عبدالله بن بديل











عبدالله بن بديل



عبد اللَّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي، أسلم قبل فتح مکّة،[1] وشهد حنيناً، والطائف، وتبوک،[2] أشخصه النبيّ صلي الله عليه و سلم إلي اليمن مع أخيه عبد الرحمن.[3] عدّه المؤرّخون من عظماء أصحاب الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام وأعيانهم.[4] .

[صفحه 183]

اشترک عبد اللَّه في الثورة علي عثمان.[5] ثمّ کان إلي جانب الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام عضداً صلباً وصاحباً مُضحّياً. وشهد معه الجمل، وصفّين. وکان في صفّين قائد الرجّالة[6] أو قائد الميمنة، وتولّي رئاسة قُرّاء الکوفة أيضاً.[7] .

تدلّ خُطبه وأقواله علي أ نّه کان يتمتّع بوعيٍ عظيم في معرفة أوضاع عصره، واُناس زمانه، ودوافع أعداء الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام.[8] وقف عند قيام الحرب بکلّ ثبات، وقال: «إنّ معاوية ادّعي ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ، وصال عليکم بالأعراب والأحزاب، وزيّن لهم الضلالة... وأنتم واللَّه علي نورٍ من ربّکم، وبرهانٍ مبين».[9] .

دنا من معاوية بشجاعة محمودة وصولة لا هوادة فيها. فلمّا رأي معاوية أنّ الأرض قد ضاقت عليه بما رحُبت، أمر أن يرضخ بالصخر والحجارة ويُقضي عليه. فاستشهد عبد اللَّه،[10] وسمّاه معاوية «کبش القوم»، وذکر شجاعته واستبساله متعجّباً،[11] وذهب إلي أ نّه فذّ لا نظير له في القتال. وعُدّ عبد اللَّه أحد

[صفحه 184]

دُهاة العرب الخمسة.[12] .

واستشهد أخوه عبد الرحمن في صفّين أيضاً.[13] ودافع عبد اللَّه عن إمامه حتي آخر لحظة من حياته بکلّ ما اُوتي من جُهد. وعندما طلب منه رفيق دربه وصاحبه الأسود بن طهمان الخزاعي أن يوصيه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، قال:

«اُوصيک بتقوي اللَّه، وأن تناصح أميرالمؤمنين، وأن تقاتل معه المحلّين حتي يظهر الحقّ أو تلحق باللَّه، وأبلغه عنّي السلام... ».

وعندما بلغ الإمام صلوات اللَّه عليه سلامه قال:

«رحمه اللَّه! جاهد معنا عدوّنا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة».[14] .

6571- وقعة صفّين عن زيد بن وهب: إنّ عبد اللَّه بن بديل قام في أصحابه فقال: إنّ معاوية ادّعي ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ، وصال عليکم بالأعراب والأحزاب، وزيّن لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حبّ الفتنة، ولبّس عليهم الأمر، وزادهم رجساً إلي رجسهم، وأنتم واللَّه علي نور من ربّکم وبرهان مبين.

قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشَوهم، وکيف تخشونهم وفي أيديکم کتاب من ربّکم ظاهر مبروز؟! «أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن کُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَتِلُوهُمْ

[صفحه 185]

يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيکُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْکُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ»[15] وقد قاتلتهم مع النبيّ صلي الله عليه و سلم واللَّه ما هم في هذه بأزکي ولا أتقي ولا أبرّ، قوموا إلي عدوّ اللَّه وعدوّکم.[16] .

راجع: القسم السادس/وقعة صفّين/اشتداد القتال/استشهاد عبداللَّه بن بديل.



صفحه 183، 184، 185.





  1. تاريخ الإسلام للذهبي: 567:3، الاستيعاب: 1489:9:3، اُسد الغابة: 2834:184:3، تقريب التهذيب: 3225:296 وفيه «يوم الفتح» بدل «قبل فتح».
  2. الاستيعاب: 1489:9:3، اُسد الغابة: 2834:184:3 وفيه «شهد الفتح وحنيناً و... »، تاريخ الإسلام للذهبي: 567:3 وفيه «شهد الفتح ومابعدها».
  3. رجال الطوسي: 643:70؛ الإصابة: 4577:18:4، تهذيب التهذيب: 3747:98:3.
  4. اُسد الغابة: 2834:184:3، الاستيعاب: 1489:9:3، تهذيب التهذيب: 3747:98:3.
  5. تاريخ الطبري: 382:4، تاريخ الإسلام للذهبي: 567:3.
  6. وقعة صفّين: 205؛ تاريخ خليفة بن خيّاط: 146، تاريخ الإسلام للذهبي: 567:3، الاستيعاب: 1489:9:3، تهذيب التهذيب: 3747:98:3.
  7. وقعة صفّين: 208؛ تاريخ الطبري: 15:5.
  8. وقعة صفّين: 102.
  9. وقعة صفّين: 234؛ الإصابة: 4577:19:4 نحوه.
  10. المستدرک علي الصحيحين: 5688:446:3.
  11. وقعة صفّين: 246؛ تاريخ الطبري: 24:5، تاريخ الإسلام للذهبي: 543:3، الاستيعاب: 1489:10:3.
  12. التاريخ الصغير: 138:1، تهذيب الکمال: 45:24، تاريخ الطبري: 164:5، الکامل في التاريخ: 448:2، سير أعلام النبلاء: 108:3.
  13. تاريخ الإسلام للذهبي: 567:3، تهذيب التهذيب: 3747:98:3، اُسد الغابة: 2834/ 184/3؛ رجال الطوسي: 643:70.
  14. وقعة صفّين: 457؛ شرح نهج البلاغة: 93:8.
  15. التوبة: 13 و 14.
  16. وقعة صفّين: 234؛ تاريخ الطبري: 16:5 وفيه «مبروراً» بدل «مبروز»، الاستيعاب: 1489:10:3 وليس فيه من «ولا تخشَوهم» إلي «مبروز».