القصيدة 06











القصيدة 06



عسي موعد إن صح منک قبول
تؤديه إن عز الرسول قبول


فرب صبا تهدي إلي رسالة
کلها منک إن عز الوصول وصول


تطاول عمر العتب يا عتب بيننا
وليس إلي ما نرتجيه سبيل


أفي کل يوم للعتاب رسائل
مجددة ما بيننا ورسول


سائل عتب لا يرد جوابها
ونفث صدور في السطور يطول


يدل عليها من وسائل سائل
خضوع ومن شکوي الفصال فصول


عسي مسمع يصغي إلي يقول مسمع
فيعطف قاس أو يرق ملول

[صفحه 396]

وأعجب شيئ أن أراک غرية
بهجري وللوشي علي قبول


سجية نفسي بالوعود مع القلا
وکل سخي بالوعود بخيل


عذرتک إن ميلت أو ملت أنني
أخالک غصنا والغصون تميل


وما لظباء السرب خلقک إنما
لخلقک منها في العدول عدول


وقد کنت أبکي والديار أنيسة
وما ظعنت للظاعنين قفول


فکيف وقد شط المزار وروعت
فريق التداني فرقة ورحيل


إذا غبتم عن ربع حلة بابل
فلا سحبت للسحب فيه ذيول


ولا ابتسمت للثغر فيه مباسم
ولا ابتهجت للطل فيه طلول


ولا هب معتل النسيم ولا سرت
بليل علي تلک الربوع بليل


ولا صدرت عنها السوام ولا غدا
بها راتعا بين الفصول فصيل


ولا برزت في حلة سندسية
لذات هدير في الغصون هديل[1] .


وما النفع فيها وهي غير أواهل
ومعهدها ممن عهدت محيل


تنکر منها عرفها فأهليها
غريب وفيها الاجنبي أهيل


رعي الله أياما بظل جنابها
ونحن بشرقي الاثيل نزول


ليالي لاعود الربيع يجفه
ذبول ولا عود الربوع هزيل


بها کنت أصبو والصبالي مسعد
وصعب الهوي سهل لدي ذلول


وإذ نحن لا طرف الوعود عن اللقا
بطي ولا طرف السعود کليل


نبيت ولا غير العفاف شعارنا
وللامن من واش علي شمول


کروحين في جسم أقاما علي الوفا
عفافا وأبناء العفاف قليل


إلي أن تداعي بالفراق فريقکم
ولم بکم حاد وأم دليل


تقاضي الهوي مني فما لضلاله
مقيل ولا مما جناه مقيل


فحسبي إذ شطت بکم غربة النوي
علاج نحول لا يکاد يحول


أروم بمعتل الصبا برء علتي
وأعجب ما يشفي العليل عليل


لعل الصبا إن شطت الدار أودنا
مثالکم أوعز منک مثيل

[صفحه 397]

أحي الحيا إن شط من صوب أرضکم
بناديه من لمع البروق زميل


تمر بنا في الليل وهنا بريها
يبل[2] غليل أو يبل[3] عليل


سري وبريق الثغر وهنا کأنما
لدي بريق الثغر منک بديل


وأنشأ شمال الغور لي منک نشوة
عساه لمعتل الشمال شمول[4] .


أمتهم قلبي من البين سلوة
ومتهمة[5] في الرکب ليس تؤل


أغرک إني ساتر عنک لوعة
لها ألم بين الضلوع دخيل


فلا تحسبي إني تناسيت عهدکم
ولکن صبري يا أميم جميل


ثقي بخليل لا يغادر خله
بغدر ولا يثنيه عنک عذول


جميل خلال لا يراع خليله
إذا ريع في جنب الخليل خليل


خليق بأفعال الجميل خلاقه
وکل خليق بالجميل جميل


يزين مقال الصدق منه فعاله
وما کل قوال لديک فعول


غضيض إذا البيض الحسان تأودت
لهن قدود في الغلائل ميل


ففي الطرف دون القاصرات تقاصر
وفي الکف من طول المکارم طول


أما وعفاف لا يدنسه الخنا
وسر عتاب لم يزله مزيل


لانت لقلبي حيث کنت مسرة
وأکرم مسؤول لدي وسؤل


يقصر آمالي صدودک والقلي
وينشرها منک الرجا فتطول


وتعلق آمالي غرورا بقربکم
کما غر يوما بالطفوف قتيل


قتيل بکت حزنا عليه سمائها
وصب لها دمع عليه همول


وزلزلت الارض البسيط لفقده
وريع له حزن بها وسهول


أ أنسي حسينا للسهام رمية
وخيل العدي بغيا عليه تجول؟


أأنساه إذ ضاقت به الارض مذهبا؟
يشير إلي أنصاره ويقول


: اعيذکم بالله أن تردوا الردي
ويطمع في نفس العزيز ذليل

[صفحه 398]

ألا فاذهبو فاليل قدمد سجفه
وقد وضحت للسالکين سبيل


فثاب إليه قائلا کل أقيل
نمته إلي أزکي الفروع اصول


يقولون والسمر اللدان شوارع
وللبيض من وقع الصفاح صليل


أنسلم مولانا وحيدا إلي العدي
وتسلم فتيان لنا وکهول؟


ونعدل خوف الموت عن منهج الهدي
وأين عن العدل الکريم عدول؟


نود بأن نبلي وننشر للبلي
مرارا ولسنا عن علاک نحول


وثاروا لاخذ الثار قدما کأنهم
اسود لها بين العرين شبول


مغاوير عرس عرسها يوم غارة
لها الخط في يوم الکريهة غيل


حماة إذا ما خيف للثغر جانب
کماة علي قب الفحول فحول


ليوث لها في الدار عين وقايع
غيوث لها للسائلين سيول


أدلتها في الليل أضواء نورها
وفي النقع أضواء السيوف دليل


يأم بها قصد المغالب أغلب
فروس لاشلاء الکماة أکول؟


له الخط کوب والجماجم أکؤس
لديه وآذي الدماء شمول


يري الموت لا يخشاه والنبل واقع
ولا يختشي وقع النبال نبيل


صؤول إذا کر الکمي مناجز
بليغ إذا فاه البليغ قؤول


له من علي في الخطوب شجاعة
ومن أحمد عند الخطابة قيل


إذا شمخت في ذروة المجد هاشم
فعماه منها جعفر وعقيل


کفاه علوا في البرية أنه
لاحمد والطهر البتول سليل


فما کل جد في الرجال محمد
ولا کل ام في النساء بتول


حسين أخو المجد المنيف ومن له
فخار إذا عد الفخار أثيل


أري الموت عذبا في لهاک وصابه
لغيرک مکروه المذاق وبيل


فما مر ذوباس إلي مر باسه
علي مهل إلا وأنت عجول:


کأن الاعادي حين صلت مبارزا
کثيب ذرته الريح وهو مهيل


وما نهل الخطي منک ولا الظبا
ولا عل إلا وهو منک عليل


بنفسي وأهلي عافر الخط حوله
لدي الطف من آل الرسول قبيل

[صفحه 399]

کأن حسينا فيهم بدر هالة
کواکبها حول السماک حلول


قضي ظاميا والماء طام تصده
شرار الوري عن ورده ونغول


وحز وريد السبط دون وروده
وغالته من أيدي الحوادث غول


وآب جواد السبط يهتف ناعيا
وقد ملا البيداء منه صهيل


فلما سمعن الطاهرات نعيه
لراکبه والسرج منه يميل


برزن سليبات الحلي ثوادبا
لهن علي الندب الکريم عويل


بنفسي اخت السبط تعلن ندبها
علي ندبها محزونة وتقول


: أخي يا هلالا غاب بعد طلوعه
وحاق به عند الکمال افول


أخي کنت شمسا يکسف الشمس نورها
ويخسأ عنها الطرف وهو کليل


وغصنا يروق الناظرين نضارة
تغشاه بعد الاخضرار ذبول


وربعا يمير الوافدين ربيعه
تعاهده غب العهاد محول


وعضبا رماه الدهر في دار غربة
وفي غربه للمرهفات[6] فلول


وضرغام غيل غيل من دون عرسه
ومخلبه ماضي الغرار[7] صقيل


فلم أر دون الخدر قبلک خادرا
له بين أشراک الضباع حصول


أصبت فلا ثوب المآثر صيب
ولا في ظلال المکرمات مقيل


ولا الجود موجود ولا ذو حمية
سواک فيحمي في حماه نزيل


ولا صافحت منک الصفاح محاسنا
ولا کاد حسن الحال منک يحول


ولا تربت منک الترائب في البلا
ولا غالها في القبر منک مغيل


لتنظرنا من بعد عز ومنعة
تلوح علينا ذلة وخمول


تعالج سلب الحلي عنا علوجها
وتحکم فينا أعبد ونغول


وتبتز أهل اللبس عنا لباسنا
وتننزع أقراط لنا وحجول


تري أوجها قد غاب عنها وجيهها
وأعوزها بعد الکفاة کفيل

[صفحه 400]

سوافر بين السفر في مهمه الفلا
لنا کل يوم رحلة ونزول


تزيد خفوقا يابن ام قلوبنا
إذا خفقت للظالمين طبول


فيالک عينا لا تجف دموعها
ونارا لها بين الضلوع دخيل


أيقتل ظمآنا حسين وجده
إلي الناس من رب العباد رسول


ويمنع شرب الماء والسرب آمن
علي الشرب منها صادر ونهول


وآل رسول الله في دار غربة
وآل زياد في القصور نزول


وآل علي في القيود شواحب
إذا أن مأسور بکته ثکول


وآل أبي سفيان في عز دولة
تسير بهم تحت البنود خيول


مصاب اصيب الدين منه بفادح
تکاد له شم الجبال تزول


عليک ابن خير المرسلين تأسفي
وحزني وإن طال الزمان طويل


جللت فجل الرزؤ فيک علي الوري
کذا کل رزؤ للجليل جليل


فليس بمجد فيک وجدي ولا البکا
مفيد ولا الصبر الجميل جميل


إذا خف حزن الثاکلات لسلوة
فحزني علي مر الدهور ثقيل


وإن سأم الباکون فيک بکاؤهم
ملالا فإني للبکاء مطيل


فما خف من حزني عليک تأسفي
ولا جف من دمعي عليک مسيل


وينکر دمعي فيک من بات قلبه
خليا وما دمع الحلي هطول


وماهي إلا فيک نفس نفيسة
يحللها حر الاسي فتسيل


تباين فيک القائلون فمعجب
کثير وذوحزن عليک قليل


فأجر بني الدنيا عليک لشأنهم
دني وأجر المخلصين جزيل


فإن فاتني إدراک يومک سيدي
وأخرني عن نصر جيلک جيل


فلي فيک أبکار لوفق جناسها
أصول بها للشامتين نصول


لهارقة المحزون فيک وخطبها
جسيم علي أهل النفاق مهول


يهيم بها سر الولي مسرة
وينصب منها ناصب وجهول


لها في قلوب الملحدين عواسل
ووقع نصول مالهن نصول

[صفحه 401]

بها من «علي» في علاک مناقب
يقوم عليها في الکتاب دليل


ينم عن الاعراف طيب عرفها
فتعلقها للعاقلين عقول


إذا نطقت آي الکتاب بفضلکم
فماذا عسي فيما أقول أقول؟


لساني علي التقصير في شرح وصفکم
قصير وشرح الاعتذار طويل


عليکم سلام الله ما اتضح الضحي
وما عاقبت شمس الاصيل افول


م- وذکر له العلامة السيد أحمد العطار في الجزء الثاني من موسوعته الموسومة ب (الرائق) وقال: قد قالها في مرض موته. قوله:


آن الرحيل وحق فينا ماتري
وسرت لقطع مفازة البين البري


وظعنت عمن ود يوم ترحلي
لو أنها بالروح لي عوض تري


ونقلت من سعة القصور وروحها
فردا إلي ظلمات أطباق الثري


وتصرمت أيامنا فکأنها
کانت وکنا طيف أحلام الکري


ومروعة بالبين کاد فؤادها
من هول يوم البين أن يتفطرا


وتقول إذ آن الرحيل ودمعها
قد خط في الخد المخدد أسطرا


: يانازلا بحشاشتي ومخلفي
عرض المخافة والمجاعة والعرا


فإلي من الملجا سواک لنا إذا
شطت صروف الدهر أو خطب عرا


فأجبتها والعين کوب فراقها
تهمي علي خدي نجيعا أحمرا


: أنتم وديعة ذي الجلال کما غدا
شخصي وديعة حيدر خير الوري


يا مونسي في وحدتي إذ عاينت
عيني نکيرا في اللحود ومنکرا


أنا واثق بک لا أري شخصيهما
إلا بشيرا سائلي ومبشرا


فبحق قوم ائتمنتهم علي
مکنون سرک عارفا ومخبرا


إلا غفرت ذنوب عبد نازل
بفناء من ألزمت طاعته الوري


لا زاهد ورع ولا متجنب
إثما ولا يوما بعسر أيسرا


لکن يدي علقت بحبل ولاکم
ثقة بکم ولنا بذلک مفخرا


يا ناصر الاسلام حين تأودت
منه الدعائم فاستقام بلا مرا


ومذل عز الکفر بعد حمية
خشناء عالية الجوانب والذري

[صفحه 402]

ألله في عبد أتاک مجاورا
متحصنا بولائکم متسترا


إني أتيتک وافدا ومجاورا
ولکل جار وافد حق القرا


صفحه 396، 397، 398، 399، 400، 401، 402.








  1. هدر الحمام: قرقرو کرر صوته في حنجرته. الهديل: صوت الحمام.
  2. البلة: الندوة.
  3. بل من مرضه. برئ.
  4. الشمول: الخمر أو الباردة منها.
  5. من أتهم أي أتي تهامة او نزل فيها.
  6. العضب: السيف القاطع، والرجل الحديد الکلام. الغرب: الحدة. المرهف: المحدد المرقق الحد.
  7. الغرار: حد السيف.