عبيدالله بن عباس











عبيدالله بن عباس



عبيد اللَّه بن عبّاس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي أخو عبد اللَّه بن عبّاس، ابن عمّ النبيّ صلي الله عليه و سلم والإمام أميرالمؤمنين عليه السلام. وُلِدَ علي عهد النبيّ صلي الله عليه و سلم.[1] قيل: إنّه سمع الحديث عن رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم في صغره، وحَفِظَه، وحدّث به، وکان مشهوراً بالسخاء.[2] .

[صفحه 207]

ولّاه الإمام عليه السلام علي اليمن.[3] وفرّ بعد غارة بُسر بن أرطاة عليها،[4] وعثر بُسر علي طفلَيه الصغيرين فذبحهما.[5] وعاد عبيد اللَّه إليها بعد أن غادرها بُسر.[6] .

جعله الإمام الحسن عليه السلام علي مقدّمة الجيش الذي أنفذه إلي معاوية، ولکنّه خان، وانخدع بمال معاوية، ومن ثمّ التحق به.[7] وتوفّي بالمدينة في أيام معاوية ويقال: إنّه کفّ بصره.[8] .

6591- الغارات عن أبي روق: کان الذي هاج معاوية علي تسريح بسر بن أبي أرطاة إلي الحجاز واليمن، أنّ قوماً بصنعاء کانوا من شيعة عثمان يعظّمون قتله لم يکن لهم نظام ولا رأس، فبايعوا لعليّ عليه السلام علي ما في أنفسهم، وعامل عليّ عليه السلام يومئذ علي صنعاء عبيد اللَّه بن العبّاس، وعامله علي الجَنَد[9] سعيد بن نمران، فلما اختلف الناس علي عليّ عليه السلام بالعراق، وقتل محمّد بن أبي بکر بمصر، وکثرت غارات أهل الشام تکلّموا، ودعوا إلي الطلب بدم عثمان، ومنعوا الصدقات وأظهروا الخلاف، فبلغ ذلک عبيد اللَّه بن العبّاس فأرسل إلي ناس من وجوههم فقال: ما هذا الذي بلغني عنکم؟ قالوا: إنّا لم نزل ننکر قتل عثمان

[صفحه 208]

ونري مجاهدة من سعي عليه، فحبسهم، فکتبوا إلي من بالجند من أصحابهم فثاروا بسعيد بن نمران فأخرجوه من الجند وأظهروا أمرهم، وخرج إليهم من کان بصنعاء، وانضمّ إليهم کلّ من کان علي رأيهم، ولحق بهم قوم لم يکونوا علي رأيهم إرادة أن يمنعوا الصدقة.

فذکر من حديث أبي روق قال: والتقي عبيد اللَّه وسعيد بن نمران ومعهما شيعة عليّ، فقال ابن عبّاس لابن نمران: واللَّه لقد اجتمع هؤلاء وإنّهم لنا لمقاربون ولئن قاتلناهم لا نعلم علي من تکون الدائرة، فهلمّ فلنکتب إلي أميرالمؤمنين عليه السلام بخبرهم وعددهم وبمنزلهم الذي هم به، فکتبا إلي عليّ عليه السلام:

أمّا بعد، فإنّا نخبر أمير المؤمنين أنّ شيعة عثمان وثبوا بنا وأظهروا أنّ معاوية قد شيّد أمره، واتّسق له أکثر الناس، وإنّا سرنا إليه بشيعة أميرالمؤمنين ومن کان علي طاعته، وإنّ ذلک أحمشهم وألّبهم، فتعبّوا لنا وتداعوا علينا من کلّ أوبٍ، ونصرهم علينا من لم يکن له رأي فيهم، ممّن سعي إلينا إرادة أن يمنع حقّ اللَّه المفروض عليه، وقد کانوا لا يمنعون حقّاً عليهم ولا يؤخذ منهم إلّا الحقّ فاستحوذ عليهم الشيطان، فنحن في خير، وهم منک في قفزة، وليس يمنعنا من مناجزتهم إلّا انتظار الأمر من مولانا أميرالمؤمنين أدام اللَّه عزّه وأيّده وقضي بالأقدار الصالحة في جميع اُموره، والسلام.

فلمّا وصل کتابهما ساء عليّاً عليه السلام وأغضبه فکتب إليهما:

من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلي عبيد اللَّه بن العبّاس وسعيد بن نمران، سلام عليکما ، فإنّي أحمد إليکما اللَّه الذي لا إله إلّا هو، أمّا بعد، فإنّه أتاني کتابکما تذکران فيه خروج هذه الخارجة وتعظّمان من شأنها صغيراً، وتکثّران من عددها قليلاً، وقد علمت أنّ نخب أفئدتکما وصغر أنفسکما وشتات رأيکما وسوء

[صفحه 209]

تدبيرکما هو الذي أفسد عليکما من لم يکن عنکما نائماً، وجرّأ عليکما من کان عن لقائکما جباناً، فإذا قدم رسولي عليکما فامضيا إلي القوم حتي تقرءا عليهم کتابي إليهم، وتدعواهم إلي حظّهم وتقوي ربّهم، فإن أجابوا حمدنا اللَّه وقبلنا منهم، وإن حاربوا استعنّا عليهم باللَّه ونبذناهم علي سواء: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَآلِنِينَ»[10] والسلام عليکما.[11] .

6592- الغارات عن أبي الودّاک: کنت عند عليّ عليه السلام حين قدم عليه سعيد بن نمران الکوفة فعتب عليه وعلي عبيد اللَّه أن لا يکونا قاتلا بسراً، فقال سعيد: واللَّه قاتلت ، ولکنّ ابن عبّاس خذلني وأبي أن يقاتل، ولقد خلوت به حين دنا منّا بسر، فقلت: إنّ ابن عمّک لا يرضي منّي ولا منک إلّا بالجدّ في قتالهم، وما نعذر، قال: لا واللَّه، ما لنا بهم طاقة ولا يدان.

فقمت في الناس، وحمدت اللَّه وأثنيت عليه ثمّ قلت: يا أهل اليمن، من کان في طاعتنا وعلي بيعة أمير المؤمنين فإليَّ إليّ، فأجابني منهم عصابة فاستقدمت بهم فقاتلت قتالاً ضعيفاً وتفرّق الناس عنّي، وانصرفت ووجّهت إلي صاحبي فحذّرته موجدة[12] صاحبه عليه، وأمرته أن يتمسّک بالحصن ويبعث إلي صاحبنا ويسأله المدد، فإنّه أجمل بنا وأعذر لنا، فقال: لا طاقة لنا بمن جاءنا، وأخاف تلک.[13] .

6593- رجال الکشّي: کان الحسن عليه السلام جعل ابن عمّه عبيد اللَّه بن العبّاس علي

[صفحه 210]

مقدّمته، فبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم، فمرّ بالراية ولحق بمعاوية وبقي العسکر بلا قائد ولا رئيس.[14] .

راجع: القسم السابع/هجمات عمّال معاوية/غارة بسر بن أرطاة.



صفحه 207، 208، 209، 210.





  1. سير أعلام النبلاء: 121:513:3.
  2. ذخائر العقبي: 394؛ الدرجات الرفيعة: 144.
  3. أنساب الأشراف: 79:4، تاريخ الطبري: 92:5 و ص 155، تاريخ خليفة بن خيّاط: 151؛ تاريخ اليعقوبي: 179:2، الغارات: 621:2.
  4. الغارات: 621:2؛ تاريخ الطبري: 139:5، سير أعلام النبلاء: 121:513:3، اُسد الغابة: 3470:520:3، تاريخ خليفة بن خيّاط: 151.
  5. الغارات: 621:2؛ تاريخ الطبري: 140:5، سير أعلام النبلاء: 121:513:3، اُسد الغابة: 3470:520:3.
  6. اُسد الغابة: 3470:520:3، تاريخ خليفة بن خيّاط: 151.
  7. رجال الکشّي: 179:330:1، مقاتل الطالبيّين: 73.
  8. أنساب الأشراف: 79:4، سير أعلام النبلاء: 121:514:3، تاريخ خليفة بن خيّاط: 171.
  9. الجَنَد: شمالي تعز، وهي عن صنعاء ثمانية وأربعون فرسخاً (تقويم البلدان: 91).
  10. الأنفال: 58.
  11. الغارات: 592:2؛ شرح نهج البلاغة: 3:2.
  12. وَجَد عليه: غضب (لسان العرب: 446:3).
  13. الغارات: 619:2؛ شرح نهج البلاغة: 15:2 وفيه إلي «وانصرفت».
  14. رجال الکشّي: 179:330:1.