حكيم بن جبله











حکيم بن جبله



حُکَيم بن جبلة بن حصين العبدي، ويقال ابن جبل. من أصحاب عليّ عليه السلام،[1] ومن الثابتين علي طاعته، والعارفين بحقّه في الخلافة. أثني عليه أصحاب التراجم بعبارات متنوّعة، منها: «کان مُطاعاً في قومه»،[2] ومنها: «أحد أشراف

[صفحه 100]

الأبطال»،[3] ومنها: «وما سُمع بأشجع منه».[4] .تولّي قيادة البصريّين في الثورة علي عثمان.[5] .

وعندما نقض مساعير فتنة الجمل «طلحة والزبير» ومن معهما الهدنة مع عثمان بن حنيف، وحملوا علي الناس، وهمّوا باحتلال البصرة، قاتلهم حکيم وأصحابه بشجاعة وبصيرة. وارتفاع کلمته الرائعة عند القتال: «إنّي لستُ في شکٍّ من قتال هؤلاء...»[6] آية علي معرفته الدقيقة واعتقاده العميق بالحقّ. وقد رزقه اللَّه الشهادة في ذلک القتال.[7] .

وذکر الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام أنّ مقتل حکيم کان أحد الأسباب التي دفعته إلي مقاتلة أصحاب الجمل ومواجهة فتنتهم وفسادهم.[8] .

6477- تاريخ الطبري عن الجارود بن أبي سبرة: لمّا کانت الليلة التي اُخذ فيها عثمان بن حنيف، وفي رحبة مدينة الرزق طعام يرتزقه الناس، فأراد عبد اللَّه أن يرزقه أصحابه وبلغ حکيم بن جبلة ما صُنع بعثمان، فقال: لست أخاف اللَّه إن لم

[صفحه 101]

أنصره. فجاء في جماعة من عبد القيس وبکر بن وائل وأکثرهم عبد القيس، فأتي ابن الزبير مدينة الرزق، فقال: ما لک يا حکيم؟ قال: نريد أن نرتزق من هذا الطعام، وأن تخلّوا عثمان فيُقيم في دار الإمارة علي ما کتبتم بينکم حتي يقدم عليّ، واللَّه لو أجد أعواناً عليکم أخبطکم بهم ما رضيت بهذه منکم حتي أقتلکم بمن قتلتم، ولقد أصبحتم وإنّ دماءکم لنا لحلال بمن قتلتم من إخواننا، أما تخافون اللَّه عزّ وجلّ! بمَ تستحلّون سفک الدماء؟ قال: بدم عثمان بن عفّان. قال: فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان؟ أما تخافون مقت اللَّه؟

فقال له عبد اللَّه بن الزبير: لا نرزقکم من هذا الطعام، ولا نُخلّي سبيل عثمان بن حنيف حتي يخلع عليّاً، قال حکيم: اللهمّ إنّک حکم عدل فاشهد. وقال لأصحابه: إنّي لست في شکّ من قتال هؤلاء؛ فمن کان في شکّ فلينصرف. وقاتلَهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، وضرب رجلٌ ساقَ حکيم، فأخذ حکيم ساقه فرماه بها، فأصاب عنقه فصرعه ووقذه[9] ثمّ حبا إليه فقتله واتّکأ عليه، فمرّ به رجل فقال: مَن قتلَک؟ قال: وِسادتي! وقُتل سبعون رجلاً من عبد القيس. قال الهذلي: قال حکيم حين قطعت رجله:


أقول لما جدّ بي زِماعي[10] .
للرِّجْل يا رجليَ لن تُراعي


إنّ معي من نجدة ذِراعي

قال عامر ومسلمة: قُتل مع حکيم، ابنه الأشرف، وأخوه الرعل بن جبلة.[11] .

6478- سير أعلام النبلاء: لم يزل يُقاتل يوم الجمل حتي قُطعت رجله، فأخذها

[صفحه 102]

وضرب بها الذي قطعها فقتله بها، وبقي يُقاتل علي رجلٍ واحدة ويرتجز، ويقول:


يا ساقُ لن تُراعي
إنّ معي ذِراعي


أحمي بها کُراعي[12] .

فنزف منه دم کثير، فجلس متّکئاً علي المقتول الذي قطع ساقه، فمرّ به فارس، فقال: من قطع رجلک؟

قال: وِسادتي! فما سُمِعَ بأشجع منه. ثمّ شدّ عليه سحيم الحُدّاني فقتله.[13] .

6479- الإمام عليّ عليه السلام- من کلامه حين دخل البصرة-: عبادَ اللَّه! انهدوا[14] إلي هؤلاء القوم منشرحةً صدورکم بقتالهم؛ فإنّهم نکثوا بيعتي، وأخرجوا ابن حنيف عاملي بعد الضرب المبرّح والعقوبة الشديدة، وقتلوا السيابجة،[15] وقتلوا حکيم بن جَبَلَة العبدي.[16] .



صفحه 100، 101، 102.





  1. رجال الطوسي: 530:61.
  2. الاستيعاب: 558:421:1، اُسد الغابة: 1233:57:2.
  3. سير أعلام النبلاء: 136:531:3.
  4. سير أعلام النبلاء: 136:532:3، تاريخ الإسلام للذهبي: 495:3، اُسد الغابة: 1233:58:2 وفيهما «ما رُئي أشجع منه»، أنساب الأشراف: 130:5 وفيه «أشجع أهل زمانه».
  5. تاريخ الطبري: 378:4، تاريخ الإسلام للذهبي: 495:3 وفيه «إنّه أحد من سار إلي الفتنة»، سير أعلام النبلاء: 136:531:3 وفيه «کان أحد من ثار في فتنة عثمان»، مروج الذهب: 352:2.
  6. تاريخ الطبري: 475:4، الکامل في التاريخ: 320:2، الاستيعاب: 558:423:1، سير أعلام النبلاء: 136:531:3 نحوه.
  7. تاريخ الطبري: 466:4 تا 471، الاستيعاب: 558:421:1، اُسد الغابة: 1233:57:2، سير أعلام النبلاء: 136:532:3، شرح نهج البلاغة: 322:9.
  8. الإرشاد: 252:1، الجمل: 334؛ تاريخ الطبري: 481:4.
  9. وقذه: ضربه حتي استرخي وأشرف علي الموت (لسان العرب: 519:3).
  10. الزِّماع: المَضاء في الأمر والعزْم عليه (لسان العرب: 143:8).
  11. تاريخ الطبري: 474:4 وراجع الکامل في التاريخ: 320:2 والاستيعاب: 558:423:1.
  12. الکُراع من الإنسان: مادون الرکبة إلي الکعب (لسان العرب: 306:8).
  13. سير أعلام النبلاء: 136:531:3، تاريخ الطبري: 471:4، اُسد الغابة: 1233:57:2 کلاهما نحوه وراجع الاستيعاب: 558:421:1.
  14. نهد القوم لعدوّهم: إذا صمدوا له وشرعوا في قتاله (النهاية: 134:5).
  15. قوم من السند کانوا بالبصرة جلاوزة وحُرّاس السجن (الصحاح: 321:1).
  16. الإرشاد: 252:1، الجمل: 334 نحوه وفيه «السبابجة» بدل «السيابجة».