اجتهاد الخليفة في حد أمة
وقال الشافعي في الام 1 ص 135: فخالف عليا وعبدالرحمن فلم يحدها حدها عندهما وهو الرجم، وخالف عثمان أن لا يحدها بحال، وجلدها مائة وغر بها عاما. وقال البيهقي في السنن: قال الشيخ رحمه الله: کان حدها الرجم فکأنه رضي الله عنه درأ عنها حدها للشبهة بالجهالة وجلدها وغربها تعزيرا. قال الاميني: أنا لا أقول: إن الامر في المسألة دائر بين أمرين إما ثبوت الحد وهو الرجم، وإما درأه بالشبهة وتخلية الحامل سبيلها، والقول بالفصل رأي خارج عن نطاق [صفحه 175] الشرع. وإنما أقول: إن مارآه البيهقي من کون الجلدة والتغريب تعزيرا لا يصحح الرأي بل يوجب مزيد الاشکال إذ ثبت في الصحيح عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله[2] . وفي صحيح آخر قوله: لا يجلد فوق عشرة أسواط فيما دون حد من حدود الله[3] . وقوله: لا يحل لاحد أن يضرب أحدا فوق عشرة اسواط إلا في حد من حدود الله[4] . وقوله: لا تعز روا فوق عشرة أسواط[5] . وقوله: من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين[6] . وقوله: لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله[7] . وقوله: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله[8] . فهل الخليفة قد خفيت عليه هذه کلها؟ أو تعمد في الصفح عنها، وجعلها دبر اذنيه؟
عن يحيي بن حاطب قال: توفي حاطب فاعتق من صلي من رقيقه وصام وکانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم ترعه إلا بحبلها وکانت ثيبا فذهب إلي عمر رضي الله عنه فحدثه فقال: لانت الرجل لا تأتي بخير. فافزعه ذلک فأرسل إليها عمر رضي الله عنه فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم من مرغوش بدرهمين. فإذا هي تستهل بذلک لا تکتمه قال: وصادف عليا وعثمان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم فقال: أشيروا علي وکان عثمان رضي الله عنه جالسا فاضطجع فقال علي وعبدالرحمن: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان؟ فقال: قد أشار عليک أخواک. قال: أشر علي أنت. قال أراها تستهل به کأنها لا تعلمه وليس الحد إلا علي من علمه. فقال: صدقت صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا علي من علمه. فجلدها عمر مائة وغر بها عاما[1] .
صفحه 175.