توضيح للواضح في ظرف مفاد الحديث











توضيح للواضح في ظرف مفاد الحديث



دعانا إليه إغضاء غير واحد[1] ممن إعترف بالحق في مفاد الحديث، حيث وجده کالشمس الضاحية بلجا ونورا، أو تسالم عليه[2] عن لازم هذا الحق، وهو: انه إذا ثبتت لمولانا أميرالمؤمنين خلافة الرسول صلي الله عليه وآله فإن لازمه الذي لا ينفک عنه أن تکون الخلافة بلا فصل کما هو الشأن في قول الملک الذي نصب أحد من يمت به ولي عهده من بعده، أو من حضره الموت أوصي إلي أحد، وأشهدا علي ذلک، فهل يحتمل الشهداء أو غيرهم أن الملوکية للاول والوصاية للثاني تثبتان بعد ردح من الزمن مضي علي موت الملک والموصي؟ أو بعد قيام اناس آخرين بالامر بعدهما ممن لم يکن لهم ذکر عند عقد الولاية، أو بيان الوصية؟ وهل من المعقول مع هذا النص أن ينتخبوا للملوکية بعد الملک، ولتنفيذ مقاصد الموصي بعده، رجالا ينهضون بذلک؟ کما هو المطرد فيمن لا وصية له ولا عهد إلي أحد؟ أللهم لا. لا يفعل ذلک إلا من عزب عن الرأي، فصدف عن الحق الصراح.

وهلا يوجد هناک من يجابه المنتخبين «بالکسر» بأنه لو کان للملک نظر إلي غير من عهد إليه وللموصي جنوح إلي سوي من أفضي إليه أمره فلماذا لم ينصابه وهما يشهدانه ويعرفانه؟ فأين اولئک الرجال؟ ليجابهوا من مرت عليک کلماتهم من أن الولاية الثابتة لمولانا بنص يوم الغدير تثبت له في ظرف خلافته الصورية بعد عثمان.

أو ما کان رسول الله صلي الله عليه وآله يعرف المتقدمين علي إبن عمه، ويشهد موقفهم، ويعلم بمقاديرهم من الحنکة؟ فلماذا خص النص بعلي عليه السلام؟ بعد ما خاف أن يدعي فيجيب، وأمر الملا الحضور أن يبايعوه،ويبلغ الشاهد الغايب[3] .

[صفحه 401]

ولو کان يري لهم نصيبا من الامر فلماذا أخر البيان عن وقت الحاجة؟ وهو أهم فرايض الدين، وأصل من اصوله، وبطبع الحال أن الآراء في مثله تتضارب (کما تضاربت) وقد يتحول الجدال جلادا، والحوار قتالا، فبأي مبرر ترک نبي الرحمة امته سدي في أعظم معالم الدين.

لم يفعل نبي الرحمة ذلک، ولکن حسن ظن القوم بالسلف الماضين العاملين في أمر الخلافة، المتوثبين علي صاحبها لحداثة سنه وحبه بني عبدالمطلب کما مر ص 389 حداهم إلي أن يزحزحوا مفاد النص إلي ظرف الخلافة الصورية، ولکن حسن اليقين برسول الله صلي الله عليه وآله يلزمنا بالقول بأنه لم يترک واجبه من البيان الوافي لحاجة الامة. هدانا الله إلي سواء السبيل.



صفحه 401.





  1. راجع من کتابنا هذا ص 397 و 398.
  2. راجع شرح المواقف 3 ص 271، والمقاصد ص 290، والصواعق ص 26، والسيرة الحلبية 3 ص 303.
  3. تجد هذه الجمل الثلاث في غير واحد من الاحاديث فيما تقدم.