الراي العام في ابن حزم الاندلسي المتوفي 456











الراي العام في ابن حزم الاندلسي المتوفي 456



ما عساني أن أکتب عن شخصية أجمع فقهاء عصره علي تضليله والتشنيع عليه ونهي العوام عن الاقتراب منه، وحکموا بإحراق تآليفه ومدوناته مهما وجدوا الضلال في طياتها کما في لسان الميزان 4 ص 200، ويعرفه الآلوسي عند ذکره بقوله: الضال المضل کما في تفسيره 21 ص 76.

ما عساني أن أقول في مؤلف لا يتحاشا عن الکذب علي الله ورسوله، ولا يبالي بالجرأة علي مقدسات الشرع النبوي، وقذف المسلمين بکل فاحشة، والاخذ بمخاريق القول وسقطات الرأي.

ما عساني أن أذکر عن بحاثة لا يعرف مبدئه في أقواله، ولا يستند علي مصدر من الکتاب والسنة في آرائه، غير انه إذا أفتي تحکم، وإذا حکم مان، يعزو إلي الامة الاسلامية ماهي بريئة منه، ويضيف إلي الائمة وحفاظ المذهب ما هم بعداء منه، تعرب تآليفه عن حق القول من الرأي العام في ضلاله وإليک نماذج من آرائه.

قال في فقهه (المحلي) ج 10 ص 482: مسألة: مقتول کان في أوليائه غائب أو صغير أو مجنون، إختلف الناس في هذا. ثم نقل عن أبي حنيفة انه يقول: ان للکبير أن يقتل ولا ينتظر الصغار. وعن الشافعي: ان الکبير لا يستقيد حتي يبلغ الصغير ثم أورد علي الشافعية بأن الحسن بن علي قد قتل عبدالرحمن بن ملجم ولعلي بنون صغار، ثم قال: هذه القصة (يعني قتل إبن ملجم) عائدة علي الحنفيين بمثل ما شنعوا علي الشافعيين سواء سواء، لانهم والمالکيين لا يختلفون في أن من قتل آخر علي تأويل فلا قود في ذلک. ولا خلاف بين أحد من الامة في أن عبدالرحمن بن ملجم لم يقتل عليا رضي الله عنه إلا متأولا مجتهدا مقدرا علي انه صواب، وفي ذلک يقول

[صفحه 324]

عمران بن حطان شاعر الصفرية:


يا ضربة من تقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا


إني لا ذکره حينا فأحسبه
أوفي البرية عند الله ميزانا


أي لافکر فيه ثم أحسبه، فقد حصل الحنفيون في خلاف الحسن بن علي علي مثل ما شنعوا به علي الشافعيين، وما ينقلون أبدا من رجوع سهامهم عليهم، ومن الوقوع فيما حفروه[1] .

فهلم معي نسائل کل معتنق للاسلام اين هذا الفتوي المجردة من قول النبي صلي الله عليه وآله في حديث صحيح لعلي عليه السلام: قاتلک أشقي الآخرين. وفي لفظ: أشقي الناس. وفي الثالث: أشقي هذه الامة کما ان عاقر الناقة أشقي ثمود؟أخرجه الحفاظ الاثبات والاعلام الائمة بغير طريق، ويکاد أن يکون متواترا علي ما حدد إبن حزم التواتر به. منهم:

إمام الحنابلة أحمد في المسند 4 ص 263، والنسائي في الخصايص ص 39، و إبن قتيبة في الامامة والسياسة 1 ص 135، والحاکم في المستدرک عن عمار 3 ص 140، و ألذهبي في تلخيصه وصححاه، ورواه الحاکم عن إبن سنان الدؤلي ص 113 وصححه وذکره الذهبي في تلخيصه، والخطيب في تاريخه عن جابر بن سمرة 1 ص 135، وإبن عبدالبر في الاستيعاب (هامش الاصابة) 3 ص 60 ذکره عن النسائي ثم قال: وذکره الطبري وغيره أيضا، وذکره إبن إسحاق في السير، وهو معروف من رواية محمد بن کعب القرظي عن يزيد[2] بن جشم عن عمار بن ياسر، وذکره إبن أبي خيثمة من طرق، وأخرجه محب الدين الطبري في رياضه عن علي من طريق أحمد وإبن الضحاک، وعن صهيب من طريق أبي حاتم والملا، ورواه إبن کثير في تاريخه 7 ص 323 من طريق أبي يعلي، وص 325 من طريق الخطيب، والسيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 6 ص 411 عن إبن عساکر والحاکم والبيهقي، وص 412 بعدة طرق عن إبن

[صفحه 325]

عساکر، وص 413 من طريق إبن مردويه، وص 157 من طريق الدارقطني، وص 399 من طريق أحمد والبغوي والطبراني والحاکم وإبن مردويه وأبي نعيم وإبن عساکر وإبن النجار.

وأين هذا من قوله الآخر صلي الله عليه وسلم لعلي: ألا أخبرک بأشد الناس عذابا يوم القيامة؟ قال: أخبرني يا رسول الله؟ قال: فإن أشد الناس عذابا يوم القيامة عاقر ناقة ثمود و خاضب لحيتک بدم رأسک. رواه إبن عبدربه في «العقد الفريد» 2 ص 298.

وأين هذا من قوله الثالث صلي الله عليه وآله: قاتلک شبه اليهود وهو يهود أخرجه إبن عدي في الکامل، وإبن عساکر کما في ترتيب جمع الجوامع 6 ص 412.

وأين هذا مما ذکره إبن کثير في تاريخه 7 ص 323 من أن عليا کان يکثر أن يقول: ما يحبس أشقاها؟ وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 6 ص 411 بطريقين عن أبي سعد وأبي نعيم وإبن أبي شيبة، وص 413 من طريق إبن عساکر.

وأين هذا من قول أميرالمؤمنين الآخر لابن ملجم: لا أراک إلا من شر خلق الله؟رواه الطبري في تاريخه 6 ص 85، وإبن الاثير في الکامل 3 ص 169 وقوله الآخر عليه السلام: ما ينظر بي إلا شقي؟ أخرجه أحمد باسناده کما في البداية و النهاية 7 ص 324. وقوله الرابع لاهله: والله لوددت لو انبعث أشقاها؟ أخرجه أبو حاتم والملا في سيرته کما في الرياض 2 ص 248. وقوله الخامس: ما يمنع أشقاکم؟ کما في الکامل 3 ص 168، وفي کنز العمال 6 ص 412 من طريق عبدالرزاق و إبن سعد. وقوله السادس: ما ينتظر أشقاها؟ أخرجه المحاملي کما في الرياض 2 ص 248.

ليت شعري أي إجتهاد يؤدي إلي وجوب قتل الامام المفترص طاعته؟ أو أي إجتهاد يسوغ جعل قتله مهرا لنکاح[3] إمرأة خارجية عشقها أشقي مراد؟ أو أي مجال مجال للاجتهاد في مقابل النص النبوي الاغر؟ ولو فتح هذا الباب لتسرب الاجتهاد

[صفحه 326]

منه إلي قتلة الانبياء والخلفاء جميعا، لکن إبن حزم لا يرضي أن يکون قاتل عمر أو قتلة عثمان مجتهدين، ونحن ايضا لا نقول به.

ثم ليتني أدري أي امة من الامم أطبقت علي تعذير عبدالرحمن بن ملجم في ما ارتکبه؟ ليته دلنا عليها، فإن الامة الاسلامية ليس عندها شئ من هذا النقل المائن، أللهم إلا الخوارج المارقين عن الدين، وقد إقتص الرجل أثرهم وإحتج بشعر قائلهم عمران.

أللهم؟ ما عمران بن حطان وحکمه في تبرير عمل إبن ملجم من إراقة دم ولي الله الامام الطاهر أميرالمؤمنين؟ ما قيمة قوله حتي يستدل به ويرکن إليه في أحکام الاسلام؟ وما شأن فقيه «إبن حزم» من الدين يحذو حذو مثل عمران ويأخذ قوله في دين الله، ويخالف به النبي الاعظم في نصوصه الصحيحة الثابتة ويردها ويقذف الامة الاسلامية بسخب خارجي مارق؟ وهذا معاصره القاضي أبوالطيب طاهر إبن عبدالله الشافعي[4] يقول في عمران ومذهبه هذا.


إني لابرأ مما أنت قائله
عن إبن ملجم الملعون بهتانا


ياضربة من شقي ما أراد بها
إلا ليهدم للاسلام أرکانا


إني لاذکره يوما فألعنه
دنيا وألعن عمرانا وحطانا


عليه ثم عليه الدهر متصلا
لعائن الله اسرارا وإعلانا


فأنتما من کلاب النار جاء به
نص الشريعة برهانا وتبيانا[5] .


وقال بکر بن حسان الباهلي:


قل لابن ملجم والاقدار غالبة
: هدمت ويلک للاسلام أرکانا


قتلت أفضل من يمشي علي قدم
وأول الناس إسلاما وايمانا


وأعلم الناس بالقرآن ثم بما
سن الرسول لنا شرعا وتبيانا

[صفحه 327]

صهر النبي ومولانا وناصره
أضحت مناقبه نورا وبرهانا


وکان منه علي رغم الحسود له
مکان هارون من موسي بن عمرانا


وکان في الحرب سيفا صارما ذکرا
ليثا إذا ما لقي الاقران أقرانا


ذکرت قاتله والدمع منحدر
فقلت: سبحان رب الناس سبحانا


إني لاحسبه ما کان من بشر
يخشي المعاد ولکن کان شيطانا


أشقي مراد إذا عدت قبائلها
وأخسر الناس عند الله ميزانا


کعاقر الناقة الاولي التي جلبت
علي ثمود بأرض الحجر خسرانا


قد کان يخبرهم أن سوف يخضبها
قبل المنية أزمانا فأزمانا


فلا عفا الله عنه ما تحمله[6] .
ولا سقي قبر عمران بن حطانا


لقوله في شقي ظل مجترما
ونال ما ناله ظلما وعدوانا


:(ياضربة من تقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا)


بل ضربة من غوي أورثته لظي[7] .
وسوف يلقي به الرحمن غضبانا


کأنه لم يرد قصدا بضربته
إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا[8] .


م- قال إبن حجر في الاصابة 3 ص 179: صاحب الابيات بکر بن حماد التاهرتي، وهو من أهل القيروان في عصر البخاري وأجازه عنها السيد الحميري الشاعر المشهور الشيعي وهو في ديوانه. اه.

وفي الاستيعاب 2 ص 472: أبوبکر إبن حماد التاهرتي، وذکر له أبياتا في رثاء مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام أولها:


وهز علي بالعراقين لحية
مصيبتها جلت علي کل مسلم


وقال محمد بن أحمد الطبيب[9] ردا علي عمران بن حطان:

[صفحه 328]

يا ضربة من غدور صار ضاربها
أشقي البرية عند الله إنسانا


إذا تفکرت فيه ظلت ألعنه
وألعن الکلب عمران بن حطانا


علي ان قتل الامام المجتبي لابن ملجم وتقرير المسلمين له علي ذلک صحابيهم وتابعيهم حتي أن کل أحد منهم کان يود انه هو المباشر لقتله يدلنا علي أن فعل اللعين لم يکن مما يتطرق إليه الاجتهاد فضلا عن أن يبرره، ولو کان هناک إجتهاد فهو في مقابلة النصوص المتضافرة، فکان من الصالح العام لکافة المسلمين إجتياح تلک الجرثومة الخبيثة، وهو واجب أي أحد من الامة الاسلامية، غير ان إمام الوقت السيد المجتبي تقدم إلي تلک الفضيلة کتقدمه إلي غيرها من القضايل.

فليس هو من المواضيع التي حررها إبن حزم فتحکم أو تهکم علي الشافعية والحنفية والمالکية وإنما هو من ضروريات الاسلام في قاتل کل إمام حق، ولذلک تري ان القائلين بإمامة عمر بن الخطاب لم يشکوا في وجوب قتل قاتله، ولم ير أحد منهم للاجتهاد هناک مجالا، کما سيأتي في کلام إبن حزم نفسه: انه لم ير له مجالا لقتلة عثمان. فشتان بين إبن حزم وبين إبن حجر، هذا يبرر عمل عبدالرحمن وذاک يعتذر عن ذکر إسمه في کتابه لسان الميزان.

م- ويصفه بالفتک وانه من بقايا الخوارج في تهذيب التهذيب 338: 7.

وإبن حجر في کلامه هذا إتبع أثر الحافظ أبي زرعة العراقي في قوله في طرح التثريب 86: 1: إنتدب له «لعلي» قوم من الخوارج فقاتلهم فظفر بهم ثم انتدب له من بقاياهم أشقي الآخرين عبدالرحمن بن ملجم المرادي، وکان فاتکا ملعونا فطعنه.

(ومن نماذج آرائه)

قوله في الفصل 4 ص 161 في المجتهد المخطي: وعمار رضي الله عنه قتله أبو الغادية يسار بن سبع السلمي، شهد (عمار) بيعة الرضوان فهو من شهداء الله له بانه علم ما في قبله وأنزل السکينة عليه ورضي عنه، فأبو الغادية رضي الله عنه متأول مجتهد مخطئ فيه باغ عليه مأجور أجرا واحدا، وليس هذا کقتلة عثمان رضي الله عنه لانهم لا مجال للاجتهاد في قتله، لانه لم يقتل أحدا ولا حارب ولا قاتل ولا دافع ولا

[صفحه 329]

زنا بعد إحصان ولا ارتد فيسوغ المحاربة تأويل، بل هم فساق محاربون سافکون دما حراما عمدا بلا تأويل علي سبيل الظلم والعدوان، فهم فساق ملعونون. إنتهي.

لم أجد معني لاجتهاد أبي الغادية (بالمعجمة) وهو من مجاهيل الدنيا، وأفناء الناس، وحثالة العهد النبوي، ولم يعرف بشئ غير انه جهني، ولم يذکر في أي معجم بما يعرب عن إجتهاده، ولم يرو منه شئ من العلم الالهي سوي قول النبي صلي الله عليه وآله: دمائکم وأموالکم حرام. وقوله: لا ترجعوا بعدي کفارا يضرب بعضکم رقاب بعض. وکان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله يتعجبون من انه سمع هذا ويقتل عمارا[10] ولم يفه أي أحد من أعلام الدين إلي يوم مجيئ إبن حزم باجتهاد مثل أبي الغادية.

ثم لم أدر ما معني هذا الاجتهاد في مقابل النصوص النبوية في عمار، ولست أعني بها قوله صلي الله عليه وآله في الصحيح الثابت المتواتر[11] لعمار: تقتلک الفئة الباغية وفي لفظ: الناکبة عن الطريق. وإن کان لا يدع مجالا للاءجتهاد في تبرير قتله، فان قاتله مهما تأول فهو عاد عليه ناکب عن الطريق، ونحن لا نعرف إجتهادا يسوغ العدوان الذي إستقل العقل بقبحه، وعاضده الدين الآلهي الاقدس. وإن کان أوله معاوية أورده لما حدث به عبدالله بن عمرو وقال عمرو بن العاص: يا معاوية؟ أما تسمع ما يقول عبدالله؟ بقوله:

إنک شيخ أخرق، ولا تزال تحدث بالحديث، وأنت ترحض في بولک، أنحن قتلناه؟ إنما قتله علي واصحابه جاؤا به حتي ألقوه بين رماحنا.[12] وبقوله: أفسدت علي أهل الشام، أکل ما سمعت من رسول الله تقوله؟ فقال عمرو: قلتها ولست أعلم الغيب، ولا أدري ان صفين تکون، قلتها وعمار يومئذ لک ولي وقد رويت أنت فيه مثل ما رويت.ولهما في القضية معاتبة مشهورة وشعر منقول، منه قول عمرو:


تعاتبني إن قلت شيئا سمعته
وقد قلت لو أنصفتني مثله قبلي

[صفحه 330]

أنعلک فيما قلت نعل ثبيتة؟
وتزلق بي في مثل ما قلته نعلي


وما کان لي علم بصفين انها
تکون وعمار يحث علي قتلي


ولو کان لي بالغيب علم کتمتها
وکابدت أقواما مراجلهم تغلي


أبي الله إلا أن صدرک واغر
علي بلا ذنب جنيت ولا ذحل


سوي انني والراقصات عشية
بنصرک مدخول الهوي ذاهل العقل


وأجابه معاوية بأبيات منها:


فيا قبح الله العتاب وأهله
ألم تر ما أصبحت فيه من الشغل؟


فدع ذا ولکن هل لک اليوم حيلة
ترد بها قوما مراجلهم تغلي؟


دعاهم علي فاستجابوا لدعوة
أحب إليهم من ثري المال والاهل[13] .


کما لست أعني ما أخرجه الطبراني[14] عن إبن مسعود عن النبي صلي الله عليه و آله: إذا اختلف الناس کان إبن سمية مع الحق. وإن کان قاطعا للححاج فإن المناوئ لابن سمية (عمار) علي الباطل لا محالة، ولا تجد إجتهادا يبرر مناصرة المبطل علي المحق بعد ذلک النص الجلي.

وإنما أعني ما أخرجه الحاکم في المستدرک 3 ص 387 وصححه وکذلک الذهبي في تلخيصه، بالاسناد عن عمرو بن العاص: اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم يقول: أللهم أولعت قريش بعمار إن قاتل عمار وسالبه في النار. وأخرجه السيوطي من طريق الطبراني في الجامع الصغير 2 ص 193، وإبن حجر في الاصابة 4 ص 151.

وأخرج السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 7 ص 73 قوله صلي الله عليه وآله لعمار: يدخل سالبک وقاتلک في النار. من طريق إن عساکر، وج 6 ص 184 من طريق الطبراني في الاوسط، وص 184 من طريق الحاکم.

وأخرج الحافظ أبونعيم وإبن عساکر کما في ترتيب جمع الجوامع 7 ص 72 عن زيد بن وهب قال: کان عمار بن ياسر قد ولع بقريش وولعت به فغدوا عليه فضربوه فجلس

[صفحه 331]

في بيته فجاء عثمان بن عفان يعوده فخرج عثمان وصعد المنبر فقال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: تقتلک الفئة الباغية، قاتل عمار في النار.

وأخرج الحافظ أبويعلي وإبن عساکر کما في ترتيب جمع الجوامع 7 ص 74 عن عبدالله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول بعمار: تقتلک الفئة الباغية، بشر قاتل عمار بالنار.

وفي جمع الجوامع کما في ترتيبه 7 ص 75 وج 6 ص 184 من طريق الحافظ إبن عساکر عن اسامة بن زيد قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم: ما لهم ولعمار يدعوهم إلي الجنة ويدعونه إلي النار؟ قاتله وسالبه في النار. أخرجه إبن کثير في تاريخه 7 ص 268.

وفي ترتيب الجمع 7 ص 75 من طريق إبن عساکر عن مسند علي: إن عمارا مع الحق والحق معه يدور عمار مع الحق أينما دار، وقاتل عمار في النار.

وأخرج أحمد وإبن عساکر عن عثمان. وإبن عساکر عن ام سلمة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لعمار: تقتلک الفئة الباغية قاتلک في النار. کنز العمال 6 ص 184، وأخرجه عن ام سلمة إبن کثير في تاريخه 7 ص 270 من طريق أبي بکر بن أبي شيبة.

وأخرج أحمد في مسنده 4 ص 89 خالد بن الوليد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من عادي عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله. وأخرجه الحاکم في المستدرک 3 ص 391 بطريقين صححهما هو والذهبي، والخطيب في تاريخه 1 ص 152، وإبن الاثير في اسد الغابة 4 ص 45، وإبن کثير في تاريخه 7 ص 311، وإبن حجر في الاصابة 2 ص 512، والسيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 7 ص 73 من طريق إبن أبي شيبة وأحمد، وفي 6 ص 184 من طرق أحمد وإبن حبان والحاکم.

وأخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 390 باسناد صححه هو والذهبي عن رسول الله صلي الله عليه وآله بلفظ: من يسب عمارا يسبه الله، ومن يبغض عمارا يبغضه الله، و من يسفه عمارا يسفهه الله. ورواه السيوطي في الجمع کما في ترتيبه 7 ص 73 من طريق إبن النجار والطبراني بلفظ من سب عمارا سبه الله، ومن حقر عمارا حقره الله، و ومن سفه عمارا سفهه الله.

وأخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 391 باسناده بلفظ: من يحقر عمارا يحقره

[صفحه 332]

الله، ومن يسب عمارا يسبه الله، ومن يبغض عمارا يبغضه الله. وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 7 ص 73 من طريق أبي يعلي وإبن عساکر، وفي 6 ص 185 عن أبي يعلي وإبن قانع والطبراني والضياء المقدسي في المختارة.

وأخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 389 باسناد صححه هو والذهبي في تلخيصه بلفظ: من يسب عمارا يسبه الله، ومن يعاد عمادا يعاده الله.

وأخرج أحمد في المسند 4 ص 90 باسناده بلفظ: من يعاد عمارا يعاده الله عز وجل، ومن يبغضه يبغضه الله عزوجل، ومن يسبه يسبه الله عزوجل.

فأين هذه النصوص الصحيحة المتواترة[15] من إجتهاد أبي الغادية؟ أو أين هو من تبرير إبن حزم عمل أبي الغادية؟ أو أين هو من رأيه في إجتهاده، ومحاباته له بالاجر الواحد؟ وهو في النار لا محالة بالنص النبوي الشريف، وهل تجد بغضا أو تحقيرا أعظم من القتل؟.

وهناک دروس في هذه کلها يقرأها علينا التأريخ، قال إبن الاثير في الکامل 3 ص 134: إن أبا الغادية قتل عمارا وعاش إلي زمن الحجاج ودخل عليه فأکرمه الحجاج وقال له: أنت قتلت إبن سمية؟ يعني عمارا قال: نعم، فقال: من سره أن ينظر إلي عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلي هذا الذي قتل إبن سمية، ثم سأله أبو الغادية حاجته فلم يجبه إليها، فقال: نوطئ لهم الدنيا ولا يعطونا منها ويزعم اني عظيم الباع يوم القيامة، فقال الحجاج: أجل والله من کان ضرسه مثل احد وفخذه مثل جبل ورقان ومجلسه مثل المدينة والربذة انه لعظيم الباع يوم القيامة، والله لو أن عمارا قتله أهل لارض کلهم لدخلوا کلهم النار. م- وذکره إبن حجر في الاصابة 4 ص 151.

وفي الاستيعاب «هامش الاصابة» 4 ص 151: أبوالغادية کان محبا في عثمان وهو قاتل عمار وکان إذا استأذن علي معاوية وغيره يقول: قاتل عمار بالباب، وکان يصف قتله له إذا سئل عنه لا يباليه، وفي قصته عجب عند أهل العلم روي عن النبي قوله: لا ترجعوا بعدي کفارا يضرب بعضکم رقاب بعض. وسمعه منه ثم قتل عمارا.

[صفحه 333]

وهذه کلها تنم عن غايته المتوخاة في قتل عمار وإطلاعه ووقوفه علي ما أخبر به النبي الاقدس في قاتل عمار، وعدم إرتداعه ومبالاته بقتله بعدهما، غير انه کان بطبع الحال علي رأي إمامه معاوية ويقول لمحدثي قول النبي بمقاله المذکور: إنک شيخ أخرق، ولا تزال تحدث بالحديث، وأنت ترحض في بولک.

وأنت أعرف مني بمغزي هذا الکلام ومقدار أخذ صاحبه بالسنة النبوية و إتباعه لما يروي عن مصدر الوحي الالهي، وبأمثال هذه کان إجتهاد أبي الغادية فيما إرتکبه أو ارتبک فيه.

وغاية ما عند إبن حزم في قتلة عثمان: أن إجتهادهم في مقابلة النص:(لا يحل دم إمرء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدي ثلث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارک لدينه المفارق للجماعة)[16] لکنه لا يقول ذلک في قاتل علي عليه السلام ومقاتليه وقاتل عمار، وقد عرفت ان الحالة فيهم عين ما حسبه في قتلة عثمان.

ثم إن ذلک علي ما أصله هو في غير مورد لايأدي إلا خطأ القوم في إجتهادهم فلم لم يحابهم الاجر الواحد کما حابي عبدالرحمن بن ملجم ونظرائه؟ نعم: له أن يعتذر بأن هذا قاتل علي وأولئک قتلة عثمان.

علي ان نفيه المجال للاجتهاد هناک إنما يصح علي مزعمته في الاجتهاد المصيب وأما المخطئ منه فهو جار في المورد کأمثاله من مجاريه عنده.

ثم إن الرجل في تدعيم ما إرتئاه من النظريات الفاسدة وقع في ورطة لا تروقه، ألا وهي سب الصحابة بقوله: فهم فساق ملعونون. وذهب جمهور أصحابه علي تضليل من سبهم بين مکفر ومفسق، وانه موجب للتعزير عند کثير من الائمة بقول مطلق من غير تفکيک بين فرقة واخري أو إستثناء أحد منهم، وهو إجماعهم علي عدالة

[صفحه 334]

الصحابة أجمعين[17] وهو بنفسه يقول في الفصل ج 3 ص 257: وأما من سب أحدا من الصحابة رضي الله عنهم فإن کان جاهلا فمعذور، وإن قامت عليه الحجة فتمادي غير معاند فهو فاسق کمن زني وسرق: وإن عاند الله تعالي في ذلک ورسوله صلي الله عليه وسلم فهو کافر، وقد قال عمر رضي الله عنه بحضرة النبي صلي الله عليه وسلم عن حاطب وحاطب مهاجر بدري: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فما کان عمر بتکفيره حاطبا کافرا بل کان مخطئا متأولا، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم آية النفاق بغض الانصار. وقال لعلي: لا يبغضک إلا منافق. اه.

وکم عند إبن حزم من المجتهدين نظراء عبدالرحمن بن ملجم وأبي الغادية حکم في الفصل بانهم مجتهدون وهم مأجورون فيما أخطأوا قال في ج 4 ص 161: قطعنا أن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا. وعد في ص 160 معاوية وعمرو بن العاصي من المجتهدين، ثم قال: إنما اجتهدوا في مسائل دماء کالتي إجتهد فيما المفتون وفي المفتين من يري قتل الساحر وفيهم من لا يراه، وفيهم من يري قتل الحر بالعبد وفيهم من لا يراه، وفيهم من يري قتل المؤمن بالکافر وفيهم من لا يراه، فأي فرق بين هذه الاجتهادات وإجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما؟ لولا الجهل والعمي والتخليط بغير علم. إنتهي.

وشتان بين المفتين الذين إلتبست عليهم الادلة في الفتيا، أو اختلفت عندهم بالنصوصية والظهور ولو بمبلغ فهم ذلک المفتي، أو أنه وجد إحدي الطائفتين من الادلة أقوي من الاخري لصحة الطريق عنده، أو تضافر الاسناد، فجنح إلي جانب القوة، وارتأي مقابله بضرب من الاستنباط تقوية الجانب الآخر، فأفتي کل علي مذهبه، کل ذلک إخباتا إلي الدليل من الکتاب والسنة.

فشتان بين هؤلآء وبين محاربي علي عليه السلام وبمرأي الملا الاسلامي ومسمعهم کتاب الله العزيز وفيه آية التطهير الناطقة بعصمة النبي وصنوه وصفيته وسبطيه، وفيه آية المباهلة النازلة فيهم وعلي فيها نفس النبي، وغيرهما مما يناهز ثلاثة مائة آية[18] .

[صفحه 335]

النازلة في الامام أميرالمؤمنين.

وهذه نصوص الحفاظ الاثبات، والاعلام الائمة، وبين يديهم الصحاح والمسانيد فيها حديث التطهير. وحديث المنزلة. وحديث البرائة. ذلک الهتاف النبوي المبين المتواتر، کل ذلک کانت تلوکه أشداق الصحابة وانهي إلي التابعين.

أفتري من الممکن أن يهتف المولي سبحانه في المجتمع بطهارة ذات وقدسه من الدنس، وعصمته من کل رجس؟ أو ينزله منزلة نفس النبي الاعظم ويسمع به عباده؟ أو يوجب بنص کتابه المقدس علي امة نبيه الاقدس مودة ذي قرباه؟ (وأمير المؤمنين سيدهم) ويجعل ولائهم أجر ذلک العب الفادح الرسالة الخاتمة العظمي؟ و يخبر بلسان نبيه أمته بأن طاعة (علي) طاعته ومعصيته معصيته؟[19] ويکون مع ذلک کله هناک مجال للاجتهاد بأن يقاتل؟ أو يقتل؟ أو ينفي من الارض؟ أو يسب علي رؤس الاشهاد؟ أو يلعن علي المنابر؟ أو تعلن عليه الدعايات؟ وهل يحکم شعورک الحر بأن الاجتهاد في کل ذلک کاجتهاد المفتين وإختلافهم في قتل الساحر وأمثاله؟

وإبن حزم نفسه يقول في الفصل 3 ص 258: ومن تأويل من أهل الاسلام فأخطأ فإن کان لم تقم عليه الحجة، ولا تبين له الحق، فهو معذور مأجور أجرا واحدا لطلبه الحق و قصده إليه، مغفور له خطؤه إذ لم يتعمد، لقول الله تعالي: و ليس عليکم جناح فيما أخطأتم به ولکن ما تعمدت قلوبکم. و إن کان مصيبا فله أجران أجر لاصابته و أجر آخر لطلبه إياه، و إن کان قد قامت الحجة عليه، وتبين له الحق فعند عن الحق غير معارض له تعالي ولا لرسوله صلي الله عليه وسلم فهو فاسق لجرأته علي الله تعالي باصراره علي الامر الحرام. فإن عند عن الحق معارضا لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم فهو کافر مرتد حلال الدم والمال، لا فرق في هذه الاحکام بين الخطأ في الاعتقاد في أي شئ کان من الشريعة وبين الخطأ في الفتيا في أي شئ کان. إنتهي.

فهل من الممکن إنکار حجية کتاب الله العزيز؟ أو نفي ما تلوناه منه؟ أو إحتمال خفاء هذه الحجج الدامغة کلها علي أهل الخطأ من اولئک المجتهدين؟ وعدم تبين الحق لهم؟ وعدم قيام الحجة عليهم؟ أو تسرب الاجتهاد والتأويل في تلک النصوص ايضا؟.

[صفحه 336]

علي أن هناک نصوص نبوية حول حربه وسلمه منها: ما أخرجه الحاکم في المستدرک 3 ص 149 عن زيد بن أرقم عن النبي صلي الله عليه وآله انه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم. وذکره الذهبي في تلخيصه، وأخرجه الکنجي في الکفاية ص 189 من طريق الطبراني والخوارزمي في المناقب ص 90، والسيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 6 ص 216 من طريق الترمذي وإبن ماجة و إبن حبان والحاکم.

وأخرجه الخطيب باسناده عن زيد في تاريخه 7 ص 137 بلفظ: أنا حرب لمن حاربکم وسلم لمن سالمکم، والحافظ إبن عساکر في تاريخه 4 ص 316، ورواه الکنجي في کفايته ص 189 من طريق الترمذي، وإبن حجر في الصواعق ص 112 من طريق الترمذي وإبن ماجة وإبن حبان والحاکم، وإبن الصباغ المالکي في فصوله ص 11، ومحب الدين في الرياض 2 ص 189، والسيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 7 ص 102 من طريق إبن أبي شيبة والترمذي والطبراني والحاکم والضياء المقدسي في المختارة.

م- وأخرجه إبن کثير في تاريخه 8 ص 36 باللفظ الاول عن أبي هريرة من طريق النسائي من حديث أبي نعيم الفضل بن دکين وإبن ماجة من حديث وکيع کلاهما عن سفيان الثوري.

وأخرج أحمد في مسنده 2 ص 442 عن أبي هريرة بلفظ: أنا حرب لمن حاربکم وسلم لمن سالمکم. والحاکم في المستدرک 3 ص 149، والخطيب في تاريخه 4 ص 208، والکنجي في الکفاية ص 189 من طريق أحمد وقال: حديث حسن صحيح، و المتقي في الکنز 6 ص 216 من طريق أحمد والطبراني والحاکم.

وأخرج محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 189 عن أبي بکر الصديق: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم خيم خيمة وهو متکئ علي قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة و الحسن والحسين فقال: معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة ،حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ الولادة.

[صفحه 337]

وأخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 129 عن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول: هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله. ثم مد بها صوته. وأخرجه إبن طلحة الشافعي في مطالب السئول ص 31 عن أبي ذر بلفظ: قائد البررة،وقاتل الکفرة. إلخ. ورواه إبن حجر في الصواعق ص 75 عن الحاکم، وأحمد زيني دحلان في الفتوحات الاسلامية 2 ص 338.

إلي أحاديث کثيرة لو جمعت لتأتي مجلدات ضخمة، علي أن رسول الله صلي الله عليه وآله کان يبث الدعاية بين أصحابه حول تلک المقاتلة التي زعم إبن حجر فيها إجتهاد معاوية وعمرو بن العاص ومن کان معهما، وکان صلي الله عليه وآله يأمرهم ويأمر أميرهم (ولي الله الطاهر) بحربهم وقتالم، وبطبع الحال ما کان ذلک يخفي علي أي أحد من أصحابه، وإليک نماذج من تلک[20] الدعاية النبوية.

أخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 139 والذهبي في تلخيصه عن أبي أيوب الانصاري: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر علي بن أبي طالب بقتال الناکثين والقاسطين و المارقين. ورواه الکنجي في کفايته ص 70. وأخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 140 عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله يقول لعلي: تقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين. وأخرج الخطيب في تاريخه 8 ص 340 وج 13 ص 187 وإبن عساکر عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: أمرني رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتال الناکثين والمارقين والقاسطين. وأخرجه الحمويني في فرايد السمطين في الباب الثالث والخمسين، والسيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 6 ص 392. وأخرج الحاکم وإبن عساکر کما في ترتيب جمع الجوامع 6 ص 391 عن إبن مسعود قال: خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم فأتي منزل ام سلمة فجاء علي فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا ام سلمة؟ هذا والله قاتل القاسطين والناکثين والمارقين من بعدي. وأخرج الحمويني في فرايد السمطين في الباب الرابع والخمسين بطريقين عن سعد بن عبادة عن علي قال: امرت بقتال الناکثين والمارقين والقاسطين.

وأخرج م- البيهقي في المحاسن والمساوي ج 1 ص 31 والخوارزمي في المناقب

[صفحه 338]

ص 52 و 58 عن أبن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لام سلمة: هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسي إلا انه لا نبي بعدي، يا ام سلمة هذا أميرالمؤمنين وسيد المسلمين ووعاء علمي ووصيي وبابي الذي اؤتي منه، أخي في الدنيا والآخرة ومعي في المقام الاعلي، علي يقتل القاسطين والناکثين والمارقين. ورواه الحمويني في الفرايد في الباب السابع والعشرين والتاسع والعشرين بطرق ثلث، م- وفيه: وعيبة علمي مکان وعاء علمي ، والکنجي في الکفاية ص 69، والمتقي في الکنز 6 ص 154 من طريق الحافظ العقيلي.

وأخرج شيخ الاسلام الحمويني في فرايده عن أبي أيوب قال: أمرني رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتال الناکثين والقاسطين. من طريق الحاکم، ومن طريقه الآخر عن غياث بن ثعلبة عن أبي أيوب قال (غياث): قاله أبوأيوب في خلافة عمر بن الخطاب.

وأخرج في الفرايد في الباب الثالث والخمسين عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتال الناکثين والقاسطين والمارقين، قلنا: يارسول الله؟ أمرتنا بقتال هؤلآء فمع من؟ قال: مع علي بن أبي طالب.

م- وقال إبن عبدالبر في الاستيعاب 3 ص 53 هامش الاصابة: وروي من حديث علي، ومن حديث إبن مسعود، ومن حديث أبي أيوب الانصاري: إنه أمر بقتال الناکثين والقاسطين والمارقين.

فلعلک باخع بما ظهرت عليه من الحق الجلي غير انک باحث عن القول الفصل في معاوية وعمرو بن العاصي فعليک بما في طيات کتب التأريخ من کلماتهما وسنوقفک علي ما يبين الرشد من الغي في ترجمة عمرو بن العاصي وعند البحث عن معاوية في الجزء العاشر. هذا مجمل القول في آراء إبن حزم وضلالاته وتحکماته فأنت (کما يقول هو) لولا الجهل وإلعمي والتخليط بغير علم. تجد الرأي العام في ضلاله قد صدر من أهله في محله، وليس هناک مجال نسبة الحسد والحنق إلي من حکم بذلک من المالکيين أو غيرهم، ممن عاصره أو تأخر عنه، وکتابه الفصل أقوي دليل علي حق القول و صواب الرأي.

قال إبن خلکان في تاريخه 1 ص 370: کان کثير الوقوع في العلماء المتقدمين

[صفحه 339]

لا يکاد أحد يسلم من لسانه قال إبن العريف: کان لسان إبن حزم وسيف الحجاج شقيقين. قاله لکثرة وقوعه في الائمة، فنفرت منه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالؤا علي بغضه، وردوا قوله، وإجتمعوا علي تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم من الدنو إليه، والاخذ عنه، فأقصته الملوک، و شردته عن بلاده، حتي إنتهي إلي بادية لبلة[21] فتوفي بها في آخر نهار الاحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة.

ولقد حق عليه کلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار؟

[صفحه 340]



صفحه 324، 325، 326، 327، 328، 329، 330، 331، 332، 333، 334، 335، 336، 337، 338، 339، 340.





  1. حکاه عنه ابن حجر في تلخيص الخبير لي تخريج أحاديث الرافعي الکبير- ط هند سنة 1303- ص 416.
  2. کذا في النسخ والصحيح: عن ابي يزيد بن خثيم.
  3. راجع الامامة والسياسة 1 ص 134، تاريخ الطبري 6 ص 83، والمستدرک 3 ص 143، والکامل 3 ص 168، والبداية والنهاية 7 ص 328.
  4. من فقهاء الشافعية، قال ابن خلکان في تاريخه 1 ص 253: کان ثقة صادقا دينا ورعا عارفا باصول الفقه وفروعه، محققا في علمه،سليم الصدر، حسن الخلق، صحيح المذهب، يقول الشعر علي طريقة الفقهاء، ولد بآمل 348 وتوفي ببغداد 450.
  5. مروج الذهب 2 ص 43.
  6. في الکامل: فلا عفا الله عنه سوء فعلته.
  7. في الکامل: بل ضربة من غوي أوردته لظي.
  8. مروج الذهب 2 ص 43، الاستيعاب في ترجمة اميرالمؤمنين، الکامل لابن الاثير 3 ص 171، تمام المتون للصفدي ص 152.
  9. يوجد البيتان في کامل المبرد 90: 3 ط محمد بن علي صبيح واولاده، وليسا من اصل الکتاب کما لا يخفي.
  10. الاستيعاب 2 ص 680، والاصابة 4 ص 150.
  11. ذکر تواتره ابن حجر في الاصابة 2 ص 512، وتهذيب التهذيب 7 ص 409.
  12. تاريخ الطبري 6 ص 23، وتاريخ ابن کثير 7 ص 369.
  13. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 ص 274.
  14. جمع الجوامع للسيوطي کما في ترتيبه 6 ص 184.
  15. علي ما اختاره ابن حزم من حد التواتر في ساير الاحاديث.
  16. اخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وابوداود والترمذي والنسائي وابن ماجة و الدارمي في السنن، وابن سعد في الطبقات، واحمد والطيالسي في المسندين، وابن هشام في السيرة، والواقدي في المغازي 430 و 432.
  17. راجع الصارم المسلول علي شاتم الرسول ص 592 -572، والاحکام في اصول الاحکام 2 ص 631، والشرف المؤبد للشبراوي ص 119 -112.
  18. راجع تاريخي الخطيب 6 ص 221 وابن عساکر، وکفاية الکنجي ص 108، والصواعق ص 76، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 115، والفتوحات الاسلامية 2 ص 342، ونور الابصار ص 81، وهناک مصادر کثيرة اخري.
  19. أخرجه الحاکم في المستدرک 3 ص 128 و121، والذهبي في تلخيصه وصححاه.
  20. لم نذکرها بجميع طرقها التي وقفنا عليها روما للاختصار وستوافيک في الجزء الثالث.
  21. بفتح اللامين من بلاد الاندلس.