قصة الاعمش والمنصور وذکرهما لفضائل علي وأهل البيت في حديث طويل
[صفحه 590] قال: فاستوي جالسا و قال: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فقال: يا سليمان أسألک بالله کم من حديث ترويه في فضائل علي؟ قلت: ألفي حديث أو يزيد[1] قال لي: و الله لاحدثنک حديثين ينسيان کل حديث ترويه في فضل علي[2] قال: قلت حدثني. [صفحه 591] قال: نعم أيام کنت هاربا من بني مروان أدور البلاد و أتقرب إلي الناس بحب علي و فضله و کانوا يطعموني حتي وردت بلاد الشام و أنا في کساء خلق ما علي غيره قال: فنودي للصلاة و سمعت الاقامة فدخلت المسجد و في نفسي أن أکلم الناس ليطعموني فلما سلم الامام إذا رجل عن يميني معه صبيان فقلت: من الصبيان من الشيخ؟ قال: [أنا] جدهما و ليس في هذه المدينة رجل يحب عليا غيري و لذلک سميت أحدهما حسنا و الآخر حسينا، قال: فقمت إليه فقال: 221/ب/يا شيخ ما تشاء؟ قال: قلت: هل لک في حديث أقربه عينک؟ قال: إن أقررت عيني أقررت عينک قال: قلت: حدثني أبي عن جدي قال: کنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذات يوم قعدوا إذ أقبلت فاطمة و هي تبکي بکاء شديدا فقال لها النبي صلي الله عليه و آله وسا: ما يبکيک؟ قالت: يا أبتاه خرج الحسن و الحسين و لا أدري أين أقاما البارحة؟ فقال لها النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا فاطمة لا تبکي فو الله إن الذي خلقهما هو ألطف بهما منک ثم رفع طرفه إلي السماء ثم قال: أللهم إن کانا أخذا برأ أو رکبا بحرا فاحفظهما و سلمهما. [صفحه 592] فإذا بجبرئيل قد هبط علي النبي صلي الله عليه و آله فقال: يا محمد إن الله يقرئک السلام و يقول: إنک لا تحزن لهما و لا تغتم لهما فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة و أبواهما خير منهما و هما نائمان بحضيرة بني النجار قد و کل الله بهما ملکا يحفظهما. فقام رسول الله صلي الله عليه و آله فرحا مع أصحابه حتي أتي حضيرة بني النجار فإذا الحسن معانق الحسين و إذا ذلک الملک الموکل بهما باسط أحد جناحيه تحتهما و الآخر قد جللهما به فانکب عليهما النبي صلي الله عليه و آله فقبلهما حتي انتبها من نومهما فحملهما النبي صلي الله عليه و آله و هو يقول: و الله لابينن فيکما کما بين فيکما الله. فقال له أبو بکر: يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنک. فقال النبي صلي الله عليه و آله: يا أبا بکر نعم الحامل حاملهما[3] و نعم المحمولان هما و أبوهما خير منهما. فقال عمر: يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنک فقال: يا عمر نعم الحامل حاملهما/222/أ/و نعم الراکبان هما و أبوهما خير منهما[4] . [صفحه 593] فأتي بهما النبي صلي الله عليه و آله إلي المسجد فقال يا بلال هلم إلي الناس فنادي منادي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المدينة فاجتمع الناس إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقام رسول الله صلي الله عليه و آله علي قدميه فقال: يا معشر الناس ألا أدلکم علي خير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلي يا رسول الله. قال: الحسن و الحسين جدهما رسول الله وجدتهما خديجة ابنة خويلد سيدة نساء أهل الجنة. ثم قال: أيها الناس ألا أدلکم علي خير الناس أبا و أما؟ قالوا: بلي يا رسول الله. قال: عليکم بالحسن و الحسين أبوهما شاب يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله و أمهما فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. يا معشر الناس ألا أدلکم علي خير الناس عما و عمة؟ قالوا: بلي يا رسول الله. قال: عليکم بالحسن و الحسين عمهما جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائکة و عمتهما أم هانئ بنت أبي طالب. ثم قال: يا معشر الناس ألا أدلکم علي خير الناس خالا و خالة؟ قالوا: بلي يا رسول الله. قال: عليکم بالحسن و الحسين فخالهما القاسم بن رسول الله صلي الله عليه و آله و خالتهما زينب ابنة رسول الله. [صفحه 594] ثم قال: إن الحسن و الحسين في الجنة و أباهما في الجنة و أمهما في الجنة و عمهما في الجنة و عمتهما في الجنة و خالهما في الجنة و خالتهما في الجنة. أللهم إنک تعلم أنه من يحبهما إنه معهما أللهم إنک تعلم أنه من يبغضهما إنه في النار. فلما قلت ذلک للشيخ قال: من أنت يا فتي؟ قلت: من أهل الکوفة قال: عربي/222/ب/أم مولي؟ قلت: عربي قال: أنت تحدث بهذا الحديث و أنت في هذا الکساء؟ قال: فکساني حلة و حملني علي بغلته- قال: فبعتهما في ذلک الزمان بمائة دينار- [ثم] قال: يا فتي أقررت عيني و الله لارشدنک إلي شاب يقر عينک قال: قلت نعم أرشدني. قال: فقال نعم ههنا رجلان أحدهما إمام و الآخر مؤذن فأما الامام فهو يحب عليا منذ خرج من بطن أمه و أما الآخر فقد کان يبغض عليا و هو اليوم يحب عليا. قال: فأخذ بيدي و أتي بي باب الامام فإذا شاب صبيح الوجه قد خرج علي فعرف الحلة و عرف البلغة و قال: و الله يا أخي ما کساک فلان حلته و لا حملک علي بغلته إلا أنک تحب الله و رسوله و تحب عليا فحدثني في علي فقلت: نعم حدثني والدي عن أبيه عن جده قال: [صفحه 595] کنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله ذات يوم إذ أقبلت فاطمة و هي حاملة الحسن و الحسين علي کتفيها و هي تبکي بکاء شديدا فقال لها رسول الله صلي الله عليه و آله: يا فاطمة ما يبکيک؟ قالت: يا رسول الله عيرتني نساء قريش أن أباک زوجک معدما لا مال له!!! فقال لها رسول الله صلي الله عليه و آله: يا فاطمة لا تبکي فو الله ما زوجتک حتي زوجک الله و شهد علي ذلک جبرئيل و إسرافيل. ثم اختار من أهل الدنيا فاختار من الخلق أباک فبعثه نبيا ثم اختار من أهل الدنيا فاختار من الخلق عليا[5] فجعله وصيا. يا فاطمة لا تبکي فإني زوجتک أشجع الناس [قلبا] و أعلم الناس علما و أسمح الناس کفا و أقدم الناس إسلاما يا فاطمة لا تبکي ابناه سيدا شباب أهل الجنة کان اسمهما مکتوبا في التوراة شبرا/223/أ/و شبيرا و مشبرا[6] . [صفحه 596] يا فاطمة ألا ترين أني إدذا دعيت إلي رب العالمين دعي علي معي و إذا شفعني الله في المقام المحمود شفع علي معي. يا فاطمة إذا کان يوم القيامة کسي أبوک حلتين و علي حلتين و ينادي [المنادي] في ذلک اليوم يا محمد نعم الجد جدک إبراهيم و نعم الاخ أخوک علي. يا فاطمة لا تبکي علي و شيعته غدا هم الفائزون في الجنة[7] . فلما قلت ذلک للفتي قال: من أنت؟ قال قلت: من أهل الکوفة. قال: عربي أو مولي؟ قلت بل عربي قال: فکساني ثوبا و أعطاني عشرة آلاف درهم ثم قال: يا فتي قد أقررت عيني ولي إليک حاجة قلت: حاجتک إن شاء الله مقضية. قال: فإذا کان غدا فأتني إلي المسجد لکيما أريک المبغض لعلي. [قال المنصور]: فو الله لقد طالت علي تلک الليلة حتي أصبحت فلما أصبحت غدوت إلي [المسجد] الذي وصف لي [فوقفت لصلاة الجماعة] في الصف فإذا برجل معهم ذهب ليرکع فوقعت العمامة عن رأسه فإذا وجهه و رأسه وجه خنزير و رأس خنزير فو الله ما حفلت ما قلت في صلاتي حتي سلم. فلما سلم قلت: ويحک أخبرني ما الذي أري بک؟ قال: أنت صاحب أخي؟ فقلت: نعم قال فأخذ بيدي و إنه يبکي و ينتحب فأتي داره فافتتح ففتح الباب فدخل فقال لي ادخل فإذ کان حول داره[8] قلت: ويحک أخبرني ما أمرک؟ قال: [صفحه 597] کنت مؤذنا لقومي فکنت إذا أصبحت لعنت عليا بين الاذان و الاقامة [ألف مرة] فلما کان يوم الجمعة لعنت عليا أربعة آلاف مرة فخرجت من مسجدي هذا فاتکيت علي هذا الدکان فذهب بي النوم فرأيت في منامي إذا علي متکئ فرأيت 223/ب/کأن رسول الله صلي الله عليه و آله أقبل [و] عن يمينه الحسن و عن يساره الحسين [و] معه إبريق فقال رسول الله صلي الله عليه و آله [للحسين]: أسق الجماعة فسقاهم ثم قال: اسق المتکئ علي الدکان قال: يا جداه تأمرني أن أسقيه و هذا يلعن والدي کل يوم ألف مرة و قد لعنه هذا اليوم أربعة آلاف مرة فرأيت کأنما النبي صلي الله عليه و آله و سلم دنا مني فوقف عند رأسي ثم قال: " مالک عليک لعنة الله؟ تلعن عليا و علي مني؟ " و إذا وجهي کما تري و رأسي کما تري. قال: سليمان فقال أبو جعفر: هذان الحديثان في يدک؟ قال: قلت: لا يا أمير المؤمنين قال: حب علي إيمان و بغضه نفاق و الله ما يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق. قال: قلت: لي أمان يا أمير المؤمنين؟ قال: لک الامان. قال: قلت: ما تقول في قاتل الحسين بن علي؟ قال: في النار و إلي النار. قال: قلت: کذلک من يقتل أولاد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في النار و إلي النار. قال: فحول رأسه ثم نکت الارض فقال: يا سليمان الملک عقيم فأخرج فحدث بما شئت. [صفحه 598]
قضية [المؤذن الذي لعن عليا يوم جمعة أربعة آلاف مرة فمسخه الله و جعل رأسه] رأس الخنزير 1100- [حدثنا أبو] أحمد قال أخبرنا عبد الله 221/أ/بن عبد الصمد عن عبد الله بن سوار عن عباس بن خليفة: عن سليمان الاعمش قال: قال بعث أبو جعفر أمير المؤمنين إلي فأتاني رسوله في جوف الليل فبقيت متفکرا فيما بيني و بين نفسي فقلت عسي أن يکون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي فلعلي إن صدقته صلبني قال: فکتبت وصيتي و لبست کفني و دخلت عليه فإذا عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله علي ذلک فقال لي أبو جعفر يا سليمان ادن مني قال: فدنوت منه فاشتم رائحة الحنوط فقال لي: و الله يا سليمان لتصدقني أو لاصلبنک قال: قلت حاجتک يا أمير المؤمنين قال: ما لي أراک محنطا؟ قال: قلت: أتاني رسولک أن أجب فبقيت متفکرا فيما بيني و بين نفسي فقلت: عسي أن يکون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة يسألني عن فضائل علي فلعلي إن صدقته صلبني؟
صفحه 590، 591، 592، 593، 594، 595، 596، 597، 598.
ترويه في فضل علي " کان مکتوبا في هامش أصلي بخط مغاير لخط الاصل و کتب عند انتهائه " صح " و کان وضع في الاصل علامة و أوصلها بالذي نقلناه. و حاجة سياق الکلام إلي هذه الجمل- أو ما في معناه- جلية و لکن هل هي من الاصل کان کاتب نسيه أن يذکرها في المتن فاستدرکها في الهامش، ظاهر وضع العلامة في المتن و الهامش و کتابة لفظة " صح " بعد قوله: " في فضل علي " يعطي ذلک. و لکن مغايرة خط هذه الجمل و الاشارة الموضوعة في المتن و الهامش المرتبطة بعضه ببعض يعطي بأن هذه القطعة من الکلام ذکرها کاتب الاصل لما کان جليا من سقوط جمل من الکلام بهذا المعني و لکن غفل أن يذکر مصدر هذه هل هو من اجتهاده أو أخذها من نسخة أخري من هذا الکتاب أو مصدر آخر. و أيضا دقة کاتب الاصل رحمه الله المستفادة من مواضع عديدة في أمثال المقام من الاصل تفيد أن هذه القطعة لا تکون في تحريره. و الامر هين بعد حاجة السياق إلي ما في هذه الجمل و شهادة رواية الخوارزمي بها. يا فاطمة إني آخذ لواء الحمد و مفاتيح الجنة بيدي ثم أدفعها إلي علي فيکون آدم و من ولده تحت لوائه. يا فاطمة إني مقيم غدا عليا علي حوضي يسقي من عرف من أمتي و الحسن و الحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الاولين و الآخرين و قد سبق اسمهما في توراة موسي و کان اسمهما في التوراة شبرا و شبيرا سماهما [الله] الحسن و الحسين لکرامة محمد علي الله و لکرامتهما عليه.