القصيدة 05











القصيدة 05



حلت عليک عقود المزن يا حلل[1] .
وصافحتک أکف الطل يا طلل


وحاکت الورق في أعلا غصونک إذ
حاکت بک الودق جلبابا له مثل


يزهو علي الربع من أنواره لمع
ويشمل الربع من نواره حلل


وافتر في ثغرک المأنوس مبتسما
ثغر الاقاح وحياک الحيا العطل


ولا انثنت فيک بانات اللوي طربا
إلا وللورق في أوراقها زجل


وقارن السعد يا سعدي وما حجبت
عن الجآذر فيک الحجب والکلل


يروق طرفي بروق منک لامعة
تحت السحاب وجنح الليل منسدل


يذکي من الشوق في قلبي لهيب جوي
کأنما لمعها في ناظري شعل


فإن تضوع من أعلي رباک لنا
رياک والروض مطلول به خضل


فهو الدواء لادواء مبرحة
نعل منها إذا أودت بنا العلل


أقسمت يا وطني لم يهنني وطري
مذبان عني منک البان والاثل


لي بالربوع فؤاد منک مرتبع
وفي الرواحل جسم عنک مرتحل


لا تحسبن الليالي حدثت خلدي
بحادث فهو عن ذکراک مشتغل

[صفحه 391]

لا کنت إن قادني عن قاطنيک هوي
أو مال بي ملل أو حال بي حول


أني ولي فيک بين السرب جارية
مقيدي في هواها الشکل والشکل[2] .


غراء ساحرة الالحاظ مانعة
الالفاظ مائسة في مشيها ميل


في قد هاهيف في خصرها نحف
في خدها صلف في ردفها ثقل[3] .


يرنح الدل عطفيها إذا خطرت
کما ترنح سکرا شارب ثمل


تريک حول بياض حمرة ذهبت
بنضرتي في الهوي خد لها صقل


ما خلت من قبل فتک من لواحظها
أن تقتل الاسد في غاباتها المقل


عهدي بها حين ريعان الشبيبة لم
يرعه شيب وعيشي ناعم خضل


وليل فودي ما لاح الصباح به
والدار جامعة والشمل مشتمل


وربع لهوي مأنوس جوانبه
تروق فيه لي الغزلان والغزل


حتي إذا خالط الليل الصباح وأ
ضحي الرأس وهو بشهب الشيب مشتعل


وخط وخط مشيبي في صحيفته
لي أحرفا ليس معني شکلها شکل


مالت إلي الهجر من بعد الوصال و
عهد الغانيات کفئ الظل ء منتقل


من معشر عدلوا عن عهد حيدرة
وقابلوه بعدوان وما قبلوا


وبدلوا قولهم يوم «الغدير» له
غدرا وما عدلوا في الحب بل عدلوا


حتي إذا فيهم الهادي البشير قضي
وما تهيا له لحد ولا غسل


مالوا اليه سراعا والوصي برزؤ
المصطفي عنهم لاه ومشتغل


وقلدوها عتيقا لا أبا لهم
أني تسود اسود الغابة الهمل


وخاطبوه أميرالمؤمنين وقد
تيقنوا انه في ذاک منتحل


وأجمعوا الامر فيما بينهم وغوت
لهم أمانيهم والجهل والامل


أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة
فياله حادث مستصعب جلل


بيت به خمسة جبريل سادسهم
من غير ما سبب بالنار يشتعل

[صفحه 392]

واخرج المرتضي عن عقرمنزله
بين الاراذل محتف بهم وکل


ياللرجال لدين قل ناصره
ودولة ملکت أملاکها السفل


أضحي أجير ابن جدعان له خلفا
برتبة الوحي مقرون ومتصل


فأين أخلاف تيم والخلافة والحکم
الربوبي لولا معشر جهلوا؟


ولا فخار ولازهد ولا ورع
ولا وقار ولا علم ولا عمل


وقال: منها أقيلوني فلست إذا
بخيرکم وهو مسرور بها جذل


وفضها وهو منها المستقيل علي
الثاني ففي أي قول يصدق الرجل؟


ثم اقتفتها عدي من عداوتها
وافتض من فضها العدوان والجدل


أضحي يسير بها عن قصد سيرتها
فلم يسد لها من حادث خلل


وأجمع الشور في الشوري فقلدها
امية وکذا الاحقاد تنتقل


تداولوها علي ظلم وأرثها
بعض لبعض فبئس الحکم والدول


وصاحب الامر والمنصوص فيه بإذ
ن الله عن حکمه ناء ومعتزل


أخو الرسول وخير الاوصياء ومن
يزهده في البرايا يضرب المثل


وأقدم القوم في الاسلام سابقة
والناس باللات والعزي لهم شغل


ورافع الحق بعد الخفض حين قنا
ة الدين واهية في نصبها ميل


ألاروع الماجد المقدام إذ نکصوا
والليث ليث الشري والفارس البطل


من لم يعش في غواة الجاهلين ذوي
غي ولا مقتدي آرائه هبل


عافوه وهو أعف الناس دونهم
طفلا وأعلي محلا وهو مکتهل


وإنه لم يزل حلما ومکرمة
يقابل الذنب بالحسني ويحتمل


حتي قضي وهو مظلوم وقد ظلم
الحسين من بعده والظلم متصل


من بعد ما وعدوه النصر واختلفت
إليه بالکتب تسعي منهم الرسل


فليته کف کفا عن رعايتهم
يوما ولا قربته منهم الابل


قوم بهم نافق سوق النفاق ومن
طباعهم يستمد الغدر والدخل


تالله ما وصلوا يوما قرابتة
لکن إليه بما قد سأوه وصلوا


وحرموا دونه ماء الفرات ولل
کلاب من سعة في وردها علل

[صفحه 393]

وبيتوه وقد ضاق الفسيح به
منهم علي موعد من دونه العطل


حتي إذا الحرب فيهم من غد کشفت
عن ساقها وذکي من وقدها شعل


تبادرت فتية من دونه غرر
شم العرانين ما مالوا ولا نکلوا


کأنما يجتني حلوا لانفسهم
دون المنون من العسالة العسل


تسربلوا في متون السابقات دلا
ص السابغات وللخطية اعتقلوا


وطلقوا دونه الدنيا الدنية و
ارتاحوا إلي جنة الفروس وارتحلوا


تراءت الحور في اعلا الجنان لهم
کشفا فهان عليهم فيه ما بذلوا


سالت علي البيض منهم أنفس طهرت
نفيسة فعلوا قدرا بما فعلوا


إن يقتلوا طالما في کل معرکة
قد قاتلوا ولکم من مارق قتلوا؟


لهفي لسبط رسول الله منفردا
بين الطغاة وقد ضاقت به السبل


يلقي العداة بقلب لا يخامره
رهب ولا راعه جبن ولا فشل


کأنه کلما مر الجواد به
سيل تمکن في أمواجه جبل


ألقي الحسام عليهم راکعا فهوت
بالترب ساجدة من وقعه القلل


قدت نعالاته هاماتهم فبها
أخدي الجواد فأمسي وهو منتعل


وقد رواه حميد نجل مسلم ذو
القول الصدوق وصدق القول ممتثل


إذ قال: لم أر مکثورا عشيرته
صرعي فمنعفر منهم ومنجدل


يوما بأربط جاشا من حسين وقد
حفت به البيض واحتاطت به الاسل


کأنما قسور ألقي علي حمر
عطفا فخامر هامن بأسه ذهل


أوأجدل مر في سرب فغادره
شطرا خمودا وشطر خيفة وجل


حتي إذا آن ما إن لا مردله
وحان عند انقضاء المدة الاجل


أردوه کالطود عن ظهر الجواد حميد
الذکر ماراعه ذل ولا فشل


لهفي وقد راح ينعاه الجواد إلي
خبائه وبه من أسهم قزل[4] .


لهفي لزينب تسعي نحوه ولها
قلب تزايد فيه الوجد والوجل


فمذ رأته سليبا للشمال علي
معني شمائله من نسجها سمل

[صفحه 394]

هوت مقبلة منه المحاسن وال
حسين عنها بکرب الموت مشتغل


تدافع الشمر عنه باليمين وبا
لشمال تستر وجها شأنه الخجل


تقول: يا شمر لا تعجل عليه ففي
قتل ابن فاطمة لا يحمد العجل


أليس ذا ابن علي والبتول ومن
بجده ختمت في الامة الرسل؟


هذا الامام الذي ينمي إلي شرف
ذرية لا يداني مجدها زحل


إياک من زلة تصلي بها أبدا
نار الجحيم وقد يردي الفتي الزلل


بي الشقي لها إلا الخلاف وهل
يجدي عتاب لاهل الکفران عذلوا؟


ومر يحتزر رأسأ طالما لرسول
الله مرتشفا في ثغره قبل


حتي إذا عاينت منه الکريم علي
لدن يميل به طورا ويعتدل


ألقت لفرط الاسي منها البنان علي
قلب تقلب فيه الحزن والثکل


تقول: يا واحدا کنا نؤمله
دهرا فخاب رجانا فيه والامل


ويا هلالا علا في سعده شرفا
وغاب في الترب عنا وهو مکتمل


أخي لقد کنت شمسا يستضاء بها
فحل في وجهها من دوننا الطفل


ورکن مجد تداعي من قواعده
والمجد منهدم البنيان منتقل


وطرف سبق يفوت الطرف سرعته[5] .
مذ أدرک المجد أمسي وهو معتقل


ما خلت من قبل ما أمسيت مرتهنا
بين اللئام وسدت دونک السبل


أن يوغل اليوم في البازي ان ظفرت
ظفرا ولا أسدا يغتاله حمل[6] .


کلا ولا خلت بحرا مات من ظمأ
ومنه ري إلي العافين متصل


فليت عينک بعد الحجب تنظرنا
أسري تجاذبنا الاشرار والسفل


يسيرونا علي الاقتاب عارية
وزاجر العيس لارفق ولا مهل


فليت لم ترکو فانا ولا وخدت
بنا إلي ابن زياد الاينق الذلل


إيها علي حسرة في کل جانحة
ما عشت جايحة تعلولها شعل


يقتل السبط ظمآنا ومن دمه
تروي الصوارم والخطية الذبل


ويسکن الترب لا غسل ولا کفن
لکن له من نجيع النحر مغتسل

[صفحه 395]

وتستباح بأرض الطف نسوته
ودون نسوة حرب تضرب الکلل


بالله أقسم والهادي البشير وبيت
الله طاف به حاف ومنتعل


لولا الاولي نقضوا عهد الوصي وما
جاءت به قدما في ظلمها الاول


لم يغل قوما علي أبناء حيدرة
من الموارد ما تروي به الغلل


يا صاح طف بي إذا جئت الطفوف علي
تلک المعالم والآثار يا رجل


وابک البدور التي في الترب آفلة
بعد الکمال تغشي نورها الظلل


وابک الشفاة التي لم ترو من عطش
لکن عليهن من سيل الدما بلل


يا آل أحمد يا سفن النجاة ومن
عليهم بعد رب العرش أتکل


وحقکم ما بداشهر المحرم لي
إلا ولي ناظر بالسهد مکتحل


ولا استهل بنا إلا استهل من
الاجفان لي مدمع في الخد منهمل


حزنا لکم ومواساة وليس لمملو
ک بدمع علي ملاکه بخل


فإن يکن فاتکم نصري فلي مدح
بمجدکم أبدا ما عشت تتصل


عرائس حدت الحادون من طرب
بها تعرس أحيانا وترتحل


فدونکم من (علي) عبد عبدکم
فريدة طاب منها المدح والغزل


رقت فراقت معانيها الحسان فلا
يماثل الطول منها السبعة الطول


أعددتها جنة من حر نار لظي
أرجو بها جنة أنهارها عسل


صلي الاله عليکم ما شدت طربا
ورق علي ورق والليل منسدل


صفحه 391، 392، 393، 394، 395.








  1. الحلل جمع الحلة وهي: المحلة، المجلس والمجتمع.
  2. وفي نسخة: مقيدي في هواها الشکل لا الشکل. الشکل بفتح المعجمة: الصورة. وبالفتح والکسر: دلال المرأة وغنجها.
  3. وفي نسخة: في طرفها کحل.
  4. قزل قزلانا وقزلا: وثب ومشي مشية العرجان: القزل محرکة: أسوء العرج.
  5. الطرف: الکريم الطرفين من الناس والخيل.
  6. الحمل: الخروف أو الجذع من أولاد الضان.ج الحملان وأحمال.