محاكمة حول سند الحديث











محاکمة حول سند الحديث



وأن احکم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم

«سورة المائدة»

لقد أوقفک البحث والتنقيب البالغان علي زرافات من علماء الامة وحفاظ الحديث ورؤساء المذهب (ألسنة والجماعة) رووا حديث الغدير وأخبتوا وسکنوا إليه. وعلي آخرين رووا عنه کل ريبة وشک، وحکموا بصحة أسانيد جمة من طرقه، وحسن طرق اخري، وقوة طايفة منها، وهناک امة من فطاحل العلماء حکموا بتواتر الحديث، وشنعوا علي من أنکر ذلک، ولقد علمت أن من رواه من الصحابة في ما وقفنا علي روايته مائة وعشرة صحابي، ومر ص 155: أن الحافظ السجستاني رواه عن مائة و عشرين صحابيا. وأسلفنا ص 158 عن الحافظ أبي العلاء الهمداني: انه رواه بمائتي و وخمسين طريقا. وعليه فقس رواية التابعين ومن بعدهم في الاجيال المتأخرة. فلن تجد فيما يؤثر عن رسول الله صلي الله عليه وآله حديثا يبلغ هذا المبلغ من الثبوت و اليقين والتواتر. وقد أفرد شمس الدين الجزري (المترجم ص 129) رسالة في إثبات تواتره ونسب منکره إلي الجهل، فهو کما مر ص 307 عن الفقيه ضياء الدين المقبلي:

إن لم يکن معلوما فما في الدين معلوم. وص 295 عن العاصمي: حديث تلقته الامة بالقبول، وهو موافق بالاصول. وص 296 عن الغزالي: انه أجمع الجمهور علي متنه.وص 295: إتفق عليه جمهور اهل السنة. وص 309 عن البدخشي: حديث صحيح مشهور ولم يتکلم في صحته إلا متعصب جاحد لا اعتبار بقوله. وص 297: انه حديث متفق علي صحته، وإن صدره متواتر يتيقن ان رسول الله قاله، وذيله زيادة قوية الاسناد. وص 311: انه حديث صحيح قد أخطأ من تکلم في صحته. وص 310:

[صفحه 315]

انه حديث مشهور کثير الطرق جدا. وص 310 من قول الآلوسي: نعم ثبت عندنا انه صلي الله عليه وسلم قاله في حق علي. وص 302، حديث صحيح لامرية فيه. وص 301 و 299: انه متواتر عن النبي صلي الله عليه وسلم ومتواتر عن أميرالمؤمنين ايضا،رواه الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا إطلاع له في هذا العلم (يعني علم الحديث). وص 304: انه حديث صحيح لا مرية فيه ولا شک ينافيه، ولا يلتفت إلي قول من تکلم في صحته، ولا إلي قول من نفي الزيادة. وص 299: انه متواتر لا يلتفت إلي من قدح في صحته و صح عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم. وص 295 عن الاصبهاني: حديث صحيح ثابت لا اعرف له علة، قد رواه نحو مائة نفس منهم العشرة المبشرة. إلي کلمات اخري ذکرت مفصلة.

لکن بين ثنايا العصبية ومن وراء ربوات الاحقاد حثالة حدي بهم الانحياز عن مولانا أميرالمؤمنين صلوات الله عليه إلي تعکير هذا الصفو وإقلاق تلک الطمأنينة بکل جلبة ولغط، فمن منکر صحة صدور الحديث[1] معللا بان عليا کان باليمن وما کان مع رسول الله في حجته تلک. إلي آخر ينکر صحة صدر الحديث[2] ويقول: لم يروه أکثر من رواه. إلي ثالث يضعف ذيله[3] ويقول: لا ريب أنه کذب. ورابع يطعن في أصله، ويعتبر الدعاء الملحق به[4] ويقول: لم يخرج غير أحمد إلا الجزء الاخير من قوله صلي الله عليه وسلم أللهم؟ وال من والاه. إلخ.

وقد عرفت تواتر الجميع والاتفاق علي صحته ونصوص العلماء علي إعتبار هذه کلها، غير آبهين بکل ما هناک من الصخب واللغب، فالاجماع قد سبق المهملجين و لحقهم حتي لم يبق لهم في مستوي الاعتبار مقيلا.

وهناک من يقول تارة: إنه لم يروه علمائنا[5] واخري: انه لا يصح من طريق

[صفحه 316]

الثقات[6] وقلده بعض مقلدي المتأخرين وقال: لم يذکره الثقات من المحدثين[7] وهو بنفسه يقول بتواتره في موضع آخر من کتابه. ونحن لا نقابل البادي والتابع إلا بالسلام کما أمرنا الله سبحانه بذلک[8] .

وأنا لا أدري ان قصر الباع لم يدع الباري يعرف علماء أصحابه؟ أو أن يقف علي الصحاح والمسانيد؟ أو أنه لا يقول بثقة کل أولئک الاعلام؟.


فإن کان لا يدري فتلک مصيبة
وإن کان يدري فالمصيبة أعظم


وفي القوم من يلوک بين أشداقه انه ما أخرجه إلا أحمد في مسنده[9] وهو مشتمل علي الصحيح والضعيف. فکأنه لم يقف علي تأليف غير مسند أحمد، أو أنه لم يوقفه السير علي الاسانيد الجمة الصحيحة والقوية في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها، وکأنه لم يطلع علي ما أفرده الاعلام بالتأليف حول أحمد ومسنده، أو لم يطرق سمعه ما يقوله السبکي في طبقاته ج 1 ص 201 من انه ألف (أحمد) مسنده وهو أصل من اصول هذه الامة، قال الامام الحافظ أبوموسي المديني «المترجم ص 116»: مسند الامام أحمد أصل کبير ومرجع وثيق لاصحاب الحديث، إنتقي من أحاديث کثيرة ومسموعات وافرة، فجعل إماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ و ومستندا علي ما أخبرنا والدي وغيره بان المبارک بن عبدالجبار کتب إليهما من بغداد قال: أخبرنا. ثم ذکر السند من طريق الحافظ إبن بطة إلي أحمد إنه قال: إن هذا الکتاب قد جمعته وإنتقيته من أکثر من سبعمائة وخمسين ألفا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله فارجعوا إليه فإن کان فيه وإلا ليس بحجة. و قال عبدالله: قلت لابي: لم کرهت وضع الکتب وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا الکتاب إماما إذا اختلف الناس في سنة عن رسول الله رجع إليه. وقال: قال أبوموسي المديني: ولم يخرج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته. وقال

[صفحه 317]

أبوموسي: ومن الدليل علي ان ما أودعه الامام أحمد قد إحتاط فيه إسنادا ومتنا لم يورد فيه إلا ما صح سنده. ثم ذکر دليل مدعاه. إنتهي ملخصا.

وکأنه لم يقف علي ما يقول الحافظ الجزري «المترجم ص 129» من قصيدة له يمدح بها الامام أحمد ومسنده وذکرها في (المصعد الاحمد فلي ختم مسند أحمد) ص 45:


وإن کتاب المسند البحر للرضي
فتي حنبل للدين أية مسند


حوي من الحديث المصطفي کل جوهر
وجمع فيه کل در منضد


فما من صحيح کالبخاري جامعا
ولا مسند يلفي کمسند أحمد


وهذا الحافظ السيوطي يقول في ديباجة «جمع الجوامع» کما في کنز العمال ج 1 ص 3: وکل ما في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. فهب أنا سالمنا الرجل علي ما يقول ولکن ما ذنب أحمد؟ وما التبعة علي المسند؟ إن کان هذا الحديث من قسم الصحاح من رواياته. علي أنه ليس من الممکن مسالمته علي تخصيص الرواية بأحمد وأولئک رواته امم من الائمة أدرجوه في الصحاح والمسانيد وأخرجوه ثقة عن ثقة ورجال کثير من أسانيده رجال الصحيحين.

وجاء آخر يقول[10] : نقل (حديث الغدير) في غير الکتب الصحاح. ذاهلا عن ان الحديث أخرجه الترمذي في صحيحه، وإبن ماجة في سننه، والدارقطني بعدة طرق، وضياء الدين المقدسي في المختارة ووو.. م- وسمعت في ص 311 قول الشيخ محمد الحوت: رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصححوه. وأصحابه يقولون: إنها کتب صحاح فالعز وإليها معلم بالصحة.

وبهذا تعرف قيمة قول من قدح[11] في صحته بعدم رواية الشيخين في صحيحيهما وجاء آخر يصححه ويثبت حسنه وينقل إتفاق جمهور أهل السنة عليه ويقول: و کم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان کما مر ص 304: ونحن نقول: حتي أن الحاکم النيسابوري إستدرک عليهما کتابا ضخما لا يقل عن الصحيحين في الهجم، وصافقه علي

[صفحه 318]

کثير مما أخرجه ألذهبي في الملخص، وتجد في تراجم العلماء مستدرکات اخري علي الصحيحين.

وهذا الحاکم النيسابوري يقول في المستدرک 1 ص 3: لم يحکما (يعني البخاري ومسلم) ولا واحد منهما بأنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه. وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بان جميع ما يصح عندکم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الاسانيد المجموعة المشتملة علي ألف جزء أو أقل أو أکثر منه کلها سقيمة غير صحيحة.

وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع کتابا يشتمل علي الاحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل (البخاري) ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلي إخراج ما لا علة له فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلک لانفسهما وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها و هي معلولة وقد جهدت في الذب عنها في المدخل إلي الصحيح بما رضيه أهل الصنعة، و أنا أستعين الله علي إخراج أحاديث رواتها ثقات قد إحتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند کافة فقهاء أهل الاسلام، ان الزيادة في الاسانيد و المتون من الثقات مقبولة. اه.

و قال الحافظ الکبير العراقي في «فتح المغيث» ص 17 في شرح قوله في ألفية الحديث:


ولم يعماه ولکن قل ما
عند إبن الاخرم منه قد فاتهما


: أي لم يعم البخاري ومسلم کل الصحيح، يريد لم يستوعباه في کتابيهما ولم يلتزما ذلک، وإلزام الدارقطني وغيره إياهما بأحاديث ليس بلازم، قال الحاکم في خطبة المستدرک: ولم يحکما ولا واحد منها انه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه. اه.

قال البخاري: ما أدخلت في کتاب الجامع إلا ما صح وترکت من الصحاح لحال الطول. وقال مسلم: ليس کل صحيح وضعته هنا إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه. يريد ما وجد عنده فيها شرايط المجمع عليه وإن لم يظهر إجتماعها في بعضها عند بعضهم. وقال العراقي ايضا ص 19 في شرح قوله:

[صفحه 319]

وخذ زيادة الصحيح إذ تنص
صحته أو من مصنف ينص


بجمعه نحو إبن حبان الزکي
وابن خزيمة وکالمستدرک


لما تقدم أن البخاري ومسلما لم يستوعبا إخراج الصحيح فکأنه قيل: فمن أين يعرف الصحيح الزايد علي ما فيهما؟ فقال: خذه إذ تنص صحته. أي حيث ينص علي صحته إمام معتمد کأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني والخطابي والبيهقي في مصنفاتهم المعتمدة کذا قيده إبن الصلاح بمصنفاتهم ولم اقيده بها بل إذا صح الطريق إليهم انهم صححوه ولو في غير مصنفاتهم، أو صححه من لم يشتهر له تصنيف من الائمة کيحيي بن سعيد القطان وابن معين ونحوهما فالحکم کذلک علي الصواب، وإنما قيده ابن الصلاح بالمصنفات لانه ذهب إلي انه ليس لاحد في هذه الاعصار أن يصحح الاحاديث فلهذا لم يعتمد علي صحة ألسند إلي من صححه في غير تصنيف مشهور. ويؤخذ الصحيح ايضا من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط کصحيح أبي بکر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبان، وکتاب المستدرک علي الصحيحين لابي عبدالله الحاکم، وکذلک ما يوجد في المستخرجات علي الصحيحين من زيادة أو تتمة لمحذوف فهو محکوم بصحته. إنتهي.

ولا يخفي علي الباحث ان القرون الاولي لم يکن يوجد فيها شئ من کل هذا اللغط أمام ما أصحر به نبي الاسلام يوم الغدير. نعم کان هناک شرذمة من أهل الحنق والاحقاد علي آل الله، وکانوا ينحتون له قضية شخصية واقعة بين أميرالمؤمنين وزيد بن حارثة، کل ذلک تصغيرا لموقعه العظيم في النفوس، إلي أن جاء المأمون الخليفة العباسي وأحضر أربعين من فقهاء عصره وناظرهم في ذلک، وأثبت عليهم حق القول في الحديث کمامر ص 210، ثم في القرن الرابع تلقته الامة بالقبول، وأخبت به الحفاظ الاثبات من دون غمز فيه رادين عنه قول من يقدح فيه ممن لا يعرف باسمه ورسمه: بان عليا ما کان مع رسول الله في حجته تلک کمامر ص 295.

وقد أسلفنا لک صريح کلمات الاعلام بإتفاق جمهور أهل السنة علي صحة الحديث وأقوالهم في تواتره. وهناک أعاظم مشايخ الشيخين (ألبخاري ومسلم) قد رووه بأسانيد صحاح وحسان، مخبتين إليه وفيهم جمع من الذين يروي عنهم الشيخان بأسانيدهم في

[صفحه 320]

الصحيحين من مشيخة القرن الثالث. ألا؟ وهم:

يحيي بن آدم المتوفي 203 شبابة بن سوار المتوفي 206 أسود بن عامر المتوفي 208

عبدالرزاق بن همام المتوفي 211 عبدالله بن يزيد المتوفي 212 عبيدالله بن موسي المتوفي 213

حجاج بن منهال المتوفي 217 فضل بن دکين المتوفي 218 عفان بن مسلم المتوفي 219

علي بن عياش المتوفي 219 محمد بن کثير المتوفي 223 موسي بن إسماعيل المتوفي 223

قيس بن حفص المتوفي 227 هدبة بن خالد المتوفي 235 عبدالله بن أبي شيبة المتوفي 235

عبيدالله بن عمر المتوفي 235 إبراهيم بن المنذر المتوفي 236 إبن راهويه إسحاق المتوفي 237

عثمان بن أبي شيبة المتوفي 239 قتيبة بن سعيد المتوفي 240 حسين بن حريث المتوفي 244

أبوالجوزاء أحمد المتوفي 246 أبوکريب محمد المتوفي 248 يوسف بن عيسي المتوفي 249

نصر بن علي المتوفي 251 محمد بن بشار المتوفي 252 محمد بن المثني المتوفي 252

يوسف بن موسي المتوفي 253 محمد صاعقة المتوفي 255 وغيرهم.[12] .

فعدم إخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتفق علي صحته وتواتره والحال هذه لا يکون قدحا في الحديث إن لم يکن نقصا في الکتابين ومؤلفيهما. وکأن الشيخ محمود القادري فطن بهذا وحاول بقوله المذکور ص 304: وکم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان. تقديس ساحة الکتابين ومؤلفيهما عن هذا النقص. لا أنه أراد إثبات صحة الحديث بذلک، کيف؟ وهو يقول؟ إتفق علي ما ذکرنا جمهور أهل السنة.

وغير خاف علي النابه البصير ان البادي بخلاف الاجماع في رد الحديث هو إبن حزم الاندلسي[13] وهو يقول: إن الامة لا تجتمع علي خطاء. ثم تبعه في ذلک إبن تيمية وجعل قوله مدرک قدحه في الحديث ولم يجد غميزة فيه غيره بيد أنه زاد عليه قوله: نقل عن البخاري وإبراهيم الحراني وطائفة من أهل العلم بالحديث انهم طعنوا فيه وضعفوه. ذاهلا عن قوله في منهاج السنة 4 ص 13: إن قصة الغدير کانت في مرتجع رسول الله صلي الله عليه وسلم من حجة الوداع وقد أجمع الناس علي هذا. ثم قلدهما من راقة الانحياز عن الحق الثابت من نظراء التفتازاني والقاضي الايجي والقوشجي و

[صفحه 321]

السيد الجرجاني وزادوا ضغثا علي إبالة فلم يکتفوا في رد الحديث بعدم إخراج الصحيحين، ولم يقفوا علي فرية إبن تيمية في عزوه الطعن إلي البخاري والحراني، أو ما راقتهم النسبة إلي البخاري والحراني لمکان ضعف الناقل (إبن تيمية) عندهم، فقالوا بارسال مسلم: قد طعن فيه إبن أبي داود وأبوحاتم السجستاني. ثم جاء إبن حجر فزاد علي أبي داود والسجستاني قوله: وغيرهم. إلي أن جاد الدهر بالهروي فزحزح السجستاني ووضع في محله الواقدي وإبن خزيمة فقال في السهام الثاقبة: قدح في صحة الحديث کثير من أئمة الحديث کأبي داود والواقدي وإبن خزيمة وغيرهم من الثقات.

لا أدري ما أجرأهم علي الرحمن (وقد خاب من إفتري) وما عساني أن أقول في بحاثة يذکر هذه النسب المفتعلة علي أئمة الحديث وحفاظ السنة في کتابه؟ ألا مسائل هؤلاء عن مصدر هذه النقول والاضافات؟ أفي مؤلف وجدوها؟ فما هو؟ وأين هو؟ ولم لم يسموه. أم عن المشايخ رووها؟ فلم لم يسندوها؟ ألا مسائل هؤلاء کيف خفي طعن مثل البخاري وقرنائه في الحديث علي ذلک الجم الغفير من الحفاظ والاعلام و مهرة الفن في القرون الاولي إلي القرن السابع والثامن قرن إبن تيمية ومقلديه؟ فلم يفه به أحد، ولا يوجد منه أثر في أي تأليف ومسند، أو انهم أوقفهم السير عليه ولکنهم لم يروا في سوق الحق له قيمة فضربوا عنه صفحا؟.

وبعد هذا کله فأين تجد مقيل القول بإنکار تواتره من مستوي الحقيقة؟ والقول: بان الشيعة إتفقوا علي اعتبار التواتر فيما يستدل به علي الامامة فکيف يسوغ لهم الاحتجاج بحديث الغدير وهو من الآحاد؟[14] يقول الرجل ذلک وهو يري الحديث متواترا لرواية ثمانية صحابي[15] وان في القوم من يري الحديث متواترا لرواية أربعة من الصحابة له ويقول: لا تحل مخالفته[16] ويجزم بتواتر حديث:

[صفحه 322]

الائمة من قريش[17] ويقول: رواه انس بن مالک، وعبدالله بن عمر، ومعاوية، وروي معناه جابر بن عبدالله، وجابر بن سمرة، وعبادة بن الصامت. وآخر يقول ذلک في حديث آخر رواه علي بن النبي صلي الله عليه وآله ويرويه عن علي إثني عشر رجل فيقول[18] :

هذه إثنتا عشرة طريقا إليه ومثهذا يبلغ حد التواتر وآخر يري حديث: تقتلک الفئة الباغية. متواترا ويقول[19] : تواترت الروايات به روي ذلک عن عمار وعثمان وإبن مسعود وحذيفة وإبن عباس في آخرين، وجود السيوطي قول من حدد التواتر بعشرة وقال في ألفيته ص 16.


وما رواه عدد جم يجب
إحالة اجتماعهم علي الکذب


فمتواتر وقوم حددوا
بعشرة وهو لدي أجود


هذه نظريتهم المشهورة في تحديد التواتر، لکنهم إذا وقفوا علي حديث الغدير إتخذوا له حدا أعلي لم تبلغه رواية مائة وعشر صحابي أو أکثر بالغا ما بلغ.

و من غرائب اليوم ما جاء به أحمد أمين في کتابه ظهور الاسلام تعليق ص 194 من: أنه يرويه الشيعة عن البراء بن عازب. وأنت تعلم أن نصيب رواية البراء من إخراج علماء اهل السنة أوفر من کثير من روايات الصحابة، فقد عرفت ص 20 و 19 و 18 و ص 283 -272: انه أخرجها ما يربو علي الاربعين رجلا من فطاحل علمائهم وفيهم مثل أحمد وإبن ماجة والترمذي والنسائي وإبن أبي شيبة ونظرائهم، وجملة من أسانيدها صحيحة رجالها کلهم ثقات، لکن: أحمد أمين رأقه أن تکون الرواية معزوة إلي الشيعة فحسب، إسقاطا للاحتجاج بها، وليس هذا ببدع من تقولاته في صحايف إسلامه صبحا وضحا وظهرا.

کبرت کلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا کذبا فلعلک باخع نفسک علي آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا. (سورة الکهف)

[صفحه 323]



صفحه 315، 316، 317، 318، 319، 320، 321، 322، 323.





  1. حکاه الطحاوي وغيره عن بعض وأجابوا عنه کما سبق ص294 و 300.
  2. التفتازاني في المقاصد ص 290 وقلده بعض من تأخر عنه.
  3. ابن تيمية في منهاج السنة 4 ص 85.
  4. محمد محسن لکشميري في نجاة المؤمنين.
  5. قاله ابن حزم في المفاضلة بين الصحابة.
  6. حکاه عن ابن حزم ابن تيمية في منهاج السنة 4 ص 86.
  7. الهروي سبط ميرزا مخدوم بن عبدالباقي في السهام الثاقبة.
  8. في محکم کتابه بقوله: واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.
  9. قاله محمد محسن الکشميري في «نجاة المؤمنين».
  10. حسام الدين السهارنپوري في «مرافض الروافض».
  11. القاضي عضد الايجي في «المواقف» والتفتازاني في «شرح المقاصد».
  12. سبقت تراجم هؤلاء جميعا من ص 82-93.
  13. ستقف علي الرأي العام فيه بعد تمام المحاکمة.
  14. التفتازاني في المقاصد ص 290، وابن حجر في الصواعق ص 25 ومقلديهما.
  15. راجع الصواعق ص 13.
  16. قال ابن حزم في المحلي في مسألة عدم جواز بيع الماء: فهؤلاء اربعة من الصحابة رضي الله عنهم فهو نقل تواتر لا تحل مخالفته.
  17. راجع الفصل 4 ص 89.
  18. راجع تاريخ ابن کثير 7 ص 289.
  19. تهذيب التهذيب 7 ص 409، والاصابة 2 ص 512.