک أرعب لعدوّک وأعزّ لوليّک، فإذا أنت قدمتها إن شاء اللَّه، فأحسن إلي المحسن، واشتدّ علي المريب، وارفُق بالعامّة والخاصّة، فإنّ الرفق يُمنٌ.

فقال له قيس بن سعد: رحمک اللَّه يا أمير المؤمنين، فقد فهمتُ ما قلتَ، أمّا

[صفحه 260]

قولک: اخرج إليها بجند، فواللَّه لئن لم أدخلها إلّا بجند آتيها به من المدينةلا أدخلها أبداً، فأنا أدعُ ذلک الجند لک، فإن أنت احتجت إليهم کانوا منک قريباً، وإن أردت أن تبعثهم إلي وجه من وجوهک کانوا عُدّة لک، وأنا أصير إليها بنفسي وأهل بيتي. وأمّا ما أوصيتني به من الرفق والإحسان، فإن اللَّه عزّ وجلّ هو المستعان علي ذلک.

قال: فخرج قيس بن سعد في سبعة نفر من أصحابه حتي دخل مصر.[37] .

6667- الإمام عليّ عليه السلام- في کتاب کتبه لأهل مصر مع قيس بن سعد لمّا ولّاه إمارتها-: قد بعثت إليکم قيس بن سعد بن عبادة أميراً، فوازروه وکانفوه،[38] وأعينوه علي الحقّ، وقد أمرته بالإحسان إلي محسنکم، والشدّة علي مريبکم، والرفق بعوامّکم وخواصّکم، وهو ممّن أرضي هديه، وأرجو صلاحه ونصيحته. أسأل اللَّه عزّ وجلّ لنا ولکم عملاً زاکياً، وثواباً جزيلاً، ورحمة واسعة، والسلام عليکم ورحمة اللَّه وبرکاته.[39] .

6668- الکامل في التاريخ: خرج قيس حتي دخل مصر في سبعة من أصحابه...، فصعد المنبر فجلس عليه، وأمر بکتاب أميرالمؤمنين فقرئ علي أهل مصر بإمارته، ويأمرهم بمبايعته ومساعدته وإعانته علي الحقّ، ثمّ قام قيس خطيباً وقال:

الحمد للَّه الذي جاء بالحقّ وأمات الباطل وکبت الظالمين، أيّها الناس، إنّا قد

[صفحه 261]

بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا صلي الله عليه و سلم، فقوموا أيّها الناس فبايعوه علي کتاب اللَّه وسنّة رسوله، فإن نحن لم نعمل لکم بذلک فلا بيعة لنا عليکم.

فقام الناس فبايعوا، واستقامت مصر، وبعث عليها عمّاله إلّا قرية منها يقال لها: خَرنبا، فيها ناس قد أعظموا قتل عثمان، عليهم رجل من بني کنانة ثمّ من بني مُدلج اسمه يزيد بن الحرث، فبعث إلي قيس يدعو إلي الطلب بدم عثمان.

وکان مسلمة بن مخلّد قد أظهر الطلب أيضاً بدم عثمان، فأرسل إليه قيس: ويحک أ عليّ تثب؟! فواللَّه ما اُحبّ أنّ لي ملک الشام إلي مصر وأنّي قتلتک!

فبعث إليه مسلمة: إنّي کافّ عنک ما دمت أنت والي مصر.

وبعث قيس، وکان حازماً، إلي أهل خَرنبا: إنّي لا اُکرهکم علي البيعة وإنّي کافّ عنکم، فهادنهم وجبي الخراج ليس أحد ينازعه.[40] .

6669- أنساب الأشراف عن محمّد بن سيرين: بعث عليٌّ قيس بن سعد بن عبادة أميراً علي مصر، فکتب إليه معاوية وعمرو بن العاص کتاباً أغلظا فيه وشتماه، فکتب إليهما بکتاب لطيف قاربهما فيه، فکتبا إليه يذکران شرفه وفضله، فکتب إليهما بمثل جوابه کتابهما الأوّل.

فقالا: إنّالا نطيق مکر قيس بن سعد، ولکنّا نمکر به عند عليّ، فبعثا بکتابه الأوّل إلي عليّ، فلمّا قرأه قال أهل الکوفة: غدر واللَّه قيس فاعزله.

فقال عليّ: ويحکم، أنا أعلم بقيس إنّه واللَّه ما غدر ولکنّها إحدي فعلاته.

قالوا: فإنّالا نرضي حتي تعزله، فعزله وبعث مکانه محمّد بن أبي بکر.[41] .

[صفحه 262]

6670- تاريخ الطبري عن أبي مخنف: لمّا أيس معاوية من قيس أن يتابعه علي أمره، شقّ عليه ذلک؛ لما يعرف من حزمه وبأسه، وأظهر للناس قِبله أنّ قيس بن سعد قد تابعکم، فادعوا اللَّه له، وقرأ عليهم کتابه الذي لان له فيه وقاربه.

قال: واختلق معاوية کتاباً من قيس بن سعد، فقرأه علي أهل الشام:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، للأمير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد، سلام عليک، فإنّي أحمد إليکم اللَّه الذي لا إله إلّا هو، أمّا بعد، فإنّي لمّا نظرت رأيت أنّه لا يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلماً محرّماً برّاً تقيّاً، فنستغفر اللَّه عزّ وجلّ لذنوبنا، ونسأله العصمة لديننا. ألا وإنّي قد ألقيت إليکم بالسِّلم، وإنّي أجبتک إلي قتال قَتلة عثمان، إمام الهدي المظلوم، فعوّل عليَّ فيما أحببت من الأموال والرجال اُعجّل عليک، والسلام.

فشاع في أهل الشام أنّ قيس بن سعد قد بايع معاوية بن أبي سفيان، فسرّحت عيون عليّ بن أبي طالب إليه بذلک، فلمّا أتاه ذلک أعظمه وأکبره، وتعجّب له، ودعا بنيه، ودعا عبداللَّه بن جعفر فأعلمهم ذلک، فقال: ما رأيکم؟

فقال عبداللَّه بن جعفر: يا أمير المؤمنين، دَع ما يريبک إلي مالا يريبک، اعزل قيساً عن مصر.

قال لهم عليّ: إنّي واللَّه ما اُصدّق بهذا علي قيس.

فقال عبداللَّه: يا أميرالمؤمنين، اعزله، فواللَّه لئن کان هذا حقّاًلا يعتزل لک إن عزلته.[42] .

6671- تاريخ الطبري عن أبي مخنف: جاء کتاب من قيس بن سعد فيه: بسم اللَّه

[صفحه 263]

الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فإنّي اُخبر أميرالمؤمنين أکرمه اللَّه أنّ قِبلي رجالاً معتزلين قد سألوني أن أکفّ عنهم، وأن أدعهم علي حالهم حتي يستقيم أمر الناس، فنري ويروا رأيهم، فقد رأيت أن أکفّ عنهم، وألّا أتعجّل حربهم، وأن أتألّفهم فيما بين ذلک لعلّ اللَّه عزّ وجلّ أن يُقبل بقلوبهم، ويفرّقهم عن ضلالتهم، إن شاء اللَّه.

فقال عبداللَّه بن جعفر: يا أميرالمؤمنين، ما أخوفني أن يکون هذا ممالأة لهم منه، فمُره يا أميرالمؤمنين بقتالهم، فکتب إليه عليّ:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فسر إلي القوم الذين ذکرت، فإن دخلوا فيما دخل فيه المسلمون وإلّا فناجزهم، إن شاء اللَّه.

فلمّا أتي قيس بن سعد الکتاب فقرأه، لم يتمالک أن کتب إلي أميرالمؤمنين:

أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فقد عجبت لأمرک، أ تأمرني بقتال قوم کافّين عنک، مُفرّغيک لقتال عدوّک؟! وإنّک متي حاربتهم ساعدوا عليک عدوّک، فأطعني يا أميرالمؤمنين، واکفُف عنهم، فإنّ الرأي ترکهم، والسلام...

فبعث عليٌّ محمّد بن أبي بکر علي مصر وعزل عنها قيساً.[43] .

6672- تاريخ الطبري عن کعب الوالبي: إنّ عليّاً کتب معه [أي محمّد بن أبي بکر]إلي أهل مصر کتاباً، فلمّا قدم به علي قيس، قال له قيس: ما بال أميرالمؤمنين؟! ما غيّره؟ أدخل أحد بيني وبينه؟

قال له:لا، وهذا السلطان سلطانک!

قال:لا، واللَّه لا اُقيم معک ساعة واحدة. وغضب حين عزله، فخرج منها مقبلاً إلي المدينة، فقدمها، فجاءه حسّان بن ثابت شامتاً به- وکان حسّان

[صفحه 264]

عثمانيّاً- فقال له: نزعک عليّ بن أبي طالب، وقد قتلت عثمان فبقي عليک الإثم، ولم يحسن لک الشکر!

فقال له قيس بن سعد: يا أعمي القلب والبصر، واللَّه لولا أن اُلقِيَ بين رهطي ورهطک حرباً لضربت عنقک، اخرج عنّي.

ثمّ إنّ قيساً خرج هو وسهل بن حنيف حتي قدما علي عليّ، فخبّره قيس فصدّقه عليّ، ثمّ إنّ قيساً وسهلاً شهدا مع عليّ صفّين.[44] .

6673- سير أعلام النبلاء عن الزهري: قدم قيس المدينة فتوامر[45] فيه الأسود بن أبي البختري ومروان أن يُبيّتاه، وبلغ ذلک قيساً، فقال: واللَّه إنّ هذا لقبيح أن اُفارق عليّاً وإن عزلني، واللَّه لألحقنّ به.

فلحق به، وحدّثه بما کان يعتمد بمصر. فعرف عليّ أنّ قيساً کان يداري أمراً عظيماً بالمکيدة، فأطاع عليٌّ قيساً في الأمر کلّه، وجعله علي مقدّمة جيشه.[46] .

6674- الغارات عن المدائني عن أصحابه: فسدت مصر علي محمّد بن أبي بکر، فبلغ عليّاً توثّبهم عليه، فقال: ما لمصر إلّا أحد الرجلين: صاحبنا الذي عزلناه عنها بالأمس- يعني قيس بن سعد- أو مالک بن الحارث الأشتر.

وکان عليّ عليه السلام حين رجع عن صفّين قد ردّ الأشتر إلي عمله بالجزيرة، وقال لقيس بن سعد: أقم أنت معي علي شرطتي حتي نفرغ من أمر هذه الحکومة، ثمّ

[صفحه 265]

اُخرج إلي أذربيجان، فکان قيس مقيماً علي شرطته.[47] .

6675- الإمام عليّ- في کتابه إلي قيس بن سعد بن عبادة وهو علي أذربيجان-: أمّا بعد، فأقبل علي خراجک بالحقّ وأحسن إلي جندک بالإنصاف وعلِّم من قبلک ممّا علّمک اللَّه، ثمّ إنّ عبداللَّه بن شبيل الأحمسي سألني الکتاب إليک فيه بوصايتک به خيراً، فقد رأيته وادعاً متواضعاً، فألن حجابک وافتح بابک واعمد إلي الحقّ فإن وافق الحقّ ما يحبو أسرّه «وَ لَا تَتَّبِعِ الْهَوَي فَيُضِلَّکَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُم بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ».[48] [49] .

6676- تاريخ اليعقوبي عن غياث: ولمّا أجمع عليٌّ القتال لمعاوية کتب أيضاً إلي قيس: أمّا بعد، فاستعمل عبداللَّه بن شبيل الأحمسي خليفة لک، وأقبل إليَّ، فإنّ المسلمين قد أجمع ملؤهم وانقادت جماعتهم، فعجّل الإقبال، فأنا سأحضرنّ إلي المحلّين عند غرّة الهلال، إن شاء اللَّه، وما تأخّري إلّا لک، قضي اللَّه لنا ولک بالإحسان في أمرنا کلّه.[50] .

6677- تاريخ الطبري عن الزهري: جعل عليّ عليه السلام قيس بن سعد علي مقدّمته من أهل العراق إلي قبل أذربيجان، وعلي أرضها، وشرطة الخميس الذي ابتدعه من العرب، وکانوا أربعين ألفاً، بايعوا عليّاً عليه السلام علي الموت، ولم يزل قيس يدارئ ذلک البعث حتي قُتل عليّ عليه السلام.[51] .

6678- وقعة صفّين عن قيس بن سعد- قبل حرب صفّين-: يا أميرالمؤمنين،

[صفحه 266]

انکمش بنا إلي عدوّنا ولا تعرِّد،[52] فواللَّه لجهادهم أحبّ إليَّ من جهاد الترک والروم؛ لإدهانهم في دين اللَّه، واستذلالهم أولياء اللَّه من أصحاب محمّد صلي الله عليه و سلم من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان.

إذا غضبوا علي رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيّروه، وفيئُنا لهم في أنفسهم حلال، ونحن لهم- فيما يزعمون- قَطين.[53] [54] .

6679- تاريخ اليعقوبي: أتاه [معاويةَ] قيسُ بن سعد بن عبادة فقال: بايع قيس! قال: إن کنت لأکره مثل هذا اليوم، يا معاوية.

فقال له: مه، رحمک اللَّه! فقال: لقد حرصت أن اُفرّق بين روحک وجسدک قبل ذلک، فأبي اللَّه، يابن أبي سفيان، إلّا ما أحبّ. قال: فلا يُردّ أمر اللَّه.

قال: فأقبل قيس علي الناس بوجهه، فقال: يا معشر الناس، لقد اعتضتم الشرّ من الخير، واستبدلتم الذلّ من العزّ، والکفر من الإيمان، فأصبحتم بعد ولاية أميرالمؤمنين، وسيّد المسلمين، وابن عمّ رسول ربّ العالمين، وقد وليکم الطليق ابن الطليق يسومکم الخسف، ويسير فيکم بالعسف، فکيف تجهل ذلک أنفسکم، أم طبع اللَّه علي قلوبکم، وأنتم لا تعقلون؟

فجثا معاوية علي رکبتيه، ثمّ أخذ بيده وقال: أقسمت عليک! ثمّ صفق علي کفّه، ونادي الناس: بايع قيس!

فقال: کذبتم، واللَّه، ما بايعت.[55] .

[صفحه 267]



صفحه 254، 255، 256، 257، 258، 259، 260، 261، 262، 263، 264، 265، 266، 267.





  1. رجال الطوسي: 351:45؛ تهذيب الکمال: 4906:40:24، الاستيعاب: 2158:350:3، سير أعلام النبلاء: 21:102:3، تاريخ دمشق: 396:49.
  2. الاستيعاب: 2158:350:3، اُسد الغابة: 4354:404:4، سير أعلام النبلاء: 21:102:3.
  3. تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4، البداية والنهاية: 99:8 وراجع اُسد الغابة: 4354:404:4.
  4. تاريخ بغداد: 17:178:1 وفيه «کان شجاعاً، بطلاً، کريماً، سخيّاً»، الکامل للمبرّد: 641:2 وفيه «کان شجاعاً، جواداً، سيّداً».
  5. تهذيب الکمال: 4906:43:24، تاريخ بغداد: 17:178:1، تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4، الاستيعاب: 2158:351:3، تاريخ دمشق: 410:49 تا 422.
  6. تاريخ بغداد: 17:178:1، تاريخ الطبري: 552:4 وفيه «کان صاحب راية الأنصار مع رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم»، الاستيعاب: 2158:350:3، تاريخ دمشق: 401:49 و ص 403، سير أعلام النبلاء: 21:103:3، تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4.
  7. رجال الکشّي: 78:185:1.
  8. رجال البرقي: 65.
  9. تاريخ اليعقوبي: 179:2؛ الطبقات الکبري: 52:6، تاريخ خليفة بن خيّاط: 152، تاريخ بغداد: 17:178:1.
  10. الغارات: 212:1؛ تاريخ الطبري: 549:4 و 550 و ج 94:5، الکامل في التاريخ: 354:2، تاريخ دمشق: 425:49.
  11. الطبقات الکبري: 52:6، تاريخ خليفة بن خيّاط: 152، الاستيعاب: 2158:350:3، اُسد الغابة: 4354:405:4.
  12. الطبقات الکبري: 52:6، تاريخ الطبري: 95:5 و ص 158، الکامل في التاريخ: 410:2، تاريخ دمشق: 428:49؛ رجال الکشّي: 177:326:1 وفيه «صاحب شرطة الخميس».
  13. وقعة صفّين: 208؛ تاريخ الطبري: 11:5، البداية والنهاية: 261:7.
  14. وقعة صفّين: 453.
  15. وقعة صفّين: 93 و ص 446 تا 449.
  16. تاريخ اليعقوبي: 202:2، الغارات: 257:1 ؛ أنساب الأشراف: 278:3.
  17. تاريخ بغداد: 17:178:1، الاستيعاب: 2158:350:3، تاريخ دمشق: 403:49.
  18. تاريخ خليفة بن خيّاط: 149.
  19. تاريخ اليعقوبي: 203:2؛ أنساب الأشراف: 238:3.
  20. نهج البلاغة: الخطبة 182.
  21. أنساب الأشراف: 278:3.
  22. الطبقات الکبري: 53:6، تاريخ الطبري: 159:5، الکامل في التاريخ: 445:2، تاريخ بغداد: 17:178:1، تاريخ دمشق: 403:49 وفيهما «کان مع الحسن بن عليّ علي مقدّمته بالمدائن».
  23. مقاتل الطالبيّين: 73.
  24. رجال الکشّي: 177:326:1؛ اُسد الغابة: 4354:405:4، تاريخ بغداد: 17:178:1، مقاتل الطالبيّين: 79، شرح نهج البلاغة: 48:16.
  25. سير أعلام النبلاء: 21:102:3.
  26. التاريخ الصغير: 137:1، تهذيب الکمال: 4906:44:24، تاريخ الطبري: 164:5، الکامل في التاريخ: 448:2، سير أعلام النبلاء: 21:108:3.
  27. الطبقات الکبري: 53:6، تاريخ خليفة بن خيّاط: 172، تاريخ بغداد: 17:179:1، الاستيعاب: 2158:351:3، تاريخ دمشق: 403:49، سير أعلام النبلاء: 21:112:3.
  28. سير أعلام النبلاء: 21:103:3، تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4، تهذيب الکمال: 4906:42:24، تاريخ بغداد: 17:178:1 وفيه «له لحية، وأشار سفيان إلي ذقنه»، البداية والنهاية: 102:8 وفيه «له لحية في ذقنه».
  29. اُسد الغابة: 4354:404:4، تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4، تاريخ دمشق: 415:49 و 416، سير أعلام النبلاء: 21:106:3.
  30. تاريخ بغداد: 178:1، تهذيب الکمال: 4906:43:24، تاريخ دمشق: 418:49، سير أعلام النبلاء: 21:106:3، البداية والنهاية: 100:8.
  31. الاستيعاب: 2158:352:3.
  32. تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4، تاريخ دمشق: 415:49، سير أعلام النبلاء: 21:106:3، الاستيعاب: 2158:352:3 نحوه، البداية والنهاية: 99:8 وفيه «فأر بيتي» بدل «الجرذان».
  33. شعب الإيمان: 5268:324:4، تهذيب الکمال: 4906:44:24، تاريخ الإسلام للذهبي: 290:4، تاريخ دمشق: 423:49، اُسد الغابة: 4354:405:4، سير أعلام النبلاء: 21:107:3 وفيها «من أمکر».
  34. تهذيب الکمال: 4906:44:24، التاريخ الصغير: 137:1 نحوه، تاريخ الطبري: 164:5، سير أعلام النبلاء: 21:108:3 کلّها عن الزهري، الکامل في التاريخ: 448:2، اُسد الغابة: 4354:405:4، تاريخ دمشق: 423:49.
  35. سير أعلام النبلاء: 21:103:3، تاريخ بغداد: 17:178:1، الکامل في التاريخ: 354:2 وفيه «کان صاحب راية الأنصار مع رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم» بدل «کان صاحب لواء النبيّ صلي الله عليه و سلم في بعض مغازيه» وراجع الاستيعاب: 2158:350:3 والبداية والنهاية: 99:8.
  36. تاريخ الطبري: 552:4.
  37. تاريخ الطبري: 547:4، الکامل في التاريخ: 354:2 وليس فيه من «وأنا أصير» إلي «المستعان علي ذلک»؛ الغارات: 208:1.
  38. کنَفَه: حَفِظه وأعانه (لسان العرب: 308:9).
  39. تاريخ الطبري: 549:4 عن سهل بن سعد، البداية والنهاية: 252:7؛ الغارات: 209:1 عن سهل بن سعد.
  40. الکامل في التاريخ: 354:2، تاريخ الطبري: 548:4 وفيه «خربتا» بدل «خَرنبا» في کلا الموضعين؛ الغارات: 211:1 وراجع أنساب الأشراف: 162:3.
  41. أنساب الأشراف: 173:3.
  42. تاريخ الطبري: 553:4؛ الغارات: 215:1 وراجع الکامل في التاريخ: 355:2 وأنساب الأشراف: 163:3.
  43. تاريخ الطبري: 554:4؛ الغارات: 218:1 و 219 وراجع أنساب الأشراف: 163:3.
  44. تاريخ الطبري: 555:4، أنساب الأشراف: 164:3 نحوه، الکامل في التاريخ: 356:2؛ الغارات: 219:1 تا 222.
  45. آمَرَه في أمْرِه ووامَره واستَأمَرَه: شاوَرَه (لسان العرب: 30:4).
  46. سير أعلام النبلاء: 21:110:3، تاريخ دمشق: 428:49 وفيه «وجعله مقدّمة أهل العراق علي شرطة الخميس الذين کانوا يبايعون للموت».
  47. الغارات: 256:1؛ تاريخ الطبري: 95:5، الکامل في التاريخ: 410:2.
  48. ص: 26.
  49. تاريخ اليعقوبي: 202:2 وراجع أنساب الأشراف: 389:2.
  50. تاريخ اليعقوبي: 203:2؛ أنساب ا لأشراف: 238:3 عن عوانة نحوه.
  51. تاريخ الطبري: 158:5.
  52. التَّعْرِيدُ: الفِرارُ، وقيل سرعةُ الذهاب في الهزيمة (لسان العرب: 288:3).
  53. القطين: الخدم والأتباع والحشم والمماليک (لسان العرب: 343:13).
  54. وقعة صفّين: 93.
  55. تاريخ اليعقوبي: 216:2 وراجع تاريخ دمشق: 399:49.