القصيدة 03











القصيدة 03



يا عين ما سفحت غروب دماک
إلا بما الهمت حب دماک


ولطول إلفک بالطول أراک
أقمارا بزغن علي غصون إراک


ماريق دمعک حين راق لک الهوي
إلا لامر في عناک عناک


لک ناظر في کل عضو ناضر
مناک تسويفا بلوغ مناک


کم نظرة أسلفت نحو سوالف
سامت أساک بها علاج أساک


فجنيت دون الورد وردا متلفا
وانهار دون شفاک فيه شفاک


يا بانة السعدي ما سلت ظباک
علي إلا من عيون ظباک


شعبت فؤادي في شعابک ظبية
تصمي القوب بناظر فتاک


تبدو هلال دجي وتلحظ جؤذرا
وتميس دلا في منيع حماک


شمس تبوءت القلوب منازلا
مأنوسة عوضا عن الافلاک


سکنت بها فسکونها متحرک
وجسومها ضعفت بغير حراک


أسدية الآباء إلا أن منتسب
الخؤولة من بني الاتراک


أشقيقة الحسبين هل من زورة
فيها يبل من الضنا مضناک؟


ماذا يضرک ياظبية بابل
لو أن حسنک مثله حسناک؟


أنکرت قتل متيم شهدت له
خداک ما صنعت به عيناک؟


وخضبت من دمه بنانک عنوة
وکفاک ما شهدت به کفاک


حجبتک عن أسد اسود عرينها
وحماک لحظک عن اسود حماک

[صفحه 379]

حجبوک عن نظري فيالله ما
أدناک من قلبي وما أقصاک


ضن الکري بالطيف منک فلم يکن
إسراک بل هجر الکري اسراک


ليت الخيال يجود منک بنظرة
إن کان عز علي المحب لقاک


فأرقت أرض الجامعين[1] فلا الصبا
عذب ولا طرف السحائب باکي


کلا ولا برد الکلا بيد الحبا[2] .
فيها يحاک ولا الحمام يحاکي


ودعت راحلة فکم من فاقد
باک وکم من مسعف متباکي


أبکي فراقکم الفريق فأعين
المشکو تبکي رحمة للشاکي


کنا وکنت عن الفراق بمعزل
حتي رمانا عامدا ورماک


وکذا الاولي من قبلنا بزمانهم
وثقوا فصيرهم حکاية حاکي


يا نفس لو أدرکت حظا وافرا
لنهاک عن فعل القبيح نهاک


وعرفت من أنشأک من عدم إلي
هذا الوجود وصانعا سواک


وشکرت منته عليک وحسن ما
أولاک من نعمائه مولاک


أولاک حب محمد ووصيه
خيرالانام فنعم ما أولاک


فهما لعمرک علماک الدين في
الاولي وفي الاخري هما علماک


وهما امانک يوم بعثک في غد
وهما إذا انقطع الرجاء رجاک


وإذا الصحائف في القيامة نشرت
سترا عيوبک عند کشف غطاک


وإذا وقفت علي الصراط تبادرا
فتقدماک فلم تزل قدماک


وإذا انتهيت إلي الجنان تلقيا
ک وبشراک بها فيا بشراک


هذا رسول الله حسبک في غد
يوم الحساب إذا الخليل جفاک


ووصيه الهادي أبوحسن إذا
أقبلت ظامية إليه سقاک


فهو المشفع في المعاد وخير من
علقت به بعد النبي يداک


وهو الذي للدين بعد خموله
حقا أراک فهذبت آراک


لولاه ما عرف الهدي ونجوت من
متضايق الاشراک والاشراک

[صفحه 380]

هو فلک نوح بين ممتسک به
ناج ومطرح مع الهلاک


کم مارق من مازق قد غادرت
مزقا حدود حسامه البتاک


سل عنه بدرا حين بادر قاصم
الاملاک قائد موکب الاملاک


من صب صوب دم الوليد ومن تري
أخلا من الدهم الحماة حماک؟


واسئل فوارسها باحد من تري
ألقاک وجه الحتف عند لقاک؟


وأطاح طلحة عند مشتبک القنا
ولواک قسرا عند نکس لواک؟


واسئل بخيبر خابريها من تري
عفي فناک ومن أباح فناک؟


وأذاق مرحبک الردي وأحله
ضيق الشباک وفل حد شباک؟


واستخبري الاحزاب لما جردت
بيض المذاکي[3] فوق جرد مذاکي


واستشعرت فرقا جموعک إذ
غدت فرقا وأدبر إذ قفاک قفاک


قد قلت حين تقدمته عصابة
جهلوا حقوق حقيقة الادراک


لا تفرحي فبکثر ما استعذبت في
أولاک قد عذبت في اخراک


يا امة نقضت عهود نبيها
أفمن إلي نقض العهود دعاک؟


وصاک خيرا بالوصي کأنما
متعمدا في بغضه وصاک


أولم يقل فيه النبي مبلغا:
هذا عليک في العلي أعلاک


وأمين وحي الله بعدي وهو في
إدراک کل قضية أدراک


والمؤثر المتصدق الوهاب إذ
ألهاک في دنياک جمع لهاک


إياک أن تتقدميه فإنه
في حکم کل قضية أقضاک


فأطعت لکن باللسان مخافة
من بأسه والغدر حشو حشاک


حتي إذا قبض النبي ولم يطل
يوما مداک له سننت مداک


وعدلت عنه إلي سواه ضلالة
ومددت جهلا في خطاک خطاک


وزويت بضعة أحمد عن إرثها
ولبعلها إذ ذاک طال أذاک


يا بضعة الهادي النبي وحق من
أسماک حين تقدست أسماک

[صفحه 381]

لا فاز من نار الجحيم معاند
عن إرث والدک النبي زواک


أتراه يغفر ذنب من أقصاک عن
سخط وأسخط إذ أباک أباک


کلا ولا نال السعادة من غوي
وعدالک ممتسکا بحبل عداک


يا تيم لاتمت عليک سعادة
لکن دعاک إلي الشقاء شقاک


لولاک ما ظفرت علوج امية
يوما بعترة أحمد لولاک


تالله ما نلت السعادة إنما
أهواک في نار الجحيم هواک


أني استقلت وقد عقدت لآخر
حکما فکيف صدقت في دعواک


ولانت أکبر يا عدي عداوة
والله ما عضد النفاق سواک


لا کان يوم کنت فيه وساعة
فض النفيل بها ختام صهاک


وعليک خزي يا امية دائما
يبقي کما في النار دام بقاک


هلا صفحت عن الحسين ورهطه
صفح الوصي أبيه عن آباک؟


وعففت يوم الطف عفة جده
المبعوث يوم الفتح عن طلقاک؟


أفهل يد سلبت إماءک مثل ما
سلبت کريمات الحسين يداک؟


أم هل برزن بفتح مکة حسرا
کنسائه يوم الطفوف نساک؟


يا امة باءت بقتل هداتها
أفمن إلي قتل الهداة هداک؟


أم أي شيطان رماک بغيه؟
حتي عراک وحل عقد عراک


بئس الجزاء لاحمد في آله
وبنيه يوم الطف کان جزاک


فلئن سررت بخدعة أسررت في
قتل الحسين فقد دهاک دهاک


ما کان في سلب ابن فاطم ملکه
ما عنه يوما لو کفاک کفاک


لهفي؟؟ لجسد؟؟ بالعرا
شلوا تقلبه حدود ظباک


لهفي علي الخد التريب تخده
سفها بأطراف القنا سفهاک


لهفي لآلک يا رسول الله في
أيدي الطغاة نوائحا وبواکي


ما بين نادبة وبين مروعة
في أسر کل معاند أفاک


تالله لا أنساک زينب والعدا
قسرا تجاذب عنک فضل رداک


لم أنس لا والله وجهک إذ هوت
بالردن ساترة له يمناک

[صفحه 382]

حتي إذا هموا بسلبک صحت باسم
أبيک واستصرخت ثم أخاک


لهفي لندبک باسم ندبک وهو
مجروح الجوارح بالسياق يراک


تستصرخيه أسي وعز عليه أن
تستصرخيه ولا يجيب نداک


والله لو أن النبي وصنوه
يوما بعرصة کربلا شهداک


لم يمس منهتکا حماک ولم تمط
يوما امية عنک سجف خباک


يا عين إن سفحت دموعک فليکن
أسفا علي سبط الرسول بکاک


وابکي القتيل المستضام ومن بکت
لمصابه الاملاک في الافلاک


قسمت يا نفس الحسين ألية
بجميل حسن بلاک عند بلاک


لو أن جدک في الطفوف مشاهد
وعلي التراب تريبة خداک


ما کان يؤثر أن يري حر الصفا
يوما وطاک ولا الخيول تطاک


أو أن والدک الوصي بکربلا
يوما علي تلک الرمول يراک


لفداک مجتهدا وود بأنه
بالنفس من ضيق الشراک شراک


عالوک لما أن علوت فآه من
خطب نراه علي علاک علاک


قد کنت شمسا يستضاء بنورها
يعلو علي هام السماک سماک


وحمي يلوذ به المخوف ومنهلا
عذبا يصوب نداک قبل نداک


ما ضر جسمک حر جندلها وقد
أضحي سحيق المسک ترب ثراک


فلئن حرمت من الفرات وورده
فمن الرحيق العذب ري صداک


ولئن حرمت نعيمها الفاني؟ فمن
دار البقاء تضاعفت نعماک


ولئن بکتک الطاهرات لوحشة
فالحور تبسم فرحة بلقاک


مابت في حمر الملابس غدوة
الا انثنت خضرا قبيل مساک


إني ليقلقني التلهف والاسي
إذ لم أکن بالطف من شهداک


لاقيک من حر السيوف بمهجتي
وأکون إذ عز الفداء فداک


ولئن تطاول بعد حينک بيننا
حين ولم أک مسعدا سعداک؟


فلابکينک ما استطعت بخاطر
تحکي غرائبه غروب مداک


وبمقول ذرب اللسان أشد من
جند مجندة علي أعداک

[صفحه 383]

ولقد علمت حقيقة وتوکلا
أني سأسعد في غد بولاک


وولاء جدک والبتول وحيدر
والتسعة النجباء من أبناک


قوم عليهم في المعاد توکلي
وبهم من الاسر الوثيق فکاکي


فليهن عبدکم «عليا» فوزه
بجنان خلد في جنان علاک


صلي عليک الله ما أملاکه
طافت مقدسة بقدس حماک


صفحه 379، 380، 381، 382، 383.








  1. ارض الجامعين اسم للحلة الفيحاء في سابقها وأما اليوم فهو احدي محلاتها.
  2. الحبا: السحاب الکثيف الذي يدنو من الارض.
  3. جمع مذکات وهي ما تذکا به النار من قطنة ونحوها وهي اسم آلة استعيرت للسيف بعلاقا انه تلتهب منه نار الحرب کما يلتهب الحطب بالمذکات.