كلمات حول مفاد الحديث للاعلام الائمة في تآليفهم











کلمات حول مفاد الحديث للاعلام الائمة في تآليفهم



لقد تمخضت الحقيقة من معني المولي، وظهرت بأجلي مظاهرها، بحيث لم يبق للخصم منتدح عن الخضوع لها، إلا من يبغي لدادا، أو يرتاد إنحرافا عن الطريقة المثلي، ولقد أوقفنا السير علي کلمات درية لجمع من العلمآء حداهم التنقيب إلي صراح الحق، فلهجوا به غير آبهين بما هنالک من جلبة ولغط، فإليک عيون ألفاظهم:

1- قال إبن زولاق ألحسن بن إبراهيم أبومحمد المصري المتوفي 387 في «تاريخ مصر»: وفي ثمانية عشر من ذي الحجة سنة 362 وهو يوم الغدير تجمع خلق من أهل مصر والمغاربة ومن تبعهم للدعاء، لانه يوم عيد، لان رسول الله صلي الله عليه وسلم عهد إلي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب فيه واستخلفه[1] .

يعرب هذا الکلام عن أن إبن زولاق وهو ذلک العربي المتضلع لم يفهم من الحديث إلا المعني الذي نرتأيه، ولم ير ذلک اليوم إلا يوم عهد إلي أميرالمؤمنين واستخلاف.

2- قال الامام أبوالحسن الواحدي المتوفي 468 بعد ذکر حديث الغدير: هذه الولاية التي أثبتها النبي صلي الله عليه وسلم هي مسؤول عنها يوم القيامة. راجع تمام العبارة ص 387.

3- قال حجة الاسلام أبوحامد الغزالي المتوفي 505 في کتابه: سر العالمين[2] ص 9: إختلف العلماء في ترتيب الخلافة وتحصيلها لمن آل أمرها إليه، فمنهم من زعم أنها بالنص، ودليلهم في المسألة قوله تعالي: قل للمخلفين من الاعراب ستدعون

[صفحه 392]

إلي قوم أولي بأس شديد فقاتلوهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتکم الله أجرا حسنا و إن تتولوا کما توليتم من قبل يعذبکم عذابا شديدا. وقد دعاهم أبوبکر رضي الله عنه بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الطاعة فأجابوا، وقال بعض المفسرين في قوله تعالي: وإذ أسر النبي إلي بعض أزواجه حديثا، قال في الحديث: ان أباک هو الخليفة من بعدي يا حميراء. وقالت امرأة: إذا فقدناک فإلي من نرجع؟ فأشار إلي أبي بکر. ولانه أم بالمسلمين علي بقاء رسول الله والامامة عماد الدين.

هذا جملة ما يتعلق به القائلون بالنصوص ثم تأولوا وقالوا: لو کان علي أول الخلفاء لانسحب عليهم ذيل الفناء ولم يأتوا بفتوح ولا مناقب، ولا يقدح في کونه رابعا کما لا يقدح في نبوة رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا کان آخرا،والذين عدلوا عن هذا الطريق زعموا ان هذا وما يتعلق به فاسد وتأويل بارد جاء علي زعمکم وأهويتکم، وقد وقع الميراث في الخلافة والاحکام مثل داود، وزکريا، وسليمان، ويحي د قالوا: کان لازواجه ثمن الخلافة، فبهذا تعلقوا وهذا باطل إذ لو کان ميراثا لکان العباس أولي. لکن أسفرت الحجة وجهها، وأجمع الجماهير علي متن الحديث من خطبته في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول: من کنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر: بخ بخ يا أبا الحسن؟ لقد أصبحت مولاي ومولي کل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسليم، ورضي وتحکيم، ثم بعد هذا غلب الهوي لحب الرياسة، وحمل عمود الخلافة، وعقود البنود، وخفقان الهوي في قعقعة الرايات، واشتباک إزدهام الخيول، وفتح الامصار سقاهم کأس الهوي فعادوا إلي الخلاف الاول فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون.

4- قال شمس الدين سبط إبن الجوزي الحنفي المتوفي 654 في (تذکرة خواص الامة) ص 18: إتفق علماء السير إن قصة الغدير کانت بعد رجوع النبي صلي الله عليه وسلم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة وکانوا مائة وعشرين الفا وقال: من کنت مولاه فعلي مولاه. ألحديث. نص صلي الله عليه وسلم علي ذلک بصريح العبارة دون التلويح والاشارة، وذکر أبوإسحاق الثعلبي في تفسيره باسناده ان النبي صلي الله عليه وسلم لما قال ذلک طار في الاقطار، وشاع في البلاد والامصار( ثم ذکر ما مر

[صفحه 393]

في آية سأل) فقال: فأما قوله: من کنت مولاه. فقال علماء العربية: لفظ المولي ترد علي وجوه (ثم ذکر من معاني المولي تسعة[3] فقال): والعاشر بمعني الاولي قال الله تعالي: فاليوم لا يؤخذ منکم فدية ولا من الذين کفروا مأويکم النار هي مولاکم. ثم طفق يبطل إرادة کل من المعاني المذکورة واحدا واحدا فقال:

والمراد من الحديث ألطاعة المحضة المخصوصة فتعين الوجه العاشر وهو: الاولي و معناه: من کنت أولي به من نفسه فعلي أولي به، وقد صرح بهذا المعني ألحافظ أبوالفرج يحيي بن سعيد الثقفي الاصبهاني في کتابه المسمي ب «مرج البحرين» فإنه روي هذا الحديث باسناده إلي مشايخه وقال فيه: فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم بيد علي عليه السلام فقال: من کنت وليه وأولي به من نفسه فعلي وليه. فعلم أن جميع المعاني راجعة إلي الوجه العاشر، ودل عليه ايضا قوله عليه السلام: ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم، وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته وکذا قوله صلي الله عليه وسلم: وأدر الحق معه حيثما دار وکيفما دار. اه.

5- قال کمال الدين إبن طلحة الشافعي المتوفي 654 في «مطالب السئول» ص 16 بعد ذکر حديث الغدير ونزول آية التبليغ فيه: فقوله صلي الله عليه وسلم. من کنت مولاه فعلي مولاه. قد اشتمل علي لفظة من وهي موضوعة للعموم، فاقتضي أن کل إنسان کان رسول الله صلي الله عليه وسلم مولاه کان علي مولاه، واشتمل علي لفظة المولي وهي لفظة مستعملة بإزاء معان متعددة قد ورد القرآن الکريم بها، فتارة تکون بمعني أولي قال الله تعالي في حق المنافقين: مأويکم النار هي مولاکم. معناه: أولي بکم. ثم ذکر من معانيها: ألناصر والوارث والعصبة والصديق والحميم والمعتق، فقال: وإذا کانت واردة لهذه المعاني فعلي أيها حملت إما علي کونه أولي کما ذهب إليه طائفة، أو علي کونه صديقا حميما فيکون معني الحديث: من کنت أولي به أو ناصره أو وارثه أو عصبته أو حميمه أو صديقه فإن عليا منه کذلک. وهذا صريح في تخصيصه لعلي عليه السلام بهذه المنقبة العلية وجعله لغيره کنفسه بالنسبة إلي من دخلت عليهم کلمة

[صفحه 394]

من التي هي للعموم بمالا يجعله لغيره.

وليعلم أن هذا الحديث هو من أسرار قوله تعالي في آية المباهلة: قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائکم ونسائنا نسائکم وأنفسنا وأنفسکم. والمراد نفس علي علي ما تقدم فإن الله تعالي لما قرن بين نفس رسول الله صلي الله عليه وسلم وبين نفس علي وجمعهما بضمير مضاف إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم أثبت رسول الله لنفس علي بهذا الحديث ما هو ثابت لنفسه علي المؤمنين عموما فإنه صلي الله عليه وسلم أولي بالمؤمنين، وناصر المؤمنين، وسيد المؤمنين، وکل معني أمکن إثباته مما دل عليه لفظ المولي لرسول الله فقد جعله لعلي. عليه السلام وهي مرتبة سامية، ومنزلة سامقة، ودرجة علية، ومکانة رفيعة خصصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلک اليوم يوم عيد وموسم سرور لاولياءه.

تقرير ذلک وشرحه وبيانه: إعلم أظهرک ألله بنوره علي أسرار التنزيل، ومنحک بلطفه تبصرة تهذيک إلي سواء السبيل، انه لما کان من محامل لفظة المولي ( ألناصر) وان معني الحديث: من کنت مولاه فعلي ناصره، فيکون النبي صلي الله عليه وسلم قد وصف عليا بکونه ناصرا لکل من کان النبي ناصره فانه ذکر ذلک بصيغة العموم، وإنما أثبت النبي هذه الصفة وهي الناصرية لعلي لما أثبتها الله عزوجل لعلي فإنه نقل الامام أبوإسحاق الثعلبي يرفعه بسنده في تفسيره إلي أسماء بنت عميس قال: لما نزل قوله تعالي: وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين. سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: صالح المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فلما أخبر الله فيما أنزله علي رسوله وانه ناصره هو الله وجبريل وعلي، يثبت الناصرية لعلي فأثبتها النبي صلي الله عليه إقتداء بالقرآن الکريم في إثبات هذه الصفة له.

ثم وصفه صلي الله عليه وسلم بما هو من لوازم ذلک بصريح قوله رواه الحافظ أبونعيم في حليته (ج 1 ص 66) بسنده: إن عليا دخل عليه فقال: مرحبا بسيد المسلمين، و إمام المتقين. فسيادة المسلمين وإمامة المتقين لما کانت من صفات نفسه صلي الله عليه وسلم وقد عبر الله تعالي عن نفس علي بنفسه ووصفه بما هو من صفاته. فافهم ذلک.

ثم لم يزل صلي الله عليه وسلم يخصصه بعد ذلک بخصايص من صفاته نظرا إلي ما ذکرناه حتي روي الحافظ ايضا في حليته (ج 1 ص 67) بسنده عن أنس بن مالک قال: قال

[صفحه 395]

رسول الله لابي برزة وأنا أسمع: يا أبا برزة؟ إن الله عهد إلي في علي بن أبي طالب: انه راية الهدي، ومنار الايمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني، يا أبا برزة؟ علي إمام المتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني، فبشره بذلک. فإذا وضح لک هذا المستند ظهرت حکمة تخصصه صلي الله عليه وسلم عليا بکثير من الصفات دون غيره ، وفي ذلک فليتنافس المتنافسون[4] .

6- قال صدر الحفاظ فقيه الحرمين أبوعبدالله الکنجي الشافعي المتوفي 658 في «کفاية الطالب» ص 69 بعد ذکر قول رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي: لو کنت مستخلفا أحدا لم يکن أحد أحق منک لقدمتک في الاسلام، وقرابتک من رسول الله، وصهرک عندک فاطمة سيدة نساء العالمين. وهذا الحديث وإن دل علي عدم الاستخلاف لکن حديث غدير خم دليل علي التولية وهي الاستخلاف، وهذا الحديث أعني حديث غدير خم ناسخ لانه کان في آخر عمره صلي الله عليه وسلم.

7- قال سعيد الدين الفرغاني ألمتوفي 699 (کما ذکره الذهبي في العبر) في شرح تائية إبن الفارض الحموي المتوفي 576، التي أولها.


سقتني حميا الحب راحة مقتلي
وکأسي محيامن عن الحسن جلت


في شرح قوله:


وأوضح بالتأويل ما کان مشکلا
علي بعلم ناله بالوصية


: وکذا هذا البيت مبتدأ محذوف الخبر تقديره: وبيان علي کرم الله وجهه و وايضاحه بتأويل ما کان مشکلا من الکتاب والسنة بوساطة علم ناله بأن جعله النبي صلي الله عليه وسلم وصيه وقائما مقام نفسه بقوله: من کنت مولاه فعلي مولاه. وذلک کان يوم غدير خم علي ما قاله کرم الله وجهه في جملة أبيات منها قوله:


وأوصاني النبي علي اختياري
لامته رضي منه بحکمي


وأوجب لي ولايته عليکم
رسول الله يوم غدير خم


وغدير خم ماء علي منزل من المدينة علي طريق يقال له الآن: طريق المشاة إلي مکة، کان هذا البيان بالتأويل بالعلم الحاصل بالوصية من جملة الفضائل التي

[صفحه 396]

لا تحصي خصه بها رسول الله صلي الله عليه وسلم فورثها عليه الصلاة والسلام. وقال:

وأما حصة علي بن أبي طالب کرم الله وجهه من العلم والکشف، وکشف معضلات الکلام العظيم، والکتاب الکريم الذي هو من أخص معجزاته صلي الله عليه وسلم بأوضح بيان بما ناله بقوله صلي الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها.وبقوله: من کنت مولاه فعلي مولاه. مع فضائل اخر لا تعد ولا تحصي.

8- قال علاء الدين أبوالمکارم السمناني البياضي المکي المتوفي 736 في ( العروة الوثقي) وقال لعلي عليه السلام وسلام الملائکة الکرام: أنت مني بمنزلة هارون من موسي ولکن لا نبي بعدي. وقال في غدير خم بعد حجة الوداع علي ملا من المهاجرين والانصار آخذا بکتفه: من کنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. وهذا حديث متفق علي صحته فصار سيد الاولياء، وکان قلبه علي قلب محمد عليه التحية والسلام، وإلي هذا السر أشار سيد الصديقين صاحب غار النبي صلي الله عليه وسلم أبوبکر حين بعث أبا عبيدة بن الجراح إلي علي لاستحضاره بقوله: يا أبا عبيدة؟ أنت أمين هذه الامة أبعثک إلي من هو في مرتبة من فقدناه بالامس، ينبغي أن تتکلم عنده بحسن الادب.

9- قال الطيبي حسن بن محمد المتوفي 743 في «الکاشف» في شرح حديث الغدير، قوله: إني أولي بالمؤمنين من أنفسهم. يعني به قوله تعالي. ألنبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم. أطلق فلم يعرف بأي شئ هو أولي بهم من أنفسهم، ثم قيد بقوله: وأزواجه امهاتهم. ليؤذن بأنه بمنزلة الاب، ويؤيده قرائة إبن مسعود رضي الله عنه: ألنبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم. وقال مجاهد: کل نبي فهو أبوامته. ولذلک صار المؤمنون اخوة، فإذن وقع التشبيه في قوله: من کنت مولاه فعلي مولاه. في کونه کالاب، فيجب علي الامة إحترامه وتوقيره وبره، وعليه رضي الله عنه أن يشفق عليهم ويرأف بهم رأفة الوالد علي الاولاد، ولذا هنأ عمر بقوله: يابن أبي طالب؟ أصبحت و أمسيت مولي کل مؤمن ومؤمنة.

10- قال شهاب الدين إبن شمس الدين دولت آبادي المتوفي 1049 في «هداية السعداء»: وفي «التشريح» قال أبوالقاسم (رح) من قال: إن عليا أفضل من عثمان

[صفحه 397]

فلا شيئ عليه لانه قال أبوحنيفة رضي الله عنه وقال إبن مبارک: من قال: إن عليا أفضل العالمين، أو: أفضل الناس، وأکبر الکبراء فلا شيئ عليه لان المراد منه أفضل الناس في عصره وزمان خلافته کقوله صلي الله عليه وسلم: من کنت مولاه فعلي مولاه. أي في زمان خلافته ومثل هذا الکلام قد ورد في القرآن والاحاديث وفي أقوال العلماء بقدر لا يحصي ولا يعد.

وقال ايضا في «هداية السعداء»: وفي حاصل التمهيد في خلافة أبي بکر ودستور الحقايق: ان النبي صلي الله عليه وسلم لما رجع من مکة نزل في غدير خم فأمر أن يجمع رحال الابل فجعلها کالمنبر فصعد عليها فقال: ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: نعم فقال النبي صلي الله عليه وسلم: من کنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. وقال الله عزوجل: إنما وليکم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزکاة وهم راکعون. قال أهل السنة: ألمراد من الحديث: من کنت مولاه فعلي مولاه. أي في وقت خلافته وإمامته[5] .

11- قال أبوشکور محمد بن عبد السعيد بن محمد الکشي السالمي الحنفي في ( التمهيد في بيان التوحيد). قالت الروافض: الامامة منصوصة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بدليل ان النبي صلي الله عليه وسلم جعله وصيا لنفسه وجعله خليفة من بعده حيث قال: أما ترضي أن تکون مني بمنزلة هارون من موسي إلا انه لا نبي بعدي. ثم هارون عليه السلام کان خليفة موسي عليه السلام فکذلک علي رضي الله عنه. والثاني: وهو: ان النبي عليه السلام جعله وليا للناس لما رجع من مکة ونزل في غدير خم فأمر النبي أن يجمع رحال الابل فجعلها کالمنبر وصعد عليها فقال: ألست بأولي المؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: نعم. فقال عليه السلام:من کنت مولاه فعلي موه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، والله جل جلاله يقول:

[صفحه 398]

إنما وليکم الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزکاة وهم راکعون، الآية. نزلت في شأن علي رضي الله عنه دل علي انه کان أولي الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ثم قال في الجواب عما ذکر: وأما قوله: بأن النبي عليه السلام جعله وليا، قلنا: أراد به في وقته يعني بعد عثمان رضي الله عنه، وفي زمن معاوية رضي الله عنه ونحن کذا نقول. وکذا الجواب عن قوله تعالي: إنما وليکم الله ورسوله والذين آمنوا. الآية. فنقول: إن عليا رضي الله عنه کان وليا وأميرا بهذا الدليل في أيامه ووقته وهو بعد عثمان رضي الله وأما قبل ذلک فلا.

12- قال إبن باکثير المکي الشافعي المتوفي 1047 في (وسيلة المآل في عد مناقب الآل) بعد ذکر حديث الغدير بعدة طرق: وأخرج الدارقطني في الفضايل عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت أبابکر رضي الله عنه يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول الله صلي الله عليه وسلم أي: ألذين حث النبي صلي الله عليه وسلم علي التمسک بهم، والاخذ بهديهم فانهم نجوم الهدي من إقتدي بهم إهتدي، وخصه أبوبکر بذلک رضي الله عنه لانه الامام في هذا الشأن، وباب مدينة العلم والعرفان، فهو إمام الائمة، وعالم الامة، و کأنه أخذ ذلک من تخصيصه صلي الله عليه وسلم له من بينهم يوم غدير خم بما سبق، وهذا حديث صحيح لا مرية فيه ولا شک ينافيه، وروي عن الجم الغفير من الصحابة، وشاع واشتهر، وناهيک بمجمع حجة الوداع.

13- قال السيد الامير محمد اليمني المتوفي 1182 في (الروضة الندية شرح التحفة العلوية) بعد ذکر حديث الغدير بعدة طرق، وتکلم الفقيه حميد علي معانيه وأطال وننقل بعض ذلک (إلي أن قال): ومنها قوله: أخذ بيده ورفعها وقال: من کنت مولاه فهذا مولاه. والمولي إذا اطلق من غير قرينة فهم منه أنه المالک المتصرف، وإذا کان في الاصل يستعمل لمعان عدة منها: المالک للتصرف ولهذا إذا قيل: هذا مولي القوم سبق إلي الافهام انه المالک للتصرف في امورهم. ثم عد منها: ألناصر وإبن العم والمعتق والمعتق. فقال: ومنها: بمعني الاولي قال تعالي: مأويکم النار هي مولاکم. أي أولي بکم وبعذابکم. وبعد فلو لم يکن السابق إلي الافهام من لفظة

[صفحه 399]

مولي السابق المالک للتصرف لکانت منسوبة إلي المعاني کلها علي سواء وحملناها عليها جميعا إلا ما يتعذر في حقه عليه السلام من المعتق والمعتق فيدخل في ذلک ألمالک للتصرف، والاولي المفيد ملک التصرف علي الامة، وإذا کان أولي بالمؤمنين من أنفسهم کان إماما ومنها قوله صلي الله عليه وسلم: من کنت وليه فهذا وليه. والولي ألمالک للتصرف بالسبق إلي الفهم، وإن استعمل في غيره، وعلي هذا قال صلي الله عليه وسلم: والسلطان ولي من لا ولي له. يريد ملک التصرف في عقد النکاح يعني ان الامام له الولاية فيه حيث لا عصبة بطريق الحقيقة، فإن يجب حملها عليها أجمع إذا لم يدل دليل علي التخصيص.

14- قال الشيخ أحمد العجيلي الشافعي في- ذخيرة المآل شرح عقد جواهر اللآل في فضائل الآل- بعد ذکر حديث الغدير وقصة الحارث بن نعمان الفهري: و هو من أقوي الادلة علي أن عليا رضي الله عنه أولي بالامامة والخلافة والصداقة والنصرة والاتباع باعتبار الاحوال والاوقاف والخصوص والعموم، وليس في هذا مناقضة لما سبق وما سيأتي إنشاء الله تعالي من أن عليا رضي الله عنه تکلم فيه بعض من کان معه في اليمن فلما قضي حجه خطب بهذا تنبيها علي قدره وردا علي من تکلم فيه کبريدة فإنه مکان يبغضه ولما خرج إلي اليمن رأي جفوة فقصه للنبي صلي الله عليه وسلم فجعل يتغير وجهه ويقول: يا بريدة؟ ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ من کنت مولاه فعلي مولاه. لا تقع يا بريدة في علي فإن عليا مني وأنا منه، وهو وليکم بعدي.[6] .

وهدوا إلي الطيب من القول وهدوا إلي صراط الحميد. «سورة الحج 24»

[صفحه 400]



صفحه 392، 393، 394، 395، 396، 397، 398، 399، 400.





  1. وحکاه عنه المقريزي في الخطط 2 ص 222.
  2. لا شک في نسبة الکتاب إلي الغزالي فقد نص عليه الذهبي «في ميزان الاعتدال» في ترجمة الحسن بن صباح الاسماعيلي وينقل عنه قصته، وصرح بها سبط ابن الجوزي في «التذکرة» ص 36 و شطرا من الکلام المذکور.
  3. وهي المالک. المعتق بالکسر. المعتق بالفتح. الناصر. ابن العم. الحليف. المتولي لضمان الجرير:. الجار. السيد المطاع.
  4. نقلنا هذا الکلام علي علاته وان کان لنا نظر في بعض أجزائه.
  5. قصدنا من ايراد هذا القول وما يأتي بعده محض الموافقة في المفاد، وأما ظرف الولاية والافضلية فلا نصافق الرجل عليه، وقد قدمنا البحث عن ذلک مستقصي وسيأتي فيه بياننا الواضح.
  6. مر الکلام حول هذا الحديث وأمثاله ص 383 و 384.