وصف ضرار عليا عند معاوية

540- [حدثنا] عبد الله بن محمد و موسي بن عيسي قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زکريا الغلابي قال: حدثنا العباس بن بکار قال: حدثنا عبد الواحد بن أبي عمرو الاسدي عن الکلبي قال: قال معاوية بن أبي سفيان لضرار بن عمرو: صف لي عليا قال: أو تعفيني؟ قال: لا أعفيک.

قال: إما إذا لابد: فإنه و الله کان بعيد المدي شديد القوي يقول فصلا ويحکم عدلا يتفجر العلم من جوانبه و تنطق الحکمة من نواحيه يستوحش من الدنيا و زهرتها و يستأنس بالليل و ظلمته.

کان و الله غزير العبرة طويل الفکرة يقلب کفه و يخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر و من الطعام ما جشب!!! کان و الله کأحدنا يجيبنا إذا سألناه و يبتدؤنا إذا أتيناه و يلبينا إذا دعوناه و نحن و الله مع تقريبه لنا و قربه منا لا نکلمه هيبة و لا نبتديه لعظمته!!! فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.

[کان] يعظم أهل الدين و يحب المساکين لا يطمع القوي في باطله و لا ييأس الضعيف من عدله!!! فأشهد/126/أ/بالله أن أتيته في بعض مواقفه و قد أرخي الليل سدوله و غارت نجومه و قد مثل في محرابه قابضا علي لحيته يتململ تململ السليم و يبکي بکاء الحزين فکأني الآن أسمعه و هو

[صفحه 52]

يقول: يا دنيا يا دنيا ألي تعرضت؟ أولي تشوفت؟ هيهات غري غيري قد أبنتک ثلاثا لا رجعة لي فيک!!! فعمرک قصير و عيشک حقير و خطرک کثير!!! آه من قلة الزاد و وحشة الطريق و بعد السفر!!! قال: فوکفت دموع معاوية ما تملکها عن لحيته و هو يمسحها بکفه[1] و قد اختنق القوم بالبکاء!!! فقال معاوية: رحم الله أبا حسن کان و الله کذلک فکيف حزنک عليه يا ضرار؟ قال: [ضرار: حزني عليه] حزن من ذبح واحدها في حجره فلا ترقأ عبرتها و لا تسکن حرتها؟ ثم خرج.

[صفحه 53]

[قبسات أخر من سيرة أمير المؤمنين عليه السلام النيرة].

541- [حدثنا] عبد الله بن محمد و موسي بن عيسي قالا: حدثنا محمد بن زکريا [الغلابي] قال: حدثنا عثمان بن محمد قال: حدثنا أبو بکر بن عبد الله بن أبي أويس عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب أتي بالمال فأقعد بين يديه الوزان و النقاد فکوم کومة[2] من ذهب و أخري من ورق و قال: يا حمراء احمري و يا بيضاء ابيضي و غري غيري [ثم أنشد]: هذا جناي و خياره فيه و کل جان يده إلي فيه 542- [و بالسند المتقدم قال: حدثنا] محمد قال: حدثنا عثمان و أحمد بن محمد قالا: حدثنا الفضل بن دکين قال: حدثنا عمر بن سويد العجلي قال:

[صفحه 54]

حدثني سلامة التيمي أنه ذهب إلي السوق فوافي عليا[3] قد خرج من القصر قال: فتبعته و طاف في السوق يأمر بالوفاء و يأمر بالمعروف حتي لما انتصف النهار رجع و رجعت معه فمال إلي بيت المال فدخل و دخلت معه فإذا تلالا الذهب و الفضة فنظر/126/ب/إليه طويلا ثم ضحک ثم قال: يا دنيا غري غيري- يقول ذلک ثلاثا- لا أمسي و فيه بيضاء و لا صفراء.

قال: فوثب أهل بيت المال فقالوا: يا أمير المؤمنين هو أکبر من ذلک قال: فلم يزل [بهم] حتي صالحهم علي أن لا يصبح فيه بيضاء و لا صفراء.

قال: فغدوت من الغد فکأن الله لم يخلق فيه شيئا قط.

[صفحه 55]

صفحه 52، 53، 54، 55.

کذا في أصلي، و في بعض المصادر: " و هو يمسحها بکمه.
و ليعلم أن لحديث ضرار هذا مصادر و أسانيد کثيرة جدا و القول بتواتر الحديث عن ضرار في محله.
و قد رواه ابن أبي الدنيا في عنوان: " ندب علي و مراثيه " في الحديث: " 92 " من کتابه مقتل علي عليه السلام قال: حدثني محمد بن أبي يحي أن شيخا من بني ضبة يکني أبا الوليد حدثهم [قال:] حدثني عبد الواحد بن أبي عمرو الاسدي أن معاوية قال لرجل من کنانة: صف لي عليا.
قال: اعفني.
قال: لا أعفيک! قال: إذ لابد فإنه کان و الله.
و رواه أيضا المرشد بالله السيد يحي بن الحسين الشجري کما في فصل فضائل علي عليه السلام من ترتيب فضائله ص 142، قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن علي بن محمد المکفوف بقراءتي عليه بإصفهان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال: حدثنا أحمد بن علي بن عيسي بن ماهان الرازي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن زنجويه قال: حدثنا العباس بن بکار عن عبد الواحد بن أبي عمرو الاسدي عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال: أدخل ضرار بن مرة الکناني علي معاوية فقال له: صف [لي] عليا.
فقال: أو تعفيني.
قال.
و له مصادر أخر يجد الطالب بعضها في نهج السعادة: ج 3 ص 87 ط 1.
و رواه أيضا السيد الرضي في المختار: " 77 " من الباب الثالث من نهج البلاغة.
و ذکره أيضا الشيخ منتجب الدين في الحکاية " 6 " من خاتمة أربعينه.
هذا هو الظاهر الموافق لما رواه ابن عساکر بسند آخر في الحديث: " 1237 " من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 229 ط 2.
و في أصلي هذا: " و قعد الوزان و الناقد فکوم کومة.
و کوم کومة: أي جمعه و ألقي بعضه علي بعض.
و الکومة- بفتح الکاف و ضمها-: القطعة المتجمعة المرتفعة من الشيء.
أي وجده و أدرکه قد خرج من القصر.
ثم إن رسم الخط من أصلي إلي " وافق " أقرب منه إلي لفظ " وافا ".
ثم إن قريبا مما هنا رواه أحمد بن حنبل في الحديث السابع و الحديث: " 28 " من باب فضائل علي عليه السلام من کتاب الفضائل ص 10، و 21.
ط قم: و کثير مما ذکر هنا حول زهد علي عليه السلام يجدها الطالب في کتاب الاموال- لابي عبيد ص 344.
و أيضا کثير مما هاهنا يجده الطالب في الحديث: " 24 " و ما بعده من کتاب تلخيص الغارات: ج 1، ص 31- 70.
و أيضا في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من کتاب حلية الاولياء: ج 1، ص 80 و ما حولها ذکر کثير مما هاهنا.
و أيضا أورد کثيرا مما هنا ابن أبي الحديد في شرح المختار: " 34 " من نهج البلاغة: ج 1 ص 414.