ولادة صفي الدين ووفاته
م کتب الينا الدکتور مصطفي جواد البغدادي: ان الذي أرخ صفي الدين الحلي من بني حبيب الحلبيين هو «بدر الدين حسن بن زين الدين عمر بن حبيب المتوفي [صفحه 52] سنة 779» ذکره في «درة الاسلاک في دولة الاتراک » في وفيات سنة 750، ولعله ذکره ايضا في تاريخه الثاني «تاريخ الملوک، الذي أنهاه بسنة وفاته 679، وقد ذيل عليه ابنه زين الدين طاهر المتوفي سنة 808، ومن المعلوم ان وفاة صفي الدين الحلي داخلة في تاريخ بدر الدين إبن حبيب لافي ذيل إبنه، ثم إن الوارد في «الدرر الکامنة» علي وجهين هما: زين الدين إبن جبيب في المتن. وإبن رجب في إحدي النسخ، والثاني ممکن أن يکون صحيحا، لان زين الدين إبن رجب ترجم لعشرات أمثال صفي الدين الحلي في مشيخته إن کانوا شيوخا له، وفي طبقات الحنابلة إن کانوا حنابلة. وقد ترجم إبن قاضي شهبة صفي الدين الحلي في «ذيل تاريخ الذهبي» ولم يقتصر الصفدي علي ترجمته في الوافي بالوفيات بل ترجمه أيضافي «أعيان العصر وأعوان النصر» ومن کلتا الترجمتين نقل إبن شاکر الکتبي في فوات الوفيات. وکتب نجم الدين سعيد بن عبدالله الدهلي الحافظ المورخ جزءا لطيفا في ترجمة صفي الدين الحلي، ونقل منه إبن قاضي شهبة في ذيل تاريخ الذهبي المذکور، وتوفي في سنة وفاته 749 وهي سنة الطاعون العامة التي مات فيها کثير من الاعيان وغيرهم. ومن شعر المترجم قوله وقد أجاب به قصيدة إبن المعتز العباسي التي مستهلها: ألا من لعين وتسکابها ترامت بنا حادثات الزمان ويارب ألسنة کالسيوف ويقول فيها: ونحن ورثنا ثياب النبي لکم رحم يا بني بنته ومنها: قتلنا أمية في دارها إذا ما دنوتم تلقيتم فأجابه الصفي المترجم بقوله: ألا قل لشر عبيد الاله [صفحه 53] وباغي العباد وباغي العناد : أ أنت تفاخر آل النبي بکم باهل المصطفي أم بهم أعنکم نفي الرجس أم عنهم أما الرجس والخمر من دابکم وقلت: ورثنا ثياب «النبي» وعندک لا يورث الانبيا فکذبت نفسک في الحالتين أجدک يرضي بما قلته؟ وکان بصفين من حزبهم وقد شمر الموت عن ساقه فأقبل يدعو إلي «حيدر» وآثر أن ترتضيه الانام ليعطي الخلافة أهلا لها وصلي مع الناس طول الحياة فهلا تقمصها جدکم إذا جعل الامر شوري لهم أخامسهم کان أم سادسا؟ وقولک: أنتم بنو بنته بنو البنت ايضا بنو عمه فدع في الخلافة فصل الخلاف وما أنت والفحص عن شأنها؟ وما ساورتک سوي ساعة وکيف يخصوک يوما بها؟ وقلت: بأنکم القاتلون [صفحه 54] کذبت وأسرفت فيما ادعيت فکم حاولتها سراة لکم ولولا سيوف أبي مسلم وذلک عبد لهم لا لکم وکنتم اساري ببطن الحبوس فأخرجکم وحباکم بها فجازيتموه بشر الجزاء فدع ذکر قوم رضوا بالکفاف هم الزاهدون هم العابدون هم الصائمون هم القائمون هم قطب ملة دين الاله عليک بلهوک بالغانيات ووصف العذاري وذات الخمار وشعرک في مدح ترک الصلاة فذلک شأنک لا شأنهم [صفحه 55]
أطبقت المعاجم علي أن المترجم «الصفي» ولد في 5 ربيع الآخر سنة 677[1] وعلي أنه توفي ببغداد غير أن الخلاف في تاريخ وفاته بين سنة 750 و 752 فأرخها بکل فريق وتردد جميع بينهما، والمصدر الوحيد (علي ما أحسب) علي القول الاول هو زين الدين طاهر إبن حبيب، وعلي الثاني هو الصفدي والله العالم.
تشکي القذا وبکاها بها
ترامي القسي بنشابها
تقطع أرقاب أصحابها
فکم تجذبون بأهدابها؟
ولکن بنو العم أولي بها
ونجن أحق بأسلابها
زبورنا أقرت بجلابها
وطاغي قريش وکذابها
وهاجي الکرام ومغتابها
وتجحدها فضل أحسابها؟
فرد العداة بأوصابها؟
لطهر النفوس وألبابها؟
وفرط العبادة من دابها؟
فکم تجذبون بأهدابها؟
فکيف حظيتم بأثوابها؟
ولم تعلم الشهد من صابها
وما کان يوما بمرتابها
لحرب الطغاة وأحزابها
وکشرت الحرب عن نابها
بإرغابها وبإرهابها
من الحکمين لاسبابها
فلم يرتضوه لايجابها
و «حيدر» في صدر محرابها
إذا کان إذ ذاک أحري بها؟
فهل کان من بعض أربابها؟
وقد جليت بين خطابها
ولکن بنو العم أولي بها
وذلک أدني لانسابها
فليست ذلولا لرکابها
وما قمصوک بأثوابها
فما کنت أهلا لاسبابها
ولم تتأدب بآدابها
اسود امية في غابها
ولم تنه نفسک عن عابها
فردت علي نکص أعقابها
لعزت علي جهد طلابها
رعي فيکم قرب انسابها
وقد شفکم لثم أعتابها
وقمصکم فضل جلبابها
لطغوي النفوس واعجابها
وجاؤا الخلافة من بابها
هم الساجدون بمحرابها
هم العالمون بآدابها
ودور الرحي حول أقطابها
وخل المعالي لاصحابها
ونعت العقار بألقابها
وسعي السقاة بأکوابها
وجري الجياد بأحسابها
صفحه 52، 53، 54، 55.